تسعة مجهول
مذابح المدارس
الرئيسية » جريمة » تعرف على مذابح المدارس التي هزت كيان التعليم بأكمله

تعرف على مذابح المدارس التي هزت كيان التعليم بأكمله

مذابح المدارس مجموعة من الحوادث المؤسفة التي وقعت داخل أروقة المدارس وراح ضحيتها أشخاص تابعون للكيان التعليمي، إليكم أكثرها عنفًا.

مما لا شك فيه أن مذابح المدارس التي حدثت في الفترة الماضية أدت إلى زلزلة الكيان التعليمي بكل ما تعنيه كلمة الزلزلة من معانٍ، فقد كان الجميع يأخذ فكرة عن المدارس بأنها مكان للتعليم وحصد العلم، وأن السلاح الوحيد المصرح به هو القلم، سلاح العلم، وهذا في الحقيقة هو الأمر المنطقي والطبيعي، لكن في بعض الأحيان قد يكون الغير منطقي ممكن الحدوث، وهذا ما وقع بالفعل وأسفر عن سلسلة شهيرة من مذابح المدارس قلبت الرأي العام وجعلت جميع المعنيين بالمنظومة التعليمية يُعيدون النظر من جديد في الأمر، وفي المدارس التي من المفترض أنها المكان الأخير الذي لا يجب أن تحدث به مثل هذه الأمور، عمومًا، في السطور القادمة سوف نحاول التعرف سويًا على أشهر المذابح التي وقعت بالمدارس، وكيف تم التمهيد لها وما هي النتائج التي ترتبت على حدوثها، وهل يُمكن أن تتكرر مثل هذه الأمور أم لا؟

المدارس دون المذابح

ما قبل تناول مذابح المدارس والتحدث عنها يجب علينا أولًا التحدث عن المدارس التي كانت ولا تزال محراب التعليم الأول، فهي الشيء الأول الذي فكر فيه الإنسان واجتمعت عليه كافة الحضارات بداية من الحضارة الفرعونية، والتي كانت أول من أنشأ المدارس وعمل بها، وفكرة المدارس ببساطة تقوم على جعل مكان ما مُخصص لوظيفة واحدة فقط، وهي تعليم الأطفال والصغار بعض الأمور التي من المفترض أن تنفعهم عند الكِبر، وطبعًا يُمكن أن تكون المدارس أشمل من ذلك ويندرج تحتها أعمار أخرى، نحن هنا فقط نتحدث عن الشيء الدرج.

منذ اليوم الأول للمدارس تمت معاملتها معاملة المساجد، حيث كان كل شيء سيء غير مباح بها بالمرة، لدرجة أنها كانت تُلقب بالمحراب، وكان البعض يتخذها مكان للصلاة، بل إن المساجد كانت مدارس في البداية قبل أن يتم إنشاء مباني المدارس بالمفهوم السائد الآن، لكن، وفي ومضة عين، حدثت بعض المجازر التي قلبت من تاريخ المدارس، وأهم هذه المذابح بالتأكيد مذبحة ثانوية كلومباين ومذبحة مدرسة يوكيلا.

ثانوية كلومباين، مذبحة بدرجة فاجعة من أشهر مذابح المدارس حول العالم

إريك وديلين، تذكروا هذين الاسمين لأننا سنشرح فيما بعد ما فعلوه بالضبط، لكننا سوف نذكر أولًا ملخصًا مقتضبًا لما حدث في ثانوية كلومباين، الواقعة بالولايات المتحدة الأمريكية، في صباح أحد أيام العام قبل الأخير من القرن العشرين، وتحديدًا عام 1999، حيث في ذلك اليوم عاد الناس إلى بيوتهم ليطلعوا على الخبر الذي نزل على أغلبهم كالزلزال، ببساطة شديدة، لقد قام طالبين من مدرسة كلومباين الثانوية بقتل أكثر من ستة عشر طالب ومدرس، وكذلك أسقطوا ما لا يقل عن عشرين شخص آخرين ظلوا يُصارعون الموت لوقت طويل حتى انتصروا عليه في النهاية، وليس هذا فقط، بل إن الأكثر جنونًا قد حدث في نهاية ذلك اليوم عندما أطلق ذلك الشابين النار على أنفسهما وانتحرا تاركين لغزًا كبيرًا حول ما فعلوه بمدرسة، أجل كما سمعتم، لقد كانت واحدة من مذابح المدارس التي يصعب، إذ لم يكن يستحيل، تكرارها، لكن، لنعد قليلًا إلى صباح ذلك اليوم ونتناول ما حدث به بالتفصيل، وصدقوني هذا اليوم يستحق ذلك التوضيح.

