تسعة بيئة
سيبر ذو أسنان القط
بيئة » الطبيعة » سيبر ذو أسنان القط : حيوان منقرض لم نعرفه إلا من الأحافير

سيبر ذو أسنان القط : حيوان منقرض لم نعرفه إلا من الأحافير

سيبر ذو أسنان القط حيوان قديم عاش قبل أكثر من خمسين مليون سنة، وقد كان مُفترسًا وماكرًا، وبالرغم من ذلك لم يكن يتغذى على كامل فريسته، وإنما بعض الأجزاء فقط.

يُعتبر سيبر ذو أسنان القط أحد أشهر الحيوانات المُنقرضة وأقدمها، فربما يكون قد مر على رحيل آخر فرد من هذه السلالة قبل ملايين السنين، كيف لا وقد عاش هذا الحيوان قبل خمسين مليون سنه، لكن الغريب أنه كان مُفترسًا ومتوحشًا لكنه لم يكن يستأثر بكامل ضحيته، وإنما فقط أجزاء معينة منها، حتى انقرض في النهاية لأسباب كثيرة لم يجذم أحد بصحة أحدها، عمومًا، في السطور الآتية، سوف نتناول سويًا كل شيء يتعلق بحياة سيبر ذو أسنان القط، بدايةً من طريقة عيشه نهايةً بطريقة انقراضه المُختلف فيها كما ذكرنا.

سيبر ذو أسنان القط

عندما تسمع اسم حيوان مثل سيبر ذو أسنان القط فإن أول ما سيلفت انتباهك هو طول الاسم نفسه، فهو أكبر مما يجب بالطبع، ويمكن اعتباره بلا شك أكبر اسم حيوان عرفه التاريخ، لكن بالتدقيق قليلًا سنجد أن الاسم ليس أكثر من وصف لحيوان ظهر ولم يُعرف له اسمًا مُعينًا، فتم إطلاق وصفه على أنه اسمًا له، ثم عُرف به فيما بعد.

كان سيبر ذو أسنان القط يُشبه من بعيد الدب، لكن بالاقتراب أكثر يتضح الاختلاف الكبير بينهما، فالدب لم يكن أبدًا يعرف الصيد بالطريقة التي يفعل بها سيبر، ولم يكن يمتلك سوى مخالب كبيرة بارزة، أما سيبر فكانت أوصافه مختلفة.

أوصاف سيبر ذو أسنان القط

على الفك العلوي لحيوان سيبر ذو أسنان القط كانت هناك مجموعة من الأنياب الممددة، تلك الأنياب كانت تتفاعل مع الفكين عند الصيد وتنفتح لأكثر من مئة وعشرين سنتيمتر بطريقة تجعل أي فريسة هالك لا محالة، إضافةً إلى أن الأنياب والأسنان كانا في الأساس قويين، لذلك كانت العضة الوحد تُخرج جزءً كبيرًا من الفريسة يقتلها على الفور.

بالنسبة للطول فقد كان يبدأ من خمسين سنتيمتر، وهو تقريبًا نفس طول الدب، لذلك كان يحدث الخلط الكبير بينهما، لكن الحجم كان يحسم ذلك الخلاف، فحجم سيبر ذو أسنان القط يُعادل على الأقل ضعف حجم الدب، لكن في النهاية يبقى البناء بينهما واحدًا، وإن كانت حياة كُلًا منهما مُختلفة كذلك.

حياة سيبر ذو أسنان القط

يعيش سيبر ذو أسنان القط حياة غرائبية بعض الشيء، تلك الحياة بدأت قبل ملايين السنين في قارتي أمريكا الشمالية والجنوبية، حيث كان يعيش هناك وحده، قبل أن يكتشف الانسان وجود هذه القارات على خريطة الأرض من الأساس، كان كل ما يدفعه للحياة هو الصيد والصيد فقط، حيث كانت أعداد ضحاياه يوميًا أكثر من أن تُعد، وكأنه كان يخوض سباقًا مع أقرانه على الأكثر جمعًا للضحايا، والغريب أنه لم يستعصي أي حيوان مهما كانت قوته على مخالب ملك الحيوانات في هذا الوقت، سيبر ذو أسنان القط.

كما أشرنا، كان الصيد هو الهواية الأولى لحيوان سيبر ذو أسنان القط، والعمل الوحيد له كذلك، حيث كانت ساعات الصيد بالنسبة له تتجاوز ساعات النوم، وهو الأمر الذي سيُفسر لنا أسباب انقراضه فيما بعد، لكن، هل سألتم أنفسكم، ما الذي كان يفعله سيبر ذو أسنان القط بكل هذا الكم من الفرائس؟

عجائب سيبر ذو أسنان القط

لم نكن نُبالغ عندما قلنا إن سيبر ذو أسنان القط كان يمتلك عملًا وهوية واحدة، وهي الصيد، فبالرغم من أنه كان يفترس عدد لا بأس به من الضحايا يوميًا إلا أنه في نفس الوقت كان لا يأكل واحد بالمئة منها، بل كان يكتفي فقط بأجزاء مُعينة منها يُقال إن أهمها موضع القلب!

