تسعة مجهول
أسطورة أورفيوس ويوريديس
الرئيسية » اسطورة » أسطورة أورفيوس ويوريديس : آباء الشعر والغناء الروحيين

أسطورة أورفيوس ويوريديس : آباء الشعر والغناء الروحيين

عند قراءة الميثولوجيا الإغريقية، نجد العديد والعديد من القصص الرومانسية، ونجد العديد من أسماء الأحبة تتردد في آذاننا مثل: قصص أفروديت وغيرها، لكن تظل أسطورة أورفيوس ويوريديس هي قصة الحب الأشهر، والأجمل في كل الميثولوجيات.

روميو وجولييت، روز وجاك، أسماء اعتدنا جميعا أن نسمعها عندما نذكر الحب، ونتحدث عن الرومانسية، لكن قبل السينما العالمية، وقبل شكسبير والمسرحيات، كانت هناك قصص حب أيضا، بل تعتبر هذه القصص هي مصدر إلهام كل الكتاب، وصناع الأفلام الحاليين، لم تكن القصص قديما تتناقل إلا عبر الملاحم الشعرية، وحكايات الأساطير، وبالطبع إذا أراد أي أحد التحدث عن الحب سيذكر أسطورة أورفيوس ويوريديس التي ما زالت تشغل المفكرين حتى يومنا هذا؛ يقال حول أورفيوس الكثير من النظريات لكن لقبه الأشهر هو الأب الروحي للغناء، ويقال أيضا أنه أول من علم البشر الطب والكتابة، أما يوريديس فتشتهر بشهرة حبيبها أورفيوس، ولم يتوقف حبهما وتقديسهما في اليونان فقط، بل امتد الأمر حتى أصبحوا من رموز الحب في الرومان، وفي هذا المقال سنعرض لكم القصة الأشهر للحبيبين والتي تعرف باسم أسطورة أورفيوس ويوريديس الإغريقية.

قصة حب أورفيوس

كانت أم أورفيوس هي آلهة الغناء، وتعتبر هذه من الأسباب التي جعلته يحب الغناء، ويشب عليه، ومع مرور بعض الوقت ظهرت موهبة الشاب أورفيوس، وعندما لاحظ الإله أبوللو هذا قام بإحضار قيثارة لابنه، وأهداها هدية لأبنه، حتى يلحن عليها ألحانه العظيمة، ومع الوقت أصبح أورفيوس من أشهر الشعراء والمغنين في المدينة؛ وفي أحد الأيام قرر أورفيوس الذهاب للبحث عن الفرو الذهبي، وكانت رحلة أسطورية ضخمة أخذت منه الكثير من الوقت، وعند عودته خلال الغابات، قابل حورية الخشب يوريديس، الحورية التي عشقها، وصنع لنا حبها أسطورة أورفيوس ويوريدس العظيمة، أعترف الشاعر لحبيبته بحبها، والتي بادلته نفس المشاعر، ولم يمر الكثير من الوقت حتى قرر الحبيبين أن يتزوجا، لكن لم يكن هذا الحب الشديد هو فقط ما يحوم في المدينة، وذلك حيث كان هناك أحد الحاقدين يخطط ضد الحبيبين، وهذا الحاقد هو أريستايوس أخو أورفيوس، أعمته الغرير فقرر أن يذيق أخوه طعم الفراق المر، فقام بتسخير ثعبان حتى يأخذ روح يوريديس.

موت يوريدس ورحلة أورفيوس

حضر العروسين لزفافهم، وحضر جميع أهالي المدينة ليشاهدوا عرس الزوجين، أتت يوريدس وفي يدها باقة من الزهور، ثم وقفت أمام حبيبها، ونظرت إليه، وقبل أن تتقدم أكثر، تعثرت ووقعت على الأرض، وهنا اقترب أورفيوس منها لكنها كانت قد فارقت الحياة، تحجر أورفيس في مكانه، والحزن سكين ينهش في صدره، ومن أسفل حوريته خرج ثعبان وفر بعيدا في الغابة؛ تم تشييع يوريديس في جنازة ضخمة، وكان أورفيوس يسير في الخلف محترقا بأحزانه، التي لن يفهمها أي أحد من البشر، لذلك قرر الذهاب في رحلة لعالم الأموات، نعم إنه المكان الذي لم يذهب إليه أحد قط وعاد.

دخول أورفيوس عالم الموتى، ووصوله لقصر هاديس في أسطورة أورفيوس ويوريديس

سربيوس كلب ذو ثلاثة رؤوس وهو حامي بوابة العالم السفلي، إنها المشكلة الأولى التي واجهت أورفيوس أثناء رحلته، فهذا الكلب لا يدع أي أحد يمر عبر البوابة، بل لا يسمح لأحد بأن يقترب منه من الأساس، وبعد تفكير طويل، بدأ أورفيوس بعزف ألحانه الحزينة على قيثارته، مما جعل الكلب يصبح أكثر هدوءًا، واستطاع أورفيوس مرور البوابة؛ تبقى له نهر أستكس وهو نهر الأموات في العالم السفلي، ولا يتم العبور من خلاله إلا بسفينة العجوز شارون، والذي رفض السماح لأورفيوس بالعبور، وهنا يأس أورفيوس وذهب لأحد الحانات، وظل يعزف موسيقاه الحزينة، حتى سمعه شارون، ورق قلبه، وسمح له بالعبور، استمر أورفيوس في المشي بين الأموات حتى وصل لقصر هاديس وبيرسيفون، إله الموت وزوجته، وعندما وقف أمامهم، بدأ بالعزف، والغناء.

