تسعة مجهول
الأم باركر
الرئيسية » جريمة » الأم باركر : قصة حياة أعتى مجرمات أمريكا إلى اليوم

الأم باركر : قصة حياة أعتى مجرمات أمريكا إلى اليوم

الأم باركر واحدة من أشهر المجرمات في تاريخ أمريكا إلى اليوم، حيث اكتسبت الأم باركر شهرة كبيرة في الأدب والسينما وغيرها من وسائل الإعلام، تستعرض حياتها.

الأم باركر واحدة من أشهر المجرمات في تاريخ أمريكا إلى اليوم، حيث اكتسبت الأم باركر شهرة كبيرة في الأدب والسينما وغيرها من وسائل الإعلام المختلفة، تستعرض حياتها. اعتدنا قصص المجرمين العادية وخاصةُ الجزء المعتاد الذي تعلق بنشأة المجرم في صغره وما رآه وعاشه في طفولته، وغالبًا ما يكون أحد الأبوين أو كليهما واحدًا من الأسباب التي زرعت فيه بذور الشر والجريمة منذ صغره، وغالبًا أيضًا ما يختفي دور الأبوين بعد مرحلة طفولة المجرم لينتقل بعيدًا عن بيته وبيئته وأهله للعصابات وحياة الشوارع والتشرد والجريمة، لكن بطلة قصة اليوم في عالم الجريمة كانت أمًا من نوعٍ مختلف، بل إن لسخرية القدر فإن الأم في بطلة القصة الحقيقية في حين أن أبناءها الذين يشكلون الأساسات التي قامت عليها تلك القصة عمليًا لم يعطهم التاريخ مثل ما أعطى أمهم من الاهتمام وتسليط الأضواء، وجعل منها التاريخ بين الحقائق المثبتة الرسمية حقًا والقصص الخيالية التي نسجها الرواة ومحترفو القصص شخصيةً حاضرةً بقوة وبارزةً في عالم الجريمة، وأيًا ما كانت القصة الحقيقية بين كل ما رُوي عنها فستبقى الأم باركر رمزًا للحنان والاحتواء الأموي الذي ألقى بأبنائها لحتفهم واحدًا تلو الآخر!

تعرف على قصة الأم باركر من البداية إلى النهاية

من هي؟

هي آريزونا دوني كلارك ولدت في ولاية ميزوري لأبوين مسيحيين متحفظين وملتزمين دينيًا، وهو ما كان شائعًا عنها هي بدورها منذ طفولتها لكن من الواضح أن نشأتها الدينية الصارمة لم يكن لها أي يدٍ في كتابة مستقبلها أو تعديله، تزوجت مبكرًا وهي بعد في الثانية عشر من عمرها من زوجها الذي أخذت كنيته واشتهرت به هي وأولادها جورج باركر، كان جورج من تلك النوعية المعتادة التقليدية التي نسمع عنها، رجلًا سكيرًا عربيدًا ضعيف الشخصية منسحق الرأي والوجود تمامًا تحت سورة السكر التي نادرًا ما فارقته، وبرغم ذلك فخلال حياتهما معًا أنجبت هي منه أربعة أولاد، كان ابنها البكر هيرمان ضيفهما بعد عامين من الزواج، ثم في خلال الستة أعوام التالية لولادته كانت قد الأم باركر قد أنجبت طفليها التاليين آرثر و لويد، ثم بعد ذلك بفترة جاءها آخر العنقود كما سمونه وأحب أولادها لقلبها ابنها الصغير المدلل فريد الذي لم ينفصل أو يبتعد عنها يومًا منذ ولادته.. وحتى حين قضى نحبه!

اختلفت القصص حول مصير جورج الذي لم يكن له أي وجودٍ ملموسٍ في حياة الأسرة فتارةً قيل أنه هجرها من نفسه، لكن من الصعب تصديق أن ثملًا مثله كان قادرًا لأول مرةٍ في حياته المخمورة كلها على التفكير واتخاذ قرارٍ كالهجران، وتارةً قيل أنها هي التي طردته من البيت بعد أن تعبت من العبء الذي شكله على كاهلها مع أطفالها، بطبيعة الحال وبالنظر لحال جورج كانت الأم باركر هي المسئول الأول والرئيسي عن البيت والأطفال ورعايتهم وتربيتهم ونفقتهم من الدخل الزهيد الذي كانت تحظى به، لكن مع وجود أربعة أولادٍ ذكور وغياب الأب وشيوع الفقر والحاجة والبيئة المنفلتة كان من الطبيعي أن يخرج أولادها الأعزاء عن سيطرتها.

الأولاد يتمردون

بدأ الأمر بأكبرهم ابنها البكر هيرمان الذي سجل أول حادثةٍ له فور بلوغه السادسة عشر من عمره وتم إيقافه بتهمة السرقة لتبدأ سلسلة الجنون في تلك الأسرة الصغيرة المتماسكة، رغم إخراج والدته له بكفالة إلا أن ذلك لم يكن ليردع هيرمان عن تصميمه وطريقه الذي قرر أن ينتهجه من قبل الشباب لتتكرر عمليات السرقة التي يقوم بها ويتكرر إيقافه بتلك التهم هو تارةً وأخوه لويد الذي انضم لنفس المسيرة تارةً أخرى، والأم مشتتةٌ بينهم تحاول الحفاظ على ابنيها من قبضات الشرطة وإعادتهم لأحضانها في نهاية الليل غير مهتمة البتة بما يفعلونه طول النهار، تبع آرثر الشقيق الثالث درب أخويه وكانت أولى حوادث إيقافه بتهمة سرقة السيارات! كثرت عمليات السطو والسرقة وأعمال الشغب الذي يقوم بها الثلاثي الأخوي ووجدت الأم باركر التي كانت تحاول أن تحمي فريد الصغير من مصير إخوته أن حياة الاستقرار لم تعد ممكنةً لهم وأن التنقل واجب.

