تسعة مجهول
محاكمات السحر في سالم
الرئيسية » غرائب » محاكمات السحر في سالم : إعدامات بالجملة على الساحرات بمدينة سالم

محاكمات السحر في سالم : إعدامات بالجملة على الساحرات بمدينة سالم

تعد مدينة سالم واحدة من أشهر مدن السحر في العالم، وذلك منذ عدة قرون، بدأ السحر فيها واستمر في الانتشار والتضخم، إلى أن أصبح من الصعب السيطرة عليه، فأقامت الحكومة، محاكمات السحر في سالم ، وقضت على معظم السحر والسحرة هناك.

في عام 1692 ميلاديا، وفي بداية التاريخ الأمريكي، لم تكن أمريكا بهذا التحضر والتمدن الذي يظهر الآن، ويعتبر السحر من الأشياء التي كانت تتواجد في أمريكا دون سلطة، أو رقيب. وبتتبع قصة السحر سنجد أن البداية ليست أمريكا، وهذا بسبب تفشي السحر في جميع أنحاء أوروبا خلال القرنين السادس والسابع عشر، خصوصا بين النساء والبنات، وتعتبر قرية سالم واحدة من المدن التي وقعت فريسة في يد السحرة، ومع انتشر السحر، تحولت جماعات البشر لقطعان تسير خلف السحر والسحرة بغير تفكير ولا فهم. ووجدت السلطات أن الأمر إذا ازداد عن حده فإنه سيهدد معظم البشر خصوصا الذين لا يعترفون بالسحر، لذلك كان يجب على الحكومات أن تتدخل، وكان القرار بالقضاء على سحرة سالم، بدأت محاكمات السحر في سالم خارج سالم في البداية، وكانت تقام في العديد من الدول، وفي النهاية أقيمت في سالم، وتم الحكم على النساء والبنات، في واحدة من أبشع وأغرب المحاكمات التي سنعرف تفاصيلها في السطور التالية.

بداية السحر في سالم

تبدأ قصة قرية سالم في بيت القس(صمويل باريس)؛ في بيت القسيس كانت (تيتوبا) تقوم على خدمة المنزل، كما كانت قد سمعت وعرفت بعض قصص السحر من قرية باربيدوس، وكل يوم بعد إنهائها العمل المنزلي، كانت تجتمع بفتيات القرية، وتقوم بقص القصص والحكايات التي تعرفها، وظلت الفتيات تستمع لها وتهتم أكثر فأكثر، وبعد مرور بعض الوقت، ومع اقتراب فصل الشتاء من الانتهاء، بدأت أعراض غريبة بالظهور على فتيات القرية تشبه الصرع أو النوبات العصبية، واستمرت هذه الأعراض في الظهور، حتى للفتيات اللواتي لم يذهبن للخادمة، وهنا تم استدعاء (جرجس) طبيب القرية، لكنه وبعد الكثير من المحاولات أقر أنه لا يعرف هذه الحالة، وقال أن هؤلاء الفتيات في الغالب أصابوا بنوع من السحر، وهنا بدأت محاكمات السحر في سالم في الظهور لحل المشكلة.

محاولات لمعرفة سبب انتشار السحر

بعد فشل الطبيب (جرجس) بفعل أي شيء، قرر الاستعانة بالقسيس الكبير (صامويل باريس)، ولفحص الأمر بشكل دقيق تم تجميع فتيات القرية في اجتماع كبيرة، في محاولة لاستجوابهم وفهم ما يحدث، وبسرعة كبيرة اقتنع القس والطبيب بأن هناك قوة شريرة دخلت إلى القرية، وهي التي تتصرف مع الفتيات بهذا الشكل، أما الفتيات فاقتنعوا بسرعة أيضا، وهذا بسبب القصص التي كانوا يسمعونها من الخادمة. في نهاية التحقيقات تم الاشتباه بثلاثة أشخاص يمكن أن يكونوا السبب في هذا، الأولى هي الخادمة تيتوبا وهذا بسبب علمها بالسحر وطرقه، والثانية (سارة جود) الشحاذة المكروهة من القرية كلها بسبب لعنها لهم عند عدم إعطاءها ما تريد، والثالثة هي (سارة أوزبورن) وتعتبر من الطبقات العليا في المجتمع، لكن بسبب علم القسيس أنها لم تذهب إلى الكنيسة لأكثر من سنة، بالإضافة إلى ارتباطها برجل عام كامل دون زواج، اعتبرها القس على تعاون مع قوى الشر.

