تسعة مجهول
نساء المافيا
الرئيسية » جريمة » نساء المافيا : دور خفي لكنه مؤثر في تاريخ العصابات الأخطر

نساء المافيا : دور خفي لكنه مؤثر في تاريخ العصابات الأخطر

نساء المافيا مجموعة من النساء اللاتي تخلين عن أنوثتهن وانضممن إلى أحد أكثر المهن سوءًا في العالم، مهن السرقة والقتل والاختلاس.

قد يبدو عنوان مثل نساء المافيا مثيرًا للاستغراب، فمما لا شك فيه أن النساء هن رمز الرقة والجمال، ودونهن يجد الرجال صعوبة بالغة في استكمال حياتهن، لكن هذا الوصف بالتأكيد لا ينطبق على كل النساء، فهناك حالات نادرة يكتبن تاريخًا من نوع آخر مُختلف تمامًا، تاريخ كان من المفترض ألا يقوم بكتابته أحد بخلاف الرجال، وهو التاريخ الإجرامي، فقد شهد العالم في القرنين الآخرين على وجه التحديد ظهور بعض النساء اللاتي عملن بالمجال الإجرامي وكن سببًا في إثارة اندهاش العالم، بل يُقال أنهن قد تخطين الرجال الذين تخصصوا في نفس الأمر، لقد كان الوضع الإجرامي للنساء أشبه بصدمة للمجتمعات الغربية والأمريكية، لكن في النهاية كان عليهم أن يتقبلوا فكرة وجود كائنات رقيقة وناعمة على الورق فقط وليس في الحقيقة، عمومًا، في السطور القادمة سوف نتناول سويًا أبرز أمثال نساء المافيا ودورهن في العصابات والإجرام بشكل عام.

نساء في المافيا

دخول النساء عالم المافيا لم يكن أمرًا متوقعًا أو حتى مُنتظرًا تحققه، فهي بالتأكيد لن تتوافر بها تلك المقومات التي يحتاج إليه أي رجل عصابات، ولكم أن تتخيلوا مثلًا أن المرأة عندما تُصبح سفاحة أو قاتلة فلن يتم استغراب الأمر لسبب بسيط جدًا، وهو أن كل شخص يُمكن أن يكون له دوافعه الخاصة وأسبابه التي تجعله يقتل، دوافع وأسباب خاطئة بالتأكيد، لكنها في النهاية تنفي له التفكير في قوته أو نوعه أو مكانته الاجتماعية، وتجعله لا يُفكر في أي شيء سوى القتل وإراحة نفسه من رجل ما أو الانتقام منه لثأر قديم، لكن هذا الأمر لا يتوافر بنفس الصورة حالة التحدث عن المافيا.

مهما فكرنا في أسباب فلن نجد أي منطق قد يدفع المرأة إلى الانضمام للمافيا والقيام بالأفعال الإجرامية بهدف إرعاب الناس أو السرقة أو حتى إثبات قوتها، المرأة بطبيعتها كائن أرق بكثير من أن يفعل ذلك، ولهذا فإنه من النادر جدًا أن نرى امرأة تغرد خارج السرب وتُقرر أن تسلك ذلك الطريق الذي يكون عادة لا رجعة منه، وطبعًا هناك الكثير من النماذج الصارخة التي تشهد على ذلك المصير.

أشهر نساء المافيا

نساء المافيا حالات نادرة كما ذكرنا، تلك الحالات ربما يظن البعض أنها لا تستحق الذكر كيلا يتم نزع النقاب من فوق أعين بقية النساء، نقاب الرقة والجمال والأنوثة بشكل عام، لكن الظاهرة تنتشر أكثر إذا لم يتم تسليط الضوء عليها وليس العكس، ولذلك دعونا في السطور القادمة نتعرف سويًا على أشهر نماذج نساء المافيا وكيف كانت حياتهن ولماذا أصبحن أصلًا بكل هذا السوء، وليكن المثال الأول لنا تلك المجرمة الخطيرة كلوديا أوتشوا.

كلوديا أوتشوا، الأفعى الجميلة

أول النماذج التي لدينا على نساء المافيا هي امرأة من المفترض أنها الآن لا تزال في الثلاثين من عمرها، لكنها قد ارتكبت خلال الثلاث عقود التي عاشتها الكثير من الجرائم، تلك الجرائم جعلتها تقبع ببساطة على قائمة أكثر النساء طلبًا من الإنتربول الدولي، لكنها بفضل الحراسة الشديدة التي تتمتع بها لا تزال طليقة حتى الآن، بل إنها تتبجح بنشر صورها على مواقع التواصل الاجتماعي وهي تحمل الأسلحة وتستخدمها في الصحراء، وتظهر كثيرًا الشبه الذي بينها وبين الممثلة الشهيرة كيم كردشيان، وطبعًا أي شخص في مكان كلوديا كان من المفترض أن يعيش تحت الأرض ويلزم عصابته، إلا أنها تقضي معظم وقتها في الملاهي الليلية، ولا يستطيع أحد التفكير في الاقتراب منها.

