تسعة مجهول
غرائب الأمراض
الرئيسية » ظواهر » غرائب الأمراض : أمراض مُدهشة ربما لا تُصدق وجودها من الأساس

غرائب الأمراض : أمراض مُدهشة ربما لا تُصدق وجودها من الأساس

غرائب الأمراض كثيرة، والحقيقة أن البعض قد يعتقد أن أمراض مثل العقد النفسية والمتلازمات الشائعة أمراض غريبة، بالرغم من أنه ثمة ما هو أغرب منها.

عادة ما تتبادر صورة معينة لكل من يسمع أنه ثمة ما يُعرف باسم غرائب الأمراض ، وغالبًا ما تكون هذه الصورة مقصورة على العقد النفسية الغريبة أو حتى بعض المتلازمات الشائعة، مع أن كل هذه الأمراض بالفعل مُحيرة، لكنها لا يُمكن أبدًا أن تُصنف ضمن غرائب الأمراض، والسبب في ذلك بسيط جدًا، فمهما بلغت درجة علم الإنسان سيظل ما يعرفه نسبة قليلة للغاية، أما ما يجهله أو ما لم يُصادفه من قبل فهو السواد الأعظم من الأمراض، وحتى الأطباء أنفسهم قد يُعانون من هذه المشكلة، وهي الجهل بالأمراض الغريبة فعلًا والظن بأن ما يُعرفونه أو ما شاهدوه على الحقيقة هو فقط ما يستحق الاعتناء، عمومًا، دعونا في السطور القادمة نتعرف سويًا على غرائب الأمراض الموجودة في عالمنا، وهل أغلبها ليس حقيقي فعلًا ومبنى على الأساطير أم أنها جميعًا من كبد الحقيقة التي جرت في هذا العالم الكبير؟

الإنسان يعرف المرض

سؤال ربما لم تُفكروا في البحث عن إجابته أو طرحه من قبل، وهو متعلق بالوقت أو الزمن الذي بدأ الإنسان يعرف فيه المرض، وهل أصلًا نزل المرض من السماء أم أنه قد توصل إليه بعد فترة من المعاناة مع الحياة، والحقيقة ببساطة تكمن في أمر أغرب من السؤال، وهي أن الإنسان نفسه هو المرض، أجل، فأكثر الأمراض الموجودة حولنا الآن كان سببها سوء الاستخدام للأشياء من الإنسان، أو بمعنى أدق، سوء التعامل وعدم الاستفادة منها بالشكل الذي يضمن عدم التعرض لأضرارها كذلك، ومن مظاهر عناية الله بعباده أنه قد ألهمهم إلى طرق المداواة من الداء، لكن هذا لا يمنع من أن العالم قد شهد على مدار تاريخه غرائب تلك الأمراض التي جاءت في صورة عدوى ومتلازمات، ولتكن البداية مثلًا مع أحد أشهر هذه المتلازمات وأكثرها ندرة في نفس الوقت، متلازمة الرجل الشجرة.

متلازمة الرجل الشجرة، المتلازمة النادرة

هذه أعجب حالة من حالات المتلازمة التي ستلتقي بها في حياتك، فالأمر ببساطة أن العالم في 2007 قد استيقظ على شائعة مفادها أن ثمة من يُخرجون بدل الجلد العادي جلد شجرة، ولو كانت هذه مجرد شائعة لكانت في الحقيقة شائعة لطيفة جدًا، لكن عندما ذهب الناس إلى موطن الشائعة، وهو دولة إندونيسيا، وجدوا فعلًا رجل يُدعى ديدي يُعاني من هذا الأمر، فقد كانت يداه وقدماه عبارة عن شجرة صغيرة، هذا بالإضافة إلى أماكن مجهولة كثيرة في جسمه لم يتعرف عليها سوى ديدي نفسه، والذي بدا في الحوارات الصحفية والتلفزيونية رجل في غاية الأسى والحزن!

يقول ديدي أنه لم يُولد بهذه المتلازمة، وهذه في الحقيقة كانت مُعجزة أخرى تستحق الوقوف أمامها قليلًا، فمعنى أن الرجل قد وُلد طبيعيًا ثم تحول بعدها أن كل شخص على هذه الأرض مُعرض للمرور في يوم من الأيام بما مر به ديدي، فالأمر ليس مُستبعد أو مُستحيل الحدوث على ما يبدو، لكن يا تُرى، كيف أصبح على ما هو عليه مع ديدي؟

