تسعة بيئة
انقراض الغابات
بيئة » الزراعة والغذاء » ما هي عواقب انقراض الغابات وما سوء الوضع الحالي؟

ما هي عواقب انقراض الغابات وما سوء الوضع الحالي؟

انقراض الغابات خطر بيئي يُلقي بظلاله على الأرض في الآونة الأخيرة ومن المُتوقع أن يُحدث مُشكلة كُبرى خلال المئة عام القادمة، فما هي يا تُرى عواقبه؟

يُوجه العالم كافة اهتمامه إلى انقراض الحيوانات وبدرجةٍ أقل النباتات، لكن الكثيرون لا يلاحظون وجود مُشكلة أكبر تتمثل في انقراض الغابات ، تلك الكيانات التي ظلت صامدة منذ وقت طويل في مواجهة التغيرات التي تطرأ على البيئة حتى جاء الوقت الذي بدأت فيه تقل أعداد الغابات وتنحصر في كمية محدودة بعد أن كان العالم قبل آلاف الأعوام يتكون من غابات فقط، المشكلة الحقيقية أن البعض يعتقدون وجود المشكلة فقط في عدم الحصول على الأوراق من الشجر أو تلك المعضلات البسيطة التي من الممكن أن يؤدي إليها ذلك الانقراض، لكن الكارثة تكمن فيما لا يعرفه الناس، وهو أن انقراض الغابات قد يُحدث خللًا غير محمود بالمرة في البيئة ربما سيدفع العالم بأكمله الثمن من مدة صلاحيته، عمومًا، دعونا في السطور القادمة نتعرف سويًا على انقراض الغابات وأسبابه وسوء الوضع الحالي وما يُمكن أن يتطور إليه في المستقبل، فهل أنتم مستعدون لتلقي واحدة من الصدمات البيئية الحقيقية؟

ظاهرة انقراض الغابات

هناك من يقول إن العالم في الأصل قد بدأ على شكل غابات، فقد كانت هناك مجموعات كبيرة من الغابات في أماكن متفرقة لم تكن غالبًا مأهولة بالسكان، ثم بدأ الإنسان بإفساده المعتاد للأمور يقترب شيئًا فشيئًا من مناطق الغابات ويُزيلها حتى يُوجد لنفسه رقعة للعيش وممارسة حياته الطبيعية، ثم مع الحداثة والتقدم أكثر فأكثر بدأت الغابات تتناقص بشكل يدعو حقيقةً إلى الخوف، وهذا الخوف ليس على الغابات نفسها بقدر ما هو خوف من التذبذب البيئي المُحتمل.

الغابات في الأصل هي مساحات خضراء كبيرة تمتلئ بالأشجار والنباتات، وتتميز الغابات غالبًا بأنها تنشأ بصورة طبيعية دون أي تدخل من الإنسان، وعادةً أيضًا ما يكون المطر هو المُسبب الأول لها، لكن عندما تحضر الغابات فإن كثير من الفوائد تحدث للبيئة والإنسان إلى حدٍ سواء، وهذا لا يجعلنا مُطالبين بالتحدث عن فوائد الغابات أكثر من التحدث عن الأسباب المجنونة التي أدت إلى انقراضها، فمن الخطير جدًا أن يعبث الإنسان مع الطبيعة، وقد فعل ذلك مع الغابات.

أسباب انقراض الغابات

لكل ظاهرة أسباب، وانقراض الغابات ظاهرة يجب أن يتم البحث خلف أسبابها لكونها ستؤثر قليلًا عند البحث عن حلول وإجابات للأسئلة التي سيتم طرحها بهذا الصدد، والحقيقة أن الطبيعة والإنسان قد اشتركا معًا في تلك الظاهرة المُقلقة، وهذا ما سنتأكد منه مع التعرف على أسباب ذلك الانقراض، وعلى رأس تلك الأسباب بالطبع حرائق الغابات.

حرائق الغابات

السبب الأول المؤدي إلى انقراض الغابات سبب طبيعي وبشري في نفس الوقت، وهو مُتمثل في حرائق الغابات، فقد درج العالم على تلك الظاهرة الغامضة منذ وقتٍ طويل، الناس كانوا ينامون ويستيقظون على حريق أحد الغابات الذي ربما يحدث بسبب صاعقة أو أي شيء خاطئ بالطقس، وفي نفس الوقت قد يقود جهل البشر إلى إشعال حريق بالغابة، وكما يقولون، الخضرة مثل البنزين، تأخذ الشعلة وتنشرها في كل مكان حتى يعم الحريق، الأهم من كل ذلك هو ما يحدث بعد الحريق، فحتى لو سارت الأمور بنصف خير ولم تحترق الغابة بأكملها فإنها لا تُصبح صالحة فيما بعد ويتم تكملة إزالتها.

