تسعة اولاد
الرئيسية » شخصيات وعلماء » تشارلز داروين : تعرف على معلومات عن حياة العالم

تشارلز داروين : تعرف على معلومات عن حياة العالم

تشارلز داروين

يعتبر تشارلز داروين من أشهر وأهم علماء الطبيعة والأحياء، بل إن البعض يعتبره الشخص الأهم في هذا المجال، وذلك بسبب تقديمه لنظرية التطور في علم الأحياء.

تشارلز داروين يعتبر من أهم علماء الأحياء على مستوى العالم. سنتعرض في هذا المقال إلى حياة العالم تشارلز داروين ، حيث سنبدأ المقال بتعريف بسيط عن العالم البريطاني الكبير وعن نشأة حياته، وتحوله من الدراسة الدينية إلى دراسة العلوم الطبيعية، ثم سنتحدث عن رحلة البيجل التي شكلت النقلة الكبرى في حياة داروين وجعلته يغير طريقة تفكيره نحو الكائنات الحية، بل وطريقة التفكير السائدة في المجتمع العلمي بشكل مطلق، وذلك بالنظر إلى نشأة وارتقاء الكائنات الحية بطريقة أوسع، حتى وصل إلى أفكاره بخصوص نظرية التطور التي أحدثت ضجة كبيرة في الوسط العلمي وأحدثت تأثيرًا كبيرًا في مختلف المجالات العلمية، وهذا ما سنشير إليه، وكذلك بعض الأساسيات التي تفرق بين نظرية التطور الخاصة بداروين ونظرية التطور الحديثة، كما أننا سننتقل إلى بعض الأخطاء الشائعة عن نظرية التطور والتي تعطي للقارئين نظرة مشوهة للغاية عن النظرية، بشكل عام فإن هذا المقال سيكون المرشد الكامل بالنسبة لك لتتعرف على حياة تشارلز داروين والمراحل الهامة في حياته والنقلات التي أوصلته إلى استكشاف أساسيات نظرية التطور وعلاقة أفكاره القديمة بالنظريات السائدة حاليًا.

تعرف على تشارلز داروين

من هو تشارلز داروين ؟

تشارلز داروين هو عالم بريطاني ولد في يوم 21 فبراير لعام 1809 وتوفى يوم 19 أبريل 1882، يعتبر من أشهر العلماء في التاريخ، خاصةً في حقل العلوم الطبيعية ودراسة الكائنات الحية والجيولوجيا، حيث أسهم تشارلز داروين بالكثير في تلك الحقول، والمميز أنه بدأ في تطوير وصقل النظريات القديمة التي تحدثت عن تطور الكائنات الحية، حتى خرج لنا بنظريته الأولى الكاملة عن النشوء والارتقاء وتطور الكائنات الحية، وهي التي أصبحت يُشار إليها الآن تخصيصًا باسم نظرية التطور، أو أن البعض ينسبها إلى داروين نفسها، فيسميها النظرية الداروينية. ولد داروين لأسرة مثقفة ميسورة الحال، حيث كان والده طبيبًا ويملك استثمارات مالية في مشاريع مختلفة، كما أن والدته كانت من أسرة راقية، بالإضافة إلى التاريخ العلمي المميز لعائلته، حتى أن جده لأبيه كان من علماء الطبيعة المميزين والمختلفين عن غيرهم بشكل استثنائي، وهو العالم إراسموس داروين، والذي أشار في كتاباته إلى نشوء الكائنات الحية بطريقة مقاربة لتفكير تشارلز داروين نفسه، بل أن البعض يخطأ في نسبة بعض أفكار لداروين وهي في الحقيقة لجده الأكاديمي والكاتب الذي حظي بمكانة كبيرة في المجتمع الراقي في إنجلترا.