الإصابة بمتلازمة الشجرة

عندما يحدث خللًا في تنسج البشرة فأنت في هذه الحالة تكون مُعرضًا للإصابة بما أُصيب به ديدي، فهناك ثآليل تنبت فوق جلد معظم الناس، بل ويكون الأمر طبيعي مع بعض الظروف الجغرافية لكل بلد، لكن في حالة ديدي فقد الجهاز المناعي قدرته التامة على مواجهة ظاهرة الثآليل هذه وأصبح مرضه من غرائب الأمراض فعلًا وليس من قبيل المبالغة، فهو بسبب فقدانه قوة جهازه المناعي لم يعد قادرًا على كبح نمو تلك الأجزاء، والغريب أكثر أن ذلك التغير لا يُحدث أي خللًا في جسم الرجل، بمعنى أنه لا يشعر بالألم من قريب أو من بعيد، كل ما هنالك هو الألم النفسي المُتمثل في نفير الناس منه طوال الوقت، بل وطال الأمر أسرته المتمثلة في زوجته وابنتيه.

منذ اكتشاف مرض ديدي عام 2007 أخذ الأطباء يحاولون قدر المستطاع في فك طلاسم المرض وإزالة تلك الشوائب الشجرية، لكنها كلما أُزيلت تعود مرة أخرى بشكل أقوى وأكثر كثافة، لذلك لم يكن أمام ديدي أي حل سوى الاستسلام لتلك المتلازمة، والواقع أن عناية الله قد جعلت من متلازمة الأشجار سببًا في كسب رزقه، فقد عمل في مكان يُشبه السرك واستغل تلك الحالة في جذب الناس ودفعهم الأموال فقط من أجل مشاهدته.

مرض الفيل، المرض البشع

هل كل الأمراض بشعة؟ بالتأكيد، لكن هل هناك ما هو أبشع من مرض الفيل؟ في الحقيقة لا، وسوف تتيقن من ذلك بنفسك في اللحظة التي سترى بها مريض الفيل، حيث لن يكون أمامك سوى الجذم بأنها واحدة من غرائب الأمراض التي لا غبار عليها، فلكم أن تتخيلوا أن يكون شخص ما طبيعي ثم تتسبب حشرة تحمل مرض معين في إحداث خلل في جسمه مُتمثل في نمو أعضاء مُعينة نمو غير طبيعي بالمرة، لدرجة أنه يظهر في صورة تشوه يؤدي إلى نفير الناس منه، لكن عناية الله قد تجسدت في وجود علاج لهذا المرض البشع.

علاج مرض الفيل يجب أن يبدأ بعد ظهور علامات المرض مباشرةً، والحقيقة أنه بالرغم من بشاعة المرض إلا أن علاجه قد لا يأخذ سوى أسابيع قليلة، ويُمكن في الحقيقة أن يأخذ أقل من ذلك، لكن الأطباء لا يُفضلون القضاء على الداء مرة واحدة خشية أن يترك بعض آثار السم في الجسد، وإنما فقط يسعون إلى اجتثاثه على دفعات متلاحقة، وفي بعض الحالات لا يكون الحل سوى إجراء عملية جراحية وإزالته من جذوره، عمومًا، يتركز مرض الفيل أكثر في أماكن اليد والأقدام، ويُمكن أن يتواجد كذلك في أجزاء أخرى لكن بصورة نادرة، أما الإهمال التام فقد يؤدي إلى الموت.

مرض الفقاعة، المرض المُقزز

المصائب لا تأتي فُرادى، لكنها على كل حال تأتي في بلد اسمه إندونيسيا، فهي تقريبًا البلد الأكثر عرضة للأمراض النادرة والمستعصية، ومن ضمن هذه الأمراض نجد مرض غريب يُدعى مرض الفقاعة، وهو كما يتضح من اسمه عبارة عن مجموعة فقاعات تظهر في الوجه واليدين وأماكن مُتفرقة في الجسم فتجعل الشخص المصاب بها مجهول المعالم تمامًا، وهي أيضًا لا تُسبب ألمًا جسديًا، لكنها مثل مرض الشجرة تُسبب ألمًا نفسيًا شديدًا، حيث أن المصابين بهذا المرض يلقون حالة تجنب كبيرة من الناس، والذين يخافون بطبيعة الحال من الإصابة وانتقال العدوى، وأكبر حالة شهيرة في هذه الأعراض حالة تشاندرا الأندونيسي، والذي بدأت الأعراض في الظهور عليه منذ أن كان في التاسعة عشر.

حالة تشاندرا النادرة كانت بالإضافة إلى كونها واحدة من غرائب الأمراض إلا أنها كانت كذلك معجزة صغيرة، حيث أن كل الأطباء قد عجزوا على وضع التشخيص الذي يرونه مناسبًا، لم يكن لديهم أصلًا علم بأي تشخيص يصف ذلك المرض، لكن مع الوقت بدئوا يعرفوا المرض ويحاولوا علاجه واستئصاله، لكنهم فشلوا فشلًا ذريعًا، أما تشاندرا المسكين فقد تقدم به العمر ولم يعد يعبأ بالمرض أو نظرة الناس له، كل ما يعنيه فقط أولاده الذين بدأت أعراض المرض تظهر عليهم عند الاقتراب من سن العشرين، لكن الأطباء قد طمأنوه بأنهم لا يستطيعون إزالة مرضه لكنهم قادرين على منع أولاده من الإصابة به، فهل هذا صحيح؟ مع الوقت سنعرف الإجابة.