بسبب جمالها الشديد تزوجت كلوديا من رجل يُدعى تشافو، ذلك الرجل من المفترض أنه زعيم لأحد العصابات الشهيرة في المكسيك، وفي عام 2014 تم القبض على هذا الرجل وتولت كلوديا إدارة العصابة من بعده وقامت بتمرير الأعمال الإجرامية بدلًا منه، ويُقال إنها قد استطاعت فعل ذلك بصورة أفضل من زوجها المقبوض عليها، وقد ظهر ذلك بوضوح من خلال عمليات الاغتيال التي قامت بتوجيه عصابتها لها خلال العامين السابقين مسُقطة بذلك أبرز الزعماء المكسيكيين، أيضًا بالإضافة إلى عملها في حماية المجرمين وتهريبهم.

جودي موران، العجوز الداهية

عندما ترى صورة جودي موران فسوف تظن في البداية أنك ترى صورة لسيدة عجوز رقيقة وهادئة وغالبًا ما تعمل في دار أيتام لتخدم الأطفال هناك، هذا هو الحكم الذي ستخرج به فور رؤية الصورة، لكنهم لم يكذبوا أبدًا حينما قالوا أن المظاهر خادعة، فجودي موران، تلك العجوز الأسترالية التي ولدت عام 1944 تُعتبر من أشهر نساء المافيا اللاتي مررن على التاريخ، بل لن نبالغ أنها أخطر من عمل في المافيا عمومًا، سواء من النساء أو الرجال، حيث أنها قد دخلت إلى هذا العالم وهي في سن صغير من خلال زوجها أيضًا، وأخذت تتدرج وتدرج حتى انتهى بها المطاف إلى رئيسة لأكبر العصابات الموجودة في البلاد، وذلك بعد أن راح زوجها وأولادها ضحية للإجرام والمافيا.

في عام 2004 تبجحت جودي موران بنيتها في كتابة السيرة الذاتية الخاصة بها وتعريف العالم بأكملها بمسيرتها الإحرامية التي تتجاوز الثلاثة عقود، وبالفعل تم نشر ذلك الكتاب في عام 2005 وحقق نجاحًا كبيرًا، وقد كانت في هذه الأثناء لا تزال طليقة، ثم بعدها بعامين قالت إنها ستكتب كتابًا آخر، لكن قبل أن تتمه تمكنت الحكومة الأسترالية من إلقاء القبض عليها، وقد كانت للتو قاتلة لشقيق زوجها، وطبعًا تم محاكمتها والإقرار بحكمها ستة وعشرين عامًا، وطبعًا لم تتركها السينما، وإنما جسدت شخصيتها في أكثر من فيلم ومسلسل.

ساندرا بلتران، سليلة عائلة المافيا

ساندرا بلتران، واحدة من نساء المافيا اللاتي ولدن بالمكسيك، وبالمناسبة، تمتلك المكسيك أكثر من ثلث العصابات الموجودة بالعالم، وهذا بالطبع ما جعل من الطبيعي أن يكون والد ساندرا أحد رجال العصابات الكبار في هذا البلاد، حتى والدتها، كانت أيضًا ابنة وشقيقة أحد رجال العصابات أيضًا، كانت المافيا على ما يبدو تجري في دم العائلة، ولذلك لم يكن من الغريب أن تُصبح ساندرا واحدة منهن، لكنها قد اختلفت فقط في كونها الأبرز والأشهر، حيث قامت في السبعينات، وهي لا تزال في الثالثة عشر من عمرها بعملية تهريب للمخدرات، ثم تدرجت في عالم الإجرام حتى أصبحت واحدة من أشهر نساء المافيا، ببساطة شديدة، هي لم تعتمد على سمعة والدها وإنما سلكت طريقها بمفردها.

سقوط ساندرا بلتران

من المدهشات في قصة ساندرا بلتران أنها قد تزوجت مرتين في حياتها، وقد كانت المرتين من رجال في الشرطة، وكانت تمتلك قوة تأثير كبيرة، حيث حولتهم من رجال في الشرطة إلى مهربين ورجال عصابات مثلها، وطبعًا كانت هذه العلاقات كفيلة بإبعادها عن أعين الشرطة، لكن سقوطها في أيديهم كان غريبًا، حيث أن طفلها الصغير قد تعرض للاختطاف وهو في الخامسة من عمرها وطُلبت فدية خمسة ملايين دولار، وهذا ما جعل الشرطة تشك في أمرها، وفعلًا في عام 2007 تم إلقاء القبض عليها بعدما جُمعت الكثير من دلائل الإدانة، لكنها لم تقضي سوى سبع سنوات في السجن وخرجت لتعيش الآن كواحدة من أشهر نساء الأعمال في المكسيك، بل إن البعض يعتبرها بطلة قومية.

