تسعة مجهول
جرائم المدارس
الرئيسية » جريمة » جرائم المدارس : جرائم بشعة حدثت داخل أسوار المؤسسات التعليمية

جرائم المدارس : جرائم بشعة حدثت داخل أسوار المؤسسات التعليمية

جرائم المدارس هي تلك الجرائم التي وقعت داخل المدارس بصورة أو بأخرى وأحدثت ضجة كبيرة بخلاف تسببها في هز الصورة القدسية لتلك الأماكن، فما هي يا تُرى أهم الجرائم التي وقعت بالمؤسسات التعليمية وكيف حدثت من الأساس وما أسباب حدوثها؟

طبعًا لا خلاف على أن جرائم المدارس قد أصبحت الآن ظاهرة تفرض نفسها وبقوة في عالمنا، فبعض الناس لا يأخذون سوى فكرة نمطية وساذجة عن المدارس وعن كونها حرم تعليمي ملائكي، صحيح أن هذه الصورة هي الوضع الطبيعي الذي من المفترض أن يكون حاضرًا وقائمًا بالفعل لكن في نفس الوقت نحن لا نتحدث عن الصورة النمطية المعتادة وإنما ما هو موجود بالفعل وما تحولت إليه مدارس العالم في الوقت الحالي، لقد تغير كل شيء وهُدمت أغلب الثوابت، وربما ما سنقوله لكم في السطور القليلة المُقبلة سيكون أكبر دليل على ذلك، حيث أننا سنتعرض إلى أهم الجرائم البشعة التي وقعت في مثل هذه الأماكن وأسبابها، كما أننا سنتناول تلك الظاهرة بشكل عام لنعرف كيف حدثت وما هي أهم توابعها، فهل أنتم مستعدون لبعض المعلومات والأشياء الجديدة التي من شأنها هدم كل شيء نُفكر به حول المدارس؟ حسنًا لنبدأ في ذلك سريعًا.

مذبحة كلومباين الأمريكية

أشهر مذبحة من وجريمة من جرائم المدارس التي نتحدث عنها هي جريمة مدرسة ثانوية كلومباين الأمريكية الموجودة في ولاية كولورادو، وذلك في تاريخ العشرين من شهر أبريل في عام 1999، ففي هذا اليوم مات ما يزيد عن الإثني عشر قتيلًا بينما سقط ما يزيد عن العشرين جريحًا، كل هؤلاء كانوا يظنون قبل موتهم، وأثناء سماع طلقات الرصاص، أن الأمر مجرد خدعة يُجريها الطلاب المتخرجون من المدرسة، ببساطة، لم يكن أحد يتوقع أن مدرسة ثانوية سوف يدخل بها قتلة ويفتحوا النار على جميع الموجودين بها، وبالتأكيد أنتم الآن تعرفون تقييم عام لما حدث، لكن هل تعرفون ما الذي حدث بالتفاصيل؟ الإجابة بالتأكيد لا، وهذا ما سنبدأ في سرده الآن بالتفصيل.

التمهيد للكارثة

بدايةً دعونا نعرفكم بأسماء أبطال هذه المذبحة، وتحديدًا الأبطال ذوي الخلفية الشريرة، وهم في الواقع طالبين سابقين في المدرسة يُعرفان باسم هاريس وكليبوليد، حيث أن هذين الطالبين عندما عزما على فعل هذه الكارثة قاما بوضع قنبلة في مطعم يبعد عن المدرسة بحوالي ثلاثة أميال، كان المطعم بعيدًا عن المدرسة، ولم يكن أحد يتخيل على الإطلاق أن هذا التفجير الذي لم يُسفر عن أية ضحايا كان الغرض الرئيسي والأساسي منه لفت الانتباه أو بالأحرى جذب الأنظار إلى مكان آخر بخلاف الذي من المتوقع أن تحدث فيه كارثة عظيمة، لم يفهم أحد ذلك، وبالفعل تم جذب الأنظار إلى المطعم في تمام الحادية عشر صباحًا، ثم بعد ذلك توجه هاريس وكليبوليد إلى مدرسة كلومباين لبدء المذبحة الحقيقية، أو الكارثة.

