تسعة مجهول
رفاييل راميريز
الرئيسية » جريمة » رفاييل راميريز : سفاح السكك الحديدية الذي سلم نفسه للشرطة

رفاييل راميريز : سفاح السكك الحديدية الذي سلم نفسه للشرطة

رفاييل راميريز سفاح مكسيكي يُلقب بسفاح السكك الحديدية لأنه ارتكب جرائمه بالقرب من محطات القطار، وبالرغم من كثرة ضحاياه إلا أنه لم يتمكن أحد من القبض عليه.

يُعد السفاح المكسيكي رفاييل راميريز أحد أشهر السفاحين الذين مروا في تاريخ الجريمة الحديثة، وبالطبع ليس بجديد علينا أن الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك تحديدًا هما أكبر دولتين امتلاكًا للسفاحين في التاريخ، فنسبتهم تتجاوز الثمانين بالمئة، لكن رفاييل راميريز يتغلب على معظم هؤلاء بما قدمه في جرائمه من طرق قتل وسرقة واغتصاب، وما انتهي إليه سجله الإجرامي بعد أكثر من عشر أعوام، حيث يُعتبر السفاح الوحيد تقريبًا الذي لم يتم القبض عليه، وإنما قام هو بتسليم نفسه للشرطة بعد نصيحة شقيقته، لكن، قبل أن نخوض في طريقة القبض عليه، دعونا نتعرف على رفاييل راميريز وجرائمه وأسباب تسميته بسفاح السكك الحديدية.

طرق غريبة للقتل والسرقة والاغتصاب من قبل رفاييل راميريز

من هو رفاييل راميريز؟

وُلد رفاييل رايريز بمدينة تكسيكو سيتي بالمكسيك عام 1965، والمكسيك في هذا الوقت لمن لا يعرفها كانت عبارة عن وكر ودار كبيرة لرعاية القتلة والمجرمين، كما أن أشهر عصابات ومافيا العالم كانوا يجعلون منها مستقرًا لهم، وربما لاحظ الجميع ذلك في الأفلام العالمية التي تُصوّر المكسيك في هذا الوقت، لكن، بعيد عن كل ذلك العبث، نشأ رفاييل نشأة عادية ومُتزنة بعض الشيء، فقد كان والده راميريز يعمل في مصلحة البريد، وهي وظيفة ليست بالسيئة في مثل هذه الأوقات بالنسبة للمكسيكين، فقد ضمنت له تعليم جيد وطعام وشراب وملبس ومسكن، لكن هذه الأشياء ليست كل ما يُمكن أن تمنحه الحياة لطفل في التاسعة من عمره، فقد شهدت السنة التاسعة رحيل والدته بمرض مفاجئ.

الحياة تُدير ظهرها

بدأت الحياة تُدير ظهرها لبطل قصتنا رفاييل راميريز وهو في التاسعة من عمره، حيث ماتت والدته، وأصبح والده الفظ بعض الشيء عائله وحاضنه الوحيد، وقد أثرت التربية الشديدة في نفسية رفاييل بالطبع إلا أن الأمور تحاملت على نفسها ومرت بسلام حتى سن الثلاثة والعشرين، حيث رحل والد رفاييل وحل في حياته بدلًا منه زوجة وثلاثة أبناء، وجد رفاييل نفسه غير قادر على إعالتهم أو تقضية حاجتهم البسيطة، ليجد نفسه شيء فشيء يضع خطوة على سُلّم السرقة والقتل.

بداية سفاح السكك الحديدية

بدأ رفاييل راميريز، أو سفاح السكك الحديدية، حياته الإجرامية عام 1986، والغريب، أنه بالرغم من كون رفاييل من أبناء المكسيك إلا أنه قرر بدء مارثون جريمته من الولايات المتحدة الأمريكية، مُستغلًا بذلك القطار الذي كان يربط بين البلدين في ذلك الوقت، حيث ساعده هذا الأمر على التنقل بحرية والقتل والسرقة ثم العودة إلى البلاد في نفس اليوم، وبالطبع هي خطة ذكية، إذ أن الأمر البديهي بعد وقوع الجريمة في أي بلد أن يتم البحث عن المجرم في ربوع البلاد، وطبعًا من الصعب التخيل أن يقوم شخص بقتل شخص في بلد آخر ثم يلوذ بالفرار إلى بلده في نفس اليوم، لكن القطار الرابط بين الولايات المتحدة والمكسيك جعل من ذلك الأمر مُمكنًا.

سفاح السكك الحديدية

كما ذكرنا، بدأ رفاييل راميريز جرائمه عام 1986، أي في سن الثلاثين تقريبًا، وقد تمكن خلال خمسة عشر عام إسقاط ما يقرب من ست وعشرين ضحية بين نساء ورجال، شيوخ وأطفال، وجميعهم لقوا حتفهم بالقرب من السكك الحديدية.