الأم تخبئ آثار جرائم أطفالها

كان حبها لأولادها أكثر إفراطًا وأكبر مما يجب حتى أن اتجاهاتهم وطرقهم ووسائلهم الملتوية، وبدء تاريخهم المظلم في الدخول والخروج من السجون بالتهم المختلفة لم يكن قط رادعًا لذلك الحب أو حتى سببًا في محاولة تحويل الحب لشكلٍ هادفٍ وعقلاني، وإنما كانت مخلصةً في حبها لهم تتركهم على سجيتهم وطبيعتهم وظلت طوال حياتها وسنوات عمرها التي ناهزت الستين تبذل الغالي والرخيص لأجل إخراجهم من الورطات التي يوقعون بأنفسهم فيها، وكان تاريخها حافلًا بعمليات التملق والرشاوي والتحايلات الأمنية التي كانت تساعدها هي وأولادها في الخروج من الورطات التي كانوا يسقطون فيها، كما شاع واشتهر وانتشر عنها فيما بعد ذلك أنها كانت تجند عناصر من الشرطة الخائنين الذين يرضون بيع ضميرهم وشرف مهنتهم لأجل حفناتٍ من النقود كانت تجنيها من جرائم أولادها المختلفة، وهو ما سهل عملهم كثيرًا سواءً في التخلص من آثارهم أو إنقاذ أولادها من الورطات أو حتى في الهروب من الحملات التي كانت تقوم بها الشرطة لمباغتتها والقبض عليها، لأن عناصر الشرطة الخائنين الذين اشترت ذممهم كانوا يخبرونها ويحذرونها قبل الحملات.

حين لم ينفع الدفاع لجأت للهجوم

أصبحت سياسة إخراج أبنائها من الورطات والتنقل بهم من ولايةٍ لأخرى ومن مكانٍ لآخر ضعيفة خاصةُ مع تطور الأعمال الإجرامية لأولادها وتكاثرها عليهم، فما كان من الأم الحنونة سوى أن تصبح العقل المدبر الأول الذي يجلس في البيت أي المقر ويدير العمليات المختلفة بشكلٍ أكثر حنكةً وذكاءً في الوقوع في يد الشرطة، وبدأت تتدرج درجات الجرائم التي يرتكبونها من سرقاتٍ صغيرة عادية لسرقات منشآت ومصارف وبنوك وعمليات خطفٍ وابتزاز انتهاءً بعمليات قتلٍ راح ضحيتها العديد من أفراد الشرطة، وكانت الأم باركر تشير على أبنائها بالابتعاد عن طريق سرقة البنوك والاتجاه للابتزاز والاختطاف لأنه طريقٌ أكثر أمانًا ومضمون الأرباح!

بيت الأسرة أصبح مقر عصابة

على مدار سنين حياتهم دخل أولاد الأم باركر السجن جميعًا عدة مرات، وفي تلك السجون كانوا يتعرفون على أفراد العصابات الأخرى وأحيانًا أعتى وأكبر المجرمين وزعماء العصابات، كان أشهر هؤلاء المجرمين هو آلفين كاربيس الذي لازم عصابة الأم باركر ما تبقى من حياتهم وكان شريكًا لهم في كل أعمالهم الإجرامية حتى صار لفظ عصابة باركر وكابيس شائعًا ومثيرًا للرهبة والفزع، ومن جانبٍ آخر لم يعد الوكر يستقبل الأبناء فحسب وإنما صار مقرًا للكثير من العصابات وأفرادها تحت إدارة الأم.

النهاية

رغم أنه لم يثبت بشكلٍ رسميٍّ حتى اليوم على الأم باركر ما يدينها وهو ما جعل الكثيرين يشككون في حقيقة كونها العقل المدبر للعمليات الإجرامية وأنها ربما كانت مجرد أمٌ تحتوي أطفالها، ماتت الأم باركر مع طفلها المدلل فريد في إحدى المواجهات مع الفيدراليين في وكرهم بعد رحيل الابن البكر هيرمان بثماني سنوات عندما حاصرته قوات الشرطة وضيقت الخناق عليه فانتحر، حول آرثر بعد ذلك بأربعة سنوات أن يهرب من السجن فصرعته قوات الشرطة وأردته قتيلًا، ولم يبقَ من تلك العصابة سوى لويد الذي قُتل على يد زوجته في أحد الأيام، وكان حليفهم الأثير آلفين كاربس قد نفي بعد ذلك ليلقى حتفه بكميةٍ كبيرةٍ من الحبوب المنومة وتنجح محاولة انتحاره.

غفران حبيب

طالبة بكلية الصيدلة مع ميولٍ أدبية لعل الميل الأدبي يشق طريقه يومًا في هذه الحياة

أضف تعليق

سبعة عشر + ثلاثة عشر =