تسعة مجهول
تيمور لنك
الرئيسية » اسطورة » تيمور لنك : تعرف على رجل التتار المرعب السادي

تيمور لنك : تعرف على رجل التتار المرعب السادي

لن ينسى التاريخ قصص الرعب التي تسبب بها زعيم التتار تيمور لنك للعالم، فهذا الرجل تسبب بوحشيته في إزهاق آلاف آلاف الأرواح، تعرف على تيمور لنك عن قرب هنا.

ما زال التاريخ حتى الآن يُقسم بما حدث من مجازر وجرائم على يد تيمور لنك ، ما زالت دماء ضحاياه تجري في أنهار دجلة والفرات، ما زالت المنارات البشرية التي بناها بجماجم ضحاياه، كل دمار خلّفه هذا الشيطان لا يزال تبعاته قائمة حتى الآن لتشهد على ستة عقود مرت كأصعب ما يكون على الإنسانية، رأي فيها العالم انتهاكات لم يشهدها من قبل، ورجالٌ لم يتركوا للوحوش شيء، وضعفاء عانوا كما لم يُعاني أحد غيرهم، كل هذا وأكثر حلّفه تيمور لنك ورفاقه، فدعونا نتعرف على هذا السفاح في السطور الآتية ونعرف لماذا تم تسميته برجل التتار المرعب.

تيمور لنك وسيرة الزعيم السادي المرعب

من هو تيمور لنك؟

وُلد السفاح تيمور لنك بأحد المدن الواقعة بسمر قند والتي تُدعى كش، كان ذلك في الخامس والعشرين من شعبان القابع في عام 736، حيث كان قد مر 736 عامًا على هجرة النبي، والذي لم يتعلم ابن السفاح ترغاي أي شيء، فقد كان ترغاي والد تيمور أشبه بولده، حيث كان سفاحًا هو الآخر، ويمتلك سجل كبير من الجرائم، لكنه لا يقترب أبدًا مما فعله تيمور لنك، والذي كان يُسمى أيضًا بالملك الأعرج، وذلك إثر تلقيه ضربة سيف في إحدى المعارك، أجل كان أعرجًا وارتكب كل هذه المذابح، فما بالكم لو كان صحيحًا بلا عرج؟

منذ الصغر حرص والد تيمور على إدخال ولده في شئون الحكم، ورغم أنه كان مُجرد قائد للجيش المغولي إلا أنه كان يطمح في تحقيق ابنه ما عجز هو في طوال حياته عن فعله، وهو تولي عرش المغول.

بداية حكم تيمور لنك

عرف تيمور لنك من أين تُأكل الكتف، وأدرك جيدًا أن الجنود المُخلصين الذين يُقاتلون من أجل وطنهم وشعبهم لن ينضموا إليه، لذلك بدأ حياته بمجموعة من السرقات استطاع من خلالها تكوين أموال طائلة، اشترى بها ثلة من الجنود والحثالة الذين لا يشغلهم سوى بطونهم، ومع الوقت بدأ جيشه في الازدياد حتى أصبح قوة كبيرة تتمكن من غزو الممالك.

بداية تيمور لنك كانت من خلال السيطرة على مدينته سمرقند، حيث لم تصمد دفاعاتها الهاوية أمام قوة رعاع جيش تيمور لنك، ثم بدأ بعد ذلك حملته التوسعية حوله، فغزا العراق وإيران، وهاجم المملكة العثمانية في الإسطنبول، وقتل ملكها بايزيد، ثم بدأ بعد ذلك في غزو روسيا والهند وتوسع كثيرًا وكثيرًا حتى سيطر على ثلثي الأرض، وفي الحقيقة، كان سلاحه الرئيسي في كل هذه الحروب هو الخوف، حيث كان يمتلك قدرة كبيرة على بث الرعب والخوف في نفوس أعداءه، وذلك من خلال المجازر التي كان يقوم بها في البلاد التي يُهاجمها، ونحن إذ نتحدث عن الجزار تيمور لنك فلا يجب أن نغفل أبدًا ذكر بعضَا من تلك المجازر الدموية.

مجزرة سبزوار

أولى مجازر تيمور لنك كانت في عام 785، وكانت في خراسان، وتحديدًا مدينة سبزوار، حيث أخطأ أصحاب هذه المدينة خطأ فادحًا وقاموا بالدفاع عن مدينته أمام هجمات جيش تيمور لنك، فجاء عقابهم شديدًا بعد سقوط المدينة حيث تم مُهاجمتهم بعد رفع الشارة السوداء، وكانت هذه العلامة تعني أنه لا يجب أن يبقى أحد على قيد الحياة في المدينة، وبالفعل تم قتل ما يقرب من مئة ألف من أهل المدينة ما بين عشيةٍ وضحاها.

