تسعة اولاد
الرئيسية » شخصيات وعلماء » فيرنر هايزنبيرج : حياة وأسرار العالم النووي الألماني

فيرنر هايزنبيرج : حياة وأسرار العالم النووي الألماني

فيرنر هايزنبيرج

يعد فيرنر هايزنبيرج أحد أهم علماء الفيزياء النووية الألمان، وقد أحيطت حياته بالكثير من الغموض والغرائب، فها نستكشفها معًا.

هناك الكثير من الغموض الذي يحيط بحياة العالم الألماني فيرنر هايزنبيرج وذلك تحديدًا في مرحلة الحرب العالمية الثانية وأثناء تطوير ألمانيا لقنبلتها النووية، لا توجد لدينا معلومات مؤكدة تخص المرحلة التي وصل إليها الألمان في تطوير القنبلة وما هو دور العلماء فيها ودور هايزنبيرج بالتحديد الذي رأس مشروع اليورانيوم والذي تم القبض عليه من قبل القوات الأمريكية بعد نهاية الحرب، في المقال التالي سنتعرض إلى تلك الأسرار وغيرها وسنبدأ الحديث عن ميلاد ونشأة العالم مرورًا بدراسته الجامعية وشغفه بالفيزياء ثم وصوله إلى مرحلة الأستاذية وتدريسه في عدد كبير من أعرق جامعات أوروبا، ثم سنذكر لك أهم الإنجازات العلمية التي قام بها خاصةً فيما يتعلق بميكانيكا الكم التي يعتبر من روادها والتي حصل بسببها على جائزة نوبل في الفيزياء ثم سنختم موضوعنا ببعض المقولات التي توضح آراء هايزنبيرج تجاه العلم والحياة.

تعرف على كل ما يخص العالم فيرنر هايزنبيرج

نشأة هايزنبيرج

ولد فيرنر هايزنبيرج في الخامس من ديسمبر من عام 1901 في مدينة فورتسبورج الألمانية، كان والده هو الدكتور أوجست هايزنبيرج وأمه آني ويكلين وهي ربة منزل، وفيما بعد أصبح والده بروفيسور للغات الإغريقية القديمة في جامعة ميونخ التي كانت من أكبر الجامعات في أوروبا وقتذاك. ذهب هايزنبيرج إلى مدرسة ماكسيميليان في ميونخ حتى سنة 1920، وعندما سمع المراهق هايزنبيرج عن اكتشاف الفيزيائي الياباني يوكاوا للجسيم المعروف باسم الميزون، وبعد الاكتشافات المتتالية لأصغر الأجزاء في الذرة اشتعلت حماسته لدراسة تلك الاكتشافات الحديثة في الفيزياء وأصبحت الاهتمام الأول بالنسبة له ووضع اهتماماته الأدبية بعيدًا وهي التي دأب والده على تدريسها له منذ سنينه الأولى. ثم التحق بعدها بالجامعة ليدرس الفيزياء على يد أساتذة كبار مثل سوميرفيلد وألفريد برينجهايم، وفي شتاء سنة 1922 ذهب إلى جوتينجين ليدرس على يد ماكس بورن وهيلبرت، وحصل على رسالة الدكتوراه من جامعة ميونخ وأصبح مساعدًا لماكس بورن في جوتينجين وحصل على أعلى شهادة تقديرية في الجامعة وهو في سن صغيرة.

بداية الحياة العلمية

بعد ذلك عمل مع العالم الكبير نيلز بور في جامعة كوبنهاجن وأيضًا روكيفيلير، وقد تكون تلك الفترة هي الأكثر أهمية في دراسته العلمية والتي استمرت سنتين فقط ليعود بعدها إلى ألمانيا، وقد تم تعيينه محاضرًا كأستاذ للفيزياء النظرية في جامعة كوبنهاجن عندما كان في السادسة والعشرين فقط ليصبح من أصغر الأساتذة في تاريخ الجامعة كلها، وبعدها أيضًا عُين كأستاذ في جامعة لايبتزج وهي ثاني أقدم جامعة في ألمانيا كلها وهي جامعة انضم إليها كبار العلماء والمفكرين والأدباء عبر قرون طويلة مثل فريدريك نيتشه وجوته وحاليًا نجد من أبرز طلابها السابقين أنجيلا ميركل التي تحمل لقب مستشار ألمانيا، وبعدها تم إرساله ليلقي المحاضرات في الولايات المتحدة واليابان والهند، وفي سنة 1941 تم تعيينه أستاذًا للفيزياء في جامعة برلين ومديرًا لمعهد كايزر فيلهلم للفيزياء وهو أحد أكبر المراكز العلمية في العاصمة الألمانية. وبعدها أصبح فيرنر هايزنبيرج عضوًا في قمة السياسة العلمية في المعهد العالمي للفيزياء الذرية في جنيف في سويسرا ثم أصبح رئيسًا لها.

