تسعة اولاد
الرئيسية » كهربية وإلكترونات » الرادار : ما هو مبدأ عمل أجهزة الكشف عن الأجسام وكيف ظهرت؟

الرادار : ما هو مبدأ عمل أجهزة الكشف عن الأجسام وكيف ظهرت؟

الرادار

قصة الرادار ترجع للحرب العالمية الأولى لكنه تعرض إلى العديد من التطويرات والتحسينات على مر العقود التالية وهذا ما سنشرحه لك بالتفصيل حتى تفهم طبيعة عمله.

الرادار هو نظام استكشاف والذي يستخدم الأمواج الراديوية لتحديد المدى وسرعة وزاوية الأجسام المتحركة، يمكن استخدامه في الكشف عن الطائرات والصواريخ الموجهة وتشكلات الطقس كالأعاصير. يتكون نظام الجهاز من جهاز إرسال وجهاز استقبال. جهاز الإرسال يقوم بإرسال الموجات الكهرومغناطيسية في اتجاه معين ويقوم الهوائي المخصص لاستقبال بإعادة استقبال تلك الموجات المنعكسة من الأجسام المختلفة وذلك لتحديد خصائصها.

تعرف على مبدأ عمل أجهزة الرادار

ما هو الجهاز ومتى تم اكتشافه؟

الرادار هو اسم تم تكوينه من بدايات الحروف الإنجليزية لعبارة (الكشف الراديوي وتحديد المدى) وقد تم تطويره بشكل سري في البداية للاستخدام العسكري وذلك في أعقاب الحرب العالمية الأولى. وتم تطويره بشكل كبير وتم استخدامه خلال الحرب العالمية الثانية. من الاستخدامات المعروفة للرادار التطبيقات العسكرية كاكتشاف الطائرات والأغراض البحثية والتي تعني باستكشاف البحار. وقد تم تطويره بحيث أصبح عاملاً عام 1920 على يد مجموعة علماء بريطانيين.

بدايات الرادار

حوالي عام 1886، قام الفيزيائي الألماني هنريك هرتز بالتجارب التي أثبتت أن الموجات الراديوية يمكنها أن تنعكس من على الأسطح المعدنية. وفي عام 1895 استطاع ألكسندر بوبوف وقد كان معلم لمادة الفيزياء في المدرسة البحرية الروسية أن يطور جهازًا يمكنه أن يكشف عن ضربات البرق البعيدة باستخدام أنبوبة كوهرر وهي أنبوبة تعد أصغر شكل لجهاز إرسال واستقبال راديوي مصغر وقد تم استخدامها في بدايات القرن العشرين. بعدها قام ألكسندر بوبوف بالتطوير على هذا الجهاز البدائي لكي يختبر الاتصال اللاسلكي بين سفينتين في بحر البلطيق، وأثناء هذا الاختبار وجد نبضات تداخل للإشارات الكهرومغناطيسية بسبب عبور سفينة ثالثة بين السفينتين. قام بوبوف بالإشارة إلى أن تلك التقنية قد تستخدم في الكشف عن الأجسام البعيدة ولكنه لم يطور الجهاز ليشمل تلك الخاصية.

يأتي دور الألماني كريستيان هاسلماير والذي كان الأول لاستخدام الأمواج الراديوية للكشف عن وجود الأجسام المعدنية في عام 1904. والذي أوضح في ورقة بحثية عن إمكانية اكتشاف وجود سفينة في الضباب ولكن في مدى قريب من جهاز إرسال أمواج الرادار. وفي شهر أبريل اللاحق من نفس العام حصل على براءة اختراع بخصوص جهاز الكشف عن السفن وحصل بعدها بفترة على براءة اختراع أخرى فيما يتعلق بحسابات المسافة التي تفصل بين السفينة وجهاز الإرسال.

التطويرات التي لحقت بالرادار

في عام 1922 قام العالم هوت تايلور والعالم ليو يونج بالعمل مع البحرية الأمريكية على تجربة إنشاء جهاز إرسال واستقبال للأشعة الكهرومغناطيسية على طرفي نهر البوتوماك واكتشفوا أن مرور سفينة بين جهاز الإرسال والاستقبال قد سببا خفوت الإشارة ثم رجوعها إلى وضعها الأصلي. قام تايلور على إثرها بتقديم تقرير يقترح أن تلك التقنية يمكن أن تستخدم في استكشاف أماكن السفن في حالات الرؤية المنعدمة. ولكن البحرية الأمريكية لم تستجب مباشرة لذلك التقرير ولم تبدأ العمل حتى عام 1930 عندما بدأ العالم لورانس هايلاند في المختبر البحثي البحري بمشاهدة نتائج مماثلة من عبور طائرة تلك المرة. مما قاده لكتابة ورقة بحثية والحصول على براءة اختراع في ذلك المجال نقل على إثرها إلى العمل مع العالمين تايلور وليو يونغ.

