تسعة مجهول
روبن هود
الرئيسية » جريمة » روبن هود : تعرف على قصة اللص الشريف الأشهر في التاريخ

روبن هود : تعرف على قصة اللص الشريف الأشهر في التاريخ

من منا لم يسمع عن روبن هود وعن مساعيه لتحقيق العدل عبر السرقة ومهاجمة الأغنياء، هنا نستعرض قصة روبن هود التي لم تسمعها في مكان آخر.

روبن هود جاء لتحقيق حلم العدل كما يقال، فالحلم السائد بالعدل لم يتحقق في هذا العالم قط ولن يتحقق أبدًا، لو ساد العدل واختفى الفساد وصار العالم كله في حالة سعادةٍ ومتعةٍ ورخاء فاعلم أنها النهاية وأن الدنيا على وشك الانتهاء، لكن ذلك لم يمنعنا قط من الحلم ولم يمنع عالم الأساطير من أن يجد لنا أسطورةً مضيئةً مثيرةً تحكي عن أن العدل سائد، ستعرف كيف ساءت حال عالمنا عندما يصبح العدل ومخالفة القانون هو الطريق الصحيح، وعندما يصبح الطريق الصحيح واتباعه أسطورة، من منّا قادرٌ على مخالفة القانون وتعريض نفسه للمطاردة والمطالبة برأسه فقط كي يحقق العدل ويساعد المساكين لا لكي يدعم فكرته الخاصة وقناعته الشخصية، وهل كانت فكرة روبن هود عن العدل غير صحيحة وقناعةً أقل من أن يحارب لأجلها؟ لا أظن ذلك لأنه لو كان الأمر بهذه الطريقة لما صمدت قصته كل ذلك الزمن وعبرت لنا عبر الأجيال والقرون وصارت اليوم قويةً فعالةً مؤثرةً مثلها مثل يوم وُجدت، روبن هود قاطع الطرق النبيل ورجل القانون الذي رأى القانون معوجًا فقوّمه باعوجاج قوسه، أول من مر على التاريخ جعل الجريمة سلاحه لتحقيق العدل، لسنا في صدد الحديث عن أرسين لوبين فتلك قصةٌ أخرى أما الآن فلنعد بالتاريخ للوراء، للوراء أكثر وأكثر فروبن هود يكاد يكون وُجد قبل أن يُوجد العالم نفسه.

روبن هود وقصة اللص الباحث عن العدل

الأسطورة والخيال

حين نحكي عن شيءٍ أو شخصٍ فنحن نعرف على الأقل ولو بالإحساس المغمور في قلوبنا إن كانت تلك القصة حقيقةً أم خيالًا، وإن كان المنطق قابلًا لها معترفًا بها أم أنها خرجت عن حدوده، لكن هل تصدقني لو قلت لك أننا وبعد مرور ما قارب الثمانية قرونٍ على أول مرةٍ جاء فيها ذكر روبن هود في التاريخ ما زلنا لا نعرف إن كان حقيقيًا أم من بنات الأفكار والخيال؟ هل تضايقك تلك الفكرة؟ إذًا دعني آسفةً أثير ضيقك أكثر بإخبارك أننا حتى لا ندري إن كان ما مر بنا عبر الزمن روبن هود واحد أم كان هناك العديد منه! أسطورةٌ تبدو تائهةً ضائعة لا أرض لها ولا سماء لكنها عاشت وستعيش ما ظل في هذا العالم ظلمٌ وفقرٌ وألم لأنها بصيص أمل اليائسين وقلب شعار كل الثائرين.

القصة

أول مرةٍ ظهر فيها روبن هود في التاريخ على الإطلاق كان في القرن الثالث عشر، لكنه لم يظهر كشخص وإنما ظهر كإشارةٍ وشخصيةٍ في الأدب والأشعار، ظهر كدليلٍ على الحنق والغضب والتمرد والثورة، ظهر كشعار اعتراضٍ رفعه كل من عانى وذاق مرارة الظلم ولسعة الفقر، تعود قصته للفلكلور الشعبي الإنجليزي حيث لم يكتفِ شاعرٌ ولا أديبٌ واحدٌ بذكره وإنما صار رمزًا في أدب الثوار والحانقين والغاضبين، تشير القصص ما بين التي تدعي أنه كان شخصًا حقيقًا أو القصص الخيالية إلى أن روبن هود كشخصية عاش في عهد الملك ريتشارد قلب الأسد في إنجلترا، بعضها قال أنه كان نبيلًا أودى به الحال للهرب والبعض الآخر قال أنه كان خادمًا لبعض النبلاء أو للملك نفسه، لكن القصص كلها تجمع على أنه تعرض للظلم والطغيان فواحدةٌ تقول أنه كان يصطاد ذات مرةٍ في الغابة ووقع غزالٌ في شباكه وكان الصيد في الغابة حكرًا على الملك فقط وكل الغزلان هي غزلانه، فحكم عليه بالإعدام لمخالفته القانون الجائر فهرب وتمرد، وقصةٌ أخرى تقول أنه كان صاحب أملاكٍ وضع الملك يده عليها وأخذها بالقوة منه استنادًا على قوانين ظالمة لا تمت للعدل بصلة فثار وغضب وتمرد وهرب لغابات شيروود.

