تسعة مجهول
ناني دوس
الرئيسية » جريمة » ناني دوس : السفاحة غريبة الأطوار أو أغرب جدة في التاريخ

ناني دوس : السفاحة غريبة الأطوار أو أغرب جدة في التاريخ

لا يقتصر عالم السفاحين على الأشخاص متوسطي العمر فقط، بل إن للمسنين شهية للقتل وارتكاب الجرائم أيضًا، هذا ما ستتأكد منه بعد معرفة قصة ناني دوس .

تُعتبر ناني دوس بلا شك أغرب جدة في التاريخ، هذا إذ لم تكن أغرب امرأة عمومًا، فما ارتكبته من جرائم قتل يفوق بشاعةً كل من سبقوها من السفاحين، والغرابة هنا تتعلق بجرائم القتل التي ارتكبتها، والتي كانت جميعها تتعلق بأفراد عائلتها، حيث أزواجها الأربعة وابنتيها وحفيداتها وأمها وأخته، جميعهم تم قتلهم على يد ناني بجنون يفوق الوصف، هذا الجنون كان سببًا كافيًا لتخليد اسمها بجانب أغرب السفاحين الذين مروا بالتاريخ، بل وجعلها جنبًا إلى جنب مع هتلر، الذي مات قبلها بتسعة عشر عامًا، لكن، كي تعرف عزيزي القارئ عن ناني دوس أكثر، وعن سبب كونها أغرب جدة في التاريخ، فلابد من قراءة السطور الآتية.

ناني دوس وأغرب الجدات السفاحات

من هي ناني دوس؟

وُلدت ناني دوس في بدايات القرن التاسع عشر، وتحديدًا عام 1905، وذلك بإحدى ولايات الولايات المتحدة الأمريكية ألاباما، والتي كانت ولاية فقيرة، يعيش سُكانها على الزراعة فقط، فلم يكن لهم عمل سواها، وربما كان هذا سببًا في جعل طفولة ناني دوس مأسوية للغاية.

ناني دوس الطفلة

لم تكن ناني دوس طفلة أبدًا، أو بمعنى أدق، لم تُعامل معاملة الأطفال، إذا كانت من صغرها تعمل في مزرعة أبيها، والذي كان رجُلًا فظًا، لم يهتم سوى بالمال وجمعه، حتى ولو كان ذلك عن طريق إذلال أطفاله وتسخيرهم له، وهذا ما جعل ناني وأشقائها الثلاثة يعيشون في جحيم أبيهم الكبير، والذي كان يشمل أيضًا منعهم من الخروج من المنزل أو الاختلاط بغيرهم، وخاصةً الرجال.

الحرمان الذي تعرضت له ناني شمل التعليم أيضًا، فلم يُقدم أبيها على إدخالها المدرسة، ولم يشتري لها ولإخوتها الملابس الحريرية مثل باقي الفتيات، بل جعلها تعيش حياة رتيبة تسير على نفس المنوال، باستثناء الحادثة التي تعرضت لها وهي بعمر التسع سنوات، حيث اصطدمت بإحدى القطارات وظلت رأسها تؤلمها إلى الأبد.

ناني دوس المُراهقة

أول ما سعت ناني دوس لكسبه هو الحب، وربما يكون ذلك بسبب الكبت العاطفي الكبير الذي تعرضت، أو بمعنى أدق، تم إجبارها عليه من قبل والداها، حيث كانت تُفرغ طاقتها العاطفية في المجلات الرومانسية وتحديدًا في القسم المعنون بالقلوب المغلقة، حيث كانت تتمكن من خلق عالمها الخاص من خلال هذه الأشياء البسيطة.

أول الغيث قطرة، وأول الحرية بالنسبة لناني دوس كان سماح والدها بالعمل الخارجي عندما بلغت السادسة عشر من عمرها، وتحديدًا في مصنع الكتان والصوف، الذي كان مجاورًا لمزرعة الأب، وكم كانت سعادة ناني كبيرة بسبب تلك الساعات المحدودة التي تمكنت من اقتناصها، ولم تكن تعلم بعد أن هذه الساعات ستتضاعف، وأنها ستتخلص من سطوة أبيها القاسي للأبد.

ناني دوس الزوجة

الكبت الذي كانت تقبع فيه ناني جعلها تسقط مغشيًا عليها تحت قدم أول رجل تقابله، وقد كان تشارلز، زميلها الوسيم في العمل، هو ذلك الرجل، والذي لم يأخذ سوى أربعة شهور حتى أصبح الزوج الأول لناني، وربما ظنت وقتها أن الحياة تفتح لها زراعيها لتحتضنها، لكن ما حدث أنها قد فتحت لها يديها لتصفعها.

كان تشارلز وحيد أمه، وكانت أمه أقسى من والد ناني، تأمرها بفعل ما لا تتحمله وتُحرض ولدها عليها، أي أنها قد هربت من سجنٍ إلى آخر، حتى أن البنات الأربعة اللاتي أنجبتهم ناني دوس في أقل من أربع سنوات لم يستطعن تغير أي شيء، فكان لابد أن يأتي التغيير من جانب ناني.

