تسعة مجهول
ساوثسايد الخانق
الرئيسية » جريمة » ساوثسايد الخانق : سفاح تخصص في إزهاق الأرواح عن طريق الخنق

ساوثسايد الخانق : سفاح تخصص في إزهاق الأرواح عن طريق الخنق

ساوثسايد الخانق سفاح أمريكي من طراز خاص، حيث كان يقوم بإزهاق أرواح ضحاياه عن طريق أسلوب الخنق فقط، لماذا كان ساوثسايد الخانق يخنق ضحاياه؟ الإجابة هنا.

تُعتبر قضية ساوثسايد الخانق واحده من أكبر القضايا التي عصفت بالمجتمع الأمريكي نهاية القرن الماضي، خاصةً وأنها جاءت في وقت كان يُشاع فيه أن الجريمة قد انتهت من الولايات المتحدة الأمريكية تمامًا، إلا أن بطل قصتنا المجنون، والمعروف أيضًا بخانق الضاحية الجنوبية، كان له رأي آخر بجرائمه الخمسة التي تمت خلال سنتين فقط، والواقع أن كل هذا الصيت الذي حظي به هذا الخانق لم يكن من أجل قضايا القتل فقط، وإنما أيضًا للطريقة الغريبة التي سقط بها، فدعونا قبل أن نخوض في تفاصيل الجرائم نتعرف أولًا على المُجرم، ساوثسايد الخانق، وكيف أصبح قاتلًا للضاحية الجنوبية.

ساوثسايد الخانق وقصة سفاح من طراز خاص جدًا

من هو ساوثسايد الخانق؟

في البدء، علينا أن نعرف أن ساوثسايد الخانق ليس الاسم الحقيقي لهذا المجرم، وإنما فقط اسم شهرته، أما اسمه الحقيقي فهو تيموثي ويلسون سبنسر، وهو من مواليد مقاطعة فيرجينيا القابعة بالولايات المتحدة الأمريكية، أغسطس 1961 تحديدًا، والولايات المتحدة الأمريكية لمن لا يعرف كانت في هذا الوقت أشبه بقط يستعد للوثب على العالم بأكمله، حيث كانت قد انتهت من هتلر والحرب العالمية الثانية وبدأت في إزاحة غريمها التقليدي الاتحاد السوفيتي، أما ساوثسايد الخانق فلم يكن على علم بكل ذلك، لأنه كان وقتها مُجرد طفل فقير يتبع الطبقة الكادحة

طفولة ساوثسايد الخانق

بالتأكيد ساوثسايد الخانق قبل أن يكون مُجرمًا كان مُجرد طفل عادي، لكن الأطفال أيضًا يُمكن تصنيفهم حسب المعاملة والتربية والظروف المادية التي مروا بها، وهي بالنسبة لهذا الخانق كانت مُجرد حِقبة من الجحيم.

كان والد ساوثسايد يعملُ في القضاء، وقد يعتقد البعض من الوهلة الأولى أننا بصدد التحدث عن مكانة مرموقة وظروف مادية جيدة للطفل ساوثسايد، لكن هذا للغرابة لم يكن موجودًا بالصورة التي نتخيلها، فقبل أن يتم ساوثسايد العامين تركه والده ويلسون مع والدته وذهب للعيش والزواج في مكان آخر، ليُصبح العبء بأكمله على الأم، والتي كانت تُلبي احتياجات طفلها من خلال العمل كخادمة في البيوت، ولكم أن تتخيلوا الحالة الاجتماعية والنفسية لطفل تعمل والدته خادمة في بيوت أصدقائه في المدرسة.

حلم لم يكتمل

قبل أن يكون ساوثسايد الخانق خانقًا كان تيموثي ويلسون الطموح، لذلك جاهد تيموثي الطموح من أجل الحصول على شهادته والعمل بالمحاماة مثل والده الذي لم يراه، إلا أن كل ذلك كان مُجرد حلم، حلم لم يكتمل.

مرضت والدة ساوثسايد مرضًا شديدًا وهو في سن الخامسة عشر، فاضطرت للجلوس في البيت واضطر ساوثسايد بدوره إلى العمل من أجل تغطية تكاليف علاجها، ثم لم تمضي شهور قليلة حتى ماتت تاركة ساوثسايد يُحارب فقره الذي كان يعوقه عن إكمال التعليم، لكن، في النهاية، انتصر الفقر، ولم يستطع الفتى إكمال تعليمه بسبب ظروفه المادية، لتبدأ بعدها شخصية ساوثسايد الخانق في الظهور.

بداية ساوثسايد الخانق

بالطبع جميعنا يتخيل ما سيُصبح عليه فتىً في الثالثة والعشرين يشعر بأن الظروف المادية والاجتماعية قد قهرته ومنعته من تحقيق أحلامه، جميعنا يتخيل كم الكره الكبير للمجتمع والناس والكون بأكمله، وهذا بالضبط ما حدث.

