تسعة مجهول
بيتر بلوكويتز
الرئيسية » غرائب » من هو بيتر بلوكويتز مصاص الدماء الذي تلذذ بشرب دماء ضحاياه؟

من هو بيتر بلوكويتز مصاص الدماء الذي تلذذ بشرب دماء ضحاياه؟

بيتر بلوكويتز مصاص دماء صربي ظهر في الربع الأول من القرن الثامن عشر، وقد تم اعتبار قصته من أعظم الأساطير الصربية والأكثر شهرة فيما يتعلق بمصاصين الدماء.

حظيت قصة مصاص الدماء الصربي بيتر بلوكويتز بضجة واسعة خلال القرن الثامن عشر والقرون التي تلته، حيث لم يكن من الطبيعي وقتها تواجد مصاص دماء حقيقي وليس مجرد بطل لأحد القصص الخيالية، بل أنه يقال إن أغلب القصص الخيالية المتعلقة بعالم مصاصي الدماء، خاصةً قصة دريكولا الشهيرة، قد استوحت من قصة بيتر بلوكويتز، والتي بالتأكيد تم تحريفها مع الوقت، لكنها بقيت مُحتفظة بجذورها المُرعبة كما هي، عمومًا، دعونا في السطور القادمة نتعرف سويًا على القصة الكاملة للغريب بيتر بلوكويتز، وكيف تحول بين عشية وضحاها إلى أشهر مصاص دماء في التاريخ، وهل فعلًا انتهت أسطورته أم ما زالت قائمة؟

من هو بيتر بلوكويتز؟

أولى مفردات أي قصة هي بطلها، وبطل قصتنا بيتر بلوكويتز ليس مشهورًا بالقدر الذي يُمكننا من خلاله استرجاع كتب التاريخ والتدوين ومعرفة كل شيء يتعلق بحياته التي سبقت دخوله في عالم مصاصي الدماء، وإنما يكفينا فقط أن نعرف بأنه قد وُلد في نهاية القرن السابع عشر وعاش في قرية صربية فقيرة تُدعى كيسيلوفا.

كان بيتر بلوكويتز مجرد مُزارع فقير، بالكاد يستطيع الحصول على قوته من الطعام والشراب، وقد كان الرجل متزوجًا وله طفلتين، والحقيقة أن تلك المعلومات السالفة هي كل شيء يُمكن معرفته فيما يتعلق بحياة بيتر بلوكويتز قبل موته، لأن قصته، وللغرابة الشديدة، قد بدأت منذ ذلك اليوم.

بداية القصة الغريبة

بدأت قصة بيتر بلوكويتز، أشهر مصاص دماء في التاريخ، باليوم الذي لفظ فيه أنفاسه الأخيرة، والواقع أن التاريخ لم يذكر لنا كيف مات هذا الرجل أو بأي سبب، لكن، ما ذُكر لنا، والذي لا يزال محفورًا في الأذهان حتى الآن، هو ما حدث من معجزات عقب وفاة ذلك الشخص الغريب.

دُفن بيتر في مقابر عائلته بصورة طبيعية جدًا، أبكته زوجته ثم عادت إلى بيتها مرة أخرى لاستكمال حياتها مع أطفالها، حتى أهالي قرية كيسيلوفا التي عاش بها بيتر بدأوا ينسون أمر وفاته، كان مجرد مزارع بسيط كما ذكرنا، وكانت بساطته هذه تحول دون مجرد التفكير فيه، لكنه، وبطريقة مرعبة جدًا، أجبر الجميع على التفكير به.

عودة بيتر بلوكويتز

على مدار التسعة ليالي التالية لموت بيتر بلوكويتز كان يتم العثور في كل مرة على جثة منزوعة الدم، كان الأمر غريبًا ومُحيرًا بحق، فهذه القرية بالذات كانت معروفة بطبيعتها المُسالمة وابتعاد أهلها عن الجرائم، لكن تكرار الحوادث أجبر أهالي القرية على التجمهر أمام منزل فرومبلاد، ذلك الموظف الذي تم تعينه مشرفًا على القرية، كان الأهالي يطلبون معرفة شيء واحد فقط، وهو هوية القاتل الذي يشرب دماء ذويهم.

في بداية الأمر لم يأخذ فرومبلاد كلام أهل القرية على محمل الجد، كان يعتقد أن معركة داخلية قد نشبت بينهم وتسببت في قتل بعضهم البعض، لذلك وعدهم متخاذلًا أن يرفع الأمر إلى القيادات، لكن، مع تكرار الجرائم، وعدم ظهور أي نية للكشف عن هوية القاتل، بدأ الأهالي مباشرة التحقيق والبحث بأنفسهم.