إذًا، اتضحت الآن الصورة، كان سيبر ذو أسنان القط أداة قتل، لا يعرف ما الذي يقتله ولماذا، الشيء الوحيد الثابت عنده أنه كل حيوان يُلاقيه يستحق القتل، وقد استمر الأمر على ذلك المنوال ملايين السنين، حتى جاء الوقت الذي انتهت فيه تلك الأسطورة المتوحشة، أسطورة سيبر ذو أسنان الوقت.

انقراض سيبر ذو أسنان القط

بالتأكيد عندما ينقرض أي حيوان فإن البيئة تتأثر، ويشعر الإنسان بأن شيئًا ما ذو أهمية قد فُقد وأحدث فارقًا، لكن، كل ذلك لم يكن حاضرًا عندما انقرض سيبر ذو أسنان القط.

كان سيبر ذو أسنان القط لا يأكل الحيوانات فقط، بل الانسان أيضًا، لأنه هويته كما ذكرنا كانت الافتراس، لدرجة أن بعض البشر البدائيين حاولوا مقاومته دون فائدة بالطبع، في النهاية، جاء انقراضه في وقت ما قبل الميلاد غير مُحدد، ليُزيح غمة كبيرة على الانسان وبيئته.

أسباب الانقراض

بالرغم من كل ما سبق فيما يتعلق بحيوان سيبر ذو أسنان القط وشراسته، إلا أنه بالتأكيد لابد من التعرّف على الأسباب التي أدت لانقراضه، والتي اختُلف فيها بالطبع لعدم توثيقها في أي موضع رسمي.

يرى البعض أن حيوان سيبر ذو أسنان القط انقرض بسبب مقاومة الإنسان له والسعي في قتله من أجل المتاعب التي سببها له، لكن الكثيرين استبعدوا هذا الأمر بسبب عدم قدرة الإنسان البدائي أصلًا على مواجهة حيوان بهذه الشراسة، ولذلك ذهبوا إلى الحل الثاني، وهو القائل بأن الانقراض جاء بسبب الأمراض الفتاكة التي كانت تضرب الأرض قديمًا فتقضي على نصف الكائنات الموجودة بها، وإن كان هذا القول لا يُعد أكثر صحة من القول الثالث، والأقرب بالتأكيد.

انقراض أسباب الوجود، الرأي الأقرب

الرأي الأقرب فيما يتعلق بانقراض سيبر ذو أسنان القط هو أن الحيوانات الضعيفة التي كان يتغذى عليها لم تعد موجودة، إما بسبب نفادها لكثرة القتل بها، أو بسبب اعتماد تلك الحيوانات على الأعشاب والنباتات التي تُعطيها حيوية أكثر، مما يجعل سيبر ذو أسنان القط غير قادر على التغلب عليها أو الظفر بها.

في السنوات الأخيرة لهذا الحيوان المفترس أصبح الأمر جحيميًا لا يُطاق، فلا وجود لغذاء يتغذى عليه لمقدرة فرائسه على الفرار، وفي نفسي الوقت سعي الإنسان الحثيث للتخلص منه ومن شروره، لذلك وجد نفسه في النهاية ينقرض قبل بدء التأريخ الميلادي بآلاف السنوات، لكنه كان قد عاش قبل ذلك ملايين السنوات.

العثور على الرفات

قبل حوالي ثلاثة عقود، وتحديدًا في روسيا، تم العثور على بعض الرفات يُتوقع أنها تعود إلى سيبر ذو أسنان القط، والحقيقة أنه وبغض النظر عن فائدة تلك الرفات إلا أن العثور على شيء كهذا في بلدٍ كهذه يُعد أمرًا غريبًا، خاصةً وأننا نتحدث عن حيوان مضى عليه زمن في الانقراض.

أكثر المُتفائلين في هذا المجال يطمحون في أن يُفيد ذلك الرفات في تكرار تجربة النعجة دوللّي، والتي تم استنساخها بعد انقراض الأصل بحوالي خمسة عشر عامًا، والحقيقة أن ذلك الأمر، وإن كان بعيدًا، فإنه يُعتبر بارقة أمل جديدة للبشر، خاصةً وأن الحياة لا تسير في هذه الأرض على ما يُرام بسبب كثرة المشاكل التي تُهدد وجودهم، عمومًا، سننتظر ونرى.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

20 + 10 =