تسعة بيئة
الأكوابونيك
بيئة » الزراعة والغذاء » ما هي تقنية الأكوابونيك ؟ وهل لها آثار بيئية سلبية؟

ما هي تقنية الأكوابونيك ؟ وهل لها آثار بيئية سلبية؟

كل ما يخص تقنية الأكوابونيك لزراعة الأسماك والنباتات بطريقة آمنة بالنسبة للصحة والبيئة وعرض لمتطلبات المشروع ودراسة جدوى وتجارب في دول مختلفة مثل مصر، تعرف معنا على تقنية الأكوابونيك والفرق بينها وبين الزراعة التقليدية.

التعريف الأبسط لـ تقنية الأكوابونيك هو الجمع بين زراعة السمك والهايدروبونيك (الزراعة بدون تربة)، ومن خلال نظام الأكوابونيك الاندماجي يمكننا تربية الأسماك والنباتات معًا عبر استفادة النباتات من فضلات الأسماك واستفادة النباتات من سماد الديدان الناتج عن فضلات الأسماك والذي يمثل غذاء أيضًا للنباتات. أما النباتات فتحقق للأسماك البيئة الصالحة للعيش. وهناك طرف ثالث مهم وهو الميكروبات أو بكتيريا النترتة التي تحول الأمونيا الخارجة من فضلات الأسماك إلى نترات عبر أكسدة أيونات النتريت. وعبر النترات تصبح دورة النيتروجين صالحة لنمو النباتات. ومن خلال دمج نظام الهايدروبونيك مع أنظمة الزراعة، فإن الأكوابونيك تمتاز في أشياء هامة ويمكنها أن تكون بمثابة حل للاكتفاء الذاتي من اللحوم، كل هذا سنوضحه في الفقرات التالية.

الاختلاف بين الزراعة التقليدية والأكوابونيك

في نظام الزراعة عبر التربة يضطر أصحاب مزارع الأسماك إلى استخدام العناصر الغذائية المصنوعة من المزج مع المواد الكيماوية والملح وعناصر أخرى، أما في تقنية الأكوابونيك يكون بإمكانك إطعام الأسماك فتات طعام أو قطع سمك صغيرة بثمن قليل أو حتى الطعام الذي تنتجه بنفسك، هذه الميزة مهمة جدًا، لكن الميزة الأفضل بالنسبة للكثيرين ممن قاموا بتجربة الأكوابونيك حسب استطلاعات رأي مختلفة هي أنك لا تضطر إلى مراقبة حوض السمك، فكل ما عليك فعله هو التأكد مرة واحدة كل أسبوع من نسب الأس الهيدروجيني والأمونيا أو ما إن كان هناك ضغط على النباتات والأسماك، ففي مزارع الأسماك يجب المراقبة الحريصة والتأكد من المعادن المتحللة، وهم يضطرون أيضًا إلى إخلاء المياه من الأسماك بصفة دورية بسب تكوّن تكتلات من الملح والمواد الكيماوية والتي تصبح سامة للأسماك، وهذا يعني أيضًا إهدار قدر من الماء، وفي تقنية الأكوابونيك لن تضطر إلى إعادة ملء الحوض، فقط قم بإضافة بعض الماء عندما يبدأ في التبخر.

مشاكل زراعة الأسماك وحلول الأكوابونيك

في مزارع الأسماك تصبح أحواض الماء ملوثة مع مرور الوقت بسبب فضلات الأسماك، مما يزيد من نسب الأمونيا في المياه، وتقل كمية المياه بنسبة 10% إلى 20% من حجم الحوض كل يوم، وهذا يعني إهدار كبير للمياه، وفي أوقات كثيرة تسبب مضخات المياه بعض التلوث، وبسبب هذه البيئة الصحية فإن الأسماك تكون معرضة للمرض وعادةً ما يتم معالجتها بالأدوية ومن ضمنها المضادات الحيوية، أما في تقنية الأكوابونيك فنادرًا ما تجد مرض للأسماك بسبب وجود دورة طبيعية للنمو، مما يجعل هذا فرق كبير وخيار آمن للصحة والاستدامة البيئية وحتى الجانب الاقتصادي كما سنوضح.

أمان الغذاء والبيئة في تقنية الأكوابونيك

تزايدت المخاوف في السنوات الأخيرة حيال المواد المسرطنة الموجودة في المبيدات الكيماوية في المحاصيل الزراعية، لدرجة أن البعض بدأ يتجه إلى المحاصيل العضوية المرتفعة في السعر ليضمن أمان غذائه، أو حتى الأنواع غير الصالحة للاستهلاك الآدمي من الأسماك، وأيضًا قلة إهدار المياه، وكل هذا إلى جانب الاستدامة البيئية وضمان عدم تلوث البيئة بأي معدات أو طرق مستخدمة في زراعة الأسماك أو الزراعة التقليدية.

مكونات مشروع الأكوابونيك

تحتاج إلى الوحدات أو الخزانات التي يتم فيها الاستزراع السمكي ووضع النباتات ومضخة لإدخال الأوكسجين إلى الأسماك وفلتر مياه. بنسبة تقديرية فإنك ستحتاج إلى علف أسماك بمقدار 1.7 كيلوجرام تقريبًا ليكفي هذا إطعام سمكة البلطي الواحدة التي يصل وزنها إلى كيلوجرام واحد، مع اعتبار أنك قد تستخدم بدائل لعلف الأسماك، وخلال ست أشهر يصل وزن السمكة إلى نصف كيلوجرام.