ننتقل إلى الجانب الآخر من المحيط الهادئ لشواطئ المملكة المتحدة حيث عملوا بداية من العام 1920 على تطوير الفكرة المبدئية للرادار والاتصالات الراديوية واستخدامها في تحديد الأهداف. متضمنين تجارب لاكتشاف طبقة الأيونوسفير واستكشاف البرق من مسافات بعيدة. لقد أصبح العالم روبرت واتسون خبيرًا في استخدام تحديد الاتجاهات باستخدام الموجات الراديوية كجزء من مشروع استكشاف صواعق البرق. وكجزء من أبحاثه قام بسؤال العالم أرنولد فريدريك والكنز أن يجد استخدام مناسب للموجات الراديوية قصيرة المدى. قام والكنز بالعديد من الدراسات على الوحدات الاستكشافية الموجودة لديهم وأكمل على الأبحاث حتى توصل إلى النتيجة التي توصل إليها المختبر البحثي البحري الأمريكي وهي حدوث خفوت في الإشارة المستقبلة في حالة مرور طائرة خلال مجال البحث بالموجات قصيرة المدى.

المزيد من التطويرات

بعد الحرب العالمية الثانية بدأ العلماء في مختلف البلدان الأوروبية بالعمل على تطوير فكرة الرادار، وقام علماء من بلدان مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وهولندا والاتحاد السوفيتي بالتطوير بشكل منفرد حتى يتم تنقيح فكرة الاختراع ليعمل بكفاءة أفضل. ففي عام 1934 وبعد دراسات مفصلة على نسخة خاصة من الصمامات المغناطيسية الإلكترونية يدعى الصمام المغناطيسي المزود بقطب موجب مقسوم في المعمل الفرنسي للاتصالات اللاسلكية حيث بدأ العمل على ماكينة رصد العوائق باستخدام موجات رادار قصيرة المدى. والذي تم تنصيبه على السفينة نورماندي في عام 1935.

في نفس التوقيت كان الاتحاد السوفيتي يجري العديد من الأبحاث بقيادة المهندس أوسيفكوف بالتعاون مع مؤسسة ليننجراد للطاقة الكهروفيزيائية على ابتكار ماكينة جديدة تستطيع اكتشاف وجود الطائرات على بعد 3 كيلومتر من جهاز الاستقبال. أطلق الاتحاد السوفيتي على هذه الماكينة اسم رابيد ولم يكن الاسم رادار قد أصبح متداولاً بعد، وبدأوا بإنتاج هذا الجهاز بأعداد كبيرة لإلحاقه بالمعدات العسكرية المختلفة. فأصبح الرادار جاهزًا للاستعمال عام 1939. ولكن الأبحاث سرعان ما تراجعت سرعتها إثر القبض على أوسيفكوف ولم يكن قد صنع سوى 607 وحدة من الماكينة الجديدة.

إنتاج أجهزة رادار فعالة

في عام 1943 بدأ إنتاج رادار جينس 2 والذي دخل الخدمة عام 1944 على طائرات البي 2 المحاربة. أكثر من 230 جهاز رادار من النموذج السابق قد تم تنصيبهم بحلول عام 1945. ومع دخول الرادارات الحيز التطبيقي للاستخدام العسكري الذي قد تم ابتكاره لأجله إلا أنها ظلت أجهزة ذات نفع محدود. فقد كانت الأجهزة الروسية والفرنسية تعتمد على مبدأ عمل متواصل ولم يكن قد تم اكتشاف مبدأ إرسال نبضات بدلاً من موجات مستمرة من الموجات الكهرومغناطيسية قصيرة الموجة. تطور كجهاز يعمل بالنبضات عام 1934 بواسطة الأمريكي روبرت بيج والذي عمل في المختبر البحثي البحري الأمريكي. وفي العام التالي قام الجيش الأمريكي باختبارات ناجحة باستخدام رادار بدائي للبحث عن منصات الموانئ في الليل. أتبع هذه التجربة تطوير رادار يعمل بنظام النبضات بواسطة العالم رودولف كنولد عام 1935.

