تسعة مجهول
المخلوقات الشرقية المرعبة
الرئيسية » غرائب » المخلوقات الشرقية المرعبة : مخلوقات غريبة ظهرت للعرب وذكرت في تراثهم

المخلوقات الشرقية المرعبة : مخلوقات غريبة ظهرت للعرب وذكرت في تراثهم

المخلوقات الشرقية المرعبة مخلوقات غامضة ومُخيفة تمامًا مثل التي تظهر للغرب، لكن الفارق أنها تظهر للعرب فقط، كما أن التراث الخاص بها في سياق التراث العربي.

عرف العرب المخلوقات الشرقية المُرعبة تمامًا مثلما عرف الغرب المخلوقات الغربية الغامضة والمرعبة كذلك، بل لن نبالغ إذا قلنا أن العرب كانوا أول من تعرفوا على المخلوقات الغريبة منذ آلاف السنين، ولعل مخلوق غامض مثل السعلاة هو أكثر المخلوقات الشرقية التي لاقت شهرة وانتشارًا على مر الزمن، بل إنها قد اقتحمت القصص التي تُحكى للأطفال من قِبل الكبار بدافع التخويف والترهيب، عمومًا، دعونا في السطور القادمة نتعرف سويًا على ماهية المخلوقات الشرقية المرعبة وأبرزها، وهل أصلًا لها وجود حقيقي أم أنها مجرد خرافات يرددها الكبار ويتناقلها الصغار فيما بينهم.

المخلوقات المرعبة

قبل أن نُخصص الأمر ونتحدث عن المخلوقات الشرقية المرعبة بشكل خاص دعونا أولًا نتناول المخلوقات المرعبة بشكل عام ونعرف المقصود بها والهدف من وجودها، فالحقيقة أن أي مخلوق غير طبيعي يُمكن وصفه بالمخلوق المرعب بلا شك، والمقصود هنا بكون المخلوق غير طبيعي هو أنه غير معروف بالنسبة للإنسان وغير مألوف الشكل، فهناك الكثير من الحيوانات التي يتم اكتشافها فجأة ولا يكون الإنسان قد راءها من قبل، لكنها تبقى مجرد حيوانات عادية لأن وجهها مألوفًا، لكن المخلوقات المرعبة لا تكون مألوفة على الاطلاق، وإنما تبعث رؤيتها على الخوف والقلق.

ما يُميز المخلوقات المرعبة بخلاف الشكل هو القدرات المرعبة أيضًا التي تمتلكها، فهي في الغالب تكون قادرة على فعل أشياء ليس للإنسان، أو أي مخلوق طبيعي آخر، القدرة على مجابهتها أو حتى تقليدها، أي أن الأمر برمته يفوق نطاق المنطقية ويُصبح باعثًا على الرعب، وهو المقصد من وجود هذه الكائنات في الأساس.

ظهور المخلوقات المرعبة

ظهرت المخلوقات المرعبة، سواء كانت المخلوقات الشرقية المرعبة أو المخلوقات الغربية، مع ظهور الإنسان، والحقيقة أن الإنسان منذ تواجده على هذه الأرض وهو يسعى إلى إيجاد رادع له، حتى ولو كان ذلك الرادع مجرد قصص خيالية من ابتداعه، أجل، فمن أخبركم أن كل قصص المخلوقات الغريبة، والأساطير بشكل عام، قصص حقيقية؟

ظهور المخلوقات الغريبة في تراث الإنسان كان في بدايته عبارة عن قصص خيالية، يعرف من يقصونها أنهم يقولون قصص خيالية، ويعرف من يستمعون إليها كذلك أن ما يسمعونه مجرد قصص خيالية، لكن مع الوقت، بدأ البعض يُصدق بعض تلك الأساطير ويروج لوجودها في الواقع وعدم كونها مجرد خرافات كما هي الحقيقة، وكان من ضمن المخلوقات الغريبة هذه مخلوقات غربية ومخلوقات شرقية الأصل والمنشأ.

المخلوقات الشرقية المرعبة

قد يعتقد البعض أن المخلوقات الشرقية المرعبة جاءت نتاج للمخلوقات الغربية أو تقليدًا لها، وهذا في الواقع أمر عارٍ تمامًا من الصحة، ساعد الإعلام الغربي في انتشاره بترويجه القوي لتراثه، وساعد الإعلامي الشرقي في التأكيد عليه بعدم الترويج لتراثه من القصص والحكايات التي تحتوي على الكثير من القصص الغامضة.

وجود المخلوقات الشرقية المرعبة سبق بكثير وجود مخلوقات تتبع حضارات أخرى، والدليل على ذلك ببساطة هو التاريخ الذي يُثبت اهتمام الشرق والعرب بشكل خاص منذ البداية بالقصص والحكايات، في الوقت الذي كان الغرب مبلغ اهتمامه بالبهرجة والزينة، وهو ما يتنافى مع ادعائهم، وسوف نذكر الآن بعضًا من أهم المخلوقات الشرقية المرعبة، والبداية بالطبع سوف تكون مع أشهرها على الاطلاق، وهو مخلوق السعلاة.