الممارسات البشرية الخاطئة

البشر بطبيعتهم يلجئون إلى مبدأ التجريب حتى يتوصلوا إلى الحقيقة، وفيما يتعلق بالغابات فإنهم لا يُقدرون حقًا الهدف الحقيقي من وجودها، وهو هدف مصيري في حياة البيئة والبشرية التي تعيش بها، لكن الإنسان بكل بساطة قد يذهب إلى غابة ويُزيل كل ما يجده بداخلها من أشجار فقط ليستخدمها في صناعة الورق، مع أن الورق يُمكن أن يأتي بطريقةٍ أخرى أكثر تنظيمًا، لكن الغابات لن تأتي مرة أخرى مهما حدث، لأنها ببساطة تنشأ بصورة طبيعية، وهذا ما سيجعلنا ننتظر عطف الطبيعة علينا مرة أخرى، وبالمناسبة تكون الغابات قد يأخذ آلاف السنين بلا مبالغة، وأيضًا من ضمن الممارسات البشرية الخاطئة أن يتم مطاردة الحيوانات داخل الغابات باستخدام بعض الغازات والمواد السامة التي تقتل قدرة النمو في كل شيء موجود بالغابة، وهذا هو الجهل بعينه، وليس مجرد خطأ.

تغير تضاريس المنطقة

في الحقيقة لا يُمكننا اتهام الإنسان وحده بهذا الاتهام، فالأرض أصلًا موجودة كي يعيش بها ذلك الكائن ويتكاثر ويؤدي الرسالة التي يتواجد من أجلها، وإذا كنا سنمنعه من إزالة الغابات التي يُريدها من أجل متابعة حياته فهذا جنون بالطبع، فقد يحدث مثلًا أن تكون المنطقة المُناسبة لإقامة حياة بها هي منطقة يتواجد بها في الأصل غابات وأشجار، وهنا لا توجد مشكلة أبدًا في إزالة الغابة، لكن مع زيادة معدل القيام بهذا الأمر تتكون المشكلة الحقيقية، وأيضًا نعني بتغير التضاريس الخاصة بالمنطقة أن تحدث واحدة من الظواهر الطبيعية التي تُزيل في طريقها جزء من الغابة وتمحوه من الأرض، وذلك مثل الفيضانات والبراكين، وحتى الرياح القوية قادرة على فعل هذا الأمر بقليلٍ من التوفيق.

الفقر وطمع المستثمرين

في الواقع إذا أردنا إسناد كل ما سبق من عوامل إلى عامل واحد فقط قوي فإن الفقر سوف يكون حاضرًا بقوة وسعيدًا لتحمل هذه المسئولية، فالفقر يا سادة لا يجعل الحكومات قادرة على الوقوف أمام طمع المستثمرين الذين لا يشغلهم انقراض الغابات أو انقراض البشر حتى، كل ما يعنيهم أن يدفعوا أموال للحكومات كي يسمحوا لهم بدخول الغابة وحلب كل ما بها من أشياء قادرة في النهاية على تكوين تلك الغابة وإبقائها على الخريطة الأرضية، فهم يقطعون الأشجار ويأخذونها لصُنع الأوراق وكذلك يُسيطرون على الحيوانات النادرة الموجودة بها، فما الذي يتبقى من الغابة بعد ذلك؟

انقراض الغابات المطيرة

النوع المُفضل من الغابات هو ذلك النوع الذي يشتمل على الغابات المطيرة الخضراء دائمًا، فهذه الغابات تكون أكثر حيوية بالنسبة للبيئة والإنسان، الأمر ببساطة يُشبه عملية الاستغناء عن الأعضاء في الجسم، فإذا خُيرت بين الاستغناء عن القلب أو الزراع فإنك بالتأكيد ستختار الإبقاء على القلب لأن الحياة متمثلة به، وهكذا يكون الحال بالضبط مع الغابات المطيرة التي تُعتبر قلب الغابات، وهي في نفس الوقت تُمثل العدد الأكبر من الغابات الموجودة حاليًا، ومن سخرية القدر أنها كذلك النوع الأكثر تهديدًا بالانقراض والذي انقرض جزء كبير منه بالفعل، لكن ما هي يا تُرى عواقب انقراض الغابات المطيرة أو الغابات بشكلٍ عام؟

عواقب انقراض الغابات

ما سبق ذكره من أسباب لانقراض الغابات يتطلب بالطبع أن نذكر العواقب التي من المُحتمل حدوثها بعد كل هذه الأمور، فأن تقتل إنسانًا بالنسبة للبيئة أهون بكثير من أن تقطع شجرة، فما بالكم بإزالة غابة كاملة؟ بالتأكيد هذا أمر يُحدث عواقب لا يُمكن الاستهانة بها أو التغاضي عنها في نفس الوقت، وعلى رأس تلك العواقب بكل أسف حدوث انجراف بالتربة.