جلسة التحقيق وازدياد الخوف

بعد الشك في الثلاثة السابق ذكرهم، تم عقد جلسة للتحقيق معهم جلس الثلاثة وأمامهم الفتيات، وقبل أن يحدث أي شيء، أصاب الفتيات نوبات هستيرية، وقعوا على الأرض وارتفع الصراخ في الغرفة، وهنا تم إدانة الثلاثة معا، لكن الأمر لم يتوقف هنا، لأن الخادمة اعترفت بفعلتها، واعترفت أيضا أن الشحاذة، وسارة أوزبورن ساحرات، وأخبرت الجميع أنهم ليسوا بمفردهم وأنه هناك الكثير من الساحرات بالخارج، وهنا دب الفزع والهلع في نفوس القرية كلها، وبدأ البحث عن باقي السحرة، وكان يتم استخدام الفتيات لمعرفة السحرة، وذلك عن طريق مراقبة الحالة الصحية لهم أمام الأشخاص المختلفة، وفي وقت قليل تم القبض على الكثير من الأشخاص، بدأ الأمر بالقبض على الأشخاص المكروهين في القرية لكن الأمر تطور بسرعة وبدأ القبض على أشخاص محبوبين، لم تحل محاكمات السحر في سالم المشكلة، وذلك حيث امتلأت السجون، وتم القبض على فتيات وصل سنهم إلى خمس سنوات، والخوف يزداد، ولا يظهر أي حل.

تدخل الحاكم لتقليل الفزع

مع مرور الوقت انتشرت عدوى السحر خارج سالم، ومع تفاقم الأمر، قررت القوات المستعمرة أن تقوم بعمل محاكمات السحر في سالم بشكل قوي ينهي الذي يحدث، بدأ الأمر بمحاكمات في أوير وترمينر، وكان قضاة هذه المحاكم يصدقون ما تقوله الفتيات واستمر الحال كما هو، يتم القبض على المزيد وملئ السجون، بدأ بعض المتهمين في الاعتراف بأنهم ساحرات وكان يتم تركهم في السجون، وأما من كان ينفي عن نفسه هذه التهمة فكان يتم شنقه. أوشك الأمر على نهايته عندما بدأت الاتهامات تصل لنساء كبار في المجتمع، بدأت بزوجات القساوسة وانتهت بزوجة الحاكم، وهنا تدخل الحاكم وأوقف عمل محاكمات السحر في سالم وغيرها، وأفرج عن العديد من المتهمين ولم يبقى في السجون إلى مائة وخمسين، بالإضافة لبعض الأشخاص الذين قبض عليهم بعد تدخل الحاكم.

نهاية الفزع و محاكمات السحر في سالم

أصدر الحاكم قرار للمحكمة العليا بالتدخل ومحاكمة باقي المسجونين لإنهاء الأمر نهائيا، وبعد العديد من محاكمات السحر في سالم تم إدانة ثلاثة أشخاص فقط، أما باقي الأفراد فقط تم تبرئتهم، وكانت هذه المرة الأولى منذ وقوع هذه الحادثة يتم تبرئة أحد؛ أما الثلاثة المتهمين فقد أفرج عنهم الحاكم بنفسه، وتم إصدار قرار بالإفراج عن أي أحد تم اتهامه في هذه القضية، وهكذا انتهت مشكلة السحر في سالم، ولكن هذه المشكلة استمرت لأكثر من عام، وخلال هذا الوقت تم قتل ما يقرب من 20 شخص، ومعظمهم من الذين رفضوا الاعتراف بتورطهم في شيء، ويعتبر هذا العدد من المقتولين الذين كان يتم كتابة أسماءهم بشكل رسمي وبحكم من المحاكمات التي تعقد، وبالطبع زاد العدد عن هذا الرقم كثيرا أثناء عملية القبض التي كانت تحدث، وأثناء التعذيب الذي كان يتم داخل السجون.

انتهت مأساة السحر في سالم، وانتهت محاكمات السحر في سالم وفي الخارج، لكن البحث والدراسات حول هذه الواقعة لم تنتهي أبدا، وذلك حيث تعد هذه الواقعة من أغرب الوقائع التي حدثت حديثا، ويصعب التنبؤ بسبب تصرفات الناس حينها، لكن المفكرين والأطباء النفسيين يحاولون كل يوم أن يصلوا لأكثر الحلول المنطقية لما حدث، ويعتبر السبب الأكبر الذي يتم ذكره ،هو انتشار الديانة المسيحية في ذلك الوقت، وكان معتنقي المسيحية في ذلك الوقت والمكان من المتشددين، والذين كانوا يحرمون كل شيء تقريبا، سواء الأشياء الترفيهية أو حتى العلم، هذا بالإضافة لانحطاط مكانة المرأة، وإيمانهم بقوى الشر، والتي كان يفسر بها معظم المشاكل الحياتية. ويعتقد المؤرخون أن هذه الواقعة من الوقائع التي تستحق الدراسة أكثر وأكثر لفهم النفس البشرية ودوافعها.

الكاتب: أحمد أمين

ابراهيم جعفر

مبرمج، وكاتب، ومترجم. أعمل في هذه المجالات احترفيًا بشكل مستقل، ولي كتابات كهاوٍ في العديد من المواقع على شبكة الإنترنت، بعضها مازال موجودًا، وبعضها طواه النسيان. قاري نهم وعاشق للسينما، محب للتقنية والبرمجيات، ومستخدم مخضرم لنظام لينكس.

أضف تعليق

20 − 7 =