الكشف عن الجاني

بالتأكيد لكل حادثة جاني، وبالتأكيد أيضًا أن الأهالي عند بداية البحث وضعوا في اعتباراتهم أنهم يبحثون عن شخص له وجود وليس مجرد شبح، في النهاية هذا هو شرط ارتكاب جرائم القتل، أن يكون هناك قاتل ومقتول، لكن، بالنسبة لحالة بيتر بلوكويتز، لم يكن هناك وجود سوى للمقتول فقط.

كان الأمر غريبًا بحق، وقد وصلت الحيرة للدرجة التي جعلت أهالي القرية يتجمعون في مكانٍ واحد وينتظرون كيفية وقوع جريمة القتل التالية، بمعنى أدق، من أين سيأتيهم القاتل، لكن مع ذلك حدثت جريمة القتل في هذا الليلة، وكان ثمة تفسير واحد يجول بأذهان الجميع بلا استثناء، وهو أن القاتل ليس واحدًا منهم، ليس واحدًا من البشر أصلًا، لكن من؟ هذا هو السؤال الذي أجابت عليه زوجة بيتر بلوكويتز عندما شهدت بأن زوجها قد جاءها بعد موته وطلب منها الحذاء!

لغز بيتر بلوكويتز

كان الأمر أشبه بالصاعقة التي نزلت من السماء، فأهالي القرية بالتأكيد لم يكن في حسبانهم أن يكون القاتل الذي أذاقهم الويلات هو الشخص الذي دفنوه قبل أيام قليلة، ولم يكن في حسبانهم أصلًا أن يتحول بيتر بلوكويتز المزارع البسيط إلى مصاص دماء ينتقم من القرية، كان ثمة سؤال يكاد يقتلهم، لماذا ينتقم منهم بيتر من الأساس؟

تحرّك أهالي القرية مرة أخرى نحو الموظف المُعين من قِبل الحكومة، هذه المرة واجهوه بما توصلوا إليه من حقائق، والحقيقة أنه قد واجه هذا الأمر باستهتار أكبر مما واجههم به في المرة السالفة، كان مُتعلمًا ومُثقفًا، لذلك استبعد فكرة عودة البشر بعد موتهم، لكن ما حدث من أهالي القرية فيما بعد كان كفيلًا بحثه على التحرّك والبت في الأمر.

تبعات لعنة بيتر بلوكويتز

كان الاستهتار بالوضع هو السمة السائدة لدى المسئولين، لكن مع الوقت واستمرار لعنة مصاص الدماء الميت بيتر بلوكويتز بدأت الأمور تأخذ منحنىً آخر، فالقرية التي كان عدد سكانها في الأصل قليل، بدأ أهلها يتركونها فارين من اللعنة، حتى أن زوجة بيتر وأطفالها قد غادروا القرية أيضًا، وبالتأكيد عندما رأى الموظف المعين من قِبل الحكومة ذلك الخراب آثر التدخل وإنهاء الأمر، والحقيقة أن أهالي القرية لم يكن لهم سوى طلب واحد، يتوقعون من خلاله أن تنتهي اللعنة التي حلّت بهم للأبد، ذلك الطلب في الواقع لم يكن سوى هدف قبر بيتر بلوكويتز وحرق جثته.

نهاية اللعنة

كان الموظف لا يزال مُقتنعًا بأن الأمر لا يعدو كونه مجرد خرافات، هذا على الرغم من أنه قد رأى بأم عينه جثث ضحايا بيتر بلوكويتز وهي منزوعة الدم، لكن، أمام سخط وغضب أهالي القرية لم يجد بُدًا من تنفيذ مطالبهم، فاصطحب قوة من قسم الشرطة وذهب بها إلى القبر يبغي هدمه، ولم يكن يعلم هو أو أيًّا من سكان القرية الذين تجمهروا حوله أن المفاجأة الكبرى كانت بانتظارهم داخل ذلك القبر.

عندما هُدم القبر ذهل الجميع مما رأوه، فقد كانت جثة بيتر بلوكويتز، الذي مات قبل شهر لا تزال على نفس حالتها التي دفنت بها، وكأن الرجل قد دُفن قبل دقائق قليلة، وبالطبع أكد ذلك الأمر أدعاه أهل القرية، في النهاية، تم هدف القبر وحرق الجثة في السوق أمام أعين الناس، لتنتهي بذلك اللعنة ويزول الخوف للأبد.

هل انتهت فعلًا؟

هل تعرفون كيف وصلت إلينا هذه القصة؟ عن طريق الوثائق والمحاضر التي سجلها الأهالي في ذلك الوقت، والتي انقطعت في اليوم الذي تم حرق الجثة فيه، لذلك استنبط البعض أن تكون اللعنة قد انتهت في ذلك اليوم، لكن البعض الآخر قال إنها لم تنتهي وإنما استمرت وأخذت تنتقل من قرية إلى أخرى، لكن التاريخ عجز عن توثيق هذه الحالات، على كلٍ، هناك من يقول إن عائلة بيتر بلوكويتز لا تزال موجودة حتى الآن في صربيا، ومنبوذة من الجميع بالتأكيد.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

3 × واحد =