تسعة مجهول
نيد كيلي
الرئيسية » جريمة » نيد كيلي : الرجل الذي أرعب أستراليا بأكملها سرقةً وقتلاً!

نيد كيلي : الرجل الذي أرعب أستراليا بأكملها سرقةً وقتلاً!

نيد كيلي لص وقاطع طرق استرالي شهير، يُعد الأول بمجاله في العصر الحديث، ولقد نجح هذا الرجل بجعل الحكومة الأسترالية كلها تلهث خلفه حتى تم القبض عليه وإعدامه.

يُعد نيد كيلي الأب الروحي للسرقة على مستوى العالم، وخاصةً في أستراليا، البلد التي وُلد فيها ومارس أعماله الإجرامية بها، ولقد كان كيلي يُصنف من وجهة نظرين مُختلفين، الأولى تتعلق بالحكومة، وهي أنه لص ومُهدد للاستقرار والأمن بلا خلاف، والثانية من قِبل الشعب، وهي تراه بطل قومي قادر على مواجهة الحكومة التي تسرق أحلام الناس وتُذيقهم الأمرين، على كلٍ، كان لكيلي فريق كامل من اللصوص، وهم الذين كتبوا معه صفحات من التاريخ في نهاية القرن التاسع عشر، لذلك، دعونا في السطور القادمة نتعرف على قصة نيد كيلي ورفيقه ونعرف كيف سارت معه الأمور حتى تم إعدامه في النهاية.

نيد كيلي رجل واحد جعل كل استراليا تجري خلفه!

من هو نيد كيلي؟

وُلد نيد كيلي في الثالث من يونيو القابع في عام 1855، وذلك في فيكتوريا الواقعة ضمن حدود دولة أستراليا، هذا بالرغم أن والد نيد في الأساس لم يكن أستراليًا، وإنما كان أيرلنديًا، تم نفيه إلى أستراليا بسبب ضلوعه في عملية التحريض على الثورة الأيرلندية، والحقيقة أن أستراليا في هذا الوقت كانت تُعرف بأنها سجن كبير، أو بمعنى أدق، منطقة السجون، لذلك كان نفيه إلى هذا المكان عقابًا له، كما أن أقارب والدته، والذين كانوا معروفين بأنهم لصوص كبار أيضًا، عاشوا في أستراليا منذ فترة كذلك بسبب النفي، تلك هي العائلة والبيئة التي قضى فيها نيد كيلي طفولته.

طفولة نيد كيلي

كانت طفولة نيد كيلي أشبه بتدريب صغير عما سيحدث له فيما بعد، فقد نشأ وسط بيئة تعج باللصوص والحمقى، وكان يُنظر له على أنه سوف يُصبح واحدًا من هؤلاء اللصوص، إضافةً إلى أن المدارس الأسترالية لم تقبله بسبب سمعة عائلته ولأنه ليس أيرلنديًا في الأصل، لذلك لم يكن أمام نيد سوى تعلم حياة الجريمة والانغماس فيها، وهو ما حدث بالفعل قبل أن يُكمل الطفل عامه الثالث عشر، حيث خرج في فوجٍ من العائلة إلى الصحراء لسرقة الجياد، وكان وقتها من المفترض أنه جالس وسط الطلاب يتلقى تعليمه المدرس بينهم.

نيد كيلي والسرقة

كما ذكرنا، خرج نيد كيلي للقيام بعملية سرقة للمرة الأولى قبل أن يتجاوز الثالثة عشر، وقد كانت عملية جماعية، شارك فيها العديد من لصوص العائلة وقاموا بسرقة مجموعة كبيرة من الجياد، وبالرغم من أن مشاركة نيد لم تكن فعالة بسبب صغر سنه، إلا أنه في هذه الليلة أدمن القتل إدمانًا شديدًا.

بدأ كيلي يقوم بعمليات السرقة وحده منذ تجاوزه عامه الخامس عشر، حيث كان يسطو على الجياد ثم يقوم ببيعها وجلب ثمنها لوالده، وفي عامه السابع عشر بدأ في سرقة الخيول، وذلك ليس لشيء إلا أنه كان يعشق ركوب الخيل ويرى في نفسه فارسًا، وكان دائمًا ما يتلثم فلا يستطيع أحد التعرف عليه، إلا أنه ذات مرة سقط شر سقوط، وتم التعرف عليه ونشر صورته بكل مكان طلبًا في القبض على لص الجياد والخيول، كان ذلك في عام 1877، ولم يكن أمام نيد شيء سوى الهرب والذهاب إلى منطقة جديدة لا يعرفه أحد بها، وهي نيو ويلز.

