تسعة مجهول
التوهج الأحمر
الرئيسية » ظواهر » حالة غريبة من حالات التوهج الأحمر الغامض فوق المحيط الهادئ

حالة غريبة من حالات التوهج الأحمر الغامض فوق المحيط الهادئ

بعض الظواهر الجوية تثير فينا الكثير من الاستغراب، وذلك لعدم معرفتنا سبب حدوثها بالأساس، حادثة التوهج الأحمر واحدة من تلك الحوادث شديدة الغرابة.

تُعتبر حادثة التوهج الأحمر الغامض واحدة من أكثر الأحداث غرابة خلال السنوات العشر الأخيرة، وحقيقةً، لقد كان العالم في طريقه لنسيان المُعجزات التي تدفقت خلال القرن العشرين، لولا أن جاءت تلك الحادثة وأشعلت فتيل المعجزات من جديد، فقد بدأ الأمر بمجرد رحلة جوية عادية قررت العبور من فوق المحيط الهادئ، لكن، من أجل التاريخ، حدث ذلك التوهج الأحمر الذي لا يزال لُغزًا يُحير العُلماء والفلكيين حتى الآن، لذا دعونا نتعرف سويًا في السطور الآتية على حادثة التوهج الأحمر الغامضة وملابسات حدوثها والتفسيرات التي خرج بها العلماء حتى وقتنا هذا.

تعرف على أسرار حادثة التوهج الأحمر فوق المحيط الهادئ

ما هو التوهج الأحمر؟

قبل أن نتناول حادثة التوهج الأحمر الذي وقعت قبل سنوات قليلة، علينا أولًا معرفة المقصود بالتوهج الأحمر عامةً، أو كما يُسميه البعض، الشفق القطبي، فهو ليس مجرد احمرار للسماء وحسب، بل أيضًا سخونتها بصورة غريبة تصل إلى الاحتراق، وهذا ما حدث في كل الحوادث السابقة للشفق القطبي.

بالطبع جميعنا يعرف أن السماء تتشكل حسب كمية الانبعاث الذي يحصل عليه الهواء من الشمس، بمعنى، أن اللون الأكثر انبعاثًا في الألوان الموجودة بالهواء هو اللون الأزرق، ولذلك نجد أن السماء تأخذ غالبًا هذا اللون، اللهم إلا في حالة المطر والذي تظهر بعده مجموعة قوس قزح كامله، لكن، ما يحدث من احمرار السماء وسخونتها ليس له علاقة بكل تلك النظريات، وإنما هو فقط مجرد ظاهرة، ظاهرة غريبة عجز العلماء عن تفسيرها حتى الآن.

بداية التوهج الأحمر

كما أسلفنا، كانت الرحلة مجرد رحلة جوية عادية، أقلعت من مدينة هونج كونج بكوريا القابعة بقارة أسيا متجهة إلا ولاية الأسكا بالولايات المتحدة الأمريكية القابعة بقارة أمريكا الشمالية، إذًا هي مسألة عبور للقارات، لذلك كان لابد من المرور بأحد أكبر المحيطات الموجودة بالعالم، المحيط الهادئ.

أقلعت الرحلة في ظروف عادية ودون أي وجود لمُعيقات جوية أو مناخية، لكن، بالقرب من روسيا، وتحديدًا جزيرة كامتشاتكا، حدث ما عُرف فيما بعد بالمعجزة.

أبطال التوهج الأحمر

قبل أن نستطرد ما حدث يجب علينا بالتأكيد التعرف على أبطال حادثة التوهج الأحمر الذي خاضوا غمار تلك التجربة المُثيرة، وهم ببساطة الطيار الهولندي فان هيجست وطائرته البوينج 8-747، بطولة ثنائية مُشتركة إذًا.

كان فان هيجست وقت الرحلة لا يزال في السابعة والعشرين من عمره، ولم يكن رصيده من الطيران يتعدى الألف ساعة، لذلك لم يكن يُصنف طيار من الدرجة الأولى، لكن الرحلة في الأساس كانت رحلة نقل بضائع، حيث لم يكن بها أي رُكاب سواء من العاملين أو المُسافرين، وربما كان هذا الأمر سببًا في زيادة قلق فان عند رؤيته لمعجزة التوهج الأحمر، والتي حدثت بعد خمس ساعات من إقلاعه.

حادثة التوهج الأحمر

كانت الرحلة تستغرق حسب تصريحات الديلي ميل عشر ساعات، وقد مضت الخمس الأولى منها دون أي جديد يُذكر، إلا أن فان بمجرد دخوله محُيط المُحيط الهادئ تفاجأ بسماء حمراء مُلتهبة، تدرجت فيما بعد إلى البرتقالي ثم عادت بعد عشرين دقيقة إلى الاحمرار من جديد.

