تسعة اولاد
الرئيسية » شخصيات وعلماء » كتاب القصص : تعرف على أهم كتاب فن القصة القصيرة الغربيين

كتاب القصص : تعرف على أهم كتاب فن القصة القصيرة الغربيين

كتاب القصص

يعد فن كتابة القصص القصيرة من الفنون حديثة النشأة والشهرة نسبيًا، نسرد لك في السطور المقبلة أهم كتاب القصص من العالم الغربي وبعض العرب.

هل لديك المعلومات الكافية عن أهم وأشهر كتاب القصص القصيرة في الدول الغربية؟ قد تملك بالفعل بعض المعلومات عنهم، لكن من المؤكد أن بعد قراءتك لهذا الموضوع ستزيد معرفتك بنسبة كبيرة، حيث اخترنا لك أكثر الكتاب المؤثرين وفصلنا حياتهم، والأهم أننا تعرضنا إلى تحليل موجز لأهم أعمالهم خاصةً القصص القصيرة، وهم إدجار آلان بو وويليام تريفور وفيودور دوستويفسكي حيث سنتحدث عنهم بتفصيل ثم بإيجاز عن الكتاب الآخرين، وفي النهاية سنعرض لمحة عن الكتاب العرب وإبداعاتهم في المجال. وفن القصة القصيرة يعتمد أساسًا على التركيز والتكثيف في عناصر القصة، ولا توضع اعتبارات قوية لتسلسل الأحداث، والعقدة تكون في الغالب حالة تأسر القارئ، قد يكون موقف معين أو تشابك للأحداث أو مفارقة طريفة، لذا فإن البعض يفضل القصة على الرواية التي تحتوي على عشرات الشخصيات والأحداث المعقدة، ففي القصة القصيرة يمكنك أن تعرف مدى جودة الكاتب لأنه أمام مساحة صغيرة يجب أن يبدع فيها ودون أن يلجأ إلى الأحداث الطويلة.

تعرف على أهم كتاب القصص من الغربيين

من هو إدجار آلان بو؟

إدجار آلان بو هو من أشهر كتاب القصص الأمريكيين، ولد في التاسع عشر من يونيو من سنة 1809 وتوفى في 7 أكتوبر 1849، وبالرغم من أن حياته لم تمتد طويلاً إلا أنه خاض في العديد من الفروع الأدبية وأصبح له تأثير بالغ على الحركة الأدبية والفنية في أمريكا والعالم كله بعد موته، فهو أولاً كاتب قصص قصيرة ماهر وثانيًا هو شاعر أنتج كمية كبيرة من القصائد الطويلة والقصيرة، وأيضًا هو ناقد أدبي ابتدع نظريات جديدة وعمل في مجال التحرير في بعض الصحف والمجلات، كما أنه أول أمريكي يمتهن الكتابة كوظيفة أساسية يعتمد عليها في معيشته، وفي ذلك الوقت كان الأدباء يتقاضون مبالغ ضئيلة عبر نشر أعمالهم في الصحف والمجلات، لكن بو اعتمد طوال حياته على ذلك وهذا ما تسبب في وصوله إلى فترات قحط.

تأثير إدجار آلان بو

إذا نظرنا إلى تأثيره على النطاق الواسع فإنه من أكثر كتاب القصص المؤثرين على الإطلاق، فأولاً هو الذي زرع نواة أدب الخيال العلمي وذلك بالتوازي مع قصص جول فيرن صاحب “رحلة إلى مركز الأرض” و”عشرون ألف فرسخ تحت الماء” وهربرت جورج ويلز صاحب “آلة الزمن” و”الغرفة الحمراء”، لكن تأثيره الأهم هو في مجال أدب الرعب، وبدون أي إجحاف للكتاب الآخرين فإنه بإمكاننا القول أنه الأب الروحي لأدب الرعب.