عصابة نيد كيلي

عندما كان نيد كيلي يقترب من عامه الثاني والعشرين كان يُفكر في إنشاء عصابة خاصة به، ولم تكن هذه الفكرة سائدة في أستراليا وأوروبا هذا الوقت، حيث كانت السرقة مجرد عملية فردية، لكن لكم أن تتخيلوا أن نيد عندما قرر إنشاء هذا الفريق فكر أول ما فكر في شقيقه الأصغر دان.

كان دان، شقيق نيد الأصغر، مثله مثل باقي العائلة، تربى على السرقة والتهجم على الغير، لذلك أرسل إليه نيد من مخبأه وطالبه بالقدوم إليه لتكوين عصابة كبيرة في السرقة، وبالفعل جاء دان وأحضر معه اثنين من أصدقائه كانا مُتهمين في جريمة سرقة كذلك، وهنا، بدأت عصابة نيد كيلي في الخروج إلى النار، تلك العصابة التي أرهقت أستراليا بأكملها.

زلزلة أستراليا

نجحت عصابة نيد كيلي في زلزلة أستراليا كاملة، فتقريبًا كانت تقوم يوميًا بعملية سرقة بأحد البنوك أو المؤسسات الحكومية، وبالرغم من ذلك، لم يستطع أحد القبض عليها أو إيقافها.

كان نيد ورفاقه لا يسرقون إلا الأشياء التابعة للحكومة، وكانوا لا يقتربون من قريب أو بعيد من أي شيء يتعلق بالشعب، حتى سرقة الجياد والخيول أوقفوها بعد أن قويت جماعتهم، ولم يعد يشغلهم سوى المال فقط، وهناك من يقول أيضًا أن عصابة نيد كيلي كانت توزع بعضًا مما تسرقه على الشعب، مما نتج عنه نوع من التعاطف تحول فيما بعد إلى التأييد، ذلك التأييد الذي جعل الأستراليين يرون عصابة نيد كيلي بوجهين.

مكانة نيد كيلي

حظيت عصابة نيد كيلي بمكانة متفاوتة بين الأستراليين، فمنهم من كان يرى أن هذه العصابة ما هي إلا مجموعة من اللصوص المنحرفين الذين ينشرون الفوضى في ربوع البلاد، وأن ما يفعلونه فقط من أجل مصالحهم العامة، وكانوا مُتعاونين جدًا مع الحكومة من أجل القبض عليها، أما البعض الآخر فقد كان يرى أن تلك العصابة تنتصر للشعب أكثر، وأنها خرجت من رحب معاناة هذه البلد من أجل التأكيد على قدرتها في الوقوف أمام الحكومة، لذلك كانوا يقفون بجوارهم ويتسترون عليهم في أغلب الأحيان، والحقيقة أن هذا الانقسام والاختلاف في وجهات النظر كان سببًا في استمرار عصابة نيد كيلي في أعمالها الإجرامية لوقت طويل وصعوبة سقوطها، لكن هذا الوقت كان لابد له من الانقضاء.

سقوط عصابة نيد كيلي

جاء سقوط عصابة نيد كيلي في عام 1880، أي بعد ثلاث سنوات كاملة من السرقة والإجرام، ولقد جاءت طريقة السقوط لتؤكد على أن الحكومة كانت قد ضاقت زرعًا فعلًا بما فعلته هذه العصابة.

في يونيو القابع في عام 1880 عرفت الحكومة الأسترالية أن نيد كيلي ورفاقه يقومون بعملية سطو في إحدى القرى، وعلى الفور قامت الشرطة بمحاصرة هذه القرية واقتحامها، وقد نيد أنه كان بإمكانه الهروب لولا أن لم يُرد أن يترك رجاله، على كلٍ، تم إلقاء القبض عليه وتقديمه للمحاكمة بعد أن تلقى رصاصة في قدمه أفقدته القدرة على الحركة في أيامه الأخيرة، وذلك لأنه ببساطة لم يمكث كثيرًا حتى تم إعدامه.

نهاية نيد كيلي

لم تأخذ محاكمة نيد كيلي ورفاقه وقتًا طويلًا، فالجميع كان يعرف ما ينتظرهم بسبب ما أشاعوه من فوضى جعلت الحكومة تنتظر سقوطهم بشغف كي تقتص منهم، وهذا ما حدث، حيث حُكم عليهم بالإعدام وتم تنفيذ الحكم في نفس الشهر، وقد شهد حكم الإعدام ردود فعلٍ مُتضاربة بالطبع من قبل الشعب، إلا أنه في النهاية تم تنفيذه، ليُسجل التاريخ بذلك عصابة نيد كيلي كواحدة من أكثر العصابات التي أثارت شغبًا في البلاد، بينما اعتبرها بعض أفراد الشعب عصابة الثأر للشعب.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

5 × 4 =