هايزنبيرج وميكانيكا الكم

سيظل اسم هايزنبيرج دومًا مرتبط بنظريته في ميكانيكا الكم والتي نشرت في سنة 1925، أي أنه كان في الثالثة والعشرين فقط من عمره، وقد ساهمت نظريته في العديد من الاكتشافات بعد ذلك خاصةً في اكتشاف تآصل تكوين الهيدروجين. وقد ارتبطت نظريته الجديدة بالاعتماد على ما يمكن ملاحظته، فمثلاً عندما نتحدث عن الإشعاع المنبعث من الذرة، فإننا لن نستطيع التحدث بدقة عن وجود الإلكترون في مكان معين في الجو في وقت معين أو أن نتتبع مداره، وهنا صاغ مبدأ عدم التأكد الشهير، لذا فإنه لا يمكننا الاعتماد على المدارات الكوكبية التي افترضها نيلز بول، وأن الكميات الميكانيكية مثل المكان والسرعة وغيرها من القياسات يجب ألا يتم تقديمها من خلال الأرقام العادية كما قام بهذا كل الفيزيائيين والرياضيين، بل يجب تقديمها من خلال مصفوفات رياضية بحتة، حيث صاغ مجموعة من المصفوفات الجديدة التي قدمها لتعبر عن نظرياته.

مجالات مختلفة

عمل فيرنر هايزنبيرج في مختلف أقسام الفيزياء مثل دراسة حالة البلازما التي تكون فيها إلكترونات الذرات متحررة تمامًا من الذرات وبعض العلماء يصنفوها على أنها رابع حالات المادة بعد الحالات الصلبة والسائلة والغازية، وميكانيكا الماتريكس التي ينسب فضل تأسيسها إليه بالتعاون مع ماكس بورن وباسكوال جوردان، وكذلك في مجال المغناطيسية الحديدية ودراسة الأشعة الكونية ودراسة الجسيمات دون الذرية والعديد من المجالات الفيزيائية الأخرى ليتيح لنا فرصة أن نقول أنه واحد من أعظم علماء هذا العصر دون أي خوف من إجحاف العلماء الآخرين.

إلقاء القبض على هايزنبيرج

يظل دور هايزنبيرج خلال الحرب العالمية الثانية محل جدل حتى يومنا هذا، فالتقارير تشير إلى أن حكومة هتلر كانت تنظر إليه باعتباره مجرد عالم فيزياء نظرية عادي كغيره ولم تهتم به بقدر اهتمامها بعلماء آخرين، وتشير تقارير أخرى أنها نظرت إليه باعتباره متهم أو جاسوس، لكن مع اندلاع الحرب وبقرار غريب تم تعيينه مديرًا لمشروع اليورانيوم الألماني وهو المشروع الذي دأب على تطوير قنبلة نووية في الوقت الذي عملت فيه الولايات المتحدة على تطوير قنبلة نووية في مشروع مانهاتن، ولكن بعد خسارة الألمان وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية ودخول القوات الأمريكية وحلفائها إلى أراضي ألمانيا تم القبض على فيرنر هايزنبيرج مع عدد كبير من العلماء الرائدين وأخذوا كسجناء حرب وتم إرسالهم إلى إنجلترا، لكنهم أفرجوا عنه بدون أن نعرف أية معلومات مؤكدة عن نتائج التحقيق وما هو الدور الذي لعبه فيرنر هايزنبيرج ، لكن الشيء الوحيد المؤكد أنه كان دور بالغ الأهمية فقد كان هو العالم الأول في المشروع، ثم عاد هايزنبيرج بعدها إلى موطنه ليستكمل مسيرته العلمية وليعمل في معهد ماكس بلانك للفيزياء.

حصوله على جائزة نوبل

تم ترشيح فيرنر هايزنبيرج للحصول على الجائزة من قبل العالم الشهير ألبرت آينشتين وذلك في سنة 1932 وقد استلم الجائزة فعليًا بعدها بسنة واحدة، وفي ذلك الوقت كان يعمل في جامعة لايبتزج العامة في ألمانيا، وجاء تصريح لجنة جائزة نوبل أنه تم منح الجائزة لهايزنبيرج بسبب إسهاماته في ميكانيكا الكم وتطبيقاتها التي أدت إلى اكتشاف الأشكال المتآصلة للهيدورجين.

مقولات فيرنر هايزنبيرج

  • “ما نقوم بملاحظته ليس الطبيعة نفسها، بل هو الطبيعة بالنسبة لطريقتنا في التساؤل.”
  • “كل كلمة أو مفهوم ما، واضحةً كانت أو بدت أنها واضحة، فإنها تحمل نطاق ضيق من قابلية التطبيق.”
  • “العلم الطبيعي لا يصف ويوضح لنا الطبيعة ببساطة، إنه جزء التفاعل بين الطبيعة وبيننا.”
  • “مشكلة اللغة هنا خطيرة حقًا. نحن نتمنى أن نتحدث بطريقة ما عن بناء الذرات. لكننا لا نقدر على التحدث عن الذرات بطريقة طبيعية.”
  • “تمكن الفيزيائيون الألمانيون على الأقل من معرفة الكثير عن صنع وبناء القنابل النووية لكن كان من الواضح بالنسبة لهم أن تصنيع القنبلة في ألمانيا لن ينجح خلال الحرب. لهذا السبب فإنهم طرحوا السؤال حيال القرار الأخلاقي بشأن صنع القنبلة النووية، ولم يعملوا إلا على بناء محرك اليورانيوم فقط.”

علي سعيد

كاتب ومترجم مصري. أحب الكتابة في المواضيع المتعلقة بالسينما، وفروع أخرى من الفنون والآداب.

أضف تعليق

سبعة + ستة عشر =