تسعة اولاد
الرئيسية » دروس » السبورة : لماذا لا تزال تحظى بالأهمية في التدريس إلى اليوم؟

السبورة : لماذا لا تزال تحظى بالأهمية في التدريس إلى اليوم؟

السبورة

السبورة التي تتواجد حاليًا في كل مدارس العالم لا تزال الأداة المستخدمة بشدة في التعليم على الرغم من اختلاف أشكالها تبعًا لاختلاف الدول التابعة لها، لكن السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا لا تزال تلك السبورة تحظى بالأهمية في التدريس إلى اليوم؟

تُعتبر السبورة التي تُستخدم في التعليم وتنتشر في المدارس على نطاق واسع أهم وأفضل طُرق التعليم المعمول بها، فعلى الرغم من قِدم المدارس وتقدم العلم في الوقت الحالي إلا أنه لم يستطع أحد الاستغناء عن السَّبورة وإنما فقط يتم التطوير فيها باستمرار حتى تخرج بالشكل الملائم، وهذا ما أدى إلى وجود السَّبورة الذكية والسبورة التفاعلية، لكنها في النهاية تبقى سبورة معمول به، وهذه هي النقطة الأهم في حديثنا، على العموم، في السطور القليلة المُقبلة سوف نتعرف أكثر على السبورة، نقترب منها ونعرف أهميتها والأنواع التي خرجت منها، والأهم من ذلك أننا سنجيب على السؤال الأبرز والأكثر طرحًا، ذلك المتعلق بالأسباب التي أدت إلى كون السَّبورة لا تزال تحظى بالأهمية الكبرى في التدريس حتى اليوم، فهل أنتم مستعدون للبدء سويًا في هذا الأمر الهام؟ حسنًا لنبدأ في ذلك سريعًا.

السبورة

السَّبورة بشكل عام، وإذا كنا نتحدث عن المعنى التقليدي، هي جزء من الحائط، يُرفق به، ويكون صالح للكتابة عليه من خلال المواد التي تترك أثرًا كالجير أو الطباشير كما يُعرف في وقتنا الحالي، وقد ظهر هذا النظام منذ وقت طويل وكانت السبورة كيان مُتنقل من الخشب ثم أصبحت كيان ثابت في المدارس والجهات التعليمية على وجه التحديد، ففيها تتم عملية الشرح والدراسة، وعندما تمتلئ تلك السَّبورة بالكتابة فإن الحل التالي البديهي أن يتم مسح تلك المعلومات والتزويد بمعلومات أخرى، إذ أن السَّبورة في النهاية تبقى كيان يتم السعي إلى شغله بالكتابة لكونه في الأساس يحتاج إلى قدر مُعين وسعة محددة، لاحقًا ظهرت السبورة الورقية التي تُستخدم فيها الأقلام وهي أيضًا كانت تحتوي على نفس العيوب من حيث تحمل سعة ومساحة معينة، لكن الآن ثمة نوع جديد من السبورة يُعرف باسم السَّبورة الذكية أو التفاعلية، فما هي يا تُرى؟

السبورة الذكية

أبرز أشكال السبورة وأكثرها انتشارًا في الوقت الحالي وخصوصًا في الدول المتقدمة هي السَّبورة الذكية أو التي يُطلق عليها أيضًا اسم السَّبورة التفاعلية، وهي تلك السبورة التي توفر طريقة عرض من خلال الكومبيوتر، حيث تُستخدم في ذلك الملفات والصور والتسجيلات الموجودة آنفًا، حيث يجلس الطلاب ويأتي المدرس ليعرض الدروس المسجلة من خلال تلك السبورة الموجودة في صورة الشاشة، والحقيقة أن استخدام تلك السَّبورة لا يقتصر فقط على المدارس، بل هو في الأساس لم يظهر من أجلها، وإنما يُستخدم بشكل أكبر في الندوات والاجتماعات، أيضًا مباريات كرة القدم يتم تحليلها والتفاعل معها من خلال هذه السبورة، إنها ببساطة شديدة أحدث صيحة فيما يتعلق بعلم الشرح والدراسة والتحليل.

