تسعة مجهول
متصيد التخدير
الرئيسية » جريمة » متصيد التخدير : قاتل اعتمد على التخدير لارتكاب أعنف الجرائم!

متصيد التخدير : قاتل اعتمد على التخدير لارتكاب أعنف الجرائم!

متصيد التخدير لقب لشخص مجهول ظهر في الثلث الأول من القرن العشرين وقام بارتكاب عدة جرائم غامضة اعتمد فيها على التخدير والغازات السامة، فمن هو؟

ظهرت جرائم متصيد التخدير مطلع العقد الثالث من القرن المنصرم، وقد قيل عن سلسلة الجرائم تلك، والتي وقعت بولاية فرجينيا القابعة بالولايات المتحدة الأمريكية، أنها أشهر سلسلة جرائم حدثت في التاريخ، والشهرة هنا ليست مُتعلقة بالجرائم نفسها، وإنما بالغموض الذي كان يعتريها، والذي جعل منها قضية تحتمل الكثير من النظريات التي لا يُمكن التأكيد على أيًا منها، لكن، قبل أن نخوض في تلك النظريات دعونا أولًا في السطور الآتية نتعرف على متصيد التخدير وبدايته وأشهر الجرائم التي قام بارتكابها، وأخيرًا، أهم النظريات التي قيلت عنه وعن جرائمه.

من هو متصيد التخدير ، وكيف يختار ضحاياه؟

من هو متصيد التخدير؟

لا أحد يعرف متصيد التخدير حتى الآن، لكن أغلب الضحايا الذين شاهدوه من بعيد قالوا إنه شخص نحيف البدن يرتدي وشاح أسود وقناع بنفس اللون، وينتعل حذاء أسود كذلك، وبسبب كل هذا السواد لم يستطع أحد رؤيته ولا تُعرف أوصافه حتى الآن، لكن هناك شبه إجماع على أنه كان امرأة، وذلك استنادًا على خطواته الخفيفة وجسده النحيف برشاقة والتفافه امرأة، لكن هذا الأمر لم يتم تأكيده كما ذكرنا، فقط الشيء الوحيد المؤكد هو أن الظهور الأول لبطل قصتنا متصيد التخدير كان في عام 1933 بمقاطعة بوتيتورت القابعة ضمن حدود ولاية فرجينيا.

الظهور الأول

ظهر متصيد التخدير لأول مرة عام 1933، حيث كانت هناك أسرة صغيرة في مقاطعة بوتيتورت تجلس في الساعات الأخيرة من الليل، وفجأة شعروا بشيء ما يحوم حول البيت، وما هي إلى دقائق قليلة حتى أدركوا أن هناك شيء غامض يقوم بمحاصرتهم، ثم بعد ذلك بدئوا يتشممون رائحة غريبة، أدت هذه الرائحة إلى إفقاد الأب وعيه، وجعل الطفلة الصغرى بالأسرة في حالة يُرثى لها كادت تقترب من الموت خنقًا، أما الأم فهي للغرابة كانت الشخص الوحيد الذي استطاع الاستمرار ومقاومة الرائحة، واستمر ذلك حتى وصلت الشرطة التي تم استدعائها من قِبل الجيران.

وصول الشرطة

وصلت الشرطة بعد ساعتين عقب استدعاء الجيران لهم، حيث شعروا بشي غريب يجري في المنزل فلم يترددوا في استدعائها، لكن أول ما تفاجئت به الشرطة قبل الجميع هو أنه لم تكن هناك رائحة أو حتى رائحة لها، مما يعني من وجهة نظرهم أنه لا يوجد مُبرر لإغماء الأب والطفلة الصغرى، كما أن ألآثار التي وجدت أمام البيت كانت ترجع إلى امرأة، امرأة نحيفة جدًا على وجه التحديد، بيد أنه لم يتم العثور على شيء آخر يُفيد في الأمر، فتم إغلاق القضية وتقييدها ضد مجهول، ليُسجل أول ظهور لظاهرة متصيد التخدير الغامضة.

الظهور الثاني

في قرية كروفروديل، القريبة من مكان وقوع الحادثة الأولى، ظهر متصيد التخدير مرة أخرى، لكن هذا المرة كان الضحية مُزارع بسيط كان عائدًا إلى بيته عندما وجد سحابة صغيرة من الدخان تقتفي أثره حتى أوصلته إلى البيت، وما إن دخل حتى بدأ يشعر بالاختناق وسقط مغشيًا عليه أمام زوجته التي لم تصمد أيضًا سوى خمسة دقائق، ليُكتشف بعدها من قِبل الشرطة أنه لو وجود لآثار دخان أو غاز مثلما هو الحال في الواقعة الأولى، الشيء الوحيد الذي كان موجودًا هو آثار الأقدام، والتي كانت هذه المرة غامضة ولا يُمكن الاستدلال على تبعيته لامرأة أم رجل، على كلٍ، انتهت الأحداث بنفس النهاية السابقة، حيث أُغلق المحضر ضد مجهول.