خمس ساعات مضى فيهم قائد الطائرة وهو يشعر أنه مُهدد باحتراق الطائرة في أي لحظة، خمس ساعات حاول فيهم التواصل مع مركز المتابعة دون جدوى، خمس ساعات ما أن انتهت حتى وجد فان هيجست نفسه مُلقى على الأرض فاقدًا للوعي والجميع ملتف حوله ويُريد أن يسأل سؤالًا واحدًا، ما الذي حدث؟

ما الذي حدث؟

بعدما التقط الطيار فان هيجست أنفاسه بدأ في سرد ما حدث حسبما أسعفته ذاكرته، حيث قال تلخيصًا أنه ثمة ومضة خاطفة، ضوئية على الأرجح، انطلقت من أعلى إلى الأسفل، أي من الأرض إلى السماء، ثم أحدثت توهجًا باللون الأحمر استمر من منتصف الرحلة وحتى نهايتها، لكن، وكردة فعلٍ طبيعية، بدأت التكذيبات وردة الفعل الغير مُصدقة لرواية الطيار الهولندي في الظهور، حتى أنه قد تم تكليف فريق طبي بالكشف عن قواه العقلية للتأكد من سلامته، وبعد النتائج التي أكدت سلامة الطبيب ظلت حالة التكذيب موجودة أيضًا، إلا أن فان كان يملك ما قلب الطاولة في حادثة التوهج الأحمر، كان يملك صورًا حقيقية.

ظهور الأدلة

كان فان هيجست محظوظًا لأنه تمكن، بالرغم من خوفه الشديد، من توثيق تلك اللحظة التاريخية والتقاط عدة صور لها، وربما كانت تلك الصور هي الدليل الوحيد على صدق الطيار الهولندي، والتي ربما كانت بدونها سيتم اتهامه بالكذب والادعاء، والغريب أن فان هيجست كان غافلًا عن الصور في بداية الأمر أو مُتناسيها تمامًا، إلا أنه وبعد تكذيبه بأسبوع واحد خرج ليواجه المُشككين به بأقوى دليل مُمكن، وهو الصور، لكن إثبات حادثة التوهج الأحمر لم يكن في الحقيقة أمر جيد بقدر ما هو مدعاة لخوف وقلق مما كان عليه الجميع فيما سبق، والدليل على ذلك هو امتناع بعض الطيارين عن السفر في المناطق القريبة من موقع الحادثة أو حتى مجرد الاقتراب منها، أما بالنسبة للطيار الهولندي فكان الأمر أسوأ.

ما بعد الحادثة

ظلّ الطيار الهولندي فان هيجست حبيس بيته لفترة طويلة بعد حادثة التوهج الأحمر، حيث كان يقول إنه قد أُصيب منذ ذلك اليوم بنوبة قلق وخوف، تنتابه كلما اقترب من طائرة، كما أن حياته الخاصة قد تأثرت أيضًا وأصبح حاد المزاج وأكثر عصبية مما كان عليه في السابق، وقد كان يُعتقد في البداية أن ذلك الأمر يحدث نتيجة تكذيب روايته من قِبل البعض، إلا أنه بعد ظهور الأدلة أيضًا ظل فان على نفس الحالة بل أنه يُمكن القول أن الأمور قد ازدادت سوءًا.

زيادة في التعقيد

بعد ثبوت حادثة التوهج الأحمر بدأ العلماء في ابتداع تفسيرات وتبريرات علمية لها، وكلها بالطبع كانت تدور حول حالة المناخ في هذا اليوم وإمكانية حدوث ظاهرة مناخية غريبة وتسبُبها في أمر كهذا، إلا أن كل ذلك في النهاية لم يُثبت بسبب حالة الطقس التي كانت أكثر من مُستقرة في هذا اليوم، والحقيقة أن العلماء حاولوا إيجاد تفسيرًا منطقيًا من أجل الرد على المُتخوفين مثل الطيارين، والذين رفضوا كما ذكرنا التحليق بالقرب أو في تلك المنطقة التي وقعت بها الحادثة، لكن، في النهاية ظل الأمر ظاهرة ليس لها إلا تفسير واستمر الخوف لفترات طويلة.

القول الفصل

القول الفصل في حادثة التوهج الأحمر خرج بعد عام من ظهورها، حيث نشر المكتب الإعلامي لشركة الطيران التي كانت مسئولة عن الرحلة تقول فيه أن الطيار الخاص بها قد أخطأ في وِجهته، وأن ما شاهده حقيقي فعلًا لكنه لم يكن في طريق الرحلة المعروف وإنما في مكان آخر لا يعرفه أحد حتى الآن ولا حتى الطيار نفسه.

وبالطبع أي طفل صغير لا يتجاوز العشر سنوات يُمكنه أن يستشف الكذب في هذا البيان ومحاولة تدليسه للحقائق من أجل عودة الثقة إلى الطيارين من جديد وقبولهم الإقلاع في رحلات جديدة تمرّ من نفس مكان الحادثة القديم، لكن، هل سيتمكن هذا البيان من خِداع التاريخ أيضًا؟

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

سبعة + تسعة عشر =