تسعة مجهول
استحضار الأرواح
الرئيسية » ظواهر » استحضار الأرواح : ما هي حقيقة محاولات استحضار الأرواح ؟

استحضار الأرواح : ما هي حقيقة محاولات استحضار الأرواح ؟

استحضار الأرواح بالتأكيد أمر شديد الإثارة، وهو موجود في كل الثقافات تقريبًا، نتعرف عن قرب على ممارسات استحضار الأرواح المختلفة.

استحضار الأرواح مصطلح نسمعه كثيرًا، لكن مبدئيًا لنتفق أنه لا يوجد أحدٌ على وجه البسيطة يدرك ماهي الروح أو يعرف سرها وكيانها وحقيقتها وتكوينها وكيفية دخولها وخروجها وطبيعة حياتها وعلاقتها بالجسد المادي ومكانها فيه وحياتها بعد خروجها منه، لكن لنبدأ بدايةً بسيطة تقول أنه لا أحد سيتحدث عن استحضار الأرواح أو أي شيءٍ يتعلق بالروح بعد موت الإنسان إلا هؤلاء الذين يؤمنون بوجود حياةٍ أخرى وبأن الموت ليس هو النهاية، أيًا كان هؤلاء الذين يؤمنون بذلك وأيًا كانت ديانتهم، المهم أنك لن تجد إيمانًا باستحضار أرواح الموتى لدى من يعتقدون أن برودة الجسد وموته هي نهاية كل حيٍ ولا وجود لبقيةٍ للقصة، لا نعرف فعلًا متى بدأت فكرة استحضار الأرواح في الظهور ولا ما كان مصدرها ولا لماذا ظهرت حتى! هل هو شخصٌ حنّ لأحبائه الموتى؟ هل هو ساحرٌ دجالٌ اخترع الفكرة وقرر أن يحصل على المال من الناس منها؟ هل بدأت القصة من عالم الموتى أم من عالم الأحياء في الأساس؟ لربما بدأت في بعض تلك البيوت المخيفة المسكونة؟ وفكرت بعض العقول في أن قدرة أرواحٍ غاضبةٍ على العودة وحدها تعني أنهم يستطيعون استدعائها متى أرادوا في الوقت الذي يحددونه؟ لا تتعب نفسك فلا أحد يعرف الحقيقة وربما التاريخ نفسه لا يدري متى بدأ البشر بالإيمان والاقتناع بفكرة استحضار الأرواح ومحاولة تطبيقها.

استحضار الأرواح بين الخرافة والحقيقة

دجالون وحسب أم علماءٌ أيضًا؟

لربما وُلدت تلك القصص ودارت في الظلام والبيوت المهجورة والغرف المعبقة بالدخان والظلام من قبل ذلك التاريخ بكثير، لكن في فترةٍ ما لم تعد فكرة استحضار الأرواح قصرًا على الدجالين والمشعوذين وحدهم وإنما خرجت أصوات علماءٍ لربما جنوا في آخر حياتهم مثل سويدنبرج الذي جاء بعد أن أتم السبعين فهجر كل ما قضى عمره يتعلمه ويتعمق فيه من فلسفةٍ وفلكٍ ورياضياتٍ وهندسة وألقى به بطول ذراعه وبدأ يتحدث عن اللاهوت والله والعالم الآخر والأرواح والحياة بعد الموت، ولم يكتفِ بذلك وحسب بل وضع أول كتابٍ من نوعه يتحدث عن استحضار الأرواح وحقيقتها ولقائه معها وتلقيه الأخبار والخبرات منها عن العالم الآخر وعالم الموتى والثواب والعقاب والجنة والنار وأنه قادرٌ على الاتصال معهم كيفما شاء، وظل غارقًا في تلك الحكايات والناس تنظر إليه بعين العجب حتى مات، جاء الثاني بعده بخمسين عامًا في أمريكا ليكون أول من يضع علاقةً بين التنويم المغناطيسي واستحضار الأرواح وبناءً على ذلك بدأ يضع الكتاب تلو الآخر في ذلك الموضوع واعتبر نفسه متخصصًا وعالمًا كبيرًا في علم الأرواح وحياتهم ودنياهم التي وصفها بأنها أشبه ما تكون بدنيانا بكل حسناتها وسيئاتها لا يفصلنا ويفرقنا عنهم إلا أجسادنا المادية التي لا يملكونها.

أقوالٌ عن الجسد والروح وما يربطهما

عجزنا عجزًا تامًا عن معرفة الروح وحقيقتها ومهما بحثنا وتعمقنا وتطورنا في علومنا فلن نعرفها لأن الله عز وجل عندما سُئل عنها قال لنبيه محمد قل الروح من أمر ربي! ما يعني أن الروح سرٌ من الأسرار التي استأثر بها الله نفسه ولم يخبرنا عنها إذًا لا داعي للسعي وراء أمرٍ لن نعرفه مهما فعلنا، لكن البعض وخاصةً من العلماء ساقتهم رغباتهم وفضولهم العلمي وألم الجهل على قلوبهم ونفوسهم إلى محاولة إيجاد بلورة الطاقة التي تبعث الحياة في هذا الجسد، والتي ما إن تغادره حتى يهمد الجسد ويفنى ويتحلل فيا للعجب! وهل من الممكن استحضار الأرواح بعد معرفة حقيقة تلك البلورة أم لا لكنهم لم يصلوا ولو قيد أنملةٍ للحقيقة، كل ما أعرب عنه الباحثون والأطباء والعلماء كانت نظرية تقول بأننا لا نتكون من جسدٍ وروحٍ وحسب وإنما بينهما ما يُسمى بالجسم الأثيري، وهو هامدٌ كالجسد بدون الروح وزنه خفيفٌ جدًا ويتكون من جسيماتٍ بسيطةٍ لا تُرى بالعين المجردة ولا يستطيع أن يراه سوى أشخاصٌ محددون، ووظيفة ذلك الجسم الأثيري هو حمل الروح وربطها بالجسد، ويعتقدون أيضًا أن الجسد الأثيري يغادر الجسد حاملًا الروح عند النوم باعتبار النوم هو الموت الأصغر، ومثالٌ بسيطٌ عن عملية الموت الكبرى لكن الجسد والجسم الأثيري لا ينفصلان تمامًا بلا يظلّا على تواصلٍ عبر حبلٍ يربطهما ويعيدهما معًا ثانيةً عند الاستيقاظ.