بدايةً من عام 1935 بدأت وزارة الطيران البريطانية بقيادة واتسون في تطوير نظام الرادار المعروف حاليًا عندما أصبح واتسون المسئول الأول عن تطويره. فبدأ في إنتاج ما سمي وقتها ببيوت السلاسل على طول السواحل الشرقية والغربية لإنجلترا في نفس التوقيت الذي بدأت فيه المملكة المتحدة الحرب العالمية الثانية عام 1939. هذا النظام المترابط من بيوت السلاسل ساعد قوات الطيران الملكية البريطانية في فوزها أثناء معركة بريطانيا الجوية ضد القوات الجوية الألمانية عام 1940. حيث كانت تلك الحرب أول معركة تحدث بين القوات الجوية فقط في العالم، وقد ساعدت أجهزة رادار القوات الملكية بشكل كبير من خلال اكتشاف أماكن وسرعة الطيران الألماني الذي كان يتدفق بسرعة على السواحل الشرقية للمملكة المتحدة.

تطوير بريطانيا للرادار

ما هو السر الذي قاد البريطانيين لتمويل هذا السلاح الدفاعي بالذات؟ نجد أنها سلسلة من الصدف التي أثرت على مجريات الحرب فيما بعد. ففي عام 1935 قام العالم واتسون بتقديم تقرير إلى ويلكينز القائم بأعمال قوات الطيران الملكية البحثية عن سلاح ألماني جديد يمكن أن يستخدم الموجات الراديوية في إنتاج أشعة قاتلة للجنود. ولكن سرعان ما قام ويلكنز بحساباته وأقر أن جهازًا بتلك المواصفات مستحيل الصنع. وعندما سأل والكنز عما يمكن أن يفعله بتلك الأشعة قام ويلكنز بإعادة قراءة التقارير التي تؤكد حدوث تداخل بين بدن الطائرات التي تطير داخل مدى الأشعة وبين الأشعة وانعكاسها إلى مصدر إرسالها مجددًا. مما دفعهم للقيام بالتجربة الشهيرة بتجربة ديفنتري عام 1935 باستخدام جهاز إرسال تابع لإذاعة البي بي سي يبث في الموجة القصيرة وباستخدام أجهزة استقبال معدة في عدة حقول يتم مراقبة الإشارة المنعكسة لها بينما تطير حاملة قنابل حول ذلك الموقع. عندما تمت معاينة النتائج ظهر الأمر جليًا، وهو أن هذا الجهاز هو الأمل المعهود للدفاع الجوي. حيث يمكنه اكتشاف الأخطار القادمة جوًا من مسافات كبيرة. سرعان ما انتشر الخبر وحصلوا على التمويل اللازم لبدء الأبحاث بشكل مكثف لإنتاج نظام عامل بالموجات قصيرة الموجة والذي نعرفه اليوم باسم الرادار. بدأ تنصيب المحطات المستقبلة للموجات على طول السواحل البريطانية وحتى شمال السواحل الأيرلندية وبحلول عام 1940 غطت تلك المحطات السواحل كلها مما ضمن للإنجليز التفوق على الألمان في الحرب العالمية الثانية.

نشرت مجلة العلم الشائع عام 1940 مثالاً لوحدة الرادار المبنية على براءة الاختراع المقدمة من واتسون للدفاع الجوي. أيضًا نشرت مجلة الميكانيكا الشائعة مقالاً عن نفس وحدة الجهاز وأشاد العلماء الأمريكيين بالجهاز وبنظام الإنذار المبكر الذي استخدمته بريطانيا في الحرب. تم تعديل الرادارات وإضافة العديد من الخصائص حتى يومنا هذا وتوسعت استخداماته حتى شملت العديد من التطبيقات العسكرية والبيئية والتجارية.