ميلاد ونشأة تشارلز داروين

ولد تشارلز داروين في مدينة شروزبري في عام 1809، ولعل أقدم ذكريات يتذكرها داروين لطفولته، ترجع للذكريات التي امتلكها عندما كان الرابعة عمره، وذلك عندما ذهب مع عائلته في فصل الصيف إلى ويلز، في نزهة عائلية للتمتع بشواطئ ويلز الهادئة، وفي هذه الرحلة بدأ إدراك داروين بالتطور وبقدرته على ملاحظة الأشياء المختلفة من حوله، وبمرور السنين تبدأ حدة هذه الملاحظة بالانتقال إلى مستويات أعلى إلى أن تكون السلاح الأقوى بالنسبة له، وتتحول إلى رغبة في اقتناء وجمع القطع والكائنات الحية بشكل عام، ثم ذهب داروين إلى المدرسة الابتدائية في شروزبري، وهي نفس السنة التي ماتت فيها والدته، وفي عام 1826، وأثناء قيامه بجولة تفقدية في شمال ويلز، قابل دكتور روبرت جرانت، وهو عالم طبيعي ومؤيد لنظريات لامارك في التطور، وقد يكون الدكتور جرانت من أوائل الأشخاص الذين التقاهم داروين وبدؤوا في إثراء عقله بالنظريات المتنوعة عن تطور الكائنات الحية، لكن الرحلة الأولى الحقيقية في طريق تشارلز داروين إلى التعرف على الكائنات الحية بشكل أوسع، كانت بعد ذلك بثلاثة سنين، عندما ذهب في رحلة لجمع الحشرات مع العالم فريدريك ويليام هوب، وذلك في الوقت الذي التحق فيه بجامعة كامبريدج العريقة.

رحلة البيجل : رحلة داروين نحو استكشاف الطبيعة

بدأت الرحلة في عام 1831، وبعد عصر التنوير والتوسعات العلمية المختلفة في شتى المجالات، بدأت الإمبراطوريات الضخمة باستكشاف الطبيعة، بعد قرون من استكشافها للقارات الأخرى، وكانت الإمبراطورية البريطانية من أكثر الإمبراطوريات الرائدة التي بدأت في تطوير مستواها العلمي وأرسلت العلماء إلى شتى أنحاء العالم لاستكشاف المجهول، ومن تلك الرحلات، كانت رحلة سفينة البيجل التي اتجهت لجمع ودراسة الكائنات الحية، وفي ذلك الوقت كان تشارلز داروين الشاب في الثانية والعشرين من عمره، ومليء بالحماسة والرغبة في التعلم، فقام بتسجيل اسمه في قائمة العلماء الذاهبين في الرحلة، وذلك بعد تركه لدراسة أصول المسيحية في كامبريدج، حيث لم يجد داروين اهتماماته تتوافق مع اهتمامات الدراسات الدينية، بل أراد الوصول إلى الطبيعة بنفسه وأخذ الملاحظات ثم الاستنتاج، وكانت تلك الرحلة هي بمثابة التغيير الكامل بالنسبة له، وهو نفسه يعتبرها أهم الأحداث التي حدثت في حياته.