طفولة ونشأة إدجار آلان بو

ولد بو في مدينة بوسطن، وكان الابن الثاني لوالديه الذين عملا في التمثيل، وكانت طبيعة عمل عائلته تتطلب الترحال، وقد حدثت العديد من المشاكل العائلية أقواها هجران الأب للعائلة في سنة 1810، ثم ماتت الأم في السنة التالية، ولحسن الحظ فإن جون وفرانسيس آلان أخذا على عاتقهما تربية الرضيع إدجار وأخذاه معهما إلى مدينة ريتشموند في ولاية فرجينيا حيث يسكنان، ومع أنهما لم يتبنياه بعد ذلك إلا أنهما اعتبراه فرد من العائلة، ولكن بعدما كبر بو ودار الزمن بدأت المشاكل بالتكدس بين آلان وإدجار وأغلبها كانت بسبب الأمور المادية، مع العلم بأن بو كان يداوم على القمار في شبابه وخسر الكثير بسبب ذلك، وعندما ذهب بو إلى جامعة فرجينيا لم يستطع استكمال دراسته وخرج منها بعد فصل دراسي واحد فقط بسبب المال أيضًا، وفي سنة 1827 التحق بو بالجيش، وكانت تلك الفترة هي بداية حياته الأدبية ونشر كتابًا لم تتعد طبعاته الخمسين نسخة ولم يحصد أي اهتمام وهو عبارة عن مجموعة قصائد سميت بـ “تاميرلين وقصائد أخرى” ونشرها تحت اسم مستعار هو “البوسطنيّ” نسبةً إلى موطنه، وعندما ماتت فرانسيس آلان في 1829 زاد التوتر بين بو وآلان، وعندما طرد بو من الجيش وفشل في وظيفة بعد ذلك قرر الاتجاه الكلي نحو الأدب، ومن هنا انقطعت علاقته تمامًا مع أبيه الروحي آلان.

نظرية إدجار الآن بو في النقد الأدبي

في بداية حياته عكف بو على كتابة المقالات النقدية ومن أشهرها مقالة “المبدأ الشعري”، وفي مجموعة مقالاته نجد رفض واحد للكتابة المعتمدة على الاستعارة بشكل رئيسي، وقال أن الأعمال يجب أن تنطوي على أفكار ومشاعر تأسر القارئ فيما بين سطور القصة، أما الكتابات الواضحة والتي تظهر من على السطح فإنها لا تعتبر ضمن الفنون، ويجب على الكاتب أن يركز على عنصر واحد في القصة وأن يكثفه حتى يصل إلى القارئ ويفتح له أبوابًا من الخيال، وقال أن الكتابة التلقائية مرفوضة تمامًا في الأدب، وأنه على الأديب أن يحسب بدقة كل المشاعر والأفكار التي توجد في كتاباته، بل أنه فضل الاعتماد على منهجية معينة في الكتابة، وهذا ما فصله في مقالة “فلسفة التكوين” ووضح المنهجية التي يكتب بها والتي اعتمد عليها في كتابة قصيدة الغراب، ومع ذلك فإن بعض النقاد قالوا أن بو لم يعتمد على المنهجية بشكل كامل مثل تي. إس. إليوت الأديب والناقد الشهير.

الاتجاه الكامل نحو الأدب

في السنين التالية وجه بو تركيزه نحو النثر ودأب يعمل في عدد متنوع من الصحف والدوريات الأدبية، ثم بدأت شهرته الجزئية عندما نشر آراءه النقدية في المجلات، وبسبب طبيعة وظيفته فإنه اضطر إلى التنقل باستمرار، حيث قضى فترات متقطعة في بالتيمور وفيلادلفيا ومدينة نيو يروك، وفي ريتشموند في سنة 1836 تزوج من ابنة عمه فرجينيا كليم والتي كانت تبلغ ثلاثة عشر عامًا فقط في ذلك الوقت، وفي يناير من سنة 1845 ظهرت قصيدة “الغراب” التي تعتبر أشهر قصائده على الإطلاق بالتوازي مع “أنابيلا”، وقد ماتت زوجته بعد نشره القصيدة بسنتين بسبب داء السل، ولعل هذا كان السبب في تحويل اتجاهاته إلى الأفكار السوداوية والكئيبة في قصصه وأشعاره، وفي تلك الفترة أصبح من أبرز كتاب القصص والشعراء، وخطط ليكون لديه صحيفته الخاصة التي سميت ذا بين (The Penn) ثم تم تغيير اسمها إلى ذا سايتلس (The Sytlus)، لكنه مات قبل أن يتم الانتهاء من التجهيز لها وذلك في مدينة بالتيمور، وسبب موته مجهول حتى الآن ويرجح البعض أنه بسبب إدمانه على الكحول في السنوات الأخيرة من حياته، أو ربما بسبب تعاطيه المخدرات، وآخرون يقولون أن داء الكوليرا هو الذي فتك به، وآخرون يدعون أن داء الكلب هو السبب أو مرض القلب أو السل، وأجرأ النظريات هي أنه انتحر بطريقة استثنائية، ومع ذلك لا يوجد شيء مؤكد حتى يومنا هذا.