تطبيقات الرادار

إن المعلومات الواردة من أنظمة الرادارات المختلفة قد وجدت استخدامات عديدة في كثير من المجالات الحيوية، إمكانية استكشاف الأجسام من بعد في ظل ظروف رؤية غير مناسبة قد أتاحت للعلماء من مختلف المجالات استخدامه فيما يخدمهم سواء في المجال العسكري أو المدني. في مجال الطيران وجد الرادار استخدامًا في الطائرات فأصبحت أغلب الطائرات حاليًا حاوية لجهاز رادار واحد على الأقل، والذي يحذر قائد الطائرة من العوائق الموجودة في طريقه قبل ظهورها في مدى الرؤية العادي. أو تقوم بتحديد المسار الذي يتخذه الطيار أو الصاروخ الموجه حتى يتجنب الاصطدام بالأرض أو بالتضاريس المختلفة من جبال ومباني شاهقة. مكنت الخاصية الرادارية المتمثلة في إيجاد البعد بين الأجسام وهوائي البث في تحديد ارتفاع الطائرة بدقة متناهية.

يعد أول جهاز رادار تم تثبيته على طائرة تجارية من إنتاج معامل بيل عام 1938 على عدد من الطائرات الأمريكية بمساعدة العديد من الوحدات الأرضية والتي وجهت أوامرها للطيارين لتنبيههم للمسار الواجب اتخاذه عند الهبوط وذلك بمساعدة الرادار والذي عرض موقع وارتفاع الطائرات من على بعد كبير للعاملين بتلك المحطات الأرضية. في مجال البحرية قامت الرادارات بعملها على أكمل وجه حيث تم الاستعانة بها في تحديد مسارات السفن وإظهار السفن القريبة لتعديل المسار وحتى تمنع الاصطدام بين السفن وبعضها في ظروف الرؤية المنعدمة. أيضًا ساعدت السفن على إيجاد بعض الشواطئ والموانئ والمطارات وأصبح من السهل تعديل أماكنهم في البحر بالاستعانة بالمحطات الأرضية في الموانئ والتي راقبت البحار بشكل مستمر. لم يقتصر استخدام الرادار على تلك المجالات فحسب، بل استخدمه بعض علماء الطقس للتنبؤ قصير المدى بالطقس والاستعداد للعواصف الثلجية ونوع الأمطار المتوقعة والتحذير من سوء الأحوال الجوية وذلك لإرسال تلك المعلومات للموانئ المختلفة والمطارات لتحذير الطائرات والسفن من أي نوع من أنواع الطقس السيء أو العواصف والأعاصير.

المبدأ العلمي للرادار

يمكن تلخيص المبدأ العلمي للرادار في الموجات المرسلة المنعكسة إلى الهوائي. أي وجود محطة إرسال للموجات قصيرة الموجة وإعادة استقبالها من جديد لمعرفة ما طرأ عليها من تغيير لتحديد العديد من خصائص الجسم المسبب لهذا التغير سواء كان سطح الماء أو جبل أو طائرة تمر في مدى رؤية الرادار أو حتى سفينة قريبة. ولتقريب الصورة إلى ذهن القارئ نخوض معًا في بعض الخصائص التي تمكن الجهاز من القيام بكل خاصية من خواصها سواء التقاط الأجسام القريبة ورسم صورة لها وسرعتها أو حساب ارتفاع الطائرات.

إشارة الرادار

تعتمد الرادارات على مبدأ الانعكاسية أي انعكاس الأشعة الكهرومغناطيسية عن الأسطح المعدنية أو الأسطح التي توصل التيار الكهربي بشكل عام. أو انعكاسها من الأسطح المختلفة كماء البحر أو التضاريس الأرضية. تقوم مقياسات الارتفاع الرادارية الملحقة بالطائرات بالعمل بسبب هذا المبدأ. فيقوم الجهاز المرسل بإرسال العديد من الإشارات في اتجاهات محددة والتي تنعكس إلى جهاز الاستقبال. تلك الإشارات المنعكسة هي ما تحدد طبيعة الجسم وبعده عن الرادار. ففي حالة مقياس الارتفاع يتم إهمال كل خصائص الإشارة وحساب الفرق في الزمن بين الإشارات المرسلة والواردة لحساب بعد الأرض أو البحر عن الطائرة. أجهزة استقبال الرادار أحيانًا ما تكون في نفس مكان جهاز الإرسال، ولكن ليست هذه الحال دائمًا. وعلى الرغم من ذلك فإن الإشارات المتلقاة والتي يلتقطها هوائي الاستقبال عادةً ما تكون ضعيفة ولذلك تحتاج إلى تقوية تلك الإشارات باستعمال مكبر إشارة.

