تسعة اولاد
الرئيسية » فلك وفضاء » أهم الأدوات الفلكية التي ظهرت قبل عصر جاليليو جاليلي

أهم الأدوات الفلكية التي ظهرت قبل عصر جاليليو جاليلي

الأدوات الفلكية

الأدوات الفلكية كانت الرفيق الذي ساعد أجدادنا على معرفة الوقت ومراقبة تحركات الأجسام السماوية، وهنا نتعرض بإيجاز إلى أبرزها عبر الثقافات المختلفة.

هناك العديد من الأدوات الفلكية المميزة التي ابتدعها علماء الفلك قبل أن يتطور علم الفلك على يد الإيطالي جاليليو جاليلي ونيكولاس كوبرينكوس ويوهانز كيبلر وإدوين هابل وغيرهم، والواقع أن علم الفلك كان ذا صورة مختلفة تمامًا عن الصورة الحديثة، حيث أن العلماء والهواة كانوا يهدفون أولاً إلى مراقبة الأجسام السماوية ومتابعة تحركاتها وحساب تلك التحركات بدقة، وارتبط العلم قديمًا بعلم التنجيم لدرجة تجعلنا غير قادرين على فصلهما، ومن هنا ظهرت تلك الأدوات الفلكية عبر القرون السابقة لجاليلي، وفي الفقرات التالية سنقدم لك أهم تلك الأدوات سواء كانت أدوات بحد ذاتها أو بنايات تحتوي على الأدوات، وأهمها قطعًا آلة الأنتيكيثيرا والقبة ذات الحلق والقبة السماوية، مع اعتبار الأهمية التاريخية لبعض الأدوات مثل قرص سماء نيبرا.

القبة ذات الحلق

هي من أهم الأدوات الفلكية التي ظهرت منذ قرون طويلة قبل جاليليو جاليلي، وهي عبارة عن نموذج للكواكب والنجوم، وبسبب الاعتقاد السائد فقد كانت الأرض هي مركز كل تلك الأجسام مع وجود مسار الشمس (وهذه النماذج تعرف بالنماذج البطلمية، أما النماذج الحديثة والتي تظهر فيها الشمس كمركز للمجموعة الشمسية فهي تسمى بالنماذج الكوبرينكية)، وتم اختراعها بصفة مستقلة في اليونان القديمة والصين القديمة ثم تمت العديد من التحسينات عليها في العصور الإسلامية ومن بعدهم قام الغرب في العصور الوسطى بإنشاء نماذجهم الخاصة المعتمدة على كل تلك الاختراعات وهي النماذج الوحيدة المتبقية في حالة سليمة في وقتنا الحالي مثل التي قام بها كل من جوست بورجي وأنطون إيزنهوت في سنة 1585 والموجودة في العاصمة السويدية ستوكهولم. ومع الحلقات الدائرية حول نقطة مركزية وتقسيم الحلقات الذي يتيح للمشاهد ملاحظة خطوط الطول ودوائر العرض فإن القبة ذات الحلق كانت مختلفة نسبيًا عن القبة السماوية ذائعة الصيت، وهناك نوعان منها، نوع لأغراض المراقبة وآخر للأغراض التوضيحية، والبطالمة كانوا أول من أنشأ هذا النموذج المميز. وبالتوازي مع الأصطرلاب فقد كانت القبة ذات الحلق من أهم الأدوات الفلكية التي تستخدم في عمليات الملاحة.

يملك متحف ويبل لتاريخ العلوم الملحق بجامعة كامبريدج في المملكة المتحدة نموذج يعتقد أنه يعود إلى العقد الأول من القرن السادس عشر، ومتحف تاريخ العلوم في أوكسفورد لديه نموذج يعود إلى سنة 1588 على الأرجح، مع العلم بأن الاستخدام الأوروبي للقبة ذات الحلق كثر بصورة بارزة عندما أقام البرتغاليون مملكتهم الخاصة في البرازيل، وقد أعطت البرازيل البرتغال لافتة وعلم مرسوم فيهما بعض القبب ذات الحلقات، ولكنهم غيروا الفكرة تمامًا عند حصولهم على الاستقلال.

إل كاراكول من أهم الأدوات الفلكية

هو مرصد شهير في مدينة “تشيتشن إيتزا” ويعني الاسم “بئر إيتزا” بلغة شعب المايا القديم، وهو موجود في مدينة قديمة تم بنائها في القرن الخامس قبل الميلاد، وتحتوي المدينة على عدد كبير من الآثار الهامة وأهمها الهرم الذي يصل الارتفاع فيه إلى 54 متر بالإضافة إلى معبد المقاتلين وعدد كبير من المقابر القديمة والعواميد والمنصات، لكن ما يعنينا هو هذا المرصد الفلكي البارز الذي تم إنشائه فيما بين 415 – 455 ميلادية، وبينما كانت أغلب الأدوات الفلكية مكرسة لمراقبة حركة النجوم أو عبادة الشمس، فإن مركز إل كاراكول (والذي يعني الحلزون) كان مكرسًا لمتابعة حركة كوكب الزهرة، مع العلم بأن الكوكب كان محيرًا لشعب المايا ومقدسًا أيضًا، وظهوره كان يعتبر علامة حظ، وكان يتم تحديد مواعيد الحرب والسلم بناء على ظهوره، لذا فقد عملوا على دراسته باستمرار من خلال هذا المرصد المميز. ومن الجدير بالذكر أن شعب المايا قد أبدع عدد كبير من الأدوات الفلكية المميزة مثل “مفكرة المايا” التي تم اكتشافها منذ بضعة سنوات فقط في قرية صغيرة، وهي عبارة عن حائط مليء بالتسجيلات الفلكية وتحركات النجوم والكواكب، وقد تم كتابتها في القرن التاسع.