جحيم مدرسة كلومباين

لم تكن هناك وتيرة لوقوع جرائم المدارس أعلى من تلك التي حدثت في مدرسة كلومباين، فقد اقتحم هاريس وكليبوليد المدرسة مع الاقتراب من الثانية عشر ظهرًا ثم وضعوا قنبلة لم تنفجر فاضطروا لإخراج الأسلحة معهم واستخدامها بطريقة عشوائية، لكن قبل ذلك قابل هاريس صديق قديم له من المفترض أنه يُحبه، ولذلك نصحه هاريس دون أية توضيح بأن يُغادر المدرسة سريعًا، وبالفعل استجاب صديق هاريس له وغادر، فقد شعر أنه يتحدث بطريقة جادة جدًا وأن كارثة ما على وشك التجهز للحدوث، لكن لم يكن يتخيل أبدًا ما سيحدث لاحقًا، عمومًا، عندما فتح هاريس وكليبوليد الحقائب وبدئوا في إطلاق النار انهار كل منطق يُمكن التفكير به في مثل هذه الظروف وبدا جليًا أن معجزة حقيقية تحدث في تلك المدرسة الثانوية.

بدأ إطلاق النار بصورة كثيفة، أخذ الجميع يصرخ ويركض كالفئران في الجحور، لكن ذلك لم يُثر أي مشاعر شفقة في المُختلين هاريس وكليبوليد، فقد أعملا القتل في الصغير والكبير مستغلين بذلك فارق التوقيت بين وصول الشرطة وزمن المذبحة الفعلي، والحقيقة أنه بعد انطلاق المذبحة بوقت قليل مر شرطي دورية بالصدفة بالقرب من المدرسة، وهناك صُدم من وجود جثة ظاهرة في فناء المدرسة، كانت جثة لفتاة، وكان الشرطي يعتقد أنها قد دُهست بطريقةٍ ما، لكن ما أن اقترب من الجثة حتى أتى وابل الرصاص من هاريس وكليبوليد اللذين كان يُسيطرا على الوضع تمامًا، أيضًا كانت هناك فتاة تمكنت من التواصل مع النجدة من غرفة الراديو لكنها كذلك لم تسلم من جحيم الرصاص الذي فُتح، كان جحيمًا حقيقيًا وكابوسي.

نهاية الجحيم

أخيرًا كانت نهاية الجحيم تتجهز للحدوث، ففي لحظة من اللحظات شعر هاريس وكليبوليد فجأة أن هذا القدر من القتل يكفي، أو أنه ربما يبقى فقط شخصين يستحقان تجرع الموت، لذلك قاما بإطلاق النار على نفسهما من خلال وضع البندقية أسفل فكهما ثم بدء الإطلاق، وطبعًا عنى هذا الأمر موتهما موتًا لا رجعة فيه، وفي هذه اللحظة بدأت المدرسة تتنفس أخيرًا وخرج الناس من الأماكن التي استتروا بها عند بدء إطلاق النار، والمريب هنا أنه لم يكن أحد يفهم دافع هاريس وكليبوليد من مثل هذه الجرائم، بل بعد نهاية كل شيء بدأت بعض النظريات في الخروج مثل تعرض هذين الشابين للتنمر أو شيء من هذا القبيل، في النهاية، كانت هذه الجريمة من أشد جرائم المدارس قسوة على الإطلاق.

مذبحة يوكيلا الفنلندية

بطل المذبحة هذه المرة هو بيكا إريك، شاب في الثامنة عشر يدرس في مدرسة يوكيلا الفنلندية الثانوية، ففي عام 2007 انتابت بيكا حالة من الجنون المفاجئ، مما جعله يقف في منتصف باحة المدرسة ويُشهر سلاحه، وبالطبع إشهار السلاح في المدرسة أمر لا يعي سوى حلول كارثة من العيار الثقيل، وهو ما حاولت مديرة المدرسة إيقافه بكل الطرق الممكنة، ففي البداية أمرت الطلبة بالاختباء وأخذ ركن مُحصن، ثم بعد ذلك ذهبت إلى بيكا وتوسلت له كيلا يفعل أي شيء مجنون يندم عليه، كانت تعتقد أنه يفعل كل ذلك فقط من أجل إخافة المُحيطين به، لكن لم تكن تتوقع أبدًا أن هذا الفتى قد جاء وهو يحمل الموت للكثيرين داخل هذه المدرسة، وعلى رأسهم تلك المديرة نفسها.