مرض التفضض، مرض تُسببه الفضة

من غرائب الأمراض أن نرى إحداها يحدث بسبب شيء كان يُستخدم كعلاج في الأصل، وهذا ما حدث بالفعل مع بول كاريسون في تسعينات القرن الماضي، حيث أنه كان يُعاني من حساسية من نوع ما فحصل على دواء يحتوي على مواد فضية لمدة تزيد عن العشر سنوات، وفجأة ازدادت نسبة الفضة في جسمه وجعلته يُعاني من أصعب شيء قد يُعاني منه شخص في حياته، وهو تغير لون البشرة، ونحن هنا لا نتحدث عن جزء معين هو الذي تغير، بل إن البشرة بأكملها قد فقدت لونها الأصلي وحل مكانه لون غريب جدًا، وهو اللون الفضي، ومن هنا أصبح بول يُعرف باسم الرجل الفضي.

كان بول يُداعب الأطفال بلونه الغريب ويقبل جميع الإهانات منهم، لكن عندما كان الأمر يتعلق بالكبار الذين يسخرون منه فإنه كان يشعر بحالة من الألم الحقيقي، ألم جعله يعتزل الحياة لفترة طويلة، ولا يخرج من بيته إلا كل فترة لإحضار الطعام والشراب، ثم جاءت الراحة التي كان ينتظرها في عام 2013 حين لفظ أنفاسه الأخيرة، لكن ذلك لم يكن بسبب لونه وبشرته، بل إنه قد تعرض لأزمة قلبية حادة، وطبعًا كلنا نعرف أن مرض بول ولونه قد أصبحا من ضمن الأشياء التي تُستخدم في السينما، سواء من أجل الضحك أو حتى الرعب.

متلازمة كوتار، متلازمة الوهم

غرائب الأمراض لا تتوقف عند ما ذكرناه سابقًا، فالمرض ليس من الضرورة أن يكون شيء ظاهري تراه الأعين كي يُمكننا الجزم بأنه ينتمي إلى الغرائب، بل من الممكن جدًا أن يكون وهم نفسي لا تُصدقه العقول، وكوتار أكبر دليل على ذلك، فالمصاب بهذا الداء يشعر أنه شخص ميت، وهذا ليس مجازًا، بل إنه بالفعل يشعر بأنه في الحياة الأخرى وأن البشر حاوله غير موجودين، وإن كانوا موجودين فهم على الأرجح لا يسمعونه، لذلك فإن حالة الصرع تشتد عندما يشعر بأن شخص ما يسمعه أو يستجب له، لأن هذا بالطبع يُخالف الواقع الذي يعيشه، وعلى العكس تمامًا نجد نفس المرضى يُعانون من عَرض الخلود، والذي يجعلهم يظنون أنه مهما حدث فإنهم لن يموتوا، ولا يتقبلون الموت أصلًا كفكرة.

متلازمة الشيخوخة، من غرائب الأمراض التي ليس لها علاج

من المؤسف جدًا أن ينزل الطفل من بطن والدته وهو ميت، لكن الأكثر ألمًا أن ينزل حيًا لكنه مُصاب بمرض الشيخوخة، فهذا المرض يعني ببساطة شديدة أن الطفل لن يُكمل سن المراهقة قبل أن يكون ميتًا، والأكثر من كل ذلك أنه لن يحلم حتى بفرصة العلاج، فحتى الآن لا علاج لذلك المرض، والذي عادةً ما يُولد الطفل به، فهو لا يأتي بعد الولادة، حيث أن المرض يستهدف الجسم فيجعله يشيخ بمعدل سنة لكل شهر، لذلك عندما ترى طفل مصاب بهذا المرض في سن العاشرة فعلى الأرجح يكون وجهه وجه عجوز في السبعين من عمره، وكما ذكرنا، غرابة هذا المرض في كونه غير مفهوم بالمرة.

ابراهيم جعفر

مبرمج، وكاتب، ومترجم. أعمل في هذه المجالات احترفيًا بشكل مستقل، ولي كتابات كهاوٍ في العديد من المواقع على شبكة الإنترنت، بعضها مازال موجودًا، وبعضها طواه النسيان. قاري نهم وعاشق للسينما، محب للتقنية والبرمجيات، ومستخدم مخضرم لنظام لينكس.

أضف تعليق

19 − خمسة عشر =