العالم ابن البيطار : حياة العالم ابن البيطار

العالم ابن البيطار واحد من أشهر الأطباء والصيادلة العرب على مر التاريخ، فقد أضاف العالم ابن البيطار إلى علم الطب والصيدلة الكثير من الممارسات العلمية المبتكرة. لا ندري ما نقول عن هذا العالم ابن البيطار فهو أن قلنا عنه بيطار فقد جانبنا الصواب في القول وان قلنا عنه رحالا فلم نوفيه حقه وان قلنا عنه عالم نبات فقد تعددت خصاله واحتار الوصف فهو العالم الجليل ضياء الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد المالقي الملقب بابن البيطار وله لقب آخر النباتي والعشاب ولد في الأندلس في مدينة مالقة عام 593هـ في عائلة تشتهر في البيطرة ووالده كان حاذقا في علم البيطرة حيث كان من العلماء المشهورين في عصره وقد اتصف بالنبوغ و الذكاء الحاد وسرعة البديهة، يعتبر ابن البيطار أحد اشهر علماء المسلمين في العصر الإسلامي فقد رحل ولكنه ترك الكثير ورائه حيث ترك المعرفة الزاخرة و العلوم التي نفعتنا جميعا من هذا العالم الجليل.

تعرف على العالم ابن البيطار

حياة العالم ابن البيطار ومشواره العلمي في طلب المعرفة

توجه إلى إشبيلية وتلقى مختلف العلوم فيها وقد كان اهتمامه في مجال النباتات بشكل كبير ونهل من علم أبو العباس بن الرومية النباتي العالم في علم النبات وعلم أستاذه عبد الله بن صالح حيث كان ابن الرومية عالما ومؤلفا لكتاب الرحلة الذي كان مرجعا لعدة قرون فيما بعد فكانت سمعته منطلقها من سمعة أستاذه ولكن صيته ذاع أكثر منه لما له من أعمال كما سنرى في باقي المقال ودرس في كتب اليونان وكتب غير العرب وابن سينا والإدريسي وأبي العباس النباتي وساعده في ذلك معرفته باللغات اليونانية والفارسية التي تعلمها وأتقنها.

المسير العلمي الطويل

من الأندلس كانت البداية والمسير العلمي الطويل لابن البيطار فعند بلوغه سن العشرين سافر من الأندلس مودعا إياها بلا عودة بعد أن اصبح عالما في علم النبات وتوجه ابن البيطار إلى الكثير من البلدان حيث كان كثير الترحال والتنقل من مكان إلى آخر حيث توجه إلى بلاد المغرب والجزائر وتونس وليبيا مارا بمدنها طرابلس وبرقة ومن ثم إلى اسآسيا الصغرى و إلى بلاد الروم وزار بلاد فارس والعراق وبلاد الشام وقد استفاد من رحلاته هذه بإقامته فيها واجتماعه مع علماء هذه البلدان ومناقشتهم في علوم النبات ودراسة نباتات هذه البلدان بشكل دقيق ويرسمها له رسام يصطحبه معه ودرس منابت هذه الزروع وتأثير الترب وتنوعها على النباتات وخصائص النباتات وتسمياتها واستقر بعد ذلك في مصر وكرمه الملك الكامل الأيوبي وعينه رئيسا للعشابين وكرمه من بعده الملك الصالح أيوب وبقي في خدمتهم متنقلا بين دمشق والقاهرة حيث استمر هذا المسير العلمي الطويل ما يزيد عن 31 عام حيث استقر في مصر في عام 644هـ.

ما هي أهم أعمال العالم ابن البيطار وما هي أهم إنجازاته العلمية؟

درس العالم ابن البيطار في الكثير من الكتب منها الكتب اليونانية ومنها كتب أبقراط وكتب ديسقوريس وهي كتب عن علم التشريح والنباتات وتأثر بكتاباتهم ومن الكتب التي نهل منها علمه كتب ابن سينا القانون والشفا وكتب الشريف الإدريسي وبالأخص الكتاب الجامع لصفات أشتات النبات حيث تأثر منه في عملية التحقيق والتدقيق في الوصف للنباتات بأسمائها المختلفة من لغة يونانية إلى فارسية وتأثر بالغافقي الذي يعد من صيادلة العرب المشهورين في كتابه الأدوية المفردة الذي استفاد منه كثيرا في مؤلفاته وظهرت أسماء الكثير من العلماء والصيادلة في كتاباته ومؤلفاته كأمثال ابن جزلة وأبو بكر الرازي والزهاوي وثابت بن قرة وابن سمحون واستفاد كثيرا من علمهم الغزير وكتبهم وظهرت خبراتهم واضحة وجلية في مؤلفاته.