حدوث انجراف بالتربة

مهمة الأشجار الرئيسية هي محاكاة مهمة الجبال، هل تعرفون مهمة الجبال؟ إنها تثبيت التربة وجعلها أكثر استقرارًا، وهذا ما تفعله الغابات بتكتلات الأشجار الموجودة بها، بل إن الأمر لا يتوقف عند ذلك، وإنما يتم الحماية كذلك من حدوث حالة البوار للتربة، فهناك من يربط بين خصوبتها ووجود تلك الغابات، ولعلمكم، إن كان الإنسان حقًا يهتم بحياته أفضل من أي شيء آخر فإن التربة هي التي تُخرج له الطعام الذي يُحافظ على هذه الحياة، هل ترون أن ثمة عاقبة أسوأ؟

حدوث ذبذبة في الطقس

أهمية الغابات تشمل كذلك كونها قادرة على الحفاظ بأكبر قدر ممكن على أكثر شيء قد يلجأ الناس والبيئة إليه، إنه الطقس، فحدوث انقراض الغابات يعني احتمالية أكثر لحدوث الاحتباس الحراري والكثير من الأمور الأخرى التي من شأنها إحداث خلل في الطقس، والسر في ذلك ببساطة أن الغابات تسحب القدر الذي لا نحتاجه من ثاني أكسيد الكربون، ذلك الغاز الذي قد يؤدي وجوده بكثرة في الجو إلى بعض المشاكل، وطبعًا لا فائدة أكبر من ذلك، لكن نقص الغابات يُضعف من تلك الفرصة في الحفاظ على استقرار الطقس والمناخ.

تقليل نسبة المياه

أمر آخر يجعلنا نشعر بالخطورة حقًا من انقراض الغابات، وهو احتمالية أن يؤدي ذلك إلى تقليل نسبة المياه، وربما يظن البعض أنه من الجنون ادعاء وجود علاقة بين نسبة الماء والغابات إلا أن السر كله يكمن في عملية البناء الضوئي، تلك العملية التي تحدث عند تفاعل الشمس مع الأشجار وحدوث الكثافة، وبالتالي فإن النهاية تكون على هيئة سُحب تهطل بالأمطار فيما بعد، وهي نهاية رائعة جدًا، لكنها قد لا تكون موجودة مع إزالة الغابات، مما سيؤدي إلى تقليل نسبة الماء.

سوء الوضع الحالي

الكثير من الغابات انقرضت في القرون الخمس الأخيرة، وهذا هو الوقت الذي من المفترض أن يكون الإنسان فيه أكثر تحضرًا، وهذا يعني ببساطة أننا مُقدمون على خطر مُحدق يتمثل في العواقب التي ذكرناها قبل قليل، والحقيقة أن سوء الوضع الحالي يتمثل في وضع الكثير من الغابات العملاقة الهامة في قائمة الغابات المهددة بالانقراض، وعلى سبيل المصداقية يُمكننا أن نذكر بعض تلك الغابات والتي من ضمنها مثلًا غابات مدغشقر.

غابات مدغشقر والانقراض

تُعتبر غابات مدغشقر واحدة من أكبر عشر غابات في العالم، إلا أنها بالرغم من ذلك بدأت في الآونة الأخيرة تتذوق ويلات الانقراض، حيث يُقال إنها تقل بنسبة عشرة بالمئة كل عام، كما أن الحيوانات والنباتات النادرة التي كانت تحتوي عليها هذه الغابة بدأت في الاختفاء شيئًا فشيئًا حتى قيل إن عمل تلك الغابات المُتبقي هو عشرة أعوام فقط، وكل هذا طبعًا بسبب عوامل الصيد داخل الغابة وكذلك قطع الكثير من الأشجار.

غابة الأطلسي

تتواجد تلك الغابات في أمريكا الشمالية وتضم بداخلها ثروة حقيقية مُتمثلة في أكثر من عشرين ألف نوع من النباتات والحيوانات النادرة، لكنها أيضًا لم تسلم من الانقراض الذي طال مساحتها الكبيرة خلال الفترة الأخيرة، ومن المتوقع بكل أسف أن تنقرض خلال خمسين عام على الأكثر.

الغابات الشرقية

منطقة الغابات الشرقية في أفريقيا كانت تضم الكثير من الغابات قديمًا، وكانت تلك الغابات تحتوي بداخلها على النباتات والزروع والحيوانات النادرة، كان كل شيء يسير بخير، إلى أن بدأ أصحاب المزارع يستخدمون تلك الغابات في توسيع مزارعهم، وبدأ أصحاب شركات الخشب في قطع الأشجار الموجودة حتى كان المحصلة النهائية هي اختفاء أكثر من نصف هذه الغابات والباقي آخذ في الاختفاء كذلك!

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

تسعة عشر − اثنان =