ترجي أورفيوس لآلهة الموت، وتوقف الجحيم

استمر أورفيوس في الغناء كان يغني عن يوريديس وحبه لها، وعن صغر سنها وأنها غادرت العالم مبكرا، وغنى عن أنها كانت تستحق بضع سنين أخرى في الحياة، وبعدها يمكن لهاديس أن يأخذها في عالم الموتى للأبد، وأثناء غناء أورفيوس كانت الجحيم كلها متوقفة، توقف سيزف عن دحرجة صخرته لأعلى الجبل، وثانتالوس توقف عن محاولاته في الذهاب للشرب، حتى فيورس آلهة الانتقام الكائنات الشيطانية الشريرة بكت، وهنا قال هاديس وزوجته أنهم سينفذان طلبه وسيسمحون ليوريديس بأن تخرج للحياة مرة أخرى، لكن بشرط واحد، وهو ألا ينظر خلفه أبدا أثناء عودته من العالم السفلي للتأكد من أن يوريديس خلفه؛ ولو خالف الشرط ستعود يوريديس لأرض الموتى إلى الأبد.

عودة أورفيوس لعالمه مع حزنه في أسطورة أورفيوس ويوريديس

بدأ أورفيس رحلته وصعد الجبل الذي أخره عالم الأحياء، وكان يشق عليه ألا ينظر خلفه ليرى حبيبته، ظل يقاوم نشوة المعرفة، ويتقدم وفجأة تملكته الشكوك التي تخبره أن يوريديس ليست وراءه، وتملكه الحنين الذي يريد أن يراها، وعند اقتراب أورفيوس من نهاية الجبل كان قد استنفذ آخر ما لديه من قوى يمنع بها نفسه خصوصا وهو لا يسمع وقع قدم أو أي صوت، فنظر ورائه، وكانت يوريديس تسير خلفه، لكن عندما نظر وقعت هي من الجبل، وذهبت للعالم السفلي مرة أخرى، وهذه المرة منع أورفيوس من الدخول لعالم الموتى نهائيا؛ ذهب أورفيس لعالم الأحياء وقد أقسم بكل مقدس ألا يقع في الحب مرة ثانية، وظل معظم وقته يجلس في البساتين والأشجار، يجلس ويغني لنفسه ولكل العشاق، غانيماد الغلام الذي يحمل الشراب للآلهة، وميرا التي حبت أباها، ثم عوقبت لذلك، وبجماليون الذي نحت امرأة مثالية من العاج، ثم صلى لفينوس حتى وهبت لتمثاله الحياة، ثم غنى لفينوس نفسها والتي قتل خنزير بري حبيبها أدونيس؛ وكأن أورفيوس قد فهم العالم من خلال آلام حبه، وفهم ما قبع في نفوس كل العاشقين، ظل يغني وينشد شعره فقط.

نهاية أورفيوس، ووصوله ليوريديس

وبالرغم من جمال شعر أورفيوس إلا أن هناك مجموعة من النساء تسمى الميانادت لم يتحملوا أن هناك شعرا بهذا الجمال يقال في غيرهن، وهنا قادتهم الغيرة، وجعلتهم يهجموا على أورفيوس ويقوموا بتمزيق جسده حتى تخلصوا منه، ورموه في النهر، الذي حمله لأحد آلهة الإلهام، والتي وضعت جسده في التراب بجانب جبال الأوليمب، لكن أباه لم يتحمل فكرة أن الثعابين ستأكل أبنه، فوضعه في أحد الكهوف المقدسة التي لن تستطيع الثعابين عبورها؛ رقد جسده في الكهف، وفي الخارج كانت الطبيعة تنعي أورفيوس، خرير الأنهار، وصفير الأشجار، وغناء البلابل؛ أما قيثارته فذهب أبوه بها إلى زيوس وترجاه حتى جعلها نجمة في السماء؛ والآن وجد أورفيوس حبيبته في عالم الموتى، وينظر لها كيفما يشاء، ويسيران جانبا إلى جانب على نهر الستيكس؛أما الميانادت فقط ندموا لفعلتهم فذهبوا للنهر حتى يغسلوا يدهم من دماء أورفيوس، لكن النهر نزل أسفل الأرض، وغضب عليهم الناس، والآلهة، وفي النهاية تحولوا إلى شجر من البلوط.

وهكذا نكون قد انتهينا من سرد أسطورة أورفيوس ويوريديس الشهيرة، وعرفنا تفاصيل أحداثها؛ ويعتقد أن آلام أورفيوس هي ما ميزه بشعره الذكي، حتى أنه صنع الشعر الرومانسي على الأرض، وتقول بعض الكتب أن القصة تناقش فلسفة الفراق في الحب، وأن الفراق أمر لازم الحدوث في أي علاقة، وربما يزول الفراق ويلتقي الأحبة مرة ثانية إذا بذلوا جهدهم كي يصلوا لبعضهم البعض.

الكاتب: أحمد أمين

ابراهيم جعفر

مبرمج، وكاتب، ومترجم. أعمل في هذه المجالات احترفيًا بشكل مستقل، ولي كتابات كهاوٍ في العديد من المواقع على شبكة الإنترنت، بعضها مازال موجودًا، وبعضها طواه النسيان. قاري نهم وعاشق للسينما، محب للتقنية والبرمجيات، ومستخدم مخضرم لنظام لينكس.

أضف تعليق

ستة − ستة =