انتشار فكرة استحضار الأرواح

لم تكن فكرة استحضار الأرواح مقتصرةً على فئةٍ أو أشخاصٍ محددين فمع ظهورها وشيوعها صار الجميع بكل أنواعهم يعتقدون بإمكانيتها ويؤمنون بقدرتهم على التواصل مع الأرواح وعالم الموتى ويعتقدون بأنهم لم يفقدوا أحبتهم تمام الفقد بعد وأن هناك وسيلةً قائمةً تتيح لهم التواصل معهم وبثهم شوقهم ولواعجهم، لا تندهش إن وجدت قديسين في كنيسة يؤمنون باستدعاء أرواح كإيمان مشعوذين ودجالين بها كإيمان سحرةٍ وملعونين بها كإيمان صوفيين ومسلمين بها! فكلٌ استخدمها ليخدم غرضًا معينًا خاصًا به، وقد يكون الشخص منقادًا خلف الفكرة لدرجة أنه هو نفسه مقتنعٌ بحقيقتها ووجودها بالفعل، كما أن الباحث في الحضارات القديمة كالفرعونية والهندية والوثنية سيعرف أن تلك الحضارات آمنت إيمانًا مطلقًا بعملية استدعاء الأرواح ومحادثتها ولقائها والتشرب من خبراتها، لذلك ما كانت فكرة استحضار الأرواح الحديثة إلا إحياءً لفكرةٍ كانت موجودةً وراسخةً في الماضي ثم اختفت وعادت للظهور ثانيةً، وبعد ذلك بدأ بعض المؤمنين بها بتحويلها من الجانب المظلم المشعوذ للجانب الدراسي والمختبرات والمعامل والنظريات والعلوم في محاولةٍ لإثباتها واستخدامها.

أساليب تحضير الأرواح

كما قلنا فانتشار فكرة استحضار الأرواح جعل منها نسبيةً ومختلفةً من شخصٍ لآخر ومن فئةٍ لأخرى حسب الهدف الذي يحاول أن يخدمه، وبالتالي ستجد الطريقة أكثر اعتمادًا على خلفية هؤلاء الأشخاص ومعتقداتهم واتجاهاتهم، فتجد السحرة والمشعوذين والدجالين لديهم فكرةٌ عن استحضار الأرواح عن طريق الغرف المظلمة والأماكن المهجورة وألواح الويجا والشموع والدخان والأبخرة وتلاوة كلماتٍ غريبةٍ مرعبة لا معنى لها من الأساس وبهذه الطريقة تحضر الروح! أو تجد في المختبرات ومع الناس الذين يدعون أنهم أكثر تفتحًا وعلمًا وثقافةً فتتحول جلسة استحضار الأرواح دومًا إلى جلسة تنويمٍ مغناطيسيٍ تظهر فيها الروح بطريقةٍ من الطرق وبشكلٍ من الأشكال، وغالبًا ما تظهر الروح عبر جسد الشخص الذي تم تنويمه مغناطيسيًا فتبدو وكأنها تستخدمه كوعاءٍ لها لتستطيع التواصل مع عالمنا، وفي مكانٍ آخر ستجدهم يعتقدون في احتضار الأرواح بالطاقة النفسية المجمعة السيئة أو الجيدة، كحلقات ذكرٍ مثلًا تستمر حتى يدخل الجميع في هالةٍ نفسيةٍ معينة وعندها تحضر الأرواح الصالحة لتشاركهم مجلسهم، أو كمكانٍ مهجورٍ مليءٍ بالطاقة السلبية الغاضبة بسبب جريمةٍ عنيفةٍ تمت فيه فاستدعت أرواحًا غاضبة.

استحضار الأرواح والدين

لا يحتاج منا الأمر القول أن الدين يتعارض تمام المعارضة مع فكرة استحضار الأرواح ولست أظن أن أي دينٍ سماويٍ جاء من عند الله يقر تلك الفكرة ويدعمها، أغلب تلك الأشياء ماهي إلا خرافاتٌ أتقنها أصحابها والأرواح سرٌ من أسرار الله كالغيب تمامًا لم يطلع أحدًا عليه ولا معنى لكل تلك المحاولات، بل إن أغلب تلك المعتقدات والإيمان بأشياءٍ كهذه قد يؤدي للكفر التام بالله وبدينه وبكل ما أنزله، فالروح شيءٌ لا مزاح فيه والحياة والموت والحياة بعد الموت قضايا لا يجب العبث فيها بتلك الطريقة لأن الله قدر لنا أن تكون تلك الأمور أكبر من إدراكنا حتى لا نعبث .

غفران حبيب

طالبة بكلية الصيدلة مع ميولٍ أدبية لعل الميل الأدبي يشق طريقه يومًا في هذه الحياة

أضف تعليق

20 − ثمانية عشر =