الإنجازات العلمية لداروين في رحلة البيجل

بدأ داروين بجمع الحيوانات الحية والميتة والنباتات بمختلف أنواعها، حيث انطلق داروين إلى سواحل أمريكا اللاتينية، وبالتحديد في البداية في سواحل ريو دي جانيرو المليئة بالمناظر الخلابة، وذهب إلى الأراضي الجبلية والغابات والصحاري، حيث وجد داروين في تلك الأماكن الشغف التام الذي يبحث عنه والتنوع كذلك، حيث وجد كم كبير من الحيوانات التي يراها لأول مرة، ونذكر منها الحيوان المُنقرض الذي يدعى الميجاثريوم، والذي أثار إعجاب داروين بشكل غير عادي، وذهب إلى مناطق القبائل البدائية ليتعرف على الثقافات البدائية المحلية وتقاليدهم وأديانهم بشكل كامل، كما أن خبرة داروين الجيولوجية، وبالرغم من أنها ليست خبرة عميقة، إلا أنها أضافت الكثير لقدراته في التحليل والاستنتاج، بالإضافة إلى معرفته بتشريح بعض الكائنات البحرية، لكن الأهم هو شغفه بجمع العينات المختلفة، خاصةً الحيوانات اللافقارية، أما الاكتشاف الأكثر أهمية بالنسبة لداروين في هذه الرحلة هو اكتشافه لحيوانات ضخمة منقرضة، وذلك بجوار اكتشافه لصدفات بحرية تبدو جديدة، وقد كان لهذا الاكتشاف أثر كبير على تفكير تشارلز داروين، ففي هذه الحالة لم تكن هنالك أية ظاهرة طبيعية تشير إلى انقراض الحيوانات الضخمة في الوقت الذي لم تنقرض فيه الصدفات البحرية، حيث بدأ داروين بالتفكير عن الأسباب المحتملة لبقاء بعض الكائنات دونًا عن كائنات أخرى وتطورت أفكاره عن الانتقاء الطبيعي. لا ننسى كذلك الأثر الخلاب للطبيعة الذي أثر على داروين في هذه الرحلة، حيث نجده سجل في مذكراته رؤيته للبراكين في تشيلي، وبعد هذه الرحلة المثمرة بشكل غير اعتيادي وبوقت قصير، بدأ تشارلز داروين بطرح أفكاره عن الانتقاء الطبيعي وتقديمها إلى المجتمع الأكاديمي والعالم بأسره.

الاختلاف بين نظرية تشارلز داروين ونظرية التطور

تعتمد نظرية التطور الحديثة على الكثير من الدلائل المختلفة التي تدعم بعضها البعض للوصول إلى حقيقة تطور الكائنات الحية على مدار ملايين السنين، ببساطة يمكننا القول بأن وجود أحفورة واحدة تعارض التسلسل الزمني الذي حدده العلماء من خلال الأحفوريات المختلفة تجعلنا ندرك بأن نظرية التطور غير صحيحة، أو أنها على الأقل تمتلك بعض الفجوات، لكن هذا لم يحدث، فالنظرية عبارة عن تجميع للأحفوريات والآثار المختلفة لإثبات الآليات المتعددة التي حددها العلماء لمعرفة الطريق الاستثنائي الذي وصل إليه البشر وبقية الكائنات الحية بهذا التكوين الحالي، فنظرية التطور لا تعتمد على العشوائية بالمرة، بل على الكثير من الأنماط الجينية المختلفة والتي ظهرت عبر فترات طويلة خلال الطفرات الجينية وذلك بسبب عوامل طبيعية وبيئية واجتماعية وغيرها الكثير، وهذا ما يضع الاختلاف بين النظرية الداروينية ونظرية التطور الحديثة، حيث يحاول العلماء من خلال علم الوراثة الوصول إلى الآليات المختلفة للتطور، وقد قطعوا أشواطًا كبيرة مثل وصولهم إلى الجينوم البشري، إلا أن مبادئ تشارلز داروين الأساسية هي محفوظة، فمبدأ الانتقاء الطبيعي هو من أساسيات نظرية التطور الحديثة.