توقف ساوثسايد فجأة عن العمل وشعر أن حياته الطبيعية أيضًا قد توقف، بدأ بالتسول ثم أتبعه بحوادث السرقة وقطع الطريق، كان يشعر دائمًا أن هذا الطريق هو أمر طبيعي لأي شخص يمرّ بنفس الظروف التي مرّ بها، والتي كان يكيل لها الاتهامات دائمًا ويُحملّها مسئولية ما آل عليه، لكن، هل توقفت الأمور عند ذلك الحد؟

مُنحنى جديد

مع الوقت، بدأت حياة ساوثسايد تأخذ مُنحنىً جديدًا مُغاير تمامًا لم يسبقه، فلم تعد السرقة وقطع الطريق أكبر مساوئه، بل أصبحت أيضًا فكرة الاغتصاب تُسيطر عليه، والمُغتصب هذه المرة ليس الأموال، وإنما نساء فيرجينيا الجميلات.

كان ساوثسايد الخانق يعلم أن السمعة السيئة التي اكتسبها من السرقة وقطع الطرق لن تجعل أي فتاة في فيرجينيا تقبل الزواج منه، كما أنه لم يكن أصلًا يمتلك التكاليف المادية التي تُساعده على إتمام أي زواج، لذلك قرر أن يغتصب النساء مثلما يغتصب الأموال، وللغرابة، استطاع في عام واحد اغتصاب عشرة نساء دون أن يتم الإيقاع به، لكن، هل كان ترك الضحية بعد اغتصابها صحيحًا؟ ساوثسايد فطن مؤخرًا إلى أن الإجابة لا، ولذلك أخذت حياته منحنى ثالث هام.

ساوثسايد يُصبح خانقًا

قبل أغسطس 1984 لم يكن ساوثسايد معروفًا باسم ساوثسايد الخانق، لكنه في إحدى ليالي هذا الشهر ارتكب أول جريمة قتل عن طريق الخنق، ليُعرف بعدها بهذا الاسم.

كانت بعض الأخبار التي تصل إلى ساوثسايد تقول بأن بعض ضحاياه من النساء المُغتصبات قد بدأن في التعرّف عليه وأخبروا بعضًا من صفاته للشرطة، ولذلك لجأ ساوثسايد إلى تغيير استراتيجيته القديمة، وانتهج نهجًا جديدًا وهو قتل الضحية بعد اغتصابها، وتمكن بالفعل من تنفيذ ذلك في أربعة جرائم حدثت خلال عامين، وهما 1985 و1986، لكن، بعدهما جاء سقوطه بطريقة لم يكن يتوقعها.

سقوط ساوثسايد الخانق

مع بداية عام 1987 كانت السطور الأخيرة في حياة ساوثسايد الخانق تقترب من الانتهاء، فالمجرمون مهما كان ذكائهم ومهارتهم آيلين للسقوط، وساوثسايد في الحقيقة لم يكن مهاري أو ذكيًا، بل كان مُجرد، قاتل مجنون يغتصب نساء فيرجينيا ثم يشرع في خنقهم حتى الموت.

في إحدى المرات، وتحديدًا في المرة الأخيرة، كان ساوثسايد يغتصب امرأة عادية ويستعد لخنقها، إلا أنه تفاجئ بوصول زوجها لإنقاذها، والذي لم يكن للغرابة سوى ضابط شرطة، لكن، قبل ذلك هل أنتم مستعدون للكشف عن المفاجأة التي أغفلناها في السطور الفائتة؟ والتي تتعلق بمسرح الجريمة الذي كان يرتكب فيه ساوثسايد كل هذه الحماقات.

مسرح الجريمة المجنون

صدق أو لا تُصدق، كان ساوثسايد الخانق يغتصب ضحاياه ويخنقهم حتى القتل في بيوتهم، أجل، كما سمعتم، هذه كانت عادته المفضلة، أن يذهب إلى أحد البيوت بطريقة عشوائية ثم يدخل ويغتصب بالمرأة الموجودة فيه على فراشها ويقتلها خنقًا حتى الموت، كانت عادة مجنونة جدًا، لكنه في فبراير 1987 وجد قدميه تقوداه إلى منزل زوجة ضابط شرطة، وليس هذا فقط، بل أيضًا في موعد عودته من العمل، وبالطبع أنتم ترددون في أنفسكم الآن عبارة منطقية جدًا ومُتوقعة بسبب هذا الجنون، أجل، كما تقولون تمامًا، لقد سقط ساوثسايد الخانق المجنون كما تسقط الفريسة بالضبط.

نهاية ساوثسايد الخانق

كانت نهاية شبه مؤكدة، لذلك لم تأخذ التحقيقات وأقوال الشهود سوى أشهرٍ قليلة حتى حكم عليه بالإعدام في الغرفة الكهربائية، وما هي إلا عدة أسابيع حتى تم تنفيذ هذا الحكم بالفعل، لتُكتب بذلك نهاية شبه منطقية لمجرم مجنون مثل ساوثسايد الخانق، لكن، وبما أن الرجل ليس موجودًا بيننا اليوم، هل يُمكن أن نعترف حقًا أن المجتمع والظروف المادية كانا سببًا في كل ما وصل إليه؟ وإن كان، فهل كل الذين لقوا معاملة ساوثسايد وعاشوا نفس ظروفه لقوا نفس المصير؟ في الواقع هذه قضية مُعقدة جدًا، يعجز الكثيرون عن تحديد المُتهم والبريء فيها، أو بمعنى أدق، تحديدًا الأكثر ذنبًا في الطرفين.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

خمسة عشر + اثنا عشر =