تسعة مجهول
فيدل كاسترو
الرئيسية » جريمة » فيدل كاسترو : عدو الموت الأول وعدد من محاولات الاغتيال

فيدل كاسترو : عدو الموت الأول وعدد من محاولات الاغتيال

يقال إنه لا يوجد زعيم تعرض لهذا العدد من محاولات الاغتيال الفاشلة مثل فيدل كاسترو الزعيم الكوبي، ما مدى صحة هذه الأقاويل، ومن هو فيدل كاسترو بالضبط؟

فيدل كاسترو ، الزعيم الكوبي الشهير، والذي يُعد واحدة من الظواهر التي تستحق التأمل، ليس فقط لأنه أطول رئيس من حيث عدد سنوات الحكم، أو لأنه تقلّد أكثر من مئة منصب سيادي وحقوقي طوال مسيرته السياسية، بل لأنه قد حطّم الرقم القياسي في التعرض لمحاولات الاغتيال، حيث لم تمر أي سنة منذ دخوله المعترك السياسي دون أن يتعرض، وربما تكون معجزة، لكنها حدثت، لقد تعرض كاسترو لأكثر من 600 محاولة اغتيال، وباءت جميعها بالفشل، وكان من الطبيعي أن يتم تسمية كاسترو بعدو الموت الأول، أو الرجل الذي لا يموت.

فيدل كاسترو : القصة الكاملة للزعيم الكوبي الشهير

من هو فيدل كاسترو؟

اسمه الكامل فيدل أليخاندروا كاسترو، وُلد في الثالث عشر من أغسطس عام 1926 بإحدى قُرى كوبا الزراعية، وهو من أصل أسباني، حيثُ نزح والديه إلى كوبا قادمين من إسبانيا قبل ولادته بعامين، لينشأ كاسترو في بيئة زراعية لم تمنعه من تلقي تعليمه في المدرسة التحضيرية، قبل أن يلتحق بجامعة هافانا ليبدأ دراسة القانون حتى عام 1950، ويُصبح أول شخص في قريته يحصل على تعليمه كاملًا، أي أن كاسترو كان مُتفرّدًا منذ الطفولة.

فيدل كاسترو والدين

كان كاسترو كارهًا للمسيحية وغيرها من الديانات، حيث فضل الإلحاد مُنذ صغره، وبعد توليه الرئاسة أيضًا رفض مُقابلة وفد الكنيسة الذي كان من المفترض دعوته لرده إلى دينه، لكنه تمسك بإلحاده وأعلن أنه سيقضي ما تبقى من حياته دون الانضمام إلى دينٍ معين، بل ودون الاعتراف برب مُعين كذلك.

وربما يرجع ذلك إلى نشأته، فقد كان كاسترو طفلًا غير شرعي، أنجبته أمه الخادمة من سيدها المزارع، لذلك لم يتم الاعتراف بيه ورعايته كما يحدث باقي الأطفال، ولم يجد كاسترو من يأخذ بيده إلى الكنيسة ويُعلمه تعاليم الديانة المسيحية، بل قيل أن والدته فكرت في قتله بعد ولادته للتخلص من عبء تربيته، وربما لو فعلت ذلك لكانت كوبا كلها ستلعنها الآن، لأنها ستكون قد قتلت فيدل كاسترو، الذي أعاد بناء كوبا من جديد.

فيدل كاسترو والتعليم

في أثناء الطفولة وسنوات الدراسة ظل كاسترو منطويًا على نفسه وفي منأى عن الآخرين، لم يُكون صداقات ولم يدخل في علاقات حب مثل الباقيين، رغم ذلك كان متفوقًا في دراسته ومُحبًا للقانون، ومُلمًا بمواد الدستور الكوبي، حتى قبل التحاقه بالمحاماة ودراسة القانون، وكان ذلك الأمر يُعد غريبًا بعض الشيء، لكن الأغرب والأدهش، أن كاسترو التحق في البداية بكلية الطب انصياعًا لرغبة والدته، وقام بالدراسة فيها لعامٍ واحد، لكنه لم يستطع تقبلها، فقام بالتحويل إلى حيث وجد عشقه، إلى الكلية التي بدأ منها رحلته السياسية، إلى كلية الحقوق.

رحلة كاسترو في السياسية

بدأ فيدل كاسترو رحلته السياسية فور تخرّجه من الجامعة، فمنذ انتهاء الحياة الجامعية وهو يطمح في دخول البرلمان الكوبي، وكان قريبًا جدًا منه للباقته وقَبُوله عن الناس، إلا أن الانقلاب الذي حدث في هذا الوقت من قِبل القائد العسكري فولغينسو باتيستا أطاح بكل آماله، وألغى الانتخابات النيابية وعطل الدستور.