أخطاء شائعة عن نظرية التطور

تحفل نظرية التطور بجدل غير عادي في كافة الاتجاهات، فالبعض يتخذ رؤية أيدلوجية تجاه النظرية، والبعض يحاول تنفيذها علميًا، فالنظرية لم تسلم من الانتقادات منذ نشر تشارلز داروين لكتاب أصل الأنواع في القرن التاسع عشر، أول تلك الأخطاء الشائعة أن نظرية التطور تقول بأن الإنسان أصله قرد، وهذا ليس صحيحًا بالمرة، فنظرية التطور الحديثة، بالإضافة إلى أفكار داروين نفسها، لم تتحدث عن احتمال أن يكون القرد هو سلف الإنسان، بل قال تشارلز داروين أن هناك سلف مشترك يجمع البشر وبعض الكائنات الحية الأخرى، وهناك سلف آخر لهذا السلف، وبهذه الطريقة يبحث العلماء عن الأسلاف الرئيسيين الذي حظوا بالتغيرات الجينية الفارقة التي أثرت في تطور الكائنات الحية، هناك خطأ شائع آخر عن نظرية التطور، وهو الاعتقاد بأن التطور جاء بسبب تغيرات بالغة الصغر حدثت بسبب الطفرات الجينية، وبالرغم من أن هذه من آليات نظرية التطور، إلا أن هناك الكثير من الآليات الأخرى التي تعتمد عليها النظرية في تفسير تطور الكائنات الحية، وهذا يحيلنا إلى خطأ آخر يعتقده عدد كبير من الناس، وهو أن التطور نشأ بواسطة الصدفة أو العشوائية، إلا أن هذا الأمر ليس صحيحًا بالمرة، فالنظرية توضح تفاصيل الآليات المختلفة التي تتسبب في التطور، مثل الطفرات الجينية، وقانون الانتخاب الطبيعي، بالإضافة إلى التدعيمات المختلفة لتلك الآليات، سواء كان هذا بواسطة العلوم الطبيعية مثل علم الوراثة أو العلوم الاجتماعية المختلفة. هناك أيضًا فكرة شائعة عن متبعي نظرية التطور وهي أن المؤمنين بها هم ملحدون ولا يتبعون أي دين، وفي الواقع فإن هذا غير صحيح، فإن هناك الكثير من العلماء المؤمنين الذي يدعمون نظرية التطور ولا يرون فيه أي تنافي مع ما جاء في الكتب المقدسة، سواء كانوا مؤمنين بالدين المسيحي أو الدين الإسلامي أو غيرها من الأديان، الأمر كله يتعلق حول مدى الاهتمام بالتمحيص العلمي ومحاولة استكشاف الحلقات التي شكلت هذا العالم المليء بالكائنات الحية المدهشة.

تأثير أفكار تشارلز داروين على مجالات البحث العلمي

أفكار داروين تعرضت إلى الكثير من التنقيح والتطوير حتى وصلت إلى مراحل متطورة لتفسير نشوء الكائنات الحياة على الأرض، وأصبحت تلك النظريات الجديدة هي الأساس الذي يتبعه العلماء في الكثير من الاتجاهات العلمية، بل أن نظريات تشارلز داروين نفسه أثرت تأثيرًا كبيرًا على مناحي مختلفة من الفلسفة والعلوم، حيث نجدها ظاهرة في مجالات مختلفة من مجالات البحث سواء كانت اتجاهات في العلوم الإنسانية أو اتجاهات في العلوم الطبيعية، على سبيل المثال، يمكننا أن نجد تأثير أفكار داروين في نظريات تفسير نشأة اللغة عند اللغويين في منتصف القرن العشرين مثل العالم الألماني ماكس مولر وغيره، وكذلك عند بعض علماء الاجتماع في تلك الفترة مثل الأنثربولوجي الإنجليزي إدوارد بيرنت تايلور، أي أنه يمكننا القول بأن تأثير نظريات داروين امتد ليشمل كافة الفروع الإنسانية بشكل غير اعتيادي، بل أن أفكاره قد غيرت من طريقة التفكير بشكل كامل، بدلاً من الاعتماد على نظرية الابتكار والظهور المباشر لمختلف الأفكار والأشياء، انتقل التفكير إلى الاعتماد على التطور الذي يأخذ مراحل متعددة ويتطلب ظروفًا مختلفة ليتفوق فيها الجانب الأكثر قوة ومرونة في نفس الوقت.

في نهاية المقال، فإن كل ما يمكننا قوله أن فضل تشارلز داروين على الحياة العلمية هو لا يقدر بثمن، وأن كتابه أصل الأنواع أصبح بمثابة المرشد الذي يرشد العلماء على مر السنين نحو الاستكشاف الفريد لطرق تطور ونشوء الكائنات الحية.

علي سعيد

كاتب ومترجم مصري. أحب الكتابة في المواضيع المتعلقة بالسينما، وفروع أخرى من الفنون والآداب.

أضف تعليق

7 + 15 =