العالم ابن البيطار والعلاج الكيميائي الضوئي

فهو يعتبر من أول من استخدم العلاج الكيميائي الضوئي وعالج البهاق وهو ركز في جميع مؤلفاته على أهمية التجربة والاستنتاج وملاحظة خواص النباتات واستخداماته العلاجية فهو قد ألف العديد من المؤلفات التي سجل فيها ملاحظاته عن النباتات ولم تقتصر هذه الملاحظات على النباتات وإنما على الأصول الحيوانية مثل ابن عرس والأرانب البرية وبعض الأنواع من الطيور وبعض من الحيوانات البحرية وقام بتشريحها ومعرفة خواصها وإمكانية الاستفادة من الأدوية التي تنتج منها وتكلم أيضا عن المعادن واستخداماتها العلاجية مثل الرصاص وإمكانية استخدام كل ما ذكر في إنتاج العقاقير والأدوية.

ومن إسهاماته العلمية أيضا تعريف المصطلحات والأدوية وإثراء الفهرس الطبي العربي بمختلف المسميات الطبية حيث أن أعماله ليست فقط على اقتصرت توصيف الدوية العقاقير وصناعتها واستخداماتها العلاجية فحسب وإنما أضاف مصطلحات علمية طبية لم تكن معروفة قبلا وعرفها في كتابه مختصر مفردات ابن البيطار.

ما هي أهم كتب العالم ابن البيطار التي عمل على تأليفها؟

• أولا: لقد عمل العالم البن البيطار على تأليف كتاب الجامع لمفردات الأدوية والأغدية وهو أشهر كتب ابن البيطار ففيه تحدث عن أكثر من ألف وأربعمائة صنف من الأدوية التي انتجها واستخداماتها في علم الصيدلة فهو يعد مرجعا للصيادلة عبر العصور في أوروبا والمشرق العربي والعالم لعدة قرون حيث كانت الأدوية مفهرسة حسب الحروف الأبجدية وحوى كتابه أسماء العديد من العلماء الفرس واليونانيين والعرب وأشهر أعمالهم وتجاربهم والتعديلات التي قام بها البيطار على أعمالهم والتجارب التي خاضها والتي خاضوها هم وملاحظاتهم.
• ثانيا: عمل العالم المسلم ابن البيطار على كتابة كتاب المغني في الأدوية المفردة بحيث اعتمد في هذا الكتاب أحدث الأساليب العلمية التي مازالت تستخدم إلى يومنا هذا في التجربة والخطأ والملاحظة وتحري الدفقة والأمانة العلمية في النقل عن العلماء الآخرين والتعديل على أعمالهم فهو عالم يفخر به انه من واضعي أسس علم الصيدلة ومؤسس المصطلحات الطبية الصيدلية التي مازال يعتمد عليها حتى الآن في عصرنا هذا.
• ثالثا: عمل العالم ابن البيطار على تأليف كتاب شرح أدوية ديسقورس وهو مرجع قاموسي باللغات العربية واليونانية والسيريانية لعلوم الصيدلية.
• رابعا: عمل العالم ابن البيطار على تأليف كتاب البربية وشرح الأدوية النباتية والحيوانية مقالة في الليمون.
• خامسا: عمل العالم الجليل على كتابة كتاب في الطب وعلوم الصيدلية حيث شرح فيها العلوم الطبية وعلوم الصيدلة بالتفصيل.
• سادسا: عمل العالم ابن البيطار على تأليف كتاب الأفعال الغريبة والخواص العجيبة.
• سابعا: عمل العالم ابن البيطار على تأليف كتاب ميزان الطبيب.
• ثامنا: عمل العالم ابن البيطار على تأليف كتابه رسالة في التداوي بالسموم.

هذا وبالإضافة إلى العديد من الكتب والمجلدات المتنوعة والتي أثراها العالم الشهر في علوم الطب والصيدلة والعلاج والسموم والنبات وكل شيء فكان له الأثر الكبير في عملية نشر العلم والمعرفة حول العالم وبذلك يكون العالم ابن البيطار قد رحل عنا ولكنه قد ترك الكنز الكبير من المعلومات التي لا زالت حتى يومنا هذا تدرس في مجالات العلوم والطب فتميز العالم الجليل وتفوق وكان حقا علينا أن نكتب ولو بالقليل عنه وعن إنجازاته الكبيرة والتي لا حصر لها البتة فابن البيطار العالم المسلم الداعية المتفوق في جميع مجالات الحياة المختلفة فرحل الداعية ورحل الطبيب وترك الكثير الكثير وراءه من العلوم المفيدة التي خدمت البشرية جمعاء فترك كنز من كنوز المعرفة والتي أذهلت الجميع من علماء المسلمين والغرب في هذا المجال.