لم يتقبل كاسترو ضياع حُلمه بهذه السهولة، فقام بتشكيل الحركات المُعارضة ونظم الكثير من الاحتجاجات، وعندما لم تُجدي تلك الاحتجاجات نفعًا لجأ كاسترو إلى استخدام العنف، حيثُ شكلّ قوة احتجاجية وهاجم معسكرات الجيش، لكنه لم يكن جاهزًا هو وحركته بما فيه الكفاية، فتم صد الهجوم وقتل أكثر من ثمانين شخصًا واعتقال البقية، بما فيهم كاسترو، والذي تم الحكم عليه بالسجن المُشدد خمسة عشر عامًا، كان هذا في عام 1950، ولاح في الأفق أن رحلة كاسترو نحو السُلطة قد انتهت عند ذلك الحد، لكنها في الحقيقة كانت قد بدأت.

فيدل كاسترو يصل للحكم

في عام 1955 وفي قرارٍ مُفاجئ تم إطلاق سراح كاسترو وإرساله رفقةً مع أصدقائه في الحركة الاحتجاجية إلى المكسيك، وهناك انضم كاسترو إلى حركة 26 يوليو التابعة لفيديل كاسترو شقيقه، وعاد مرة أخرى من المكسيك إلى كوبا عبر البحر، ونجحت الحركة في السيطرة على المناطق العسكرية في البلاد، وبتأيدٍ من الشعب عزل كاسترو الرئيس الكوبي فولغينسو بايتستيا وعيّن نفسه رئيسًا للوزراء، وبعد عامين أصبح رئيسًا للجمهورية.

توطيد العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية

كان فيدل كاسترو يعرف أن الولايات المتحدة الأمريكية هي القوى العظمى في هذا الوقت، خاصةً مع اندثار ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، وكان يخشى أن تُحارب الولايات المتحدة الأمريكية الثورة في مهدها وتُهدد حُكمه، لذلك سعى منذ يومه الأول نحو تطويع سياساته مع سياسات الولايات المتحدة، كما عيّن رئيس وزراء برجوازيًا على هوى السلطة الأمريكية، حتى أرسلت له مُمثلين من البيت الأبيض في اعتراف رسمي بحكمه للبلاد.

فيدل كاسترو والشيوعية

منذ اللحظة الأولى سعى كاسترو إلى تطبيق النظام الشيوعي، فقد كان كاسترو ورفيقه جيفارا من أشد أنصار الشيوعية، بل كانا من المؤسسين الأوائل للحركة الشيوعية، ويرون أنها كانت بمثابة رفيق لكفاحهما ورحلتهما نحو السياسة والسُلطة، لذلك حرصا منذ الوهلة الأولى على إرساء مبادئ الشيوعية وتعميمها.

الهروب من الموت

سواء كان فيدل كاسترو ناجحًا أو فاشلًا فإنه بالطبع يمتلك أعداء، يتمنون موته كل لحظة، لكن كاسترو قد تخطى الرقم القياسي في عدد الأعداء الذين يُحاولون موته، حيث دخل كاسترو موسوعة جينيس في عدد محاولات الاغتيال الفاشلة والتي تخطت الست مئة محاولة، كلها أسفرت عن إصابات طفيفة لم تطور أبدًا إلى الموت، مما جعل كاسترو يستحق عن جدارة لقب عدو الموت الأول، أو الرجل الذي يُعرف بقدرته على الهروب من الموت.

فيدل كاسترو والمرض

بدأ فيدل كاسترو رحلته مع المرض عام 1990، وتدهورت الحالة إلى نزيف داخلي في المعدة والأمعاء، وقال الأطباء أن هذا الأمر حدث بسبب تعرض لتقلبات تؤدي إلى بعض الأزمات العصبية، وتم نصحه بالابتعاد قليلًا أمور الحكم، خاصةً مع تجاوزه عامه الثمانين، لكنه لم يستمع لهم مُتخوفًا من حدوث انقلاب على الرئيس الجديد، بل وتم إخفاء هذه المعلومات عن الشعب، وبعدها بيومين تعرض كاسترو لحادثة اغتيال نجى منها بأعجوبة.

التخليّ عن الحكم

قضى كاسترو في الحكم ما يقرب من خمسين عامًا، مارس فيها عمله رئيسًا للحزب الشيوعي والدولة، وأعطى كوبا مكانة أخرى غير التي كانت عليها في النصف الأول من القرن العشرين، وأصبحت واحدة من الدول اللاتينية المرموقة، مُتخطية بذلك دول عريقة صديقة لها كالمكسيك والبرازيل.

في نهاية 2006 تعرّض كاسترو لوعكة صحية شديدة، أدت إلى تدهور صحته على مدار تسعة عشر شهرًا، وعندما شعر كاسترو أنه لم يعد قادرًا على قيادة البلاد تخلى عن الحكم لصالح أخيه، كان هذا في التاسع عشر من فبراير عام 2008، وكان قد مرّ على حكمه تسعة وخمسن عامًا و558 يومًا.

كاسترو المُثير للدهشة

إن ما يجعل فيدل كاسترو مُثيرًا للدهشة والجدل هو حصوله على عدة جوائز من مؤسسات دولية في السلام، في حين يعتبره البعض ديكتاتورًا قام بالعديد من الانتهاكات، وتسبب في هجرة أكثر من مليون كوبي بسبب سياسته الفاشلة، وهو أمر يتنافى مع مدح أنصاره له واعتباره مُنقذًا لكوبا من التدهور الاقتصادي.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

ثلاثة + 20 =