إرث إدجار آلان بو وإلهامه

إلهام بو يتعدى كل النطاقات التي يمكن أن تتخيلها، فبدايةً هو الذي دفع بأدب الغموض إلى أن يصبح من أهم الأنواع الأدبية، وأدب الرعب بعد ذلك، والخيال العلمي كما ذكرنا، وكل تلك الأنواع مرتبطة ببعضها البعض بروابط محددة، وبو هو الذي استطاع ربط تلك الخيوط حتى أنتج لنا قصص خالدة حتى يومنا هذا، وحتى في الفنون الأخرى نجد تأثيره حاضرًا، فهو من أكثر الكتاب الذين أوحوا للأعمال السينمائية بقصصهم، وذلك مع دوستويفسكي وتشيخوف وأجاثا كريستي، لكن بالتحديد فإن له فضل كبير على الأفلام القصيرة، بل أنه أثر على مسيرة كاملة لمخرجين بعينهم، مثل المخرج الأمريكي تيم برتون الذي أصبح من أشهر المخرجين في هوليوود الآن وذلك بتعاونه المتكرر مع الممثل جوني ديب والممثلة هيلينا بونهام كارتر، وقد أنتج في بداية حياته فيلم قصير بعنوان “فينسنت” يتحدث عن صبي يظن أن روح الممثل فينسنت برايس قد حلت عليه، وبرايس هو ممثل مشهور اشتهر بأداء أدوار الرعب ومرتبط بشكل كبير بروح إدجار آلان بو، وفي العديد من أعمال برتون الأخرى نجد الطابع القوطي الذي كونه بو، وأيضًا المخرج التشيكي جان سفانكماخر الذي أنتج فيلم طويل بالاعتماد على قصتين لبو وهو فيلم لوناسي (Lunacy)، بالإضافة إلى 5 أفلام قصيرة مأخوذة عن قصص بو، وهذان مثالان فقط من عشرات الأمثلة.

جائزة إدجار

هناك جائزة تسمى بجائزة إدجار وهي تابعة لرابطة كتاب الغموض في أمريكا، وتقدم سنويًا للمبدعين في أدب الغموض والرعب، وهناك أكثر من 20 تصنيف فرعي داخل الجائزة منها جائزة أفضل رواية وأفضل قصة قصيرة وأفضل مسرحية وأفضل سيناريو لفيلم روائي، وقد بدأت الجائزة منذ سنة 1946، ومن أشهر كتاب القصص القصيرة الذين فازوا بها رائد أدب التشويق في العالم ستيفن كينج عن قصته”أوبيتس” وذلك في الدورة الأخيرة للمسابقة، وفي السنين السابقة فاز جيليان فلين وجون كونولي وكارين سلوتر وبيتر تورن بول، ولويس ألبرتو أوريا.

قصص إدجار آلان بو

من أهم قصص بو قصة “القطة السوداء” وهي من أكثر القصص التي أثرت في قلوب القراء وجعلته يضمن مكانه كواحد من أهم كتاب القصص ، فهي تتحدث عن قطة محبوسة داخل حائط من الخرسانة، ويقول النقاد أنه لا يوجد كاتب استطاع مضاهاة أسلوب بو في إفزاع القارئ وتشويقه مثلما فعل في هذه القصة باستثناء رواية “الحالة الغريبة لدكتور جيكل ومستر هايد” لروبرت لويس ستيفنسون، وأيضًا من قصصه الممتازة “برميل الأمونتيلادو” و”ليجيا” و”موريلا” و”سقوط منزل آشر”.