قرص سماء نيبرا

هو قرص برونزي بنصف قطر 30 سم ووزن 2.2 كيلوجرام ومغلف بطبقة حجرية زرقاء وخضراء، والأجسام الموضحة عليه عبارة عن نقاط من الذهب، وتم تسميته على اسم القرية الألمانية التي تم اكتشافها فيها في سنة 1999، وهو أقدم رسم توضيحي للكون، حيث يعود القرص إلى العصر البروزني، أي منذ حوالي 3600 سنة، ووجده العلماء في مقبرة قديمة مدفونًا مع إزميل وفأسين وسيفين وخاتمين، ويصور القرص الشمس والقمر وبعض النجوم.

آلة الأنتيكيثيرا

في سنة 1900 صادف بعض الصيادين عاصفة هوجاء فاضطروا إلى اللجوء إلى جزيرة أنتيكيثيرا بالقرب من جزيرة تكريت، وبعدما هدأت العاصفة قاموا بالغطس تحت الماء ووجدوا حطام سفينة ضخمة غرقت منذ أكثر من ألفي سنة وكانت مليئة بالتماثيل البرونزية، فأخبروا السلطات وعادوا بكل المحتويات إلى متحف في أثينا، ومن بين المحتويات كان هناك جسم غريب مكون من البرونز والخشب، ولم يدرك الصيادون أنهم اكتشفوا واحدة من أهم الأدوات الفلكية القديمة، والآلة مكونة من ثلاثين عجلة مسننة من البرونز وتعود إلى عصر العالم أرخميدس، ولسنين احتار العلماء في ماهية الآلة، وبعد قراءتهم بتفحص للتعليمات الموجودة (والتي اختفى منها ثلاثة أرباعها ولم يتبق لنا إلا 3500 حرف) على جانب الآلة الصغيرة وجدوا أن وظيفتها هو التنبؤ بالمواقع المتغيرة لكل من الشمس والقمر والكواكب الأخرى التي كانت معروفة في القرن الأول قبل الميلاد وذلك في أي يوم، أي أنها آلة حسابية تستطيع معرفة حركة أي من هذه الأجسام في أي من وقت من السنة، لكنها آلة ميكانيكية بالطبع ولا تعطي سوى مؤشرات، وأيضًا فهي تستطيع معرفة توقيت كسوف الشمس وخسوف القمر، وكانت الآلة تستخدم كمرجع دراسي للطلاب.

المزولة الشمسية

الاستخدام الأول للمزولة الشمسية كان في القرن الخامس عشر قبل الميلاد في الحضارة المصرية القديمة والبابلية أيضًا، وفي السابق كانت الظلال هي وسيلة الناس لمعرفة الوقت، وفي العهد القديم من الكتاب المقدس يظهر لنا وصف لمزولة شمسية قديمة، ويرجح أن تلك الفترة هي القرن السابع قبل الميلاد، وهذه الأداة عبارة عن خطوط ومجموعة من النقاط مرسومة على صفائح معدنية وفي منتصفها عصا متخذة الوضع الأفقي، ومن خلال ظلال أشعة الشمس فإننا نستطيع تحديد الوقت، أي أنها ببساطة أقدم ساعة ابتكرها أجدادنا.

خاتمة

هناك بعض الأدوات الفلكية الأخرى مثل الأصطرلاب والقبة السماوية، وبالنظر إلى المخطوطات التي كتبها أسلافنا فإننا سندرك أن علم الفلك كان من أهم فروع العلوم التي سلبت لبهم بالفطرة، فمثلاً قرص نيبرا هو من العصر البرونزي أي في عصور ما قبل الكتابة، وهذا يعني أن مثل تلك الأدوات في المرحلة الأولى كانت عبارة عن طريق مكنهم من استكشاف كنه الكون ومحاولة إلى معرفة ماهية الزمن وتحديد أهم الأشياء مثل الفصول الأربعة وغيرها من الظواهر الرئيسية، ثم جاءت المرحلة الثانية وهي المرحلة الحسابية كما في آلة الأنتيكيثيرا، أما المرحلة الثالثة فهي مرحلة جاليليو جاليلي ورفاقه من الفلكيين، وهنا ظهر التليسكوبات وأصبح العلماء قادرين على تصحيح المفاهيم الخاطئة مثل مركزية الشمس، والمرحلة التالية هي التي نعيشها حاليًا وهو عصر غزو الفضاء.

علي سعيد

كاتب ومترجم مصري. أحب الكتابة في المواضيع المتعلقة بالسينما، وفروع أخرى من الفنون والآداب.

أضف تعليق

18 + 11 =