تسعة مجهول
كريستين غيلبرت
الرئيسية » جريمة » كريستين غيلبرت ممرضة أخرى تدخل في عالم القتل بدون رحمة!

كريستين غيلبرت ممرضة أخرى تدخل في عالم القتل بدون رحمة!

كريستين غيلبرت ممرضة عاشت في الربع الأخير من القرن العشرين، وأقدمت، لأسباب نفسية، على قتل عدد كبير جدًا من ضحاياها، حتى سقطت نهاية القرن وتم الحكم عليها.

حظيت قصة الممرضة الأمريكية كريستين غيلبرت شهرة واسعة، خاصةً في العقد الأخير من القرن العشرين، فتلك الممرضة، والتي كان من المفترض أن تكون ملاك رحمة معني بإنقاذ المرضى، أقدمت بكل وحشية على قتلهم، بل إن مجرد تفاقم حالة المريض وحاجته للإنقاذ كان يُمثل سببًا وجيهًا للقتل بالنسبة لها، الغريب، أنها قد استمرت على ذلك المنوال لسنوات طويلة وقتلت عدد كبير من الضحايا دون أن يتشكك بها أحد، لكنها في النهاية سقطت ولقت جزاءً قد لا يبدو مناسبًا بعض الشيء، عمومًا، دعونا في السطور القادمة نتعرف سويًا على القصة الكاملة لهذه السفاحة، كيف عاشت وكيف تحولت من ملاك رحمة إلى سفاحة متوحشة، والأهم من كل ذلك بالتأكيد، كيف جاء سقوطها.

من هي كريستين غيلبرت؟

وُلدت كريستين غيلبرت في الثالث عشر من نوفمبر القابع في عام 1967، وتحديدًا في ولاية ماساشوستس الواقعة في الولايات المتحدة الأمريكية، وأمريكا في هذا الوقت كما تعرفون كانت تتقدم شيئًا فشيئًا عن الاتحاد السوفيتي، والذي كان منافسها الأول والوحيد على زعامة العالم بأكمله.

لم تكن حياة كريستين سيئة للحد الذي يجعلها تكبر وتُصبح بكل هذا السوء، فوالدها مثلًا كان مُتخصصًا في الاليكترونيات، ولكيلا تستهتروا بالأمر، لقد كان علم الاليكترونيات في هذا الوقت مقصورًا على العباقرة فقط، أما والدتها فقد كانت ربة منزل ماهرة إضافة إلى كونها مُدرسة بأحد المدارس، حياة جيدة إذًا يُمكن أن تحظى بها كريستين وشقيقاتها الأربعة، لكن ذلك لم يحدث بكل أسف، وإنما انقلبت الأمور للأسوأ في مرحلة الطفولة.

طفولة كريستين غيلبرت

لا أحد يعرف السبب لكل ما حدث، لكن كريستين غيلبرت، ومنذ سن السادسة، أصبحت شخص آخر مُختلف تمامًا، ففي البداية تمرّست الكذب، وأصبحت تكذب في كل الأمور مهما كانت صغيرة أو كبيرة، كما أنها كانت تُهدد أسرتها أكثر من مرة بالانتحار في سن العاشرة، بينما هي في الحقيقة لا ترغب في ذلك.

المدرسة أيضًا شهدت تمرد كريستين الغريب، فقد كانت، بالرغم من ذكاؤه، تتعمد الفشل والرسوب، إضافة إلى أن الكذب وادعاء الانتحار لم يُفارقانها، فقد كانت تجد متعة كبيرة في التلاعب بالآخرين وبث الرعب في نفوسهم، ثم تطور الأمر في سن الخامسة عشر وأصبحت كريستين تُقدم على أذية الناس وتهديدهم بالقتل، لكنها في الحقيقة لم تكن تفعل ذلك، وإنما فقط تكتفي بالتهديد به للحصول على قدر أكبر من المتعة.

كريستين غيلبرت والمراهقة

مراهقة كريستين غيلبرت لم تكن أفضل من طفولتها، فقد استمرت كل الألاعيب السابقة، بل إن الأمر قد تطور إلى قيامها ببعض عمليات السرقة، من أجل المتعة كذلك، الغريب، والذي كاد يُطير العقل، أنها لم تتعرض في طفولتها لما يدفعها إلى ذلك، حتى أن والديها كانا يُعاملانها مُعاملة طيبة ويوفران لها كل ما تطلبه، على كلٍ، تجاوزت كريستين المراحل التعليمية بشق الأنفس، واستطاعت الالتحاق بمعهد التمريض والتخرّج منه عام 1988 للعمل في أحد المستشفيات، كما أنها في نفس العام تزوجت من أحد جيرانها، وكان من المفترض أن تهدأ الأمور وتُصبح حياتها طبيعية بعد الزواج والعمل، لكن ذلك أيضًا لم يحدث، وإنما أخذت قصة هذه الفتاة الغريبة مُنعطفًا أشد خطورة وعنفًا.