قصة القلب الواشي كمثال

تعتبر هذه القصة من أجمل القصص التي كتبها إدجار آلان بو في حياته، وقد احتفى بها النقاد واعتبروها من أفضل القصص القصيرة على الإطلاق، وذلك بسبب احتوائها على كل العناصر التي تميز القصة وأهمها التكثيف، وقد تحولت إلى عشرات الأفلام القصيرة وأشهرها النسخة الأمريكية التي ظهرت في سنة 1953 بإلقاء جيمس ماسون، وتحكي القصة عن شخص لم يحدد الكاتب هويته أو جنسه أو اسمه حتى، ولا يوجد أي اسم لأي شخصية في القصة وبلا تحديد لطبيعة أية سمات شخصية، مما يفتح باب الخيال لعقل القارئ، ثم تأتي فكرة الهوس التي تميز أغلب قصصه، فهذا الشخص يشرف على خدمة رجل عجوز، وبالرغم من عدم وجود أية مشاكل فيما بينهما إلا أن عينه المخيفة تثير الرعب في قلبه، وهو يشعر أنها تطارده في أحلامه وفي كل الأوقات، وهنا يجعلنا الكاتب نتعلق أكثر بفكرة الوهم، لأن البطل لم يفكر في قتل العجوز من أجل الذهب الذي يكتنزه أو بسبب تصرفاته، أي أن الدافع الوحيد لقتله هو العين التي تشبه عين النسر، وبالفعل خطط لقتله ونفذ الجريمة بإحكام، وعندما زاره محققو الشرطة على خلفية صراخ سمعه الجيران فقد تحدث معهم بهدوء كما يفعل المجرم المحترف، وعندما تأكدوا من عدم وجود أي شيء خطأ وهموا بالخروج، دعاهم إلى شرب الشاي حتى يزيد الطمأنينة لديهم، وهنا بدأ صوت قلب الجثة بالنبض بدرجة تصاعدية في ذهن البطل الذي انهار تدريجيًا واعترف بجريمته، وفي النهاية يخبرنا الراوي البطل بأنه ليس مجنونًا بالمرة، وأن المشكلة كلها في العين الشريرة، وهذا التكثيف في القصة التي يصل حجمها إلى بضعة صفحات يجعلها من أفضل الأمثلة التي تجعلنا نتيقن من أن بو هو من أعظم كتاب القصص .

من هو ويليام تريفور؟

ويليام تريفور هو روائي أيرلندي ومسرحي ويعتبر أيضًا ضمن أهم كتاب القصص القصيرة، ولد في 24 مايو 1928 وتوفى في 20 نوفمبر 2016 وهو في الثامنة والثمانين من عمره، لذا هو يعتبر من أهم علامات الأدب الأيرلندي الحديث، ومن أهم من كتبوا باللغة الإنجليزية، وقد حصل على جائزة ويتبريد (جائزة كتاب كوستا) ثلاث مرات، وتم ترشيحه خمس مرات لنيل جائزة البوكر العالمية، وآخرها عن روايته “حب وصيف” التي تم نشرها في سنة 2009 والتي وصلت أيضًا إلى القائمة القصيرة لجائزة دبلن الأدبية العالمية في سنة 2011، وقد ظهرت بعض الأقاويل عن احتمال حصوله على جائزة نوبل للآداب أكثر من مرة خاصةً في 2014، وقد قضى أغلب سنين حياته في مدينة ديفون جنوب غرب إنجلترا، وبالتحديد في الخمسينيات من القرن الماضي وحتى وفاته، وتتميز أعماله بالطابع المحلي للريف البريطاني، وحكاياته عامةً هي عن الناس البسطاء، ويكثر فيها الوصف لدرجة أنك لن تستطيع أن ترفع عينيك عن كتبه حتى تكمل الجمل التالية، وأسلوبه عامةً متأثر بأسلوب الكاتب الروسي أنطون تشيخوف وكذلك مواطنه جيمس جويس، كما أنه استخدم الطابع القوطي في بعض قصصه لكشف طبيعة الشر والخيط الواصل بين الشر والجنون.

