تسعة مجهول
كروغلن جرانغ
الرئيسية » جريمة » كروغلن جرانغ : منزل شهد تواجد مصاص دماء غريب الأطوار

كروغلن جرانغ : منزل شهد تواجد مصاص دماء غريب الأطوار

كروغلن جرانغ منزل غريب الأطوار يقع في المملكة المتحدة، وقد شهد ذلك المنزل المرعب أول تواجد لمصاص دماء في التاريخ، وذلك في عام 1871.

عندما نتحدث عن بريطانيا العظمى القديمة فإن أول شيء يجب أن يُثير دهشتك وغرابتك هو المنازل التي تتواجد بها، والحقيقة أن منزل كروغلن جرانغ ، بطل قصتنا التي سنذكرها الآن، كان كذلك من ضمن منزل بريطانيا العظمى، وقد كان أوج توهجه في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، ونحن هنا نتحدث بالذات عن عام 1871، حيث كان ذلك العام شاهدًا على واحدة من أغرب القصص التي تتعلق بمصاصي الدماء، ليس هذا فقط، بل إنه كذلك يُعد التوثيق الأول لظهور مصاصي الدماء حديثًا، حتى قبل أن يظهر مصاص الدماء الشهير دراكولا، وبعيدًا عن هذا الأمر فإن الأجواء التي عاشها المنزل كانت تستوجب تخليده في القصص والروايات والأفلام، وها نحن الآن نمارس نفس الدور حين نتحدث عن قصته الشهيرة، وما حدث به في الخريف الذي حل في العام 1871، فهل أنتم مستعدون لرحلة جديدة مرعبة؟

منزل كروغلن جرانغ

ببساطة شديدة هو منزل بُني في القرن الخامس عشر، وطبعًا بريطانيا لا تعرف شيء أكثر من المعمار، لذلك كان التقدم الشديد واضحًا في بناء هذا البيت وكل البيوت الأخرى الموجودة في هذا البلد العريق، وقد كانت بداية المنزل لعائلة تدعى آل فيشر، وهي عائلة ثرية بعض الشيء، كانت تسكن فيه وتتناقله أجيالها طوال ثلاثة قرون كاملة، لكن حدث أن عزمت العائلة على بيع المنزل وشراء آخر أكبر، والحقيقة أن هذا الأمر كان مُدهش جدًا، حيث لم يعتد أحد في بريطانيا على بيع منزله، لأنه أشبه بالتراث الذي يتم تناقله بين الأجيال، عمومًا، تم بيع المنزل وأغلقه مالكه الجديد بانتظار المستأجر.

حول منزل كروغلن كان ثمة مقبرة كبيرة، لكنها للغرابة لم تكن مُستخدمة، بمعنى أنه لم يكن هناك أحد يود دفن ذويه فيها، كان يدفنون في المقابر الغربية للبلدة، وأيضًا كان بجوار المقبرة كنيسة مهجورة وغير مستخدمة كذلك، وكأن كل شيء مُحيط بهذا المنزل كان مهملًا، عمومًا، شكل هذا البيت كان مميزًا بأحجاره الصفراء ونوافذه الخشبية، كان جميلًا وجاذبًا، عدا أن هجره لفترة من الوقت تسببت في ظهور بعض ملامح القِدم عليه، إلا أن عائلة كرانسول جاءت لتنهي كل هذا.

عائلة كرانسول تسكن كروغلن جرانغ

في يوم من الأيام جاءت عائلة مكونة من ثلاثة أشخاص تريد تأجير البيت، كان اسم هذه العائلة هو كرانسول، وكانت مكونة من ذكرين وأنثى واحدة، والجميع كان في سن الشباب، وطبعًا كانت العائلة الجديدة سعيدة للغاية بتأجيرها لواحدة من المنازل العريقة في بريطانيا، والتي لم يكن أحد يتوقع أصلًا أن يقوم أصحابها بتأجيرها، لكن على كلٍ تم الأمر، وأصبح المنزل ملك لأشخاص آخرين، وباتوا يستخدمونه أفضل استخدام ممكن، حيث أزالوا كل مظاهر القِدم وبعثوا فيه الحياة من جديد، كما أنهم كذلك قد تمكنوا من تكوين بعض العلاقات مع الجيران، كانوا سريعين جدًا في كل شيء إيجابي، وكانت السعادة تعبق قلوبهم، لكن، ما هي إلا أسابيع قليلة حتى ظهر الوجه الآخر لكروغلن جرانغ.

