تسعة بيئة
الأغذية المعدلة وراثيًا
بيئة » الزراعة والغذاء » لماذا الجدل حول الأغذية المعدلة وراثيًا وتأثيرها على البيئة؟

لماذا الجدل حول الأغذية المعدلة وراثيًا وتأثيرها على البيئة؟

الجدل حول الأغذية المعدلة وراثيًا يُعتبر في الحقيقة جدلًا منطقيًا ومُبررًا، فالناس يستخدمون تلك الأطعمة حاليًا ويُخاطرون بحياتهم دون أن يُدركوا تأثير ما هم مُقدمون عليه وما الذي يُمكن أن يؤدي إليه ذلك الغذاء بالنسبة للبيئة، لذلك يأتي الجدل.

في الآونة الأخيرة كثر بشدة الجدل حول الأغذية المعدلة وراثيًا لدرجة جعلت بعض الدول تُقدم صراحةً على منع استخدام هذه النوعية من الأغذية بحجة أنها خطرًا شديدًا مُحدقًا، ليس فقط على الأشخاص أو البشر، وإنما كذلك على البيئة، ومن هنا جاءت الدعوات التي ظهرت في صورة جدل طال الكثير من الدول، والتي هي في الحقيقة كانت دول متقدمة من الطراز الأول، فمثلًا اليابان ودول غرب أوروبا هي التي قادت حالة الجدل هذه، ودول أخرى أوقفت تمامًا التعامل بالمنتجات التي تدخل فيها التعديلات الوراثية، بينما دول عربية أو أفريقية وأسيوية تنتمي إلى العالم الثالث لا تُطالب أساسًا بالنظر في الأمر قبل استخدام مثل هذه الأطعمة ولا يشغلها من أين جاءت وكيف ولمن ستذهب وما هو تأثيرها على هؤلاء، على العموم، في السطور القليلة المُقبلة سوف نتعرف سويًا على أسباب إثارة الجدل حول الأغذية المعدلة وراثيًا وتأثيرها على البيئة، فهل أنتم مستعدون لذلك الموضوع الحيوي الهام؟ حسنًا لنبدأ سريعًا.

الأغذية المعدلة وراثيًا

أول شيء يجب التعرف عليه بلا شك في هذا الموضوع يتعلق أساسًا بماهية الأغذية المعدلة وراثيًا ، فإذا كان هناك جدل كبير على شيء ما فبكل تأكيد سوف يكون جدلًا مُستحقًا لذلك، وموضوع الجدل هنا تلك الأغذية التي يتم تعديلها وراثيًا، ويُقصد بذلك أن يتم تغيير سُبل أو طُرق عملية التكاثر المتعارف عليها، فإذا كان تكاثر النبات أو الحيوان يحصل بطريقة مُعينة فإن التعديل الوراثي يقوم أساسًا على عدم القيام بنفس الطريقة، وهذا التعديل ليس جيدًا بالمرة، ففي النهاية أنت ستُخالف الفطرة أو الطبيعة، ثم إنه ثمة قاعدة تُشير إلى أن كل شيء طبيعي هو في الأصل موجود على أفضل صورة له ولا حاجة لتعديله، ومن هنا تأتي الأغذية المعدلة وراثيًا لتخلق تلك الحالة الكبيرة من الجدل.

الهدف خلف التعديل الوراثي في الأغذية أن يتم الإكثار من هذه الأطعمة، سواء كميات أو أعداد، ففي النهاية لن يكون الشيء بلا إفادة تأتي من خلفه ثم يشرع القائمون على الأمر في تعديله وراثيًا، هذا في الحقيقة ليس إلا دربًا من الجنون، وإنما تكون هناك أمور موضوعة نصب أعين القائمين على الأمر أهمها ما ذكرناه حول زيادة الوزن أو كثرة العدد، وكل ذلك في نهاية المطاف يقودنا إلى نفس السؤال الذي بدأنا به حديثنا، لماذا كل هذا الجدل حول الأغذية المعدلة وراثيًا ؟

لماذا الجدل حول الأغذية المعدلة وراثيًا ؟

السؤال الذي يستحق الإجابة عليه الآن أكثر من أي شيء آخر هو سؤال السبب، السبب تحديدًا خلف ذلك التعديل والجدل حوله بعد حدوثه، فتلك الحالة الجدلية تحدث لعدة أسباب أهمها القلق من نوعيات الأغذية تلك.