بداية المذبحة

بدأت مذبحة ثانوية كلومباين، والتي اتفقنا أنها تُعد أكبر مذابح المدارس، عندما قام طالبين، يُدعيان إريك وديلين، بزرع قنبلة موقوتة بالقرب من الكافتيريا الموجودة بالقرب من الجامعة، كان من المفترض لهذه القنبلة الانفجار مع حلول الحادية عشر صباحًا، لكن ذلك لم ينجح، والحقيقة أن إريك وصديقه كانا يحملان معهما خطة بديلة يُمكن اللجوء إليها حال فشل هذه الخطة، وبالفعل دخل إريك المدرسة وقابل شخصًا قال فيما بعد أن إريك بدا متوترًا جدًا ذلك الصباح، ثم أخذ ينظر حوله بغرابة وكأنه يتأكد من شيء ما، وقد قال ذلك الشخص أيضًا أن إيريك أخبره بأنه يكن له حبًا، ولذلك ينصحه بأن يُغادر المدرسة الآن وبأسرع طريقة ممكنة، وقد غادر ذلك الشخص بالفعل، ولهذا لم يستطع أن يشهد حدوث المذبحة، لكن التاريخ قد شهدها ودونها بكافة تفاصيلها، تلك المذبحة التي وقعت في تمام الحادية عشر والثلث.

مجزرة مروعة تحدث

لا أحد يفهم لماذا وكيف، لكن في تمام الحادية عشر والثالث أخرج إريك وديلين الأسلحة النارية التي كانت مُخبأة وأخذا يُطلقان النار بطريقة جنونية على أي شخص يُقابلونه في طريقهما، كان الجنون حاضرًا في أبهى صورة، لدرجة أن أول ضحية، والتي كانت في السابعة عشر من عمرها، قد سقطت قتيلة بعد أن حظيت بست طلقات نارية دُفعة واحدة، تلك الطلقات أسقطتها وهي تتناول طعامها في الكافتيريا، ولم يكتفي المجرمان بها وإنما قتلوا كل الذين كانوا يجلسون ويتناولون الطعام معها، لكن هل كانوا يقصدونها هي؟

لا، لم يكونوا يعرفونها، بل إنهم أرادوا فقط واحدة من أشد مذابح المدارس في التاريخ، ومن حظ تلك الفتاة السيئ أنها كانت أول شيء يُقابله هذان المجرمان، وأكبر دليل على ذلك أنهما قد استمرا في القتل وإطلاق النار بطريقة عشوائية حتى تجاوزت أعداد الضحايا العشرين شخص، ومع ذلك لم يتوقفوا، أما الشيء الأكثر جنونًا حقًا فهو ردة فعل أولئك الذين كانوا يشاهدون ما يحدث في كافتيريا الجامعة، والذين توقعوا أن ما يحدث ليس سوى دعابة ومشروع تخرج لأحد الطلاب، ولم يُصدقوا فعلًا أن ثمة جريمة تحدث إلا بعض رؤية الدماء وتساقط الضحايا من أن أعلى البناء.

نهاية مذبحة ثانوية كلومباين

استمرت المذبحة لنصف ساعة فقط وأسقطت القدر الذي ذكرناه من الضحايا حتى وصلت الشرطة وقامت بمحاصرة المبنى وتبادل إطلاق النار مع المجنونين، وقد كان من المتوقع أن يستسلما بسبب نفاذ الذخيرة وعدم قدرتهما على مجاراة الشرطة إلا أنهما قد ارتكبا حماقة أكبر من جريمتهما، حيث أطلقا النار على أنفسهما منتحرين، وماتا دون أن يُخبرا حتى الشرطة أو أي شخص بالدوافع التي جعلتهما يرتكبان تلك الجريمة الشنعاء التي صُنفت كما ذكرنا كواحدة من أعظم مذابح المدارس في التاريخ، لكن، هل توقف الناس عن التكهن؟

كان الأمر مجنونًا بحق، وكان من الجنون أكثر أن يتم تمريره وكأنه حدث طبيعي، ولذلك قام البعض بوضع افتراضات لهذا الأمر، مثال أن الشابين كانا يحملان العداء للمدرسة بسبب رسوبهما الدائم، أو حتى المعاملة السيئة لهما، لكن هذا بالطبع لا يمنح عذرًا لحدوث مثل هذه الأفعال، عمومًا، بقيت المذبحة تُعد أكبر مذابح المدارس في التاريخ حتى جاءت مذبحة أخرى في الفلبين وشاركتها التاريخ الأسود للمدارس.