الرعب في كروغلن جرانغ

كانت واحدة من الليالي العادية في شتاء 1871، تناول الأشقاء الثلاثة طعامهم ثم ذهب كل فرد منهم إلى غرفته، فقد كانت الغرب في هذا المنزل كثيرة، ولم يكن من المعقول أبدًا أن ينام أكثر من شخص في غرفة واحدة وترك بقية المنزل خاويًا، عمومًا، وزعت الغرف ودخلت الشقيقة الصغرى اميليا غرفتها، كان المعتاد أنها تترك النوافذ مغلقة بما أننا في الشتاء، لكنها في تلك الليلة قررت أن تُبقيها مفتوحة بسبب تغلغل الحر بطريقة غريبة في هذا اليوم، وعلى ما يبدو أن قدرها كان أن تفعل ذلك لترى بعينها أغرب مشهد يُمكن أن تراه في حياتها.

عندما ذهبت اميليا إلى النافذة لمحت وسط الزرع المحيط بالمنزل عينين حمراوين، وطبعًا من المنطقي أن تكون تلك العيون لحيوان، حتى ولو كان حيوانًا غريبًا فهو في النهاية حيوان، لكن ما رأته اميليا كان مرعبًا بحق، حيث خرج بتلك العيون شخص غريب الأطوار، تسببت رؤيته في تسمر الفتاة في مكانها، لكن الأكثر إدهاشًا كان تحرك ذلك الشخص باتجاه غرفة اميليا، فما الذي كان ينوي فعله يا تُرى!

غريب الأطوار في الغرفة

أخذت اميليا تنظر في اندهاش إلى ذلك الشخص الذي ظل يقترب شيئًا فشيئًا من الغرفة حتى أصبح بداخلها بالفعل، وكأن اميليا كانت تشعر بالأمر، أو أن النظر له هو من جلبه إلى الغرفة، في كل الأحوال أصبح غريب الأطوار داخل الغرفة، لكن هذا ليس كل ما في الأمر، فإذا كنت تظن أنك سوف تصرخ فور رؤيتك لذلك المخلوق فأنت بالتأكيد مُخطئ، لأن اميليا عندما كانت في هذا الموقف لم تتمكن حتى من تحريك شفتيها، كانت الصاعقة مسيطرة سيطرة تامة عليها، وكان بمقدورك أن ترى جليًا الخوف الذي يتدلى منها، لكن تلك الحالة لم تستمر أبدًا عن ملامسة المخلوق لها.

اقترب ذو العينين الحمراوين من اميليا ثم وضع فمه على رقبتها وعضها، وهنا انفلتت الصرخة أخيرًا من الفتاة، وبالتأكيد كانت الصرخة كفيلة باستدعاء كل الذين كانوا في البيت، وهم بالطبع الشقيقين، وما إن دخل أحدهم الغرفة حتى وجد شقيقته الصغرى تفترش الأرض بينما ثمة طيف لشيء ما يقفز من النافذة، لكن عند النظر والتفحص كان ذلك الشيء قد اختفى تمامًا عن الأنظار، وكان الشغل الشاغل هو معرفة ما جرى للفتاة المسكينة.

ما الذي حدث؟

هرع الأخوين إلى اميليا التي كانت في حالة يُرثى لها، في البداية تم إجراء الخطوات الطبية اللازمة لإيقاف النزيف، بعد ذلك تم مداواتها، وبعد ثلاثة أيام كاملة تمكنت أخيرًا من التحدث بصورة طبيعية، وقد قالت كل ما حدث لها أمام الأشقاء والجيران الذين تجمعوا لمعرفة ما حدث تلك الليلة، ففي النهاية الجميع جيران، ومن الوارد جدًا أن يكون الدور على أحدهم في المرة القادمة، وبالتأكيد لن يكون بإمكانكم تصور حالة الهلع والفزع التي بدا عليها الجميع، والذين كان أغلبهم يقولون في باطنهم أنهم يستمعون لفتاة مجنونة تهذي.

أكد أهالي القرية أنهم لم يسمعوا من قبل بمثل ما تحكي عنه اميليا، وإن كان ذلك قد حدث فعلًا فربما يكون شيء آخر غير الذي تظنه الفتاة، ربما يكون مثلًا أحد المجانين الذين يعيشون في مصحة نفسية خلف الكنيسة، بمعنى أنه قد هرب ثم ساح ينشر الرعب والخوف، وطبعًا هؤلاء لا وزر عليهم أو مسئولية، ففي النهاية هم مجرد مجانين، عمومًا، مهما كان السبب فإن ما حدث قد حدث وألقى بظلاله في النهاية على الفتاة المسكينة اميليا.