امتصاص الموجات

امتصاص موجات الراديو بواسطة الوسط الذي تمر فيه هو ما يمكن الرادار من رؤية الأجسام من على مدى وفي ظروف رؤية سيئة وذلك لاستخدام موجات قصيرة الموجة والتي تعاني من معامل تشتت صغير مقابل الأشعة الأخرى من طيف الأشعة الكهرومغناطيسية كالطيف المرئي وهو الأشعة التي تتمكن العين من التقاطها، والأشعة تحت الحمراء والأشعة فوق البنفسجية. العوائق الجوية كالضباب والسحب لا تؤثر في الموجات القصيرة ولكنها تؤثر بشدة في أنواع الأشعة الأخرى مما يجعلها عائق للرؤية بعيدة المدى. بالرغم من ذلك تمتص جزيئات بخار الماء العالقة في الغلاف الجوي جزءًا من تلك الموجات ولكن يتم تصميم الرادارات الحديثة مع الأخذ في الحسبان إهمال قيمة تلك الموجات المفقودة إلا في حالة أن استكشافها هو المطلوب من الرادار المراد تصميمه كأن يتم تصميمه لمراقبة الظواهر الجوية المختلفة مثلاً.

مصدر الضوء الذي يستخدمه الرادار

مصدر الإضاءة في حالة الجهاز ليس الشمس أو أي مصدر خارجي أو الإشعاع الصادر من الأجسام نفسها مثل الحرارة المنبعثة من سطح ما على هيئة أشعة تحت حمراء، بل مصدر الإضاءة هو موجات راديوية قصيرة الموجة والتي يتم توجيهها نحو الأجسام المراد رؤيتها وتكوين صورة لها.

مبدأ الانعكاسية

الانعكاس يعني في أبسط صورة انكسار الشعاع الأصلي وارتداده بزاوية مختلفة نحو المصدر الذي جاء منه. ويحدث هذا الأمر بشكل طبيعي عندما تمر الأشعة الكهرومغناطيسية من وسط إلى آخر يختلف في ثابت العزل الكهربي أو ثابت المغناطيسية المعاكسة، فتنعكس الأشعة من حدود الجسم، ولتبسيط الأمر أكثر نتخيل جسم صلب في الهواء أو الفراغ والذي يختلف عن الهواء في ثابت العزل الكهربي، فعند ارتطام الأشعة بحدود الجسم تنكسر وترتد بزوايا مختلفة على حسب حدود الجسم مما يرسم صورة للجسم الذي أعاق وصول الموجات إلى هوائي الاستقبال. يزداد تأثير الانعكاسية بشكل كبير مع زيادة الفرق في ثابت العزل الكهربي. أو تغير كثافة الوسط بشكل ملحوظ. تم الاستفادة من الأبحاث المقامة على انعكاسية المواد من أجل تصنيع طائرات مزودة بمواد مغناطيسية على أسطحها لتمتص الأشعة وتمنع ارتدادها للرادارات وبالتالي تمنع رؤيتها للعدو.

تأثير مبدأ الانعكاسية على عمل الجهاز

تنعكس موجات الجهاز بشكل مختلف طبقًا لطول الموجة الراديوية المستخدمة وإبعاد الجسم المراد الكشف عنه. فمثلاً لو كان الطول الموجي للموجة أقصر بكثير من حجم الهدف المراد الكشف عنه، فإن تلك الأمواج سوف تنعكس بصورة مماثلة للضوء الذي ينعكس بواسطة مرآة. أما إذا كان الطول الموجي أطول من أبعاد الجسم فإن الهدف قد لا يظهر بسبب ضعف الانعكاسية. يعتمد رادار الترددات المنخفضة على الصدى لاكتشاف الأجسام، ولكن للتعرف عليهم يستخدم مبدأ التبعثر. وهو نفس المبدأ الذي يسبب لون السماء المائل للزرقة ولون الشمس الأحمر عند المغيب. فعندما يتم امتصاص أطوال موجية ذات طاقة معينة تظهر الأشعة بدونها، فمثلاً في حالة السماء فإن الغلاف الجوي بغازاته يستطيع امتصاص أغلب الألوان ما عدا الأزرق السماوي الذي ينعكس وتظهر السماء بهذا اللون، نفس المبدأ يعمل مع الرادار. لكي يتم التعرف على نوع مادة الجسم المكتشف يجب مقارنة الأطوال الموجية المرسلة والممتصة لمعرفة الطيف الذي تم امتصاصه وبالتالي معرفة تكوينه الذري ونوع الجسم بالتبعية.

