تسعة مجهول
الكلب الشيطاني
الرئيسية » اسطورة » الكلب الشيطاني : شيطان أسود بث الرعب في بريطانيا لقرون

الكلب الشيطاني : شيطان أسود بث الرعب في بريطانيا لقرون

الكلب الشيطاني أسطورة من الأساطير التي ظهرت في إنجلترا، أو بريطانيا العظمى قديمًا، وتمكنت من شغل الناس لفترة طويلة، فما هي قصة ذلك الكلب يا تُرى؟

مما لا شك فيه أن كل دولة أو حضارة تمتلك ما يكفيها من الأساطير والخرافات، فهي أشياء قد تدعو عادةً للتفاخر بين بقية الدول، لكن أسطورة الكلب الشيطاني التي ظهرت في بريطانيا كانت مدعاةً للخوف أكثر من كونها باعثة للفخر والتباهي، فتلك القصة تدل دلالة واضحة على كون العقول لا تشعر بالتلذذ والسعادة إلا بعد أن تشعر بالخوف، وإذا لم يكن ثمة مُبرر أو طريقة لذلك الخوف فإن البعض يتكفل بخلق ذلك الخوف وزرعه في الرؤوس ببساطةٍ شديدة، والحقيقة أن هذا الأمر ليس مُجرد نظرية عادية، وإنما استنتاج من تاريخ الشعوب السابق، والأدلة على وجود ذلك كثيرة، فهناك قصة النداهة وقصة الوحش المُخيف وقصة الكلب الشيطاني، وهذه الأخيرة بالذات تستحق وقفة جادة لكونها لا تزال تتكرر منذ قديم الأزل وحتى الآن، فما هي يا تُرى قصة الكلب الشيطاني ومتى خرجت إلى النور وكيف استمرت إلى الآن؟ كل هذه الأسئلة وأكثر سوف نُجيب عنها سويًا في السطور القادمة، فهل أنتم مستعدون لكتابة فصل جديد من الخوف؟

أساطير التراث الإنجليزي

بما أننا نتحدث عن أسطورة قد وقعت في أراضي الإنجليز فإنه من الواجب علينا التنبيه بأمرٍ هام جدًا، وهو أن بريطانيا القديمة، أو إنجلترا حاليًا، تُعتبر أكثر بلاد العالم خلقًا للأساطير والخرافات، وأكبر دليل على ذلك أن أفضل كتاب القصص الخيالية المُرعبة أو الغامضة هم في الأصل إنجليز، كما أن أساطير هذه البلاد تمتد جزورها إلى أكثر من مئة قرن، ولو كنا مُنصفين حقًا فإنه من الواجب علينا الاعتراف بأن الأساطير العتيقة التي سبقت وجود بريطانيا نفسها لم تستطع أن تعيش مثلما فعلت الأساطير إنجلترا، وفي هذا دلالة على أن التراث الإنجليزي قادر فعلًا على المنافسة وخوض رحلة الخلود، عمومًا، مع كثرة الأساطير فإنه منها ما قد يتساقط ومنها ما قد يظل خالدًا في الأذهان ومنها ما يعلق في المنتصف، لكن أسطورة الكلب الشيطاني التي نريد التحدث عنها تعلق في المنتصف بين كل ما سبق، فهي لم تُنسى ومع ذلك يُريد البعض انتزاعها من رأسه لكونها قصة باعثة للرعب حقًا، فما هي قصة الكلب الشيطاني المرعبة هذه؟

أسطورة الكلب الشيطاني

الأشعث أسود اللون، الكلب الأسود، الكلب الشيطاني، كل هذه أسماء يُمكنك أن تُطلقها على الحيوان الليلي المُخيف الذي ظهر في إنجلترا لأول مرة قبل حوالي عشرة قرون، فهو يمتلك لون أسود حالك، ومكان عينه ثمة نقطتين حمراوان مُخيفتان، يُصاب كل من يراهما بالهلع، وقد قيل إنهما في الحقيقة عبارة عن نقطة واحدة تُمثل العين، لكن انعكاسها هو ما يجعلها تبدو وكأنها عينين، عمومًا، الفرو كذلك لا يختلف سوءًا عن اللون والعيون، فهو أشعث سميك مُدبب بفم تتدلى منه قطعتين حادتين يُقال أنهما أسنان، وطبعًا أسنان بمثل هذه القوة يُمكن اعتبارها أدوات قتل أكثر من كونها أدوات أكل.