الأسلوب العام لويليام تريفور

أغلب القصص التي كتبها تريفور تقع إما في إنجلترا أو أيرلندا، وتتباين فيما قصص الكوميديا السوداء إلى الحكايات المعتمدة على تاريخ أيرلندا القديم والحكايات الشعبية وحتى الأحداث السياسية المرتبطة بيومنا هذا أو المرتبطة بجيش التحرير الأيرلندي، كما أنه يكرر الحديث عن التوتر فيما بين الكنيسة البروتستانتية (وبالتحديد كنيسة أيرلندا) وبين السكان الكاثوليك، ولغة تريفور هي مميزة جدًا ومن الصعب أن تجد لها مثيلاً، وقد حصل أيضًا على جائزة جاكوب وجائزة القلم الأيرلندي وجائزة ديفيد كوين في 1999، وهو عضو الجمعية الملكية الإنجليزية للأدب، ومن أشهر رواياته “حياتان” و”موت في الصيف” و”قصة لوسي جولت” و”الأولاد الكبار” و”قسم الحب”، ومن مجموعات قصصه القصيرة نذكر “الغداء الأخير وقصص أخرى” و”أخبار أيرلندا وقصص أخرى”، وتم تجميع قصصه في كتاب نشرته دار بينجوين الشهيرة في سنة 1983، ونشرت مجموعة أخرى تم فيها إضافة القصص الجديدة في سنة 1992 وفي السنة التالية وأخيرًا في سنة 2003، وظهرت مجموعات أخرى تجمع قصصه عن دار فايكينج، أما المجموعة الوحيدة التي تمت ترجمتها إلى اللغة العربية فهي “قاعة الرقص الرومانسية” التي ترجمها الأديب والمترجم العراقي فاضل السلطاني.

من هو فيودور دوستويفسكي؟

ولد فيودورو ميخائيلوفيتش دوستويفسكي في 11 نوفمبر 1821 وتوفى في 9 فبراير 1881، وهو روائي روسي وصحفي وفيلسوف ومن أهم كتاب القصص القصيرة في تاريخ الأدب، وقد تميزت أعماله بسبر أغوار النفس البشرية في مختلف حالات الإنسان، فقد تحدث عن الطبقات الأرستقراطية التي تعتبر أغنى الطبقات وتحدث عن المتشردين والمتسولين، وتحدث عن رجال السياسة والاجتماعيين والجو الروحاني الذي غلّف روسيا في القرن التاسع عشر، ودخلت بعض السمات الفلسفية والدينية في كتاباته، وقصص دوستويفسكي هي عبارة عن تحليلات نفسية مع عقد مميزة للقصص وأحداث ذات تسلسل يجعلك متشوقًا طوال الوقت، ومع عدم وجود للمدرسة الوجودية في ذلك الوقت فإن بعض المفكرين ينسبون لدوستويفسكي أنه أول وجودي في التاريخ، وذلك بسبب كتاباته الأدبية فقط.

بداية الحياة والنشأة

ولد دوستويفسكي في موسكو وتعرف على الأدب في سن مبكرة من خلال الحكايات الشعبية والأساطير، وبدأ بعد ذلك بقراءة أهم الكتاب الروس و كتاب القصص القصيرة الغربيين بالتحديد الذين أثروا عليه، وماتت والدته في الخامسة عشر، وفي نفس السنة ترك المدرسة ليلتحق بمعهد نيكولائيف العسكري للهندسة، وبعد التخرج عمل كمهندس وكان أيضًا يترجم في أوقات الفراغ بعض الأعمال الأدبية لزيادة العائد المادي، وبعد نشره لعدد قليل من الأعمال استطاع أن يقتحم الدوائر الأدبية في سان بطرسبرج.

البداية الصعبة نحو الأدب والنقد

في السنين التالية عمل دوستويفسكي كصحفي، وبدأ ينشر ويحرر في عدد متنوع من المجلات الروسية، والتي ظهرت مجمعة فيما بعد في كتاب يسمى “مذكرات كاتب”، وبدأ بالترحال في بلدان أوروبا الغربية وخلال سفره أصبح مدمنًا لألعاب القمار، وقد قاده هذا إلى الإفلاس التام، مما اضطره إلى أن يتحول إلى شحاذ لفترة من الوقت، إلا أنه تحول فيما بعد ليصبح أحد أهم كتاب القصص القصيرة والروايات في العالم بأكمله، وأهم الكتاب الذين أثروا على أسلوبه نذكر بوشكين أمير الشعراء الروس وجوجول رائد المسرح والكوميديا في الإمبراطورية الروسية والكاتب الإنجليزي المعروف ويليام شكسبير ومواطنه تشارلز ديكنز والروائي بيلزاك الذي يعتبر من أهم كتاب القصص الفرنسيين وفيكتور هوجو وإدجار آلان بو والإغريقي أفلاطون وإيمانويل كانط عالم الاجتماع وهيجل الفيلسوف وشيلر الشاعر الألماني وباكونين الفيلسوف الأناركي.