كريستين غيلبرت والقتل

كان من الطبيعي جدًا أن يتطور السلوك العدواني لدى كريستين غيلبرت من سيء إلى أسوأ، لكن لم يكن أحد يتخيل أبدًا أن يشتمل ذلك الأسوأ على امتهان كريستين لواحدة من أخطر المهن في التاريخ، وهي مهنة القتل، وهذا ما حدث بالضبط عام 1990، حيث جرّبت كريستين القتل لأول مرة وحظيت بمتعة هائلة.

في مارس عام 1990 كانت كريستين غيلبرت تقضي فترة المناوبة الخاصة بها في المستشفى، كانت مهمتها المكوث بالقرب من أحد العنابر ومعرفة ما يحتاجه أي مريض وتلبيته في حالة احتياجه له ليلًا، كان هذا عملها، وبالفعل واظبت عليه، لكن، في لحظة شيطانية مجنونة، وجدت كريستين نفسها وهي تحظى بمتعة كبيرة خلال وقوفها أمام مريض يحتضر، كان أمرًا مجنونًا بحق، وبالرغم من أن الممرضة المجنونة كان بإمكانها إنقاذ ذلك المسكين إلا أنها قد تركته بدم بارد للموت، ومن هنا بدأت قصة السفاحة كريستين غيلبرت.

القتل عمل سهل

بعد مقتل المريض الأول نتيجة الإهمال الطبي للممرضة كريستين غيلبرت أصبحت الأمور مُمهدة لارتكاب المزيد من جرائم القتل، والحقيقة أن كريستين فيما بعد لم تعد تنتظر أن تتأخر حالة المريض كي تأخذه للموت، وإنما كانت تأخذه هي بنفسها إليه، وذلك عن طريق حقن المورفين التي تتمكن من إنهاء حياة المريض في ثوان.

لا أحد يعرف العدد بالضبط، لكن في الفترة من عام 1990 وحتى عام 1996 قضت كريستين غيلبرت على ما لا يقل عن ثمانين مريض، بالرغم من أنها قد عوقبت بعد سقوطها على ثلاثة جرائم فقط، وذلك بعد صراع طويل وحالات من الفر والكر والرغبة في الهرب من العدالة.

بداية سقوط كريستين غيلبرت

في الحقيقة جاء سقوط كريستين غيلبرت بعد مدة طويلة جدًا، فخلال ست سنوات كان المرضى يموتون بطريقة غريبة في مناوبة الممرضة كريستين، بالرغم من ذلك لم يتشكك أحد في أمرها، بل كان زملائها يُمازحونها بوصفها ملاك الموت، وذلك كناية عن العدد الكبير الذي مات من المرضى التي كانت تُشرف عليهم.

مع بداية العام السادس وزيادة المرضى المتوفين بصورة مبالغة فيها اضطرت إدارة المستشفى إلى تقديم بلاغ إلى الشرطة وطالبتهم بالحضور من أجل التحقيق في هذه الأحداث الغامضة، وبالفعل ارتعبت كريستين من ذلك الأمر وافتعلت شيئًا من شأنه التضليل على ما يحدث من تحقيق، حيث أبلغت عن وجود قنبلة بالمستشفى، مما اضطر إلى إيقاف التحقيق والبحث خلف تلك الشائعة.

سقوط كريستين غيلبرت

السقوط الحقيقي للممرضة كريستين غيلبرت جاء بسبب جنونها وغبائها أيضًا، فعقب بداية التحقيقات تركت كريستين العمل في المستشفى، مما تسبب في الشك بها والبحث خلفها، كما أنها قد رُصدت وهي تُغادر مكتب طبيب نفسي، أي أنها كانت تُعاني من خلل ما تشكك رجال التحقيق أنه ربما يكون خيطًا يؤدي إلى كشف الغموض عن الحادثة.

بالبحث والتقصي عرف المحققون أن كريستين غيلبرت تعاني من مشاكل نفسية، وأنها كذلك تتصف ببعض الصفات العدوانية، لذلك مع نهاية العام الأخير من القرن العشرين تم إصدار مذكرة اعتقال لها، ومع بداية التحقيق اعترفت كريستين بكل جرائمها، والتي أكدت أنها كانت في وعيها حين ارتكبت ثلاثة جرائم منها فقط، أما البقية فلم تكن تشعر خلالهم بأي شيء، عمومًا، ومراعاة للحالة النفسية التي كانت تعاني منها كريستين، اكتفت المحكمة بسجنها للأبد، والحقيقة أن تفاصيل الحكم تقضي بالمؤبد لثلاث مرات، لكن ذلك الأمر غير ممكن عقلًا، وأصلًا لم يُرضي الحكم أهالي المرضى الذين قتلتهم تلك الممرضة بدم بارد.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

عشرين + 17 =