وجود حالة من القلق حول الأغذية

من البديهي تمامًا أن يكون المبرر الأول لحالة الجدل حول الأغذية المعدلة وراثيًا هو مُبرر القلق، فعندما تقلق من شيء، وبصورة طبيعية تمامًا، سوف تحاول أن تتبين وتتأكد منه، سوف تُجادل كثيرًا وتبحث خلفه، سوف تفعل كل ما يُمكن فعله قبل أن تطمئن له، إنه القلق طبعًا ولا شيء غيره، وفي الحقيقة، تلك الدول التي تجادل حول تلك المسألة هي التي قامت بأبحاث ودراسات دقيقة جعلتها تقف على خطورة الوضع، جعلتها تشعر بالقلق تحديدًا، ولهذا جاءت ردة الفعل بهذه القوة، ففي الأساس ثمة حالة من الصمت حيال تواجد الأغذية المعدلة وراثيًا أو المُهجنة، لكن دولة مثل اليابان، وقطاع كبير في قارة هامة مثل أوروبا، كان له الأثر الأكبر في إثارة الجدل بتلك القوة.

تهديد الحيوات بكافة أشكالها

ما هو الشيء الأهم والأبرز الذي يُمكن أن يقلق البشر بشأنه؟ الإجابة بالتأكيد حياتهم، إذ أنه ليس من الطبيعي أبدًا أن تفعل كل شيء ممكن من أجل البقاء على قيد الحياة ثم تسمح بدخول طعام من المفترض أنه يهدد حياتك، وهذا بالتأكيد كان السبب الأول خلف فتح باب الجدل أمام الأطعمة المُعدلة وراثيًا بخلاف تواجد جدل فطري يتعلق بهوس الإنسان بحياته ومحاولته تحري الدقة في كل شيء يفعله ومن المفترض أنه سيمس الحياة ويجعلها عرضة للخطر، ومع أنه قديمًا لم يكن ذلك الأمر مُتاحًا بصورة كبيرة إلا أنه في الوقت الحالي، ومع تقدم العلم، بات من غير البديهي التفريط في أي شيء يتعلق بالحياة والحفاظ عليها، ومن هنا منبع الجدل وأصله.

دخول الاستفادة المادية سوق الأغذية المعدلة وراثيًا

هناك شيء يُمكن القول إنه من المسلمات فيما يتعلق بالعمليات التي يكون ظاهرها مصلحة الإنسان والسعي لتواجد أكبر للحياة البشرية، هذا الشيء يتعلق بمصطلح الاستفادة المادية التي هي فطرة البشر، فليس هناك شخص قد يفعل الشيء دون مُقابل مُرضي له ودون أن تكون هناك مصلحة سوف تأتي من خلفه، وبالتالي، وبناءً على تلك الفطرة التي نتحدث عنها، لن تكون هناك أية موانع من تمرير أي شيء مُقابل أن يكون المقابل المادي مُجزي، حتى ولو كان ذلك الشيء طعام مُعدل وراثيًا، فكل ما هنالك أنني لن أتناوله مجددًا، والحديث هنا عن صانعه، أما الآخرين؟ فلا مُشكلة، في النهاية ثمة مُقابل مادي مُرضي سوف يأتي من خلف تلك العملية، وهو ما يسعى إليه البشر، ومن هنا ينبع الخوف.

ترجيح نظرية المؤامرات

من الأسباب التي يُمكن اعتبارها طريفة بعض الشيء أن وجود جدل متعلق بالأغذية التي يتم تعديلها وراثيًا يرجع إلى كون تلك الدول التي تنتج هذه الأطعمة من الممكن أن تتعمد إرسال أطعمة غير صحية من أجل إصابة الأجيال القادمة ببعض الأمراض والقضاء عليها، وهو طبعًا سبب كوميدي وغير مقبول في القرن الحادي والعشرين، لكنه مطروح.

ختامًا عزيزي القارئ، ليس هناك أدنى شك طبعًا في أن الجدل حول الأغذية المعدلة وراثيًا أمر مشروع جدًا ومنطقي جدًا، لكن الكارثة بأكملها، أو النقطة المُظلمة في هذا الموضوع، هي كون حالة القلق والجدل تلك لا تتواجد لدى المجتمعات العربية الذين ربما لا يُدركون خطورة ما نتحدث عنه وما يُمكن أن يؤدي إليه الغذاء المعدل وراثيًا.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

اثنا عشر − أربعة =