سطوع النجم

بدأ دوستويفسكي الكتابة في العشرين من عمره، ونشرت روايته الأولى في سنة 1846 أي عندما كان في الخامسة والعشرين، وفي سنة 1866 نشر رواية “الجريمة والعقاب” التي تعتبر من أشهر أعماله على الإطلاق، ونشر “الأبله” في 1869 و”الإخوة كرامازوف” في 1880، وفي العادة كان ينشر الروايات في مجلات أدبية على فترات متقطعة، وقد دخل السجن مرة في حياته وهناك دأب على الكتابة، وحصيلة كتاباته هي 11 رواية طويلة و3 روايات قصيرة و17 قصة قصيرة وأعمال متفرقة أخرى.

الشهرة الفائقة لدوستويفسكي

يعتبره عدد كبير من النقاد أعظم كتاب القصص بسبب قدرته المتفردة على إقحام التحليل النفسي في كتاباته، وروايته القصيرة “رسائل من العالم السفلي” أو كما تم تحويلها بالعربية إلى “الإنسان الصرصار” التي نشرت في سنة 1864 تم اعتبارها أولى الأعمال الوجودية وأعظمها، وأغلب أعماله ترجمها المترجم السوري سامي الدروبي ونشرت مجمعة باسم الأعمال الكاملة عبر الهيئة المصرية العامة للكتاب في مجلدات ضخمة. وقد أثرت كتاباته على عدد شاسع من كتاب القصص القصيرة والأدباء والمفكرين ونذكر منهم الكاتب الروسي أنطون تشيخوف والفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه صاحب كتاب “هكذا تحدث زرادشت” والكاتب الأمريكي الحائز على نوبل إرنست هيمنجواي والفيلسوفة آين راند ذات الأفكار اليمينية المتطرفة والأب الروحي لعلم النفس الحديث سيجموند فرويد والفيلسوف الوجودي الفرنسي جان بول سارتر.

أهم قصص دوستويفسكي والأفلام المستوحاة عنها

من أهم قصصه القصيرة قصة “السيد بروخارتشين” التي تتحدث عن عجوز شديد البخل، وقد نشر القصة في سنة 1846، والذي يجعل القصة مميزة أنه تعرض إلى موضوع البخل من منظور مختلف تمامًا، حيث أنك قد تشعر في نهاية القصة بالتعاطف مع البخيل، حيث يعرّي الكاتب شخصيته بصورة تامة ويذكر لك كافة الدوافع التي جعلته يتصرف بتلك الطريقة ولكن عبر تحليل نفسي استثنائي، وأيضًا قصة “السارق الأمين” وقصة “الليالي البيضاء” التي فور نشرها جعلت النقاد يوقنون بأنه من أعظم كتاب القصص القصيرة، وكانت القصة دومًا ملهمة للسينما، حيث استوحاها المخرج الإيطالي لوتشينو فيسكونتي وأخرجها كفيلم طويل في سنة 1957، وهذا ما فعله المخرج الروسي إيفان بيرييف بعد سنتين، وأيضًا المخرج الفرنسي روبرت بريسون الذي يعتبر الأب الروحي للسينما الفرنسية وذلك في سنة 1971، وكذلك الإيراني فارزاد موتامين في 2003، وأخرجها 5 مخرجون هنود بدايةً من سنة 1960 على يد مانموهان ديساي بفيلم Chhalia وانتهاء برازي محمد بفيلم Velutha Rathrikal في سنة 2015، وظهرت أيضًا نسختان أمريكيتان لجيمس جراي بفيلم Two Lovers من بطولة يواكين فونيكس وإيزابيلا روسيليني وأخرى لبول فيكايلي في 2014، وكل هذه الأفلام تعطينا فكرة واضحة عن مدى تأثير قصة واحدة لدوستويفسكي.

