تسعة مجهول
ظاهرة الإيمو
الرئيسية » ظواهر » ظاهرة الإيمو : ما هي ثقافة الإيمو أو الإيموز وهل هم مجانين؟

ظاهرة الإيمو : ما هي ثقافة الإيمو أو الإيموز وهل هم مجانين؟

بدأت ظاهرة الإيمو منذ عدة سنوات، ورغم أنها لم تعُد تحظى بشعبية كبيرة كما كانت، إلا أن هناك قطاعات عريضة من المراهقين ما يزالون يؤمنون بها.

ظاهرة الإيمو ظاهرة قديمة حديثة، أي أنها موجودة في سن المراهقة منذ بدء الحياة البشرية، لكن لم يتم الالتفات لها وتصنيفها ومحاولة تحاشيها إلا في الأيام الأخيرة، والواقع أن التطور الهائل الذي حدث لهؤلاء الأشخاص الذين يُعانون من هذه الظاهرة كان السبب الرئيسي في هذا العناء الشديد بها، فقد وصل الأمر إلى الانتحار، بعدما كانت ذروة الأمر مجرد اضطراب نفسي، لكن، قبل أن نخوض في نتائج هذه الظاهرة دعونا أولا نتعرف عليها ونعرف أعراضها وأنواعها، ببساطة، دعونا نعرف كيف نحمي أبناءنا من خطرٍ مُحدق يقترب منهم.

تحليل ظاهرة الإيمو من الألف إلى الياء

ما هي ظاهرة الإيمو ؟

الإيمو ليسوا جماعة سرية أو طائفة، فهم يتشكلون علنًا دون ترتيبٍ أو إعدادٍ مُسبق، وكلمة إيمو في الأصل اسم مترجم بالإنجليزية لفعل في اللغة العربية وهو الانفعال، وقد كانوا في بداية الأمر يُطلقون هذه الكلمة على أشياء كثيرة كارتفاع درجات السلم الموسيقية والانفعال المُفاجئ، ثم أصبحت بعد ذلك تُطلق على جماعة الإيمو ومن يندرجوا تحتها فقط، ويُقال أن هذا الإطلاق بدأ العمل به مطلع القرن التاسع عشر، وتحديدًا عندما بدأت الحروب في التفشي وغيرت أيدلوجية البشر.

صفات جماعة الإيمو

الغرابة ليست هي أهم ما يُميز جماعة الإيمو، فهم يتصفون أيضًا بالشعر الطويل والملابس الداكنة، فعضو الإيمو قد يظل لأكثر من خمس سنوات دون أن يجعل المقص يمس شعره، وهذه السنوات الخمس هي التي يكون فيها المراهق عضوًا في الجماعة، وتحديدًا من الثالثة عشر حتى السابعة عشر، ومن يتجاوز هذا السن يجد نفسه فجأة غير قابل بقناعات الجماعة ولديها رغبة مُلحة بالانفصال عنها، وبالفعل يحدث الانفصال.

المقصود بالداكن عند جماعة الإيمو هو اللون الأسود فقط، وربما يُعد ذلك الوصف الأمثل لحالتهم التي يعيشونها أغلب الوقت، كما انهم لا يستمعون إلا للأغاني ذات الكلمات الحزينة، ولا يهتمون بشعرهم ويتركونه حتى يُغطي أعينهم، فيبدو وكأنه يقول أن الإنسان من داخله لا من خارجه.

التشاؤم والحزن والصمت والخجل والاكتئاب، كل هذا وأكثر موجود في جماعة الإيمو، فلا أحد فيهم يُفكر في شيء بخلاف الانتحار، وربما هذا ما يؤكده ارتفاع نسبة أعداد المنتحرين من فئة المراهقين، هؤلاء ببساطة هم الإيمو.

أنواع الإيمو

الإيمو ككل شيء موجود في عالمنا، له أنواع كما له صفات، لكن، بالبحث خلف طائفة الإيمو تبين أن لها نوعين فقط، والنوعين بعيدين كل البعد عن بعضهما.

النوع الأول من الإيمو هو الإيمو الحقيقي، أي الذي يُطبق كل ما تنص عليه مبادئ طائفة الإيمو من قصة شعر وملبس وباقي الأشياء الحسية كالشعور بالذنب على أبسط الأشياء والتفكير في الانتحار كلما سنحت الظروف، وهؤلاء كما اسلفنا هم من يُمثلون العصب الحقيقي للجماعة ويُعول عليهم بصورة كبيرة.

أما النوع الثاني من الإيمو فلا يُعول عليه أبدًا لأنه ببساطة ليس فعلًا أو حقيقيًا، بل مجموعة من الأطفال والمُراهقين الذين ينساقون خلف كل ظاهرة جديدة دون الإمعان فيها ومعرفة فوائدها أو أضرارها، وهؤلاء لا يلتزمون سوى بالقواعد الخارجية للإيمو فقط، حيثُ يلبسون من نفس ملابسهم ويقصون شعرهم نفس القصات، لكن فيما يتعلق بالأشياء الحسية كالإقدام على الانتحار مثلًا فهم غير موجودين بالمرة، ولا يتأثرون أبدًا، أي يُمكن القول أن دورهم ينتهي عند ذلك الحد، وهو في الحقيقة أمر الجيد، لأن السيطرة على هذا النوع واحتواءه أمر ممكن جدًا، بخلاف النوع الأول الذي قد لا يعود لحالته أبدًا.