يتم شراء السبورة الذكية رفقة كل مستلزماتها من المتاجر المخصصة لها، وهي تقريبًا متاجر الأجهزة الكهربائية، وهي توصل أولًا بالإنترنت ثم بعد ذلك يتواصل بقية الطلبة معها من خلال أجهزة الاتصال الخاصة بهم، وغالبًا ما يكون المتحكم في العملية هو المدرس المُشرف على الشرح والتحليل، أيضًا السبورة يُمكن أن تكون مُتحركة ويُمكن أن تكون ثابتة حسب الرغبة، كما أنها تضمن حفظ ما تم شرحها وعدم الاستغناء عنه بسبب المسح مثلما يحدث في السبورة العادية، على العموم، الأمر لا يقتصر أبدًا عند ما تم ذكره، وإنما ثمة نقاط قوة أخرى كثيرة تستحق الذكر بالتفصيل.

نقاط قوة السَّبورة الذكية

هل تعرفون لماذا يتم استخدام السَّبورة الذكية؟ ببساطة لأنها الأفضل والأكثر أناقة وتأثيرًا، لكن أولئك الذين لم يجربوا السَّبورة الذكية من قبل فسيكونون بالتأكيد في حاجة ماسة للتعرف على تلك السَّبورة عن قرب والوقوف على أهم نقاط القوة بها، وهي مزايا كثيرة، لكن أهمها مثلًا قدرة السبورة على زيادة التفاعل بين المدرس وطلابه.

زيادة التفاعل بين المدرس وطلابه

أول وأهم شيء توفره السبورة، وتحديدًا الذكية التفاعلية، هو كونها تعمل أساسًا على زيادة التفاعل بين المدرس وطلابه، وربما هذا الطلب في الحقيقة هو الشيء الذي يسعى إليه كل المدرسين على حدٍ سواء لكونه فارق جدًا في نجاح العملية التعليمية، فالطالب الذي يتفاعل مع المدرس يكون طالبًا يقظًا، وبالتالي سوف يفهم جيدًا الدرس المشروح أمامه، لكن ما يحدث في السَّبورة العادية هو فقدان التواصل بشكل تام وعدم وجود أية فُرص للظفر بالفهم والتحليل، عمومًا، السَّبورة التفاعلية الذكية تفعل ذلك بسهولة، فقد اتفقنا قبل قليل أن الجميع يكون لهم يد فيما يتم شرحه ويُشاركون فيه، وهذا ليس كل شيء.

الحفاظ على الجهد والوقت

الميزة التالية من مميزات السَّبورة الذكية كونها تُسهم بشدة في عملية الحفاظ على أهم شيئين يُمكن السعي للحفاظ عليهما، والحديث هنا عن الوقت والجهد على وجه التحديد، فالوقت هو أثمن شيء لدى المدرس والطالب كذلك، إذ أن الكثير من الدروس لا تُشرح بالشكل الكافي المناسب فقط لكون الحصة لم تسع ذلك، والحصة غالبًا ما تفشل لأنها تضيع في الكتابة والمسح من خلال السبورة، لذلك فإن السَّبورة الذكية عندما تأتي فسوف تنجح في تقديم خدمة جليلة من خلال المحافظة على هذين الكيانين الكبيرين، ربما يُمكننا اختصار الحصة العادية التي يُشرح فيها كم معين من خلال السبورة العادية إلى عشر دقائق فقط يُشرح فيها نفس الكم من خلال السَّبورة الذكية.

طريقة مشوقة للعرض

أيضًا ضمن الأسباب التي تؤدي إلى زيادة الاستخدام في السَّبورة التفاعلية الذكية، وتُعتبر طبعًا من نقاط قوتها، كون تلك السبورة تقوم بعرض المواد والدروس من خلال طريقة مشوقة وممتعة وليست طريقة عادية نمطية، وهذا ما يؤدي إلى الأمر السابق الذي كنا بصدد التحدث عنه، وهو زيادة التفاعل مع المادة المعروضة، فالمادة المشوقة تجذب العيون وتفتح المجال أمام استيعاب أكبر وأشمل، وهو أمر مفقود طبعًا في طُرق العرض النمطية من خلال السَّبورة العادية، لكن السَّبورة الذكية تفعل ذلك بكل بساطة، لذلك هي الأفضل والأكثر جذبًا بلا منازع.

لماذا تحظى السبورة بالاهتمام؟

بعد أن تعرفنا على السبورة بشكل عام ثم السبورة الذكية وكيفية استخدامها فإن السؤال المنطقي الآن يتعلق بأسباب تمسكنا حتى الآن بكيان السَّبورة في العملية التعليمية، وهذا الأمر يحدث لعدة أسباب أهمها كون السَّبورة جزء أصيل من الدراسة.

