تسعة بيئة
الوعل الايبيري
بيئة » الطبيعة » الوعل الايبيري : شبيه الغزال الذي تعرض للانقراض بسبب الصيد

الوعل الايبيري : شبيه الغزال الذي تعرض للانقراض بسبب الصيد

الوعل الايبيري أحد أهم الحيوانات المُنقرضة، وقد احتار البعض في تصنيفه في البداية بسبب تشابهه الكبير مع الغزال، إلا أن صفاته وخصائصه إلى تعرف الناس إليه.

يُعتبر الوعل الايبيري من أهم الحيوانات البرية المُنقرضة في الفترة الأخيرة، فالوعل الابيري، أو الوعل الإسباني كما يُطلق عليه من قِبل البعض، كان آية في الغرابة والجمال بصفاته وخصائصه، هذا بالرغم من أنه كان يُعتقد في البداية تبعيته لأحد أنواع الغزال، لكن على عكس ما هو متوقع، لم يتم الحفاظ على الأعداد الموجودة من الوعل الايبيري حتى تعرض للانقراض، لذلك، في السطور الآتية، سوف نتعرف سويًا على هذا الحيوان، ونعرف أكثر عن حياته وأماكن تواجده والأسباب التي أدت إلى انقراضه بهذه السرعة.

ما هو الوعل الايبيري؟

الوعل في الأساس كلمة تُطلق على أي حيوان يُشبه الغزال في الشكل وليس في الصفات، أما الايبيري فهو اسم للمكان الذي عاش فيه هذا الوعل، وهو شبه الجزيرة الايبيرية، لذلك يُصبح الاسم كاملًا في النهاية هو الوعل الايبيري.

عاش الوعل الايبيري دائمًا في الصحاري والمناطق الجبلية، فهو لا يعرف حدائق الحيوان من قريب أو بعيد، وربما لذلك السبب لم يحصل على شهرة واسعة، فالمعروف أن حيوانات الغابة هي الأكثر حظًا وشهرة، بسبب كونها محط دراسة واطلاع دائمًا، عمومًا، كما ذكرنا، كانت صفات الوعل الايبيري أهم ما يُميزه على الاطلاق.

صفات الوعل الايبيري

يمتاز الوعل الايبيري بعدة صفات، في مقدمتها الفرو البني أو الرمادي الذي يُغطي جسده، والذي للغرابة يكون خفيفًا في فصل الصيف وكثيفًا في فصل الشتاء، ويتميز ذكر الوعل الايبيري عن أنثاه في ظهور بقع ونقاط سوداء على أماكن مُحددة مثل القدمين والرجلين.

البقع السوداء ليست الشيء الوحيد الذي يُميز ذكور الوعل الايبيري عن أنثاه، فهناك أيضًا القرون الموجودة أعلى رؤوس كلهما، فهي تكون عند الذكور كبيرة وسميكة، أما الإناث فهي للغرابة تكون صغيرة ورقيقة للغاية، وكأن هذه الأمور وُجدت لتدل على ضعف الإناث وقوة الذكور، لكن بالنسبة للحجم والوزن فهما مُتعادلين في النوعين، سبعين مترًا في الطول بحد أقصى وثمانين كيلوجرام للوزن بحد أقصى أيضًا.

حياة الوعل الايبيري

يُفضل الوعل الايبيري العيش في المناطق السخرية التي تتخللها الأشجار، لذلك يجد في شبه الجزيرة الايبيرية بيئة مُناسبة جدًا له، ويعيش فيها بكثافة أكثر من أي مكانٍ آخر، لكن كل هذا الحديث ينطبق على حياة الوعل الايبيري في فصل الصيف، أما فصل الشتاء فهو يختلف بطبيعة الحال، حيث يبدأ الوعل الايبيري في البحث عن الأماكن التي تتواجد بها الوديان والمناطق التي تصلح للعيش في مثل هذه الأجواء.

غذاء الوعل الايبيري في الأصل غذاء نباتي، فهو لا يُحبذ أبدًا اللحوم، لذلك بالتبعية، لا يخرج في رحلات صيد ولا يُصنف أصلًا ضمن الحيوانات المُفترسة، وإنما هو فقط يستخرج طعامه من النباتات والحشائش والأعشاب، وربما يكون ذلك سببًا في خفة الحركة والقدرة على المراوغة وأغلب المهارات البدنية التي يتمتع بها.

الوعل الايبيري والتزاوج

يمر حيوان الوعل الايبيري بعدة مراحل غريبة حتى يحدث التزاوج في النهاية، فبالرغم من أن القطيع يكون كبيرًا للغاية إلا أن الذكور الصغار تنعزل انعزالًا تامًا عن باقي القطيع، ثم يحدث في شهور محددة، كشهر أكتوبر، أن تقوم الذكور الشابة باقتحام القطيع والبحث عن الإناث الشابات أيضًا، ويُمكنهم التعرف عليهن من خلال رائحة البول وشكله.

يستطيع الوعل الايبيري الظفر بأي عدد ممكن من الإناث حسب قوته، فالأقوى قد يحصل مثلًا على خمس أو ست غنائم، ثم ينعزل بهم في مكانٍ ما وتحدث عملية المعاشرة في آنٍ واحد، وعادة ما تحمل كل أنثى بوعل واحد أو وعلين على الأكثر، ونادرًا ما يُصبح العدد ثلاثة وعول، على كلٍ، لا تستمر فترة الحمل أكثر من ستة شهور، ثم تحدث عملية الولادة.

أعمار الوعل الايبيري

لا يعيش الوعل الايبيري أكثر من عقدين بأية حