تسعة اولاد
الرئيسية » دروس » كيف تجعل العلاقة مع المدرس بناءة حتى خارج إطار المدرسة؟

كيف تجعل العلاقة مع المدرس بناءة حتى خارج إطار المدرسة؟

العلاقة مع المدرس

العلاقة مع المدرس من أهم أنواع العلاقات التي يجب على طالب العلم الاهتمام بها لكونها تُسهم في الأساس بعملية التحصيل الدراسي، فإذا كانت هذه العلاقة تحديدًا بناءة فلا شك أن الاستفادة الأكبر ستكون للطالب الذي سيستفيد من العديد من النواحي، فكيف يحدث ذلك؟

مما لا شك فيه أن العلاقة مع المدرس علاقة مُقدسة للدرجة التي تجعلها عنصر مُحدد لسير العملية التعليمية بالكامل، فإذا كانت العلاقة مع المدرس جيدة فهي ستؤثر في التحصيل العلمي وتُحسن نفسية الطلب وتجعله يتلقى دروسه بصدر رحب، أما إذا حدث العكس وكانت العلاقة متوترة فإن هذا سيؤدي بالتبعية إلى وجود حالة من عدم الإلمام بالدروس أو عدم التركيز فيها من الأساس، ولهذا نقول بكون علاقة المدرس مع طالبه علاقة وجود من الدرجة الأولى، إذا كانت موجودة بشكل جيد فإنه هذا سيقود إلى حياة تعليمية جيدة، وأما إذا كانت موجودة بشكل متوتر وسيء فهذا يعني أن الحالة التعليمية لن تكون جيدة، الفكرة ببساطة شديدة أننا نتحدث عن مهد الشيء والأصل فيه، على العموم، في السطور القليلة المُقبلة سوف نتعرف سويًا على أهم طرق جعل العلاقة مع المدرس جيدة حتى ولو كان ذلك خارج إطار المدرسة، فدعونا نبدأ في ذلك سريعًا.

العلاقة مع المدرس

قبل أن ندلف سويًا إلى طرق تحسين العلاقة مع المدرس فدعونا قبل ذلك نتعرف على ماهية هذه العلاقة، فأصل العلاقة أن تكون علاقة حب وتقدير، الطالب يُحب المدرس ويُقدره، وكذلك المدرس يُحب الطالب ويقدره، كذلك الطالب يمنح المدرس قدر لا يُستهان به من الاحترام، تقريبًا يكون بالنسبة له أب، وفي بعض الأحيان قد تكون هناك درجة من درجات كشف الأسرار وتخطي مساحة الشخصية، كأن يُخبر التلميذ معلمه ببعض التفاصيل التي ربما يكون من الطبيعي ألا يعرفها المدرس، لكن هذا يحدث فقط حال تحسن العلاقة ووصولها إلى درجة كبيرة من التميز، ولا ننسى مرحلة الاستشارة والأخذ بالنصيحة ضمن هذه العلاقة، ثم مرحلة الرعاية والاهتمام والمتابعة التي تحصل من المدرس على وجه التحديد، على العموم، كي تمر العلاقة بتلك المراحل التي أشرنا إليها فإن الأمر يحتاج أولًا إلى أن تكون العلاقة مع المدرس موجودة وصالحة لأن تكون بناءة، فكيف يا تُرى يُمكننا القيام بذلك الأمر الغير يسير بالمرة؟

كيفية جعل العلاقة مع المدرس جيدة وبناءة ؟

نحن الآن نتحدث تقريبًا عن الشيء الرئيسي والأهم في هذا المقال، وهو المتعلق بأهم الطرق التي يُمكن من خلالها جعل العلاقة مع المدرس جيدة ومميزة، فهو أمر لا يحدث بين يوم وليلة ولا يحدث بمجرد النظر، وإنما تكون هناك بعض الطرق والأسباب التي تؤدي إليه، والتي على رأسها مثلًا كسب ثقة المدرس.

كسب ثقة المدرس

الطريقة الأولى التي تجعل من علاقتك عزيزي الطالب جيدة ومميزة مع المدرس هي تلك التي تتعلق بكسب ثقة ذلك المدرس، وهو أمر لا يحدث بسهولة، إذ أن المدرس، وهو شخص يُمثل ضعفين أو ثلاثة من عمرك تقريبًا، من الطبيعي ألا ينظر إليك بعين الثقة، وإنما سيكون شغله الشغل التدريس لك فقط، أما الثقة فأنت من تنتزعها بنفسك من خلال المواقف، ولكم أن تتخيلوا أن مدرس يبلغ من العمر ثلاثين عامًا مثلًا قد وجد طفل في العاشرة من عمره يُمكن الوثوق فيها، ألن تكون العلاقة مع هذا الطفل جيدة ورائعة إلى أبعد حد؟ وهذا بالضبط ما نرمي إليه من خلال هذه الطريقة حال استخدامها، بل ودعونا لا ننسى أن الثقة في كل زمان ومكان هي تميمة النجاح للعلاقات، بما في ذلك العلاقة الزوجية وعلاقة الأب مع الأبناء، فلماذا لا نُطبع نفس الأمر في العلاقة مع المدرس ونرى بأعيننا نجاحها؟

احترام المدرس والعملية التعليمية

الخطوة التالية ضمن خطوات كسب ثقة المُعلم أن تَكن له كل احترام ممكن، ليس هو فقط، بل للعملية التعليمية التي هو في الأساس جزء منها، فمن البديهي أن ينظر المدرس إلى العملية التعليمية على أساس كونها الأهم والأفضل خلال وجوده في المدرسة، وإذا وجد فعلًا طفل بمقدوره احترام تلك العملية، وقبل ذلك احترام المدرس نفسه، فبلا أدنى شك سوف تكون هناك علاقة بناءة للغاية ومُثمرة مع ذلك المُدرس، ليس في الفصل فقط، وإنما كذلك في خارج الفصل، فسوف ينظر إليك على أساس كونك أحد الأشخاص الذين احترموا ما قاموا به، وهي نظرة في غاية الأهمية بالتأكيد، فقط جربها ولن تندم.

عدم وضع حواجز بينك وبينه

دعنا الآن من مسألة العلاقة مع المدرس فسوف نتحدث عن شيء يتعلق بالعلاقة مع أي شخص بشكل عام، والمقصود هنا الحواجز وكسرها، فمن البديهي أن أي علاقة يكون في أرضها ما يُعيق نموها مثل الحواجز فلن تكون بناءة لاحقًا، لكن كيف تكون هناك مقاومة شديدة لهذه الحواجز وكيف تمنع تواجدها؟ هذا هو السؤال الحقيقي الذي يجب الإجابة عليه، فالمدرس في البداية ينظر لك على أنك تلميذ من الواجب عليه رعايتك والحفاظ عليك، ثم أنه ثمة الكثير من التلاميذ معك في الفصل، وبالتالي سوف تكون هناك حاجة لفعل ما يكسر تلك الحواجز كأن تتحدث معه عن موهبتك، أسرارك، أحلامك، أهدافك، أي شيء يتعلق بك أنت وحدك، ففي هذه الحالة سوف تحدث عملية كسر الحواجز التي نتحدث عنها وستكون هناك علاقة بناءة، ليس خارج أسوار المدرسة فقط، بل عندما تكون غير مالك لصلة بتلك المدرسة أساسًا، كأن تُنهي تعليمك نهائيًا.

التحول إلى قدوة للبقية

لا نزال مع الطرق التي تجعل العلاقة مع المدرس في نهاية المطاف علاقة بناءة وقوية، حتى ولو كنت خارج أسوار المدرسة من الأساس، وهذه المرة الحديث ينتقل إلى القدوة وما يُمكن أن يعنيه كونك قدوة بالنسبة للمدرس الذي تسعى إلى تقوية العلاقة معه وكذلك بقية التلامذة الآخرين، فأنت عزيزي الطالب عندما تترك المدرسة فمن البديهي أن تنقطع علاقتك مع المدرس لكون رسالته بالنسبة لك قد انتهت تمامًا، لكن على الرغم من ذلك فإن تحقيق شيء كبير في طريقك والوصول إلى مكانة مُعينة يجعلك قدوة للآخرين، وبالتالي المدرس سوف يظل يفتخر بك ويُحدث عنك طلابه، هذا بخلاف أن حديثه معك ومتابعة أخبارك أمران لن ينقطعان أبدًا، هكذا تُصبح العلاقة قوية وبناءة، وهكذا تظل على هذه الحالة للأبد.

أمور تُدهور العلاقة مع المدرس

تحدثنا قبل قليل عن الأسباب التي قد تجعل العلاقة مع المدرس جيدة وفي أفضل حال لها، لكن بالتأكيد سوف تكون هناك حاجة ماسة لتجنب الأمور التي قد تتسبب في انتكاسة بهذا الصدد، أو بمعنى أدق، تلك التي تُدهور العلاقة ولا تقدر حتى على إبقاء العلاقة بنفس المنوال الأول، والأمور التي نقصدها كثيرة، لكن أهمها مثلًا عدم احترام المدرس.

التقليل من المدرس وعدم احترامه

أكثر ما يؤلم المدرس، وأكثر ما يؤلم أي شخص بشكل عام، ألا يتم احترامه بالشكل اللائق وأن يتم التقليل منه ومما يفعله، وخصوصًا إذا كان ذلك التقليل يحدث بصورة مُتعمدة ومقصودة تمامًا، وربما عزيزي الطالب يحدث هذا التقليل في صور قد تبدو تافهة وليس لها أي قيمة بالنسبة لك، كأن تقوم بالتحدث أثناء قيام المدرس بالشرح، أو تضع قدم فوق الأخرى، أو أن تتحدث عما يقوم بفعله وكأنه شيء لا يُجدي وليس منه أي نفع، هكذا تفشل العلاقة وتتدهور، وهذا هو السبب الرئيسي.

وضع العراقيل أمام العملية الدراسية

أكثر ما يحبه المدرس ويسعى إليه هو أن يكون هناك سير وانتظام في العملية الدراسية، لذلك فإنه عندما يحاول طالب إيقاف تلك العملية بأي طريقة ممكنة فهو بلا شكل يخسر العلاقة مع المدرس ويسعى تمامًا إلى تدهورها، والمشكلة هنا أن التدهور الذي نتحدث عنه ونقصده قد يأتي نتيجة أمر بسيط كقيامك ببعض الإزعاج أثناء عملية الشرح أو عدم التزامك بواجباتك ودروسك، فمثل هذه الأمور تُحقق وضعية العرقلة التي نتحدث عنها، لذلك من الأفضل تجنبها لضمان علاقة مميزة بينك وبين المدرس، لا نقول مثالية لكنها بالتأكيد لن تكون متدهورة.

تجاوز حدود الأدب

بالتأكيد لن تشهد العلاقة مع المدرس تدهورًا أكبر من ذلك الذي سيحدث عندما يتم تجاوز حدود الأدب من قِبل الطالب، فالطبيعي أن الطالب يحترم المدرس ويحترم أصدقائه ويحترم نفسه قبل كل ذلك، هكذا تبدأ العلاقة وتكون في طريقها للنجاح، لكن التدهور يجد الفرصة سانحة عندما يتم يتجاوز الطالب حدوده فيما يتعلق بالأدب ويقوم ببعض الأفعال المنافية للأخلاق، كأن يقوم مثلًا بالإساءة اللفظية للمدرس أو للأصدقاء أو يقوم بسب دينه بأبشع السباب، فهنا المدرس سيعنفه بلا أدنى شك، لكن من ناحية أخرى فإن علاقته ستتدهور بشكل كبير، وهو أمر يجب معرفته لتجنب حدوثه لاحقًا.

في النهاية عزيزي الطالب عليك أن تعرف بأن كل ما سبق ذكره في مقالنا كان يتحدث بصورة أو بأخرى عن أسمى علاقة في حياة الإنسان خارج منزله، وهي علاقته مع المدرس، فهذه العلاقة لا تقل عن علاقة الأب بأبنائه، فهل يصح شيء في علاقتك بأبيك بخلاف السعي لتحسين تلك العلاقة وفعل كل ما يُمكن فعله من أجل منع تدهورها؟

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

2 × 2 =