بلا أدنى رحمة أطلق بيكا إريك سبعة رصاصات في رأس المديرة أسقطتها قتيلة في الحال، ثم بعد ذلك بدأ الثور المجنون يطرق أبواب الفصول المغلقة في وجهه ويطلب من الجميع الثورة ضد هذه المدرسة وتحطيم كل شيء، كان يشعر بلذة مفرطة لمجرد كونه المُسيطر على حيوات الموجودين معه في المدرسة، وفي مرحلة من المراحل بهذه المذبحة لم يعد في قاموس بيكا التخويف، لذلك بدأ في إطلاق النيران بشكل عشوائي تمامًا حتى أسقط ما يزيد عن الثمانية قتلى والعشرة جرحى، كان جليًا أن ما يحدث في المدرسة جنون مطلق، وكان لزامًا على الشرطة إيقاف هذا الجنون وهذه الجريمة البشعة من جرائم المدارس .

نهاية المذبحة

طبعًا علمت الشرطة بوجود مذبحة في المدرسة، على الأقل سمع الأهالي والجيران المُحيطين بالمدرسة أصوات الرصاص وهي تُطلق حولهم، لكن الشرطة لم تكن على علم بما يحدث على وجه التحديد، وكانت تظن أنه ثمة مجموعة إرهابية قد اقتحمت المدرسة، ولذلك أرسلت ما يزيد عن المئة شرطي بخلاف مجموعات أخرى مخصصة في الاقتحام، ولكن كل ذلك لم يكن له أية قيمة، فبعد وصول الشرطة بدقائق قليلة توقف صوت إطلاق النار تمامًا، وكانت الدهشة حينها من نصيب الشرطة، كانوا يسألون، ما الذي حدث يا تُرى كي ينتهي ذلك الجنون؟

ما حدث ببساطة أن بيكا قد دخل الحمام وأطلق النيران على نفسه منهيًا حياته، وربما من الجنون أن يحدث نفس الأمر في كل الجرائم المشابهة وكأنها عمليات إرهابية ذات قيمة وهدف، والواقع أنه ليس هناك هدف على الإطلاق يُمكن التوصل إليه بشأن قيام شخص بقتل نفسه في قلب أحد المدارس، على كلٍ، لم تنتهي حياة بيكا في نفس اللحظة، وإنما استمر يُصارع حياته في المستشفى لعدة ساعات، وخلال هذه الساعات القليلة كانت وسائل الإعلام قد تكفلت بنشر الخبر في كل مكان، وكان الجميع ينتظر استفاقة بيكا حتى يسألونه عن دوافعه لهذه الجريمة المجنونة وكيف خطط لها، لكن هذا لم ينجح.

التأثر بالمخبولين هاريس وكليبوليد أهم جرائم المدارس

من الأشياء المجنونة التي اكتُشفت لاحقًا أن بيكا إريك كان متأثرًا تمام التأثر بأبطال أهم جرائم المدارس السابقة هاريس وكليبوليد، حيث كان يمتلك بعض الفيديوهات الخاصة بهم، أيضًا كان يتحدث مع أصدقائه طوال الوقت عن كون هذين الشابين ليسوا مُخطئين إذا كانوا فعلًا قد تعرضوا للتنمر، وربما هذا ما استند إليه بيكا عندما نفذ جريمته المجنونة، فهو يشعر أن كل شخص يتعرض للتنمر في المدرسة عليه الانتقام بطريقة وحشية، وهذا ما حدث مع هاريس وكليبوليد.

ختامًا عزيزي القارئ، جرائم المدارس ليست فقط تلك الجريمتين اللتين تم التحدث عنهما في السطور الماضية، وإنما هما فقط الجريمتين الأكثر جنونًا والأكثر شهرة في نفس التوقيت، لكن في واقع الأمر فإن الجرائم لا تتوقف عن إدهاشنا، سواء كانت متعلقة بالمدارس أو أي مكان آخر، فالنهاية تبقى الجريمة جريمة.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

خمسة عشر − تسعة =