أهم كتاب القصص الغربيين

مع نهوض الحركة الواقعية في الأدب بدأت القصص القصيرة بالانتشار، وظهر كتاب مبدعون مثل خورخي لويس بورخيس وجاك لندن وأمبروز بيرس وسكوت فيتزجيرالد وإرنست هيمنجواي وويليام فولكنر وجون شيفر وريموند كارفر، وظهر كيبلنج في المملكة المتحدة وجاي دو موبيسان في فرنسا وجابرييل جارثيا ماركيز ومانويل جويتيريز ناخيرا في أمريكا الجنوبية وغيرهم الكثير. ومن القصص التي تعتبر علامات فارقة بين كتاب القصص نذكر قصة “هدايا المجوس” للكاتب الأمريكي أو. هنري الذي توجد جائزة شهيرة باسمه وتتحدث عن مفارقة بين زوجين فقيرين كل منهما يأتي بهدية للآخر بعد أن يبيع أكثر ممتلكاته قيمة، ليجدا في النهاية أن الأشياء التي باعاها تضيع قيمة الهدايا التي أتى بها كل منهما، وقصة “الألف” من تأليف الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس وفيها تكثر المتاهات التي نجدها في كتاباته، ونجد الرموز الغريبة عامةً في قصصه والمرايا والمكتبات باعتبارها بوابة إلى عوالم الخيال، والنقط الموجودة على جلد الببر باعتبارها متاهة في حد ذاتها.

المشهد الثقافي العربي والقصص القصيرة

بعد ذكرنا لأهم كتاب القصص في الغرب، قد تجد البعض يتسائلون عن سبب اهتمام الأدباء الغربيين بفن القصة القصيرة وغياب المشهد الثقافي العربي عنه، أولاً فإن الجملة ليست صحيحة، فهناك العديد من كتاب القصص العرب الذين أبدعوا كثيرًا مثل نجيب محفوظ الذي أنتج عشرات القصص مثل مجموعة “صدى النسيان” و”أحلام فترة النقاهة” ويوسف إدريس الذي أظهر إبداعه في أولى المجموعات التي كتبها وهي “أرخص ليالي” والتي نشرت في 1954 عبر روز اليوسف وكذلك مجموعات مثل “أليس كذلك؟” و”العتب على النظر” و”العسكري الأسود” و”قاع المدينة”، ومحمد مستجاب صاحب الكتابات الواقعية الساخرة مثل مجموعات “قيام وانهيار آل مستجاب” و”ديروط الشريف” و”الحزن يميل للممازحة”.

مبدعون عرب آخرون

نذكر أيضًا محمد المنسي قنديل صاحب مجموعات “من قتل مريم؟” و”احتضار قط عجوز” و”بيع نفس بشرية” و”عشاء برفقة عائشة”، وإميل حبيبي الفلسطيني الساخر الذي كتب مجموعات “سداسية الأيام الستة” وإبراهيم أصلان كاتب مجموعات “بحيرة المساء” التي تعتبر أولى أعماله و”يوسف والرداء”. بالإضافة إلى آخرين مثل يوسف السباعي وإدوار الخراط وأحمد العناني وتوفيق الحكيم وجمال ناجي والحبيب السالمي وبثينة العيسى وزكريا تامر وسحر توفيق وعلي المك وميرال الطحاوي وغيرهم، لكن القصة القصيرة ظهرت متأخرة في الثقافة العربية، وأقرب نوع إليها هو المقامة التي أبدع فيها بديع الزمان الهمذاني والحريري قديمًا، ولكن المقامات تعتمد على الزخرفة الأدبية والجناس والطباق وغيرهما من المحسنات البديعية، أما القصة هدفها الأول إيصال الفكرة وإشعار القارئ بأنه داخل الحدث والتأثير على مشاعره، ولكن حتى في العالم الغربي لم يظهر كتاب القصص ولم يطوروا أسلوبهم إلا في القرن التاسع عشر والعشرين، وعندما بدأ النوع في الانتشار عند العرب أبدعوا فيه.

علي سعيد

كاتب ومترجم مصري. أحب الكتابة في المواضيع المتعلقة بالسينما، وفروع أخرى من الفنون والآداب.

أضف تعليق

8 + سبعة عشر =