تسعة مجهول
فوج نورفلوك
الرئيسية » الغاز » الكتيبة المقاتلة المسماة فوج نورفلوك وحادثة اختفائها الغامض!

الكتيبة المقاتلة المسماة فوج نورفلوك وحادثة اختفائها الغامض!

فوج نورفلوك كتيبة مقاتلة تابعة للجيش البريطاني اختفت خلال الحرب العالمية الأولى عام 1915 بتركيا، وقيل في حادثة الاختفاء تلك الكثير من النظريات والتفسيرات.

تُعتبر حادثة اختفاء فوج نورفلوك واحدة من أبرز حوادث الاختفاء التي حدثت خلال القرن العشرين، خاصةً وأن ظروف وملابسات هذه الحادثة لم تكن طبيعية بالمرة، وقد تسببت هذه الواقعة في توتر العلاقات بين بريطانيا وتركيا، فالأولى كانت تتهم الثانية بإلقاء القبض على ذلك الفوج وأسره، لكن الحقيقة التي أوضحها الشهود على الواقعة أثبتت أن الأمر كان خارجًا عن النطاق البشري، عمومًا، في السطور القادمة سوف نتعرف سويًا على الملابسات الكاملة لحادثة اختفاء فوج نورفلوك، وهل لتركيا دور فيها حقًا، أم أن الأمر يتعلق بما هو أغرب من ذلك بكثير؟

فوج نورفلوك

باعتبار أن بريطانيا كانت دولة عظمى في ذلك الوقت، وباعتبار أن العالم كله كان عبارة عن منطقة حرب صغيرة، لذلك كان من الطبيعي جدًا أن تتواجد قوات بريطانية على أراضي تركيا، خاصةً وأن كلا الطرفين كانا ضمن أطراف الحرب العالمية الأولى، ومن هنا جاءت مبررات تواجد فوج نورفلوك، والذي كان مصدرًا للغز فيما بعد.

تواجد فوج نورفلوك لم يكن حدثًا بارزًا قبل الاختفاء، فكثير من الأفواج الحربية البريطانية كانت تتواجد على الأراضي التركية في نفس الوقت، الفكرة فيما حدث بعد ذلك التواجد، والذي لفت أنظار العالم بأكمله، هذا على الرغم من حالة الحرب التي كان الجميع منغمسًا فيها بهذا الوقت، ولا بد أنكم تسألون الآن ما الذي حدث بالضبط؟

ما الذي حدث بالضبط؟

ما حدث في الحقيقة لم يكن ليوصف إلا بالمعجزة، ولولا أن عمال بأحد الشركات النيوزيلندية كانوا بالقرب من فوج نورفلوك، أو على الأقل في مكان يسمح لهم برؤيته، لما استطاعوا توثيق تلك اللحظة التاريخية، وما كان اللغز لا يزال قائمًا حتى الآن يبحث عن تفسير منطقي له.

يقول الشهود التابعين للشركة النيوزيلندية أنهم شاهدوا ذلك الفوج وهو يتحرك بخطوات مارش عسكرية، كان أمرًا منطقيًا وطبيعيًا بالنسبة لهم بكل تأكيد، لكن بعد بضع خطوات أتت غيمة كبيرة واستقرت فوق الجنود للحظات حتى اختفوا تحتها، وبالرغم من أن وجود الغيوم في تركيا أمر طبيعي إلا أن ما حدث عن انقشاع الغيمة لم يكن طبيعيًا بالمرة، حيث أقسم العمال المُراقبين للواقعة أنهم مع اختفاء الغيمة اكتشفوا أن الكتيبة بأكملها قد اختفت، وكأن الأرض قد انشقت بهم، أو أن السماء قد انفرجت لبرهة واختطفتهم.

ما بعد الاختفاء

بالتأكيد الدقائق التي تلت الاختفاء كانت دقائق دهشة وذهول من قِبل عمال الشركة النيوزيلندية، لكن، بعدما استفاقوا قاموا على الفور بالبحث في المناطق المُحيطة بمكان اختفاء على أمل أن يكون كل ما يدور بأذهانهم مجرد أوهام، لكن الأوهام الحقيقية كانت بمرور هذا الأمر وكأنه شيئًا لم يكن.

على الفور تم إبلاغ القيادة البريطانية بما حدث في تركيا، والحقيقة أن ردة الفعل الأولى التي صدرت من القيادة لم تكن مُنصفة لهذه المعجزة، فقد تعاملوا مع الأمر بكل هدوء ورجحوا كذب هؤلاء الشهود وتزييفهم، الأدهى من ذلك أنهم عندما تأكدوا من اختفاء فوج نورفلوك بالفعل لم يُفكروا سوى بشيء واحد فقط، وهو أن الجيش التركي قد أقدم على ارتكاب حماقة، وأنه بالتأكيد سيندم عليها خلال الحرب.