جيسي وويندي، أولى الضحايا

كان الشاب جيسي وخطيبته ويندي افتتاحية رفاييل راميريز لضحاياه، حيث رصدهما رفاييل وهما يتجولان في فرح، واستنتج أنهما يملكان الكثير من المال، إضافةً إلى أنه أُعجب بجسد ويندي وقرر التلذذ به قدر الإمكان، لذلك قام بمهاجمتهما ثم قتل جيسي الصغير بسهولة واغتصب خطيبته ويندي بنفس السهولة بعد أن قام بتقييدها واغتصابها، ثم سرق أغراضهما وقام بقتلهما ودفنهما بالقرب من إحدى خطوط السكك الحديدية وعاد في القطار المتُجه إلى المكسيك قبل غروب الشمس، كل ذلك حدث في أقل من ثلاث ساعات، والغريب أن أحدًا لم يلحظ ذلك أو يشعر به، ليتيقن رفاييل أن الأمور ستسير معه في المرات القادمة على أكمل وجه، ويُقبل على القتل بنهم شديد.

ضحايا السكك الحديدية

توالت ضحايا رفاييل راميريز واحدة تلو الأخرى، وكان في أغلب المرات يُفضل اصطياد شاب وخطيبته أو رجل وزوجته، وكان دائمًا ما يُحدد ضحاياه من خلال القطار، حيث هناك يُمكن مُعاينتهم ومعرفة إذا كانوا يملكون أموالًا كافية أم لا، لكن جنون رفاييل قاده ذات مرة إلى التخطيط إلى قتل امرأة تتجاوز الثمانين عامًا، وبالفعل قتلها.

كانت تلك العجوز طبيبة بإحدى الجامعات الكبرى، وكان من المُفترض أن تُسلّم بحثًا ذلك المساء يتعلق بمرض نادر، ولذلك كان بانتظارها فريق كامل مزود بفرد من الشرطة، ولما لم تصل العجوز قام الفريق بقلب المحطة عليها والتفتيش عنها في كل مكان، ليتمكنوا في النهاية من العثور على جثتها مُلقاة خلف إحدى المحطات المهجورة، ويبدأ البحث عن القاتل وسط رغبة حقيقية في العثور عليه هذه المرة.

بداية سقوط رفاييل

كانت بداية سقوط سفاح السكك الحديدية رفاييل راميريز في يونيو عام 1999، حيث كانت البصمات التي عُثر عليها في مسرح جريمة قتل الطبيبة العجوز قد تم مُطابقتها والتوصل إلى هوية القاتل، وقد توصلت الشرطة أيضًا إلى أن القاتل يسلك كل صباح القطار القادم من المكسيك إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لذلك قامت بمداهمة القطار بقوة مئة شرطي وتم تفتشيه بعناية شديدة، إلا أن السفاح بكل أسف لم يكن متواجدًا فيه، ليخيب أمل قوات الشرطة.

السقوط الحقيقي

جاء السقوط الحقيقي للسفاح المكسيكي رفاييل راميريز على خلاف المتوقع من الجميع، فبعد أن عجزت الشرطة عن الوصل إليه قامت بعمل جائزة كبيرة قدرها مئة ألف دولار لمن يُدلى بأي معلومة يُمكن من خلالها القبض على هذا السفاح، وقد كانت المعلومة الأولى، والأهم بكل تأكيد، هي تحديد بيت رفاييل.

وصلت الشرطة الدولية إلى منزل رفاييل راميريز، وقاموا باستجواب زوجته وأطفاله الذين أنكروا تمامًا معرفتهم بما يفعله رفاييل، لكن بالتفتيش عثرت الشرطة على صندوق صغير مليء بالمجوهرات في أغراض الزوجة، تبين فيما بعد أنه يتبع إحدى الضحايا، لكن، بما أن الشرطة لا تمتلك أي شيء يُدين الزوجة لم تتمكن من القبض عليها، وذهبت إلى منزل شقيقة رفاييل وقاموا بتهديدها بتصفية شقيقها إذ لم تُدلي بأي معلومة عنه، وبالفعل قامت الشقيقة بمحادثة شقيقها ونصحته بتسليم نفسه أملًا في تخفيف الحكم، ليسقط رفاييل راميريز في صباح اليوم الأخير من أغسطس 1999.

نهاية رفاييل راميريز

بعد تسليم رفاييل راميريز نفسه تمت محاكمته محاكمة عاجلة، تكفلت وسائل الإعلام بتسليط الضوء عليها، وقد تم الحكم عليه في البداية بالسجن المؤبد مع الأشغال الشاقة، إلا أن ثورة أهالي الضحايا وعدم اقتناعهم بالحكم تسبب في إعادة المحاكمة والحكم بإعدامه بالحقنة القاتلة، وقد تم تنفيذ الحكم بالفعل مطلع القرن الحادي والعشرين وسط تسليط إعلامي كبير أيضًا، حيث عد الجميع هذا اليوم يومًا تاريخيًا للعدالة بما حدث فيه من قصاص لضحايا سفاح السكك الحديدية الذي أعمل القتل خمسة عشر عامًا بلا انقطاع ولم يتمكن أحد من القبض عليه، بل قام هو بتسليم نفسه ليلقى بعدها مصيره المحتوم والمُستحق.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

17 + 9 =