السفاحة ناني دوس

عندما نقرأ عن بداية أي سفاح فما الذي نتوقعه عن ضحيته الأولى؟ دون أن تُفكروا كثيرًا بالأمر دعوني أخبركم بضحية ناني الأول، لأنه من المستحيل توقعها، فقد قامت ناني بقتل اثنتين من بناتها، ولولا وصول الزوج لكانت قد تمكنت من قتل البقية، بل أنها بعد أسبوع قامت بقتل والد الزوج، وهنا شعر الرجل أن ساعة القتل قد بدأت، وبالرغم من أن ناني كانت لا تُظهر شيئًا إلا أن الزوج قد شعر بأنها خلف كل ما يحدث في البيت من جرائم قتل، فأخذ إحدى ابنتيه المتبقيتان وترك الأخرى لناني ثم رحل، ليعود بعدها بعام ومعه عشيقته الجديدة ويُطلق ناني، ببساطة، لقد أفلت تشارلز بأعجوبة.

العودة إلى المراهقة

عادت ناني مرة أخرى إلى المجلات الرومانسية، وعن طريق الإعلانات الموجودة في إحدى المجلات استطاعت تكوين علاقة جديدة مع شاب يُدعى فرانك هارسون، وتزوجته واهمة مرة أخرى أنها ستحظى بعلاقة حب فريدة، إلا أنها اكتشف هروبه من حكم قضائي بالسجن مدى الحياة، ليرحل هارسون إلى السجن بعد أن طال زواجه بناني لستة عشر عامًا.

في تلك الأثناء كانت الابنة الكبرى لناني قد تزوجت وانجبت طفل، لكنه لم يُكمل أسبوعه الأول حتى لقي حتفه في ظروفٍ غامضة، اتضح فيما بعد أن ناني هي المتسببة فيها، تمامًا كما تسببت في موت زوجها هارسون، والذي مات فور خروجه من السجن لسببٍ بسيط جدًا، وهو أنه أراد معاشرة ناني في مِزاجٍ غير رائق.

ناني دوس والقتل المُكثف

بعد ذلك توالى ضحايا ناني كالمطر، فقد قتلت زوج ابنتها، وشقيقتها المريضة، وزوجها آرلي الذي تزوجته بعد هارسون، وذلك لكي تتمكن من أخذ بوليصة التامين الخاصة به، ثم قتلت شقيقة زوجها وأحرقت المنزل بها، وأخيرًا قتلت أمها، إجمالًا، استغلت ناني وجهها الملائكي وقتلت كل من له علاقة بها لسبب أو بدون سبب، لكن، في كل جريمة قتلٍ ترتكبها كانت تقترب خطوة من السقوط، حتى حدث ذلك في عام 1955، وبطريقةٍ لم يكن أحد يتوقعها.

سقوط ناني دوس

كان سقوط ناني دوس غريبًا مُقارنةً مع الجرائم الجمة التي كانت ترتكبها، حيث أنها في زواجها الأخير من رجل الأعمال الثري صموئيل قررت قتله بالسم المُتدرج، فتمكن الطبيب من إنقاذه، لتُجهز عليه ناني بعدها خنقًا وتُثير اندهاش الطبيب الذي لم يستسغ هذا الموت المفاجئ بالرغم من المضي نحو الشفاء، لتُرفع أيادي الاتهام نحو ناني ويتم إلقاء القبض عليها، وبعد قليلٍ من المماطلة اعترفت بكافة جرائمها.

نهاية ناني دوس

في عام 1955، وبعد سماع جميع أقوال ناني دوس في كافة جرائمها التي اعترفت بها، تم الحكم عليها بالسجن مدى الحياة، وقد كان غريبًا جدًا أن يتم حجب الكرسي الكهربائي عنها بحجة أنها أنثى، حتى أن الإعلام الأمريكي قد تعجب وقتها قائلًا “من قال أن ناني دوس أنثى؟”، وقد كان المقصود بذلك الإقرار بوحشتها، وأن الرجال لا يُمكنهم فعل ما فعلته، لكن بأية حال لم يطل هذه الحكم كثيرًا، فقد قضت ناني دوس في عام 1965، عن عمر يُناهز ستين عامًا، قضتهم في القتل والتنكيل بكل من تجمعهم صلة بها، وكأن مجرد القرابة بتلك المرأة لعنة.

المُضحك في الأمر أنه بعد انتشار قصة ناني دوس أخذ الأزواج في زيادة إجراءات الحيطة من أزواجهم، فقد كان نصف ضحايا ناني من أزواجها، والذين قتلتهم لأسبابٍ تافهة، ليظل اسم ناني عالقًا في التاريخ ومُرتبطًا دائمًا بالخيانة والغدر، وشيء آخر، كان يتعلق بأغرب جدة في التاريخ.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

19 − تسعة =