مذبحة مدرسة يوكيلا، المذبحة المُقلدة

مذابح المدارس لم تتوقف كما كان من المفترض أن يحدث بعدما شاهد العالم ذلك الأثر الكبير الذي تركته مذبحة كلومباين، لكن في الحقيقة كانت المذبحة الأولى سببًا في خروج شاب فليبيني يُدعى بوكا، ذلك الشاب على ما يبدو أنه كان مهوسًا بالعنف والثورة لدرجة أنه قد دخل مدرسته عام 2007 حاملًا سلاحه وعازمًا على قتل عدد كبير من زملائه ومدرسيه، وبالفعل نجح الشاب المجنون في قتل ما يزيد عن 10 أشخاص، لكن، لا يُمكنك في أي قصة من القصص البداية من النهاية أو النتيجة التي أدت إليها القصة، وإنما يجب أن تكون البداية من حيث تم التخطيط مرورًا بالتنفيذ انتهاءً بالسقوط، وهذا يعني ببساطة أننا بحاجة للتحدث بشكل مفصل عن السابع من نوفمبر القابع في عام 2007.

بداية مذبحة يوكيلا

بطل مذبحتنا، والتي وُضعت بجدارة في قائمة مذابح المدارس، شاب لا يتخطى الثامنة عشر يُدعى بوكا، وقد كان بوكا من المفترض طالبًا بهذه المدرسة، لا يجب أن يدخلها إلا وهو يحمل سلاحه المكون من قلم وكتاب، لكنه في الحقيقة قد دخل المدرسة في صباح السابع من نوفمبر وهو يحمل في يديه سلاحًا ويُريد أن يقتل كل شخص موجود في المدرسة، وقد بدأ ذلك الجحيم في تمام الحادية عشر صباحًا، وهذا التوقيت ربما يُذكركم بشيء، تمامًا، هو توقيت بداية المذبحة السابقة.

أخذ بوكا يصرخ في ردهة المدرسة طالبًا من جميع الطلاب التمرد والقيام بثورة، وطبعًا لم يكن أحد يعرف ما الذي يتحدث عنه بوكا، حسبوه مجنونًا، وقد كان كذلك بالفعل، لكن جنونه هذا قد تطور حتى وصل إلى حد إخراج المسدس وإطلاق بعض الرصاصات في الهواء، ثم بعد ذلك تم توجيه الرصاصات إلى قلب المُدرسة التي واجهته وطلبت من الهدوء، وتحديدًا سبع رصاصات قاتلة أوصلت رسالة مفادها أن هذا الشبح لا يمزح أبدًا، وأنه قد جاء للقتل فعلًا.

نهاية مذبحة يوكيلا

استمر بوكا في القتل، كان مجنونًا، وكان يجد متعة كبيرة في إرهاب زملائه، حيث كان يُطالبهم بمطالب غريبة، وكانوا على سبيل الخوف يفعلون ما يطلبه، أما من يمتلك قوة ما فكان يحاول مواجهته، والواقع أن مصيره في النهاية كان مجرد طلقة في رأسه، سقط عشرة أشخاص، وزادت الأمور سوءًا، لكن العناية الإلهية قد ظهرت في صورة وصول الشرطة إلى المدرسة ومحاصرتها، لكن من طلب الشرطة؟

كانت المعلمة التي ماتت في بداية المذبحة قد شعرت بالخطر فور رؤية فوكا فقامت على الفور بالاتصال بالشرطة، لكنها كانت أول من لقي حتفه، عمومًا، استمرت المناوشات وحدث تبادل لإطلاق النار بين بوكا والشرطة، وفي لحظة الاقتحام لجأ بوكا إلى الحل التقليدي وأطلق الرصاص على نفسه، لكنه لم يمت، وإنما ظل على قيد الحياة حتى نهاية اليوم ومات قبل أن يتحدث عن أسباب ما قام به، لكن الشرطة قد استنبطت ذلك مما اكتشفته من الهاتف الذي كان بحوزة بوكا.

لماذا فعل بوكا ذلك؟

مع أننا لا نعرف بعد السبب الحقيقي خلف ارتكاب بوكا لهذه المذابح إلا أن الشرطة قد تمكنت من خلال بعض التحقيقات أن تكتشف ذلك السبب، ببساطة شديدة، لقد كان بوكا مُتأثرًا بأفكار الأشخاص الذين نفذوا مذبحة ثانوية كلومباين، حيث وجدت الشرطة على هاتف بوكا بعض المقاطع التي تصف المذبحة، وبعيدًا عن مذابح المدارس فقد عثرت الشرطة كذلك على مقاطع فيديو لحوادث عنف ضخم هزت العالم، وعلى رأسها أحداث الحادي عشر من سبتمبر القابع في عام 2001، أي أن بوكا كان يُعني من حب العنف المفرط، وهذا كان دافعه خلف ارتكاب المذبحة، كما أنه أيضًا كان يتخذ من الأشخاص الذين يقومون بأعمال العنف نماذج وقدوات له، وهذا كله اتضح من الكتب التي كان يقرأها والصور التي يحتفظ بها.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

أربعة عشر + 6 =