معتقدات خاطئة عن ظاهرة الإيمو

هناك كثير من المعتقدات الخاطئة المأخوذة عن الإيمو وهي في الحقيقة غير موجودة بالمرة، منها مثلًا القول بأن تلك الطائفة مُلحدة، وتعبد الشيطان، وهذا بالطبع غير صحيح، فكل عضو في الإيمو ينتهج دين معين كالإسلامي أو القبطي أو اليهودي، ويمكن في قليلٍ من الحالات أن يُشكك في هذا الدين وينفر منه، لكن أن يعبد الشيطان ويُطيعه فهذا أمر غير صحيح، تمامًا كما هو الحال بالنسبة للقول بأن كل الأعضاء مثليين، وهذا لبس لا أكثر، لأن الإيمو شواذ الفكر فقط، فهم يرون ما لا يراه الأشخاص العاديين ويعتقدون به، كأن الحياة مثلًا لا طائل منها وأن الإنسان لا لزوم لوجوده على هذه الأرض، وهكذا.

الإيمو أيضًا لا يتعاطون المخدرات، وهذا قول يتم تكراره بكثرة حتى يكاد يكون حقيقة مطلقة، فلا ربط أصلًا بين الشيئين، فالإنسان العادي يُمكن أن يتناول المخدرات لحاجة في نفسه، وليس معنى أن شخص من الإيمو قام بتناولها أنها قاعدة وشرط عند الطائفة بأكملها، ولن نبالغ إذ نقول أن الإيمو يحظرون المخدرات على أفراد جماعتهم، فهي تتنافى كليًا مع معتقداتهم وآرائهم.

الأدهى من كل ذلك، أن بعض الدول قامت مؤخرًا بإلقاء القبض على كل من ينتمون لطائفة الإيمو وزجت بهم في مصحة عقلية، وهي دول كبيرة مثل المكسيك وروسيا، فلديهم يقين كامل أن هؤلاء ما هم إلا ثلة من المجانين لا يجب أن يختلطوا مع عامة الناس حتى لا يُأثروا فيهم، وهذا بالطبع غير صحيح، ففرد الإيمو يصل إلى ما يصل إليه بعد أن يكون قد وصل إلى مرحلة كبيرة من التفكير والتدبر، بغض النظر عن هذا التفكير خاطئ أما مُصيب، لكن الشيء المؤكد أنهم ليسوا مجانين بالمرة، وكان من الأولى على هذه الحكومات أن تقوم بتوعية الأهالي والأطفال في المدارس حتى لا ينخرطوا داخل الإيمو مستقبلًا، فما فعلوه أشبه بقتل المرضى لا المرض، لكن دول أخرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية مثلًا تُعالج الإيمو بطرق وأساليب حديثة يُمكن من خلالها اجتثاث الظاهرة من جذورها، وهذا ما اقتربوا منه بالفعل.

الإيمو وعلم النفس

لدى علم النفس رأي مُغاير بالإيمو، رأي يكاد يختلف عن كل المهولين والمذعورين من ظاهرة الإيمو، وهو أن الإيمو مُجرد ظاهرة يمر بها كل مراهق في الجيل الحالي، الفارق الوحيد هو درجة التأثر التي تتفاوت من مراهق إلى آخر، فهناك من يسقط في الطائفة ويتأثر تأثرًا كاملًا، وهناك من يمر عليها مرور الكرام ويظل على الحافة حتى يتجاوز مرحلة الخطر وهي سن السابعة عشر.

علم النفس يقول أيضًا أن المراهق حين يبلغ الخامسة عشر تتكون لديه عدة تساؤلات أهمها ماهيته ودوره في هذا المجتمع والهدف من حياته، وعندما لا يجد أجوبة لكل هذه الأسئلة يبدأ في الانهيار ويشعر بأن الحياة كلها قد اكتست بالسواد ويُفكر جديًا في الانتحار، وبمجرد أن يُفكر في الانتحار أو يُقدم عليه يتم تصنيفه على أنه فرد من الإيمو، وهنا تكمن المشكلة، التي يُمكن تفاديها بإشعار هذا المراهق بدوره وتوعيته وإرشاده إلى الهدف من وجوده وما يُمكنه تحقيقه.

لماذا تُعد ضربًا من الجنون؟

ظاهرة الإيمو تُعد ضربًا من الجنون لسببٍ واحد بسيط جدًا، وهو أن هذه الطائفة تشكلت لا إراديًا ودون ترتيب ومع ذلك أصبح لها كيان عالمي مُعترف به وبخطورته ويتم محاربته ومحاولة القضاء عليه بشتى الطرق، كما أن الجنون يمتد إلى كونها تنتهي لا إراديًا بمجرد بلوغ المراهق سن السابعة عشر، أو بمعنى أدق، وقت إعدام الإيمو داخليًا.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

1 تعليق

خمسة × أربعة =

  • المشكلة لما يتم تبنيهم من قبل جماعات منظمة خارجية ويتم توجههم من خلالها للإضرار بالآخرين أو بأنفسهم