رحلة من أجل الاستشفاء

كانت اميليا مصرة على أن ما شهده كروغلن جرانغ في هذه الليلة لم يكن طبيعيًا بالمرة، كانت تنام وتستيقظ في فزع وكأنها قد رأت في المنام شيء يتعلق بهذا الصدد، وطبعًا لم يكن شقيقيها يتركاها حتى تجن، ولهذا اقترحوا عليها الذهاب في رحلة من أجل الاستشفاء، وبالفعل ذهبوا في تلك الرحلة إلى سويسرا واستمروا لأكثر من ثلاثة أشهر رأوا فيها كل شيء جميل من شأنه أن يُنسي اميليا ما حدث لها في تلك الليلة، والحقيقة أن هذا الفعل قد ألقى بظلاله وتسبب في إراحة نفسية الفتاة، لدرجة أنها هي التي طلبت العودة من جديد إلى المنزل في إنجلترا، الأدهى أنها قد بدأت تشك في كونها هي من أخطأت التفكير، وأنه فعلًا لم يحدث شيء، بل هي مجرد تخيلات، ولهذا كان الجميع بالمنزل بالأسبوع التالي.

عودة مصاص الدماء

عاد الأشقاء الثلاثة إلى منزل كروغلن جرانغ ، مضى أسبوع واحد بخير، ذلك الأسبوع لم يحدث فيه أي شيء غير طبيعي بالمرة، ومع أول ليلة من الأسبوع الثاني تجدد الأمر عندما كانت اميليا بالقرب من النافذة، حيث رأت بعينها الرجل ذو العينين الحمراوين وهو يقترب من النافذة ثم يدخل غرفتها، لكنها هذه المرة كانت لا تزال قادرة على الصراخ، وبالفعل صرخات وتجمع الأشقاء الذين كان واحدًا منهم مستعدًا للمواجهة بحمل سلاح في يديه.

دلف الشقيقين إلى الغرفة ثم قفزا مباشرةً من النافذة، وهنا تم لمح طيب شخص غريب مجددًا، فأخرج صاحب السلاح سلاحه ثم صوب باتجاه قدمه ضربة صائبة، لكنها لم تكن كفيلة بإيقاف الرجل غريب الأطوار، والذي اختفى كالعادة بين الأشجار وكأنه لم يكن موجودًا بالمرة!

لا سبيل للصمت

هذه المرة لم يكن هناك أي داعي للصمت، فقد شاهد الشقيقين بأعينهما ذلك الكائن الغريب، وبدا جليًا أن الفتاة لم تكن تكذب أو تتوهم، وهنا تجمع أهالي القرية وقرروا البحث في الأماكن المجاورة، ثم اهتدوا إلى دخول المقبرة المجاورة للكنيسة ورؤية ما بها، فمنذ زمن بعيد وهم لا يدفنون بها دون سبب، والحقيقة أنهم عندما دخلوا شاهدوا الكثير من الغرائب والأهوال التي أثارت تعجبهم، وعلى رأسها تلك العظام الكثيرة التي كانت متناثرة في كل مكان بالغرفة بطريقة تبعث على الرعب، كما أن أغلب التوابيت كانت مفتوحة وفارغة عدا تابوت واحد كان مُغلق بإحكام، وعندما فتحه أهل القرية بالكاد كان ثمة صاعقة بانتظارهم، أو إن شئت قل معجزة، أجل، ما حدث كان معجزة بكل ما تعنيه الكلمة من معان.

مصاص دماء كروغلن جرانغ

كان ثمة جثة موجودة في التابوت المغلق، كانت جثة كاملة تمامًا، يبدو لك فور رؤيتها أنها قد دفنت اليوم أو بالأمس القريب على أقصى تقدير، لكن الكارثة أن ثمة رجل عجوز كان واقفًا وأكد على أن صاحب ذلك الوجه قد مات قبل ما يربو عن مئة عام، ليس هذا فقط، بل إنهم عندما قلبوا الجثة وجدوا مكان رصاصة في القدم اليسرى، وهي إن كنتم تذكرون تلك الطلقة التي أطلقها شقيق اميليا على الشيء الذي راءه، وهذا يعني ببساطة شديدة أن تلك الجثة هي ما تبعث الرعب في منزل كروغلن جرانغ !

كان الصمت هو الشيء الوحيد الحاضر في هذه الأثناء، الصمت المصحوب بالدهشة على وجه التحديد، لكن العجوز قد قاطع الصمت مرة أخرى واصفًا ما يحدث بأنه انبعاث لمصاص دماء يتغذى على دماء البشر، وإنه إذا تُرك هكذا فسوف يقوم بمهاجمة القرية وبيوتها كل مساء، ولهذا فقد اقترح شق صدره وإخراج قلبه وحرق، وبالفعل بعدما تم تنفيذ ما أمر به العجوز لم يُسمع بذلك المصاص من جديد ولم تُهاجم البيوت مرة أخرى، بمعنى أدق، انتهى كل شيء تمامًا!

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

6 + 17 =