الأمر لم ينتهي أبدًا عند ذلك الحد، بل أمر تيمور لنك أيضًا بقطع رؤوس كل هؤلاء الضحايا وتشييد بُرج عالٍ بها، وبالفعل قام المُهندسون والمعماريون الموجودين في جيش تيمور لنك بعمل مُخطط هندسي لذلك الصرح البشري، بينما أُمر من بقى من أهل مدينة سبزوار بقطع رؤوس ذويهم وبناية البرج، حتى أصبح بعد بناءه يُشبه البرج الحقيقي المُشيد بالحجارة، لكن الفارق الوحيد أن هذا البرج كان يعج برؤوس أهالي سبزوار، والذين لم يتركهم تيمور لنك عند ذلك الحد وقام بدفنهم أحياء ليجعل المدينة بأكملها بلا حياة في مجزرة لم يسبق أن رأى التاريخ مثلها، ومع ذلك لم يتوقف تيمور لنك وأكمل طريقه باحثًا عن البلدة التي سيُقيم بها مجزرته الجديدة، وكانت تلك الضحية هي مدينة أصفهان ب إيران.

مجزرة أصفهان

مجزرة تيمور لنك الثانية كانت في مدينة أصفهان الإيرانية، فقد أخطأت هذه المدينة نفس خطأ سبزوار وقامت بمقاومة تيمور لنك وجيشه واستعصت عليه لأكثر من تسع شهور، بل أنها أسقطت عشرين بالمئة من جنوده، حتى جن جنون تيمور وأمر بالقتل العام مرة أخرى مثلما فعل مع أهالي مدينة سبزوار، ليتم قتل الأطفال والنساء والرجال في الشوارع والنساء، وذكر البعض في كتبهم أنه من شدة الحصار، الذي كان مفروضًا على هذه المدينة قبل الاقتحام، فتح الجنود بطون قتلاهم فلم يجدوا به سوى النباتات والعشب الأخضر، لكن تيمور لنك لم يتأثر بكل ذلك وواصل المذبحة.

الأطفال أيضًا كانوا كبش فداء أثناء تلك المجزرة، حيث توهم أحد العلماء أنه إذا تم وضع هؤلاء الأطفال في طريق هذا الطاغية فإن قلبه سوف يلين ويرفق بأهالي هذه المدينة، لكن هذا لم يحدث أبدًا، بل أمر تيمور لنك بدهس هؤلاء الأطفال في طريقه وقتلهم جميعًا، ثم أمر بعد ذلك بتسوية المدينة كلها بالأرض، ولم ينسى بالطبع قبل كل ذلك أن يُقيم منارة كبيرة برؤوس أهالي المدينة.

تيمور لنك والأسرى الهنود

في الطريق إلى الشام مرّ تيمور لنك بالهند، وهناك قام بأسر ما يزيد عن مئة ألف مقاتل، ومع الوقت ظهر العجز في الطعام والشراب، فوجد تيمور لنك الحل في التخلص من هؤلاء الجنود، حيث قام بذبحهم كالبعير، ولم يأخذ الأمر في يد تابعيه من الأوباش أكثر من عشيةٍ واحدة.

بعد ذلك أكمل تيمور رحلته إلى بغداد والموصل وحلب، وقام بإسقاط كل المدن التي واجهته وإقامة المجازر فيها كطريقة لبث الرعب والخوف في قلوب المدن التي ينوي فتحها، والغريب، والذي ربما سيُدهشكم جميعًا، أن تيمور لنك، السفاح المتوحش هذا، كان مُسلمًا، ومُتدينًا للغاية، حتى أنه كان يحمل مسجدًا مُتنقلًا معه، ويُقال أيضًا أنه كان يحفظ القرآن عن ظهر قلب، ويعرف العديد من العلوم الشرعية ويتفوق على الكثير من العُلماء، لكن لا أحد يعرف حتى الآن كيف كان يرتكب كل هذه المذابح والانتهاكات الإنسانية وهو يدين بالإسلام، ذلك الدين الذي لا يأمر بالتعدي على مجرد شجرة، لكن، مثل أي طاغية، جاءت نهاية تيمور لنك درسًا وعبرة.

نهاية تيمور لنك

الجميع كان يتمنى نهاية تيمور لنك عاجلًا أو آجلًا، وكانت هناك الكثير من المحاولات لاغتياله، لكن يشاء الله أن يُسلط عليه المرض، وليس مرض خطير مثلًا، بل مجرد البرد، والذي أخذ يُفتت في جسده ويجعله يتلوى أمام أفضل أطباء الأرض، ومع ذلك لم يتمكن أحد من علاجه، حتى أنه كان في آخر أيامه مُغيب تمامًا عن الحياة ولا يشعر بانتصارات أو انكسارات جنوده، وظل على ذلك الحال حتى انتهى صبيحة يوم مُشرق، جاء ليُعلن عن نهاية عهد من الظلم والانتهاك وبداية عهد جديد، مهما شهد من ظلم لم يصل أبدًا إلى وصل في عهد تيمور لنك.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

10 + 12 =