ماريا ليون، المجرمة التي أسقطها ولدها

نترك المكسيك ونذهب إلى دولة أخرى تعج كذلك بالمجرمين وخاصةً نساء المافيا، وهي الولايات المتحدة الأمريكية، تلك الدولة التي شهدت وجود ماريا ليون، زعيمة العصابات الشهيرة التي بدأت إجرامها في نهاية القرن العشرين وتمكنت من تطوير نفسها عن طريق تعاملها مع المافيا المكسيكية، والتي ساعدتها كذلك في الإفلات بجرائمها لوقت طويل، فكانت بالرغم من ترويها للسكان في الولايات المتحدة الأمريكية إلا أنها استطاعت الاختفاء عن الأعين واستكمال جرائمها، لكنها قد نسيت الثغرة الوحيدة في حياتها، وهي أولادها.

تزوجت ماريا أكثر من مرة وأنجبت أكثر من ثلاثة عشر ولد، وطبعًا كلما اشتد عود أحد أولادها أدخلته معها في المافيا وجعلت ذراعًا لها، ليس هذا قبل أن يأتي عام 2008 ويتم إخبارها بأن أحد أولادها قد سقط قتيلًا، وكأي أم هرولت لرؤيته في الجنازة إلا أنه قد اتضح أن ذلك لم يكن سوى كمينًا، وبالفعل تم القبض عليها وتوجيه الكثير من التهم التي تكفلت بسجنها لمدة مدى الحياة، تلك المدة التي لا تنقضي أبدًا.

غيزي فيتال، المرأة التي تابت

إذا ما ذُكرت نساء المافيا في إيطاليا فإن غيزي فيتال سوف تكون حاضرة وبقوة، حيث أنها تعد أول امرأة تتقلد قيادة المافيا في تركيا، وقد حدث ذلك عندما كانت لا تزال في السابعة والثلاثين من عمرها، الغريب أنها قبل هذا الوقت لم تكن على أي علاقة بأي عصابة، بل كانت مُسالمة جدًا، هي فقط كانت تعرف أن شقيقها كان يعمل في أحد العصابات، وقد حاولت غيزي التملص من الأمر بعد القبض على شقيقها إلا أن القوانين داخل العصابات كانت تقضي بتولي أقرب شخص للزعيم، حتى ولو كان امرأة، وهذا ما حدث بالفعل.

مع دخول شقيق غيزي السجن كان لزامًا عليها تولي إدارة العصابة، وكان من المتوقع أن تفشل فشلًا ذريعًا بسبب عدم خبرتها في المجال الإجرامي، لكن العكس تمامًا هو ما وجده المتعاملين مع غيزي، حيث أظهرت صلابة وقوة شديدة بالإضافة إلى قدرة كبيرة على التعامل مع كل تفصيله من تفاصيل العامل، لكن في عام 2008 حدث أمرًا غريبًا لم يستطع أحد تفسيره حتى الآن، حيث أعلنت غيزي اعتزالها الإجرام نهائيًا والعودة لدورها كأم من جديد.

المكسيك وظاهرة نساء المافيا

بالتأكيد واضح جدًا مما ذكرناه أن أكثر نساء المافيا يظهرون في المكسيك، وحتى الذين لم نذكرهم ضمن السطور الفائتة معظمهم كذلك من المكسيك، وهذا إن دل على شيء فهو يدل بالطبع على أن المكسيك وقارتي أمريكا الشمالية والجنوبية بشكل عام يُعانون من طبيعة خاصة تجعل ظهور نساء المافيا أمر طبيعي، تلك الطبيعة هي غياب الحكومات القوية وانتشار العصابات الذكورية، والتي يكون الموجود فيها إما زوج أو شقيق أو أب لتلك النساء المنحرفات أخلاقيًا، واللاتي لا يكون شغلهم داخل العصابات الإجرام فقط وإنما أيضًا تسهيل بعض الصفقات المشبوهة من خلال العلاقات المشبوهة التي يكون تقديم الجسد فيها أمرًا واردًا، عمومًا، نحن نرى في الأفلام والمسلسلات كيف أن السلطات المكسيكية تُسهل وجود العصابات وتقبل الرشاوي منها، أو على الأقل كان هذا الأمر قائمًا حتى بداية الألفية الثالثة.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

17 − 1 =