حصار غزة والأكوابونيك

بسبب حصار إسرائيل لقطاع غزة لجأ المواطنون إلى تقنيات بديلة في مجالات متعددة للتحصل على الاكتفاء الذاتي خاصةً في الضروريات الحيوية التي يحتاجها الإنسان، وباعتبار الغذاء أولوية فقد كانت تقنية الأكوابونيك مثالية لتوفير بعض المحاصيل الزراعية الهامة ولحوم الأسماك، كل هذا دون شراء معدات مخصصة.

مشروع الأكوابونيك في الإمارات

في الإمارات العربية المتحدة تم تنفيذ مشروع ظهرت نتائجه في مطلع سنة 2016 وتعمل على تنفيذه كلية الأغذية والزراعة في جامعة الإمارات لإنتاج خضروات وسمك البلطي من أجل أغراض البحث العلمي، وكانت النتائج مدهشة بسبب الكمية الوافرة للإنتاج والجودة والتوفير الكبير لاستهلاك الماء والطاقة، مع الأخذ في الاعتبار بأن الإمارات هي من أقل 5 دول في العالم في كمية المياه بالنسبة للفرد.

تجربة الأكوابونيك في بنجلاديش

بالرغم من أن دولة بنجلاديش – التي يعمل أغلب سكانها في الزراعة – يتقارب حجمها مع دول مثل ألمانيا سوريا وتونس ونيبال واليونان وإريتريا، إلا أن عدد سكانها يزيد عن 150 مليون نسمة، وهو رقم مهول جدًا بالمقارنة مع الدول من نفس المساحة، مما يجعلها واحدة من أكثر الدول في الكثافة السكانية، وهذا يعني تحديات جمة تعرضت إليها البلاد وستتعرض إلى أصعب منها في العقود التالية مع المشاكل البيئية الخطيرة التي تواجه كوكبنا وخاصةً الدول النامية مثل تغير المناخ وقلة المياه الصالحة للشرب. ومع وجود بعض البوادر التي تحاول الدولة القيام بها إلا أن هناك صعوبات حقيقية تواجه الدولة مثل التلوث، ولكن هناك بعض المبادرات الخاصة أو المدمجة مع المنظمات البيئية مثل تجربة تقنية الأكوابونيك عبر مساهمة الدكتور م. أ. سلام في جامعة بنجلاديش للزراعة.

تقنية الأكوابونيك في مصر

بالرغم من وجود جهود ملحوظة مؤخرًا من قبل المشرعين في مصر، مثل قانون الزراعة العضوية الذي أقره مجلس الشعب، إلا أن التحديات المتعلقة بأمن الغذاء والبيئة وقلة المياه تعتبر مشاكل خطيرة بالنسبة لمصر في المستقبل، ومن التجارب القليلة الخاصة بالأكوابونيك هي تجربة المهندس هشام حجاج الحاصل على دكتوراه الاقتصاد من جامعة أوكسفورد المرموقة، حيث قرر حجاج العودة إلى مصر بعد ما يقارب أربع عقود في الخارج وبعد دراسته لتقنيات الأكوابونيك الرائدة في الولايات المتحدة وأوروبا، ومع أن الجهات الحكومية رفضت المشروع إلا أنه قرر البدء معتمدًا على نفسه وعائلته لبدء مزرعة الأكوابونيك، وليس ذلك فحسب، بل تعرض مزرعة “آل حجاج” توعية الفقراء والأسر المتوسطة بجدوى مشروع الأكوابونيك وتوفير معدات مجانية لهم تساوي حوالي خمس آلاف جنيه ويمكنها أن توفر باستمرار حاجة اللحوم لعائلة كاملة وكذلك قدر كبير من محاصيل معينة مثل الفلفل، وهذا يعني إمكانية الأسرة الاستفادة والبيع وبناء أحواض جديدة، وكل هذا يدور في إطار نظام بيئي بعيدًا عن نظم الزراعة التقليدية. وأيضًا قدم المهندس وجيه خوجه دراسة جدوى لصوبة أكوابونيك لتربية سمك البلطي وثعبان السمك والباسا، مع رأس مال قدره 35 ألف جنيه مصري.

تقنية الأكوابونيك في دول العالم

في جزيرة باربادوس في البحر الكاريبي تم إنتاج أنظمة أكوابونيك متعددة في المنازل تسمى بماكينة الأكوابونيك، ويحصل منها المشاركون على عائد عبر بيع المنتجات للسياح في سبيل تقليل الاعتماد على الأغذية المستوردة. وفي الولايات المتحدة قامت الكثير من الجامعات والمنظمات بمشاريع مختلفة مثل مشروع جامعة داكتورا في ولاية نورث داكوتا، وبشكل خاص يزيد الاهتمام أكثر على البحث العلمي ودراسة الفروق الدقيقة مع الأنظمة التقليدية لزراعة الأسماك والنبات، وفي الهند أيضًا ظهرت مبادرات فردية وعبر مجموعات منظمة. في ماليزيا ظهرت مبادرات لزراعة جراد البحر في أحواض الأكوابونيك عبر منظمة “بيرساتوان أكواكوتور ماليزيا”.

علي سعيد

كاتب ومترجم مصري. أحب الكتابة في المواضيع المتعلقة بالسينما، وفروع أخرى من الفنون والآداب.

أضف تعليق

14 − 3 =