إرسال فرق البحث

في البداية نادت الأصوات العاقلة بالتعامل مع قضية اختفاء فوج نورفلوك تعاملًا منطقيًا، يبدأ بالبحث الجيد والأخذ بشهادة عمال الشركة الذين راقبوا الحادثة منذ بدايتها، وبالرغم من عدم اقتناع أغلب المسئولين بهذا الرأي إلا أنهم قد أرسلوا بالفعل فرق للبحث عن فوج نورفلوك بالقرب من الأماكن التي حدث فيه الاختفاء، والتي يمكن أن يكون جنود الفوج قد استقروا بها، ومع عدم العثور على أي شيء تطور البحث من البحث عن الفوج إلى البحث عن جثث الأشخاص الذين كانوا في الفوج، أي أنهم وببساطة شديدة قد رجحوا أن يكون مكروهًا ما قد نزل بأصحابهم، لدرجة أنهم أخذوا يبحثون في البحار والبرك القريبة من المكان، ولما لم يتوصلوا إلى أي شيء عادوا لقولهم الأول من جديد.

اتهام الحكومة التركية

على الفور اتهمت الحكومة البريطانية نظيرتها التركية بالتسبب فيما حدث لفرقتهم أو كما تُعرف باسم فوج نورفلوك، والحقيقة أنه لم يكن مجرد اتهام عبثي، وإنما كانوا مُتيقنين جدًا منه، لدرجة أنهم أخذوا يتفاوضون في الأمر ويعرضوا تبديل أسرى أتراك بذلك الفوج، كل هذا والحكومة التركية لا تزال مُصرة على أقوالها، لم نتعرض لأحد بسوء.

تصاعدت القضية سريعًا وأصبحت قضية دولية، فلم يكن من المنطقي أبدًا أن يُختطف فوج تابع لأعظم دولة في هذا الوقت، وهي بريطانيا، دون أن يتم التوصل إلى حقيقة مع حدث، بل إن الأدهى من ذلك أن يكون ذلك قد حدث في دولة تخوض معها الحرب العالمية الأولى، أي أن الأمر يُمكن اعتباره هزيمة معنوية، عمومًا، مع البحث والمفاوضات وتأكد الجميع من أن جديدًا ما لن يحدث، وأن الحقيقة تكمن في أنه ليس هناك يد لأي بشري فيما حدث لذلك الفوج، بدأت الأصوات العاقلة في التفكير من جديد للتوصل إلى تفسير منطقي لما حدث.

نظريات وتفسيرات

في الحقيقة لا تُعتبر حادثة اختفاء فوج نورفلوك الأولى من نوعها، فمنذ ثلاثة قرون بدأت حوادث الاختفاء في الظهور، بل وأصبحت تحدث بشكل متكرر، لكن المُثير في اختفاء فوج نورفلوك أنه كان فوجًا كاملًا مكونًا من عدد كبير من الجنود وأعضاء الفوج بشكل عام، وهذا يختلف كثيرًا عن باقي الحوادث، والتي يكون بطلها شخص واحد فقط، يختفي في ظروف غامضة ويُصبح محل اهتمام لفترة ثم ينتهي الأمر، على كلٍ، ثمة بعض النظريات التي خرجت بعد الحادثة، والتي تتمحور النظرية الأولى فيها حول فكرة الاختفاء الغامض المُتكرر.

التبخر إلى السماء، التفسير

بالرغم من عدم منطقية هذا التفسير إلا أنه يُعد التفسير الأول بين كل التفسيرات، خاصةً مع شهادة عمال الشركة، فليس هناك بد من التسليم بأن الغيمة التي استقرت فوق رؤوس أفراد فوج نورفلوك قد احتوتهم وصعدت بهم للسماء على هيئة التبخر، تمامًا مثلما يحدث مع مياه البحر قبل أن تعود من جديد كأمطار، لكن عودة أفراد فوج نورفلوك لم تحدث بعد، عمومًا، إذا سلمنا بكثرة الأحداث الغريبة بهذا العصر وعلى رأسها حوادث الاختفاء فإن هذا التفسير يظل موجودًا، وبقوة.

غدر الأتراك، التفسير الثاني

التفسير الثاني لما حدث لأفراد فوج نورفلوك هو التفسير الأكثر منطقية وواقعية بالتأكيد، فهو القائل بأن الجنود الأتراك قد ألقوا القبض على فوج نورفلوك وقتلوا أفراده أو على الأقل زجوا بهم في السجن، لكن ذلك الاحتمال يُبعده ما أقسم عليه الأتراك بأنهم لم يتعرضوا لذلك الفوج من قريب أو بعيد، كما أنه كذلك لا توجد مصلحة لإنكار مثل هذه الأمور لأنها وقعت في وقت حرب، ومن الطبيعي أن تحدث مثل هذه الأمور في أوقات الحروب، عمومًا، لا يزال لغز اختفاء فوج نورفلوك قائمًا وبقوة حتى الآن.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

اثنان × ثلاثة =