الكلب الشيطان يمتلك صوت مُخيف كذلك، فمن غير المعقول ألا يمتلك صوت مُرعب وهو بهذا الحجم المُرعب في حد ذاته، أصلًا الصوت المُخيف أحد أهم نقاط القوة في أي حيوان، لكن أيضًا هناك ما يُخيف في ركضه، فإذا شاهدك الكلب الشيطاني إياك أن تُمرر إلى رأسك فكرة الركض والهرب لأنها سوف تبدو فكرة ساذجة جدًا، بل وغالبًا ما ستبوء بالفشل لأن هناك من يُشبه سرعة ذلك الشيء بسرعة البرق، عمومًا، ليست هذه فقط هي الأوصاف التي يتصف بها الكلب الشيطاني، بل يُمكن القول أنها مجرد عينة قليلة، فهناك الكثير من الأوصاف الأخرى التي على ما يبدو تميل أكثر إلى الأساطير والمبالغات، وإن كان الأمر كله في النهاية مجرد أسطورة فليس من المعقول أن نُسرف فيها ونُضخهما.

الكلب الشيطاني نذير سوء

إذا ما حدث مُصادفةً ورأيت الكلب الشيطاني فهذا يعني أن حياتك سوف تبدأ في أخذ مُنعطف سيء، سوف تموت، هذا أمر يبدو أكيدًا، ما ليس مؤكدًا هو الفترة التي ستظل فيها على قيد الحياة لتشهد حالة الرعب والهلع الشديدة نتيجة رؤية ذلك الكلب، فغالبًا ما ينتهي الأمر سريعًا وتنعم بالموت المُريح نسبيًا، لكن في بعض الأحيان قد تستمر لمدة أسبوع، وهذا بالمناسبة أمر سيء، لأن الموت دون خوف أفضل ألف مرة من الموت المصحوب بالخوف، فالخوف في حد ذاته موت من نوعٍ آخر، عمومًا، لن نتحدث كثيرًا في تقديم الكلب الشيطاني لكم، بل سنترك لكم الحكم بعد سماع بعض الأساطير والقصص الخرافية التي تحدثت عنه، والتي بدأت قبل حوالي عشرة قرون في إنجلترا، تلك البلد التي احتضنت الأسطورة وتلقفتها الأجيال المتتالية حتى يومنا هذا، ولتكن بدايتنا مع قصة الظهور الغامضة للكلب الغامض.

ظهور أسطورة الشيطاني

الظهور الأول للكلب الشيطاني في إنجلترا كان مع مطلع القرن الثاني عشر، وتحديدًا في عام 1127، وبتحديد أكثر في كنيسة بيتربورغ، حيث سجلت تلك الكنيسة في سجلاتها رواية لبعض الصيادين الذين قالوا إنهم في أحد أيام ذلك العام قد شاهدوا مجموعة كبيرة من الصيادين الغرباء عن المكان، حيث كان ذلك واضحًا بشدة من ملابسهم السواء التي تغطي كامل جسدهم، والواقع أننا هنا لا نتحدث عن روايات فردية، بل روايات جماعية لكل من كانوا حاضرين بالكنيسة ذلك اليوم، وهم بالمناسبة عدد كبير لأن ذلك اليوم قد وافقع الأحد، وهو يوم حاشد جدًا لدى المسيحيين.

عمومًا ما يعنينا في تلك الحادثة أن هذه المجموعة الكبيرة من الصيادين الغربة، والتي كانت غالبًا تُقارب الثلاثين شخص، كانت تمتطي خيولًا وماعز، وكان بجوارها كلاب صيد شديدة السواد وتحظى بكافة الصفات التي ذكرناها في الكلب الشيطاني، ومن هنا بدأ الناس يعرفون بذلك الكلب، والذي بدا لهم كلبًا غير عادي بالمرة بعدما حصد الكثير من الأرواح في تلك الليلة المعروفة باسم الليلة الأشد سودًا في القرن الثاني عشر.

ما الذي يفعله الكلب الشيطاني؟

تقول أسطورة الكلب الشيطاني التي أثرت التراث الإنجليزي طويلًا أنه بعد ظهور ذلك الكلب في حياتك فمن المتوقع أن ينقلب كل شيء تمامًا، فبعد حادثة الكنيسة ادعى معظم الناس أنهم كانوا يتركون أطفالهم يلعبون أمام المنازل ثم لا يجدونهم بعد ذلك، أو يستيقظون بعدها بفترة ويجدون ملابسهم ممزقة ومختلطة بالدماء والأشلاء، وهنا يوقنوا أن الكلب الشيطاني ظهر لأطفالهم وتمكن منهم، الغريب أن فعل كهذا يستلزم عقل وهو ما لا يتوافر في الحيوانات بكل تأكيد.

الكلب الشيطاني كذلك ينوب عن قطاع الطرق، فهو يُداهم المارة والمسافرين، لكن في هذه الحالة هو لا يسرق منهم أموالهم أو الأغراض التي يحملونها، وإنما يكتفي فقط بقتلهم أو على الأقل ترويعهم، أما عن النهاية التي لاقاها الكلب الشيطاني فلا أحد على الإطلاق يعرف بها، كل ما هنالك أن الناس قد استيقظوا ذات يوم ولم يجدوه، ثم لم يظهر بعدها.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

2 × 3 =