جزء أصيل من العملية الدراسية

لا شك أن السبب البديهي الأول والأهم خلف قوة السبورة وامتلاكها لخاصية الاهتمام حتى وقتنا الحالي هو كونها في الأساس جزء أصيل وفارق بالعملية الدراسية، فإذا كان المدرس والفصل والطالب يُشكلون مُثلث المدرسة فإن السبورة جزء لا يتجزأ من الفصل، إذ أن الفصل بلا سبورة يُصبح مجرد غرفة عادية لا قيمة لها على الإطلاق، كذلك لا ننسى كون الدراسة لا تصلح، سواء بالطرق التقليدية أو الحديثة، دون أن يكون هناك عرض مرئي أمامها، عرض يُمكنه الشرح والتحليل من خلال المدرس وبوجود الطلاب، وهذا أيضًا لا يتم سوى من خلال السبورة، فقط لكونها جزء أصيل من عملية الدراسة كما أشرنا.

عدم وجود بديل لها

السبب التالي ضمن أسباب استمرار السَّبورة حتى وقتنا الحالي وحصولها على كل هذا القدر من الاهتمام هو كون السبورة في الأساس ليس لها أي بديل حتى وقتنا الحالي، حتى كل المحاولات التي خرجت من أجل إيجاد بديل لم تنجح ونتج عنها مجرد محاولات تحسين عادية، بمعنى أن بديل السبورة في الأساس سبورة أخرى قد تكون تفاعلية أو ذكية، لكنها في النهاية تبقى سبورة، حتى الدول المتقدمة والنظم التعليمية المتفوقة لا تزال تمتلك أيضًا السبورة، وهذا ما يدل على عدم ارتباط وجود السَّبورة بالحالة الاقتصادية للدولة، إنها ببساطة شديدة كيان لا بديل له.

عنصر جذب قوي للطلاب

لا نزال مع الأسباب التي تقودنا حتى الآن إلى التمسك باستخدام السبورة بالرغم من الطفرة الكبيرة التي نمر بها، وهذه المرة الحديث يتحول إلى كون السَّبورة في الأساس عنصر جذب غاية القوة، فالواقع والمنطق يقولان بأن الشخص عندما يرى شيء أمامه جاذب لعينه فإنه سيستمر بالنظر إليه، وبالتالي يحدث التركيز الذي أشرنا له مسبقًا، لكن في حالة عدم وجود السبورة فإن البديل مهما كان لن يمتلك تلك الدرجة الكبيرة من الجذب، ولهذا السبب لا نزال نستخدم السَّبورة حتى الآن.

إمكانية التطوير الدائم لها

أيضًا من الأسباب القوية التي تجعلنا حتى الآن متمسكين بوجود السَّبورة في مدارسنا أن تلك السبورة في الأساس أداة مُطيعة جدًا للتطوير، بمعنى أنه في كل زمان ومكان يُمكن صنع سبورة قادرة على التأقلم مع بقية الأدوات الموجودة في الفصل، فالفصول الموجودة بالمدارس الحكومية التي تُعاني من قلة الموارد سوف تكون بالتأكيد السَّبورة الموجودة بها أقرب إلى البدائية، بينما تلك الفصول الموجودة في المدارس الخاصة المجهزة بأفضل التجهيزات فسوف تكون السَّبورة الخاصة بها متطورة إلى الحد الذي يجعلها سبورة ذكية أو تفاعلية، هكذا يتم الأمر، ولهذا نعود ونكرر بأن السَّبورة جزء أصيل من العملية الدراسية ولا يُمكن الاستغناء عنه حتى لو صعدنا إلى المريخ وفتحنا المدارس هناك، فبالطبع سنأخذ معنا السبورة.

ختامًا، أنت الآن عزيزي القارئ تعرف تقريبًا كل ما يتعلق بموضوع السبورة وتملك كذلك إجابة شافية وكافية فيما يتعلق بمسألة تواجد السَّبورة حتى وقتنا الحالي والأسباب التي تؤدي إلى ذلك، لكن ما نُريد التأكيد عليه هنا أنه في حالة عدم وجود السبورة فسوف يكون هناك نقص في العملية التعليمية، وبالتالي علينا الحفاظ على هذا الكيان ومحاولة تطويره بكل الطرق الممكنة، أنت كتلميذ مثلًا يُمكنك المشاركة مع أصدقائك واستقدام سبورة ذكية تفاعلية أو فعل كل ما يلزم من أجل جعل تواجد السبورة في مدرستك أو فصلك تواجد مؤثر وفارق.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

سبعة عشر − 5 =