غابة شيروود

من أكثر الغابات ذكرًا ومعرفةً في التاريخ وعلى لسان الأساطير لأنها الغابات التي اتخذها روبن هود موطنًا ومسكنًا له ومقرًا خرجت منه كل خططه، رأى روبن هود أن القانون لا يخدم سوى الملك والنبلاء وأنه لا يحقق شيئًا إلا أنه يزيد الأغنياء غنًى على غناهم ويزيد الفقراء فقرًا على فقرهم، فقرر تحويل ذلك وتغييره بنفسه وبدأت حملاته الشعواء في قطع الطرق والسطو على الأغنياء وأموالهم وقوافلهم وسرقتهم وسلب ما استطاع سلبه منهم وتوزيعه على الفقراء والمحتاجين، وكان يعرف من تعرض للظلم وبسبب ضعفه لم يستطع الوقوف في وجه من ظلمه فبدأ يأخذ الحقوق ويعود بها لأصحابها ويشفي غليلهم ممن ظلموهم، وعاش يصطاد من غزلان الملك كيفما شاء غير آبهٍ بالقانون الذي ظلمه مرةً لأنه حرره وصنع منه الشخص الذي هو عليه الآن، كان وحده في البداية لكن آخرين انضموا له مع الوقت وشكلوا معًا عصابةً أصابت كل أصحاب الحكم وحفظ الأمن بالجنون محاولين القبض عليهم والحد من تهديداتهم المستمرة للنبلاء، لكنهم كانوا يظهرون ويختفون في غمضة عينٍ بدون أن يقعوا في الشباك، رغم أن روبن هود كان قاطع طرقٍ ونشالًا إلا أن الحكايات والروايات تقول أنه كان عادلًا محبًا للخير طيب القلب وقبل كل ذلك كان نبيلًا في التعامل مع النساء والأطفال فلم يؤذ سيدةً أو طفلًا قط، وإنما كان يأخذ بثأره من الرجال وحسب وقيل أنه خلال حياته كلها لم يقتل سوى 20 رجلًا كلهم استحقوا القتل لفجورهم وظلمهم وتجبرهم.

الأسطورة يحب!

صدق أو لا تصدق وسواءً كان روبن هود شخصًا حقيقيًا أو قصةً خيالية لا يمنع ذلك من أن يجد حبه أو يوجد من اخترعوا أسطورته له ذلك الحب، جاء الحب متمثلًا في ملاكه الجميل ميدماريان حسب ما يروى عنها هي امرأةً قويةً جامحةً طامحة، لم تناسبها حياة القصور والترف والفساد لكنها عشقت حياة الغابة والمغامرة إلى جوار روبن هود وعصابته، البعض يقول أنها كانت خادمة لكن أغلب الروايات تقول أنها كانت سيدةً نبيلة مترفةً ومرفهة، لكنها كانت ضحية زواجٍ لم ترده وإنما كان للسياسة والمصلحة وحسب فاتخذت قرارها وعزمت على الهرب والتموطن في غابات شيروود مع حب حياتها روبن هود لتصبح السيدة الأولى في مملكته الصغيرة، بعض النساء لا تليق بهن حياة القيود التي تمتلئ بالمظاهر فجموحهن وشجاعة قلوبهن تجعل منهن أساطير تضيع وتخسر إن دُفنت بين جدران القصور، لم يُروَ عن ميدماريان الجمال الأخاذ أو الخلاب لكنها بالتأكيد كانت ذكيةً ونبيهة، حتى أن بعض المسرحيات التي كانت تحكي عن روبن هود مثل فيها بعض الرجال دور ميدماريان لإعطاء القوة والشجاعة والشهامة في الدور وجعل تلك الصفات تبرز على اللين والنعومة وخضوع الأنوثة.

النهاية

بالطبع هناك نهاية ومأساوية، بطلٌ كهذا لم يكن شيءٌ ليوقفه سوى الغدر والخيانة، تقول القصة أن روبن هود أصيب في إحدى الغارات وتعرض لجرحٍ عذبه فلجأ لإحدى قريباته الطبيبات يسألها العون والمساعدة، لكنها كانت خائنةً له فغدرت به في لحظة ضعفه وقطعت له عرقًا فأخذ ينزف منه حتى بدأت الروح بمغادرة جسده، صرخ لأصحابه فسمعوا صرخته وقيل أنه نفخ في بوقه الشهير فأتوا له لكنهم كانوا متأخرين وكان هو قد سلم الروح بعد أن أطلق سهمًا أخيرًا في مسيرة حياته المشرفة كلها، دفنه أصحابه في المكان الذي هبط فيه السهم وانغرس في الأرض لينتهي الشخص وتبقى القصة، يؤمن البعض أن روبن هود قصةٌ خيالية لكنها كانت قادرةً على إعطاء الأمل والقوة للثورة للكثيرين ما دفعهم للاقتداء به ومحاكاته والأخذ بقصته كمثالٍ لهم، فيحكي التاريخ عن بعض الرجال الذين عاشوا حياةً كحياته في العصور المظلمة من تاريخ انجلترا يحاولون رفع راية العدل بأي ثمن.

غفران حبيب

طالبة بكلية الصيدلة مع ميولٍ أدبية لعل الميل الأدبي يشق طريقه يومًا في هذه الحياة

أضف تعليق

ثلاثة × 4 =