تسعة بيئة
صقر الباز
بيئة » الطبيعة » صقر الباز : واحد من أندر الصقور المعرضة لخطر الانقراض

صقر الباز : واحد من أندر الصقور المعرضة لخطر الانقراض

صقر الباز أحد أنواع الجوارح وأسرعها، يعيش صقر الباز في أي مكان في العالم لا يحتوي على جليد، لذلك لا يتواجد أي أفراد منه في انتاركتيكا، لكنه مهدد بالانقراض.

يُعتبر صقر الباز الذي يعيش في كل مكان بالعالم أحد أهم معالم الطيور وأكثرها شهرة، وقد اكتسب صقر الباز شهرته تلك من قدرته على الطيران لمسافات كبيرة وبسرعة عالية، حتى قيل إنه أسرع الطيور على الإطلاق، كما أن شكله الذي يختلف عن شكل الصقر العادي كان سببًا في تمييزه كذلك، لكن، وبالرغم من الأعداد الكبيرة من صقور الباز، والمتواجدة في العالم بأكمله، عانى ذلك الصقر في السنوات الأخيرة من خطر الانقراض، لذلك، دعونا في السطور القادمة نتعرف سويًا على صقر الباز وحياته كاملة، وكيف أصبح في الآونة الأخيرة ضمن قائمة الحيوانات المهددة بالانقراض.

ما هو صقر الباز؟

صقر الباز هو أحد أنواع الطيور الجوارح، ولمن لا يعرف، فإن كلمة الباز وحدها تعني كلمة الرحالة، والحقيقة أن البعض يخلط كثيرًا بين طائر الباز الذي يعيش في الغابات، وصقر الباز، فكلاهما طائرين مُختلفين تمامًا، ولا يجمعهما شيء سوى أنهما يستطيعان الطيران والتحليق على ارتفاع طويل.

عُرف صقر الباز منذ خمسة آلاف عام، لكن لا أحد يعرف إن كان وجوده قد سبق المعرفة به أم لا، عمومًا، كان أهم يُميز هذا الصقر الغريب هي سرعته الشديدة، حتى أن البعض قد وصف سرعته بأنها أسرع بكثير من الكلمة، وبالتأكيد لم تكن السرعة فقط هي أهم ما يُميز هذا الصقر ويلفت الأنظار إليه، وإنما أوصافه كذلك.

أوصاف صقر الباز

حجم صقر الباز هو نفس حجم الحيوان الأكثر شهرة بين الطيور، الغراب، لكن في الشكل، لا يعرف صقر الباز ذلك السواد القاتم للغراب، بل إن رقبته بالكامل تكون بيضاء، أما باقي الجسم فهو أقرب إلى اللون الرمادي، وفي الخلف ثمة زيل عجيب، قادر على التكيف مع الجو وتضاريس المكان، فهو يطول ويقصر، ويزيد سمكه ويقل.

تقع أجنحة طائر صقر الباز على امتداد يتجاوز الخمسين بوصة، وهو امتداد يشترك فيه الذكور والإناث، بالرغم من الإناث أكبر حجمًا مرة ونصف من الذكور، والحقيقة أن ذلك التكوين قد خُلق ليواكب بجدارة حياة تلك الصقور.

حياة صقر الباز

قوام حياة صقر الباز الأساسي هو الغذاء، والغذاء بالنسبة لصقور الباز ليس عائقًا، فهي تعتمد على أشهر مجموعة من الفرائس وأكثرها تواجدًا، وهي الطيور والفئران والأرانب، وبالتأكيد تلك الأنواع من الحيوانات تتواجد في كل مكان، لذلك لا يجد صقر الباز أي عناء في الحصول على طعامه وشرابه.

يتواجد صقر الباز بكثرة في الأودية والجبال، كما تقطن في السواحل كذلك، ويُمكن جدًا أن تُقدم صقور الباز على الهجرة من مكانٍ لآخر بحثًا عن الدفء، مهما كان البعد والمسافة التي ستقطعها خلال تلك الهجرة، وقد حدث في عام 1996 أن تم رصد أعداد كبيرة جدًا بالقرب من سواحل المكسيك في حالة هجرة جماعية، يُقال إنها الأعظم في تاريخ طائر صقر الباز، والطيور بشكل عام.

صقر الباز والوحدة

يُفضل طائر صقر الباز الوحدة بشكلٍ كبير، فهو يُحافظ على مسافة ابتعاد عن أقرب الحيوانات إليه لا تقل عن ثلاثة أميال، فهو يُحب العُزلة لدرجة أنه قد يُقاتل من أجل الحصول عليها، وهذا ما حدث بالفعل في بداية ظهور صقر الباز، حيث خاض معارك ضارية مع أنواع أخرى من الطيور لمجرد أنهم اقتحموا عزلته وتخطوا الثلاثة أميال المُحددة، واستمرت تلك المعارك حتى فطنت بقية الطيور إلى طبيعة صقر الباز وقررت مُسايرتها.