زيارات مُتكررة

لم يختفي متصيد التخدير كثيرًا في الظهور الثاني، فقد بدأ بعد ذلك الانتشار في عدة بقاع لم يكن قد وصل إليها من قبل، كما بدأ أيضًا استخدام طرق جديدة في مهاجمة ضحاياه وتسميمهم، والذين أيضًا لم يصمتوا أمام جنونه وقاموا بالتصدي له حسب رؤيتهم، حتى أن احدهم ادعى أنه قد أطلق النار عليه ذات مرة، وآخر قال أنه قد أشعل غرفته وهو فيها، لكن كل ذلك لم يمنع من ظهوره شبه الدوري، حتى أُصيبت البلاد بذعرٍ كبير اضطرت السلطة الحاكمة على إثرها فرض عقوبات تصل إلى السجن المؤبد حال القبض عليه، وكذلك الوعد بمكافأة لمن يُساعد في الإيقاع به.

الهجمات الأخيرة

أخذ متصيد التخدير مُنحنى جديد في هجماته مع بداية انتصاف العقد الرابع، حيث استهوته الهجمات الجماعية أكثر فأصبح يُهاجم الكنائس والمجالس والبيوت الكبيرة، وغيرها من الأماكن التي تكون مأهولة بالسكان غالبًا، والغريب كذلك هو نوعية الهجمات والتي تغيرت أيضًا، حيث لم يعد يتم الهجوم بالغاز المُخدرّ فقط، وإنما حدث أيضًا استخدام لغاز هيستيري كان يُصيب من يتعرضوا له بحالة من الهستيريا تجعلهم يُقدمون على أذية أنفسهم أو على الأقل محاولة الاعتداء على غيرهم، لكن، وبالرغم من ارتفاع حدة الهجمات، إلا أنها قد توقفت فجأة عام 1935، ليبدأ الجميع في محاولة التفسير.

جندي سابق، النظرية الأولى

النظرية الأولى فيما يتعلق بظاهرة متصيد التخدير كانت تقول بأن هوية هذا الشخص الحقيقية هي جندي سابق في الجيش الأمريكي كان يُحارب في الحرب العالمية الثانية وأُصيب بالغاز السام، لذلك أراد أن يُلحق ما أُصيب به للعالم بأكمله، أي أن كل ما يحدث كان لمجرد الانتقام، وبالطبع نفت الحكومة الأمريكية هذا الأمر تمامًا وأكدت على عدم وجود عقليات بالجيش يُمكن أن تُفكر بهذه الطريقة، وأنه إذا كانت فعلًا هذه النظرية صحيحة لكان من الأولى أن ينتقم الجندي من جنود مثله أو حكومات، وليس مجرد مدنيين أبرياء، والحقيقة أن الرد على هذه النظرية يُعد ردًا مُقنعًا يصل بدرجة كبيرة إلى نفيها واعتبارها غير واردة.

مختل عقليًا، النظرية الثانية

النظرية الثانية فيما يتعلق بظاهرة متصيد التخدير، والتي كانت في الحقيقة شبه متوقعه، هو أن الشخص الذي قام بتنفيذ هذه الهجمات ما هو إلا شخص مُختل عقليًا، وقد رجح أصحاب هذه النظرية قولهم بشهادة أحد الأساتذة الجامعيين الذي قال أنه يعرف شكل وهوية من قام بهذه الهجمات، وأنه يعرف أيضًا كما يُعاني من خلل عقلي غريب يجعله يتلذذ بأذية البشر، أما عن القول بأن من نفذ الهجمات امرأة فقد أكد الأستاذ الجامعي أن أشقاء المعتوه من النساء كانوا يساعدونه في تنفيذ الحوادث باعتبار أن مجاراته قد تُساعد على علاجه، لكن الأمر قد تفلّت منهم حتى أصبح غير محتمل بالمرة، وهذا بالطبع إذا سلمنا بصحة هذه النظرية وقمنا بإقرارها، والحقيقة أنها تستحق ذلك نظرًا لقربها من الواقع وعدم وجود ثغرات بها مثلما هو الأمر في النظرية الأولى.

هل انتهي الأمر؟

حتى الآن لم ينتهي أمر متصيد التخدير الذي أزعج العالم لعدة سنوات، ومع عدم الجزم النهائي بأي نظرية من النظريات السابقة يُصبح من المستحيل إغلاق هذه القضية والتسليم بشيء، وإنما يبقى البحث والبحث فقط هو الأمر الواجب الحدوث كلما ذكرت قصة متصيد التخدير الغريبة، أو كما يقال عنها، قصة ذو الغازات السامة.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

2 × 3 =