السعلاة، دراكولا العرب

هل تعرفون دراكولا؟ ذلك المخلوق الذي ظهر خلال القرنين الماضيين في رومانيا وكان مُتخصصًا في سفك دماء البشر ومصها؟ هل تعرفون أن ذلك الكائن في الأساس ليس سوى تقليد وتغريب لأحد أهم المخلوقات الشرقية المرعبة التي ظهرت منذ آلاف السنين، وهي السعلاة، أو المرأة المُتحولة كما يُطلق عليها البعض.

ظهرت السعلاة منذ وقت طويل لدى العرب والشرق بشكل عام وعرفت على أنها أحد أشهر المخلوقات لديهم، والحقيقة أن ظهورها لم يكن ظهورًا طبيعيًا، أو بمعنى أدق، لم يُظهر التاريخ والتراث الذي تم ابتداعه السعلاة ظهورًا عاديًا، وإنما أظهرها في صورة خرافة محبوكة قابلة للحكي والانتقال بسلاسة من جيلٍ إلى جيل.

ظهور السعلاة

ظهور السعلاة، والتي تُعد أحد أبرز المخلوقات الشرقية المرعبة كما ذكرنا، كان ظهورًا دراميًا مرعبًا، حيث يقال إن أحد العرب كان عائدًا ذات ظُهر من حرب، حيث تعرضت قبيلته للهزيمة وفر هاربًا، وفي الطريق التقى بسيدة جميلة عرفت نفسها بأنها فتاة مسكينة تاهت عن قبيلتها ولم تعد قادرة على الوصول إليهم، وبالطبع الأعرابي برجولته ونخوته وكرمه لم يترك السيدة في الصحراء وأخذها معه، لكن في الطريق حدث ما تناقلته كل كتب التراث والأساطير حتى الآن.

أخذت المرأة الجميلة في الطريق تتحول شيئًا فشيئًا دون أن يلتفت لها الأعرابي، بمعنى أدق، كانت تُظهر وجهها الحقيقي، وجه السعلاة الماكرة القادرة على التحول إلى أكثر من وجه، ثم انقضت عليه فجأة وأمسكت بعنقه ولم تتركه إلى وهي تمتص آخر قطرة من دمائه، والحقيقة أنه بالرغم من صحة القصة من عدمه إلا أنها تُعتبر دليلًا واضحًا على أن المخلوقات الشرقية المرعبة أقدم بكثير من نظيرتها الغربية، وخاصةً فيما يتعلق بدراكولا، والذي لا يفتخر الغرب بسواه.

النداهة، مخلوق السيدة الغامضة

تُعتبر النداهة من أبرز المخلوقات الشرقية المرعبة، والحقيقة أن هناك خطأ شائع لدى الجميع بأن النداهة هي امرأة بمواصفات خاصة، لكن هذا الأمر في الحقيقة ليس صحيحًا، إذ أنها مخلوق غامض لكن يمتلك القدرة على التشكل بشكل امرأة، وهذا ما يمنحه تلك القابلية الكبيرة على الإيقاع والإقناع.

ظهرت النداهة منذ وقت طويل في دول المشرق، وبدأ الأطفال يقصون على أولادهم هذه القصة بدافع تخوفيهم من السير في الأماكن المظلمة، ففكرة النداهة تقوم على أن امرأة جميلة تتربص بالرجال في أماكن مظلمة ثم تغويهم حتى تتمكن منهم وتقتلهم أو تُصيبهم بالجنون على الأقل، والحقيقة أن خرافات النداهة كمخلوق لم تتوقف أبدًا منذ ظهورها، فهناك من جعلها سيدة عجوز هجرها زوجها فقررت الانتقام من كل الرجال، وهناك من يجعلها واحدة من الجن جاءت إلى الأرض من أجل إغواء رجالها، على كلٍ، مهما كان الغرض والأصل، تبقى النداهة أحد أشهر المخلوقات الشرقية المرعبة وأغربها.

عيشة قنديشة، المخلوق المغربي المرعب

تعتبر عيشة قنديشة كذلك واحدة من أبرز المخلوقات الشرقية المرعبة، والحقيقة أنه قد اختُلف كثيرًا في بداية وجود عيشة قنديشة، وهل هي أصلًا لها وجود أم لا، لكن الجميع اتفقوا على أنها كانت تظهر في المساء عند بحيرة معينة موجودة في المغرب، وهو ما يُذكرنا بالتأكيد بمخلوق شرقي آخر لا يقل غرابة، النداهة.

ظهرت عيشة قنديشة مع نهاية القرن الخامس عشر وبداية القرن السادس عشر، لكنها وجدت طريقها سريعًا بين حكايات المغربيين وأصبحت جُزءً من تراثهم، بالرغم من الخلاف الكبير حول أصلها كما ذكرنا، والذي أبرز ما قيل فيه أنها فتاة قتلها البرتغاليون أثناء الاحتلال فقررت روحها الانتقام منهم واستدراج جنودهم.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

خمسة × واحد =