يعيش صقر الباز في جماعة مكونة من عائلته فقط، وذلك إما داخل نتوءات وثقوب صخرية أو مرتفعات عالية لا يُمكن الوصول إليها، لكن تلك الجماعة لا تلبث أن تنفك بعد أن يصل أبناء ذلك الصقر إلى درجة البلوغ، وهو ما يأخذنا إلى التحدث عن عملية التكاثر والإنجاب بالنسبة لطائر صقر الباز.

صقر الباز ودورة العُمر

يُمكن التكاثر داخل عائلة صقر الباز طوال العام، ولا يأخذ هذا الأمر أكثر من شهر واحد، حيث تضع أنثى صقر الباز أربع بيضات مرة واحدة، وتظل ممعنة في المحافظة عليها حتى ينتهي ذلك الشهر وتفقس البيضات ليخرج صغير صقر الباز للحياة على شكل كتاكيت صغيرة تأخذ لون فاتح بعض الشيء.

بعد شهر واحد من الولادة يكون صغير صقر الباز قادرًا على الطيران وممارسة حياته الطبيعية، والتي تمتد لأكثر من خمس سنوات، هذا إذا نجى من القطط الجبلية التي تُفضل بشدة التهام صغار صقر الباز وتعتبرهم طعامًا رئيسيًا له، والحقيقة أن القطط الجبلية ليست الشيء الوحيد الذي يُهدد صقر الباز وتجعله مُهدد بالانقراض.

صقر الباز والانقراض

في الآونة الأخيرة، وتحديدًا مع بداية القرن العشرين، بدأت أعداد صقر الباز المتواجدة في العالم تتناقص بصورة مُرعبة، حتى أن بعض منظمات الحيوان قد خرجت وصرّحت بانقراض ذلك الصقر بالفعل، قبل أن يتم العثور على أفراد منه فيما بعد، لكن الشيء الغريب في الأمر، أن يُهدد صقر الباز بالانقراض ويدخل فيه فجأة في مدة لا تتجاوز القرن، وبالتأكيد كانت الأسباب الأولية لهذا الأمر تدور كلها حول القطط الجبلية والتهامها لأعداد كبيرة من الصغار، مع انتهاء دورة العمر الطبيعية للكبار، مما أحدث خللًا بين المفقود والموجود أدى إلى حدوث الانقراض، لكن مع قليلٍ من البحث الحقيقي اكتُشف أن هذه الأسباب ليست صحيحة مئة بالمئة، وأن ثمة أسباب أخرى كانت حتى ذلك الوقت خفية.

أسباب التهديد بالانقراض

ثمة مبيد حشري أمريكي شهير يُدعى دي دي إي، حسنًا، قد يسأل البعض ما علاقة هذا المبيد بانقراض صقر الباز؟ والاجابة ببساطة تكمن في أن ذلك الطائر كان يقتات أحيانًا على بعض الأغذية المتبقية، أو على الأقل، يتغذى على الحيوانات التي تتغذى على الأغذية المتبقية مثل الفئران، ومن هنا تبدأ المعاناة.

عندما يتناول صقر الباز أي شيء له علاقة بالأغذية المتبقية فإنه يكون واردًا جدًا أن تكون مرشوشة بمبيد دي دي إي المذكور سالفًا، وذلك المبيد عندما يدخل إلى بطن صقر الباز يُحدث تفاعلًا داخليًا يؤدي إلى إحداث حالة من التسمم بعيد المدى، ذلك التسمم يكون مُؤثرًا أكثر في أمور تتعلق بالإنجاب، حيث يؤدي إلى هشاشة العظام وبالتالي موت أطفال صقر الباز وهم صغار، هي عملية مُعقدة بالطبع، لكن نتيجتها في النهاية واحدة، وهي تهديد صقر الباز بانقراض.

إنقاذ صقر الباز

هناك عدة محاولات تجري حاليًا من أجل إنقاذ صقر الباز من الانقراض وحجب هذا التهديد عنه، وبالطبع يحتاج ذلك إلى حظر مبيد دي دي إي أو تقليل الكميات المُستخدمة منه على الأقل، وهو أمر في الحقيقة يضعنا أمام صعب بعض الشيء، وهو هل سيضحي الإنسان بهذا المُبيد من أجل إنقاذ طائر مثل صقر الباز من الانقراض؟ بالنسبة للتاريخ، فهو لا يشهد أبدًا بحدوث أمر مثل هذا، لكن على كلٍ، نتمنى أن تنتصر أهمية البيئة في النهاية.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

واحد × خمسة =