تأثير دوبلر ودوره في استكشاف الأجسام باستخدام الجهاز

انحراف التردد الحادث بسبب حركة الأجسام وينشأ عن ذلك حدوث إزاحة في الطول الموجي للموجة الراديوية ويظهر الاختلاف بين الموجة المرسلة والموجة المستقبلة. يمكن أن يحسن هذا الأمر من عملية الاستكشاف أو يصعب الأمر على حسب كيفية استخدام تلك المعلومات بواسطة الرادار. فمثلاً في حالة الأجسام المتحركة قد تتعارض حركة الأجسام مع تأثير دوبلر في زوايا محددة مما يؤدي لإلغاء الإشارة والتي تؤثر بالسلب على عملية الاستكشاف.

أما في حالة رادارات البحار والطقس والرادارات العسكرية لاكتشاف الطائرات فيتم استخدام تأثير الدوبلر لتنقيح الإشارة والتي تعطي معلومات عن سرعة الجسم المتحرك أثناء مرحلة الاكتشاف نفسها. وأيضًا تفيد تلك التقنية في تمييز الأجسام الصغيرة التي تتحرك بسرعة كبيرة وسط أجسام أكبر وأبطأ منها. يعتمد انحراف التردد على نوع الرادار ما إذا كان عاملاً وفعالاً أو غير فعال أو سلبي. الرادار الفعال يرسل الإشارة والتي تنعكس مرة أخرى للهوائي الخاص به ليتم اكتشاف الجسم، أما الرادار غير الفعال يعتمد بشكل مطلق على الإشارة التي يستقبلها من الجسم نفسه بدون إرسال إشارات من الرادار نفسه.

الاستقطاب وأهميته لأنظمة الرادار

الاستقطاب هو خاصية من خواص الإشعاع الكهرومغناطيسي. الموجات الكهرومغناطيسية في طبيعتها تحتوي على مركبتين متعامدتين إحداهما هي مركبة المجال الكهربي والأخرى مركبة المجال المغناطيسي. في حالة الاستقطاب بالانعكاس يحدث أن يمر الضوء بين وسطين مختلفين في الكثافة الضوئية فيسمح لإحدى المركبتين بالمرور بينما تنعكس المركبة الثانية. يمكن التحكم في الاستقطاب واستخراج معلومات مفيدة لأجهزة الرادار المختلفة لتجنب تأثيرات غير مرغوب فيها كمرور شعاع الرادار الراديوي خلال الأمطار أو أماكن مشبعة ببخار الماء أو غازات أخرى. ويتم استخدام أنواع مختلفة من الاستقطاب لإهمال قيمة هذا الجزء من الإشارة المرتدة للرادار حتى لا تؤثر بالسلب على مدى الرؤية أو وضوح الأجسام الجاري الكشف عنها.

العوامل التي تحجم من استخدام الجهاز

هناك العديد من العوامل التي تقلل من كفاءة الجهاز وتؤثر بالسلب على عملية الاستكشاف وسنذكر أهمها في الفقرات التالية.

مسار الشعاع الراديوي واتجاهه

في الغالب تتحرك الموجات الراديوية في اتجاه خطي ثابت ولكن ما يحدث في الطبيعة هو أن الأشعة تتخذ مسار أفقي وتبتعد مع المسافات الكبيرة عن سطح الأرض بسبب انحناء سطح الكرة الأرضية مما يكون شكل مخروطي للأشعة يسمى بأفق الرادار. المدى الأقصى للرادار يتدخل فيه عدة عوامل منها توجيه الإشارة الراديوية وحساسية هوائي استقبال إشارة الجهاز وقوة الإشارة المستقبلة قبل تكبيرها باستخدام المضخمات الكهربية.

تشويش الإشارة

تشويش الإشارة يعد من أشكال الضوضاء التي لا يمكن إلغاؤها، فهي تتولد تلقائيًا في كافة الأجهزة الإلكترونية. الإشارات المنعكسة للرادار تقل بشكل كبير عندما تكون المسافة بين مصدر الإشارة والرادار كبيرة، بحيث يصعب تمييزها من الضوضاء المتولدة بفعل أجهزة الرادار نفسها. مما يؤثر على المدى المتاح لاستخدام الجهاز فيه. يعد الحد الأدنى للتشويش ونسبة التشويش للإشارة من أهم القياسات فيما يتعلق بكفاءة نظام الجهاز ككل، والتي تؤثر على أدائه والمدى الممكن استخدامه فيه. الأجسام البعيدة والتي تبث إشارة منعكسة ضعيفة وأقل من الحد الأدنى للتشويش تعد غير قابلة للقياس أو تميزها من تشويش الإشارة الحادث بفعل عمل الأجهزة الإلكترونية للرادار مما يجعلها غير قابلة لأن ترى بواسطة الجهاز حيث سيتم إهمال تلك الإشارة.

الأثر السلبي لتشويش الإشارة

يظهر التشويش بشكل كبير كتغيرات عشوائية في الإشارة المستقبلة والتي يعتبرها البعض صدى للأجسام البعيدة جدًا عن أي رادار ولذلك يتم اعتماد رسم بياني لشكل التشويش المتوقع من الجهاز قياسًا على الجهاز المثالي وهو رادار غير موجود في الحقيقة، ولكن لتقليل تداخل التشويش مع الإشارة يتم مسحها تلقائيًا فلا تظهر في نتيجة الرادار النهائية والتي تظهر على الشاشة للمراقب أو الطيار. قد يكون سبب التشويش خارجي كما في حالة الإشعاع الحراري الناتج من الأجسام المجاورة للجسم المراد التقاط وجوده من الأجسام الطبيعية كالجبال والمناطق الحارة وغيرها.

التدخلات غير المرغوب فيها

تستطيع أغلب الرادارات الحديثة أن تتغاضى عن التداخلات سواء كان مصدرها داخلي أو خارجي، وتعتمد قدرة الجهاز الحقيقية على قدرته على الفصل بين الإشارة والتشويش. ويتم تعريف نسبة الإشارة للتشويش على أنها نسبة الإشارة من الجسم المراد الكشف عنه بالنسبة لنسبة التشويش المتلقى مع الإشارة. كلما زادت تلك النسبة كلما أصبحت كفاءة الجهاز أعلى. ويتم مقارنة الإشارتين حتى يتم إلغاء التشويش وضمان صورة أوضح للهدف المراد الكشف عنه.

التشويش الإذاعي

يطلق على الإشارات المنبعثة من مصادر قريبة لجسم الرادار والتي تبث في نفس مدى الترددات التي يبثها الجهاز التشويش الإذاعي والذي قد يكون بدون عمد مثل أجهزة رادارات موضوعة بالقرب من بعضها بشكل يؤدي لذلك الخطأ أو بشكل مقصود، وذلك في حالة التكتيكات الحربية للتشويش على رادارات العدو. يعتبر التشويش الإذاعي ذو خطورة كبيرة على الجهاز بحيث يمكن أن يعميها بالكامل عن هدفها الرئيسي. أضف إلى ذلك أن الجهاز المستخدم في التشويش يبث الإشارة في اتجاه واحد بينما تحتاج الإشارة المنبعثة من الرادار نفسه أن تقطع المسافة مرتين ذهابًا وإيابًا مما يمكن الأجهزة التي تستخدم في التشويش من تضليل رادارات العدو باستخدام قدرة أضعف من قدرة الجهاز الأصلي. فقد يتم تعطيل عدد كبير من الرادارات باستخدام جهاز تعطيل واحد. ولذلك بدأت بعض الدول بتقليل حيز استقبال الرادارات للإشارة لتقليل التشويش المقصود عليها. والذي يجعل الأمر أصعب لوضع أجهزة التشويش وعدم قدرتها على التأثير على عدد كبير من الرادارات في نفس الوقت.

القفز الترددي

من التقنيات المستخدمة أيضًا تقنية القفز الترددي والتي تجعل الرادار الواحد يعمل في أكثر من تردد بشكل تزامني مما يصعب اكتشاف وتيرة تغير الترددات وبالتالي صعوبة ضبط أجهزة التشويش للتشويش على مدى الترددات المستخدمة بواسطة الجهاز وأيضًا تغيير الترددات من محطة رادار إلى الأخرى بحيث لا تنعدم رؤية الرادارات كلها في نفس الوقت في حالة تركيب جهاز تشويش بالقرب منهم.

علي سعيد

كاتب ومترجم مصري. أحب الكتابة في المواضيع المتعلقة بالسينما، وفروع أخرى من الفنون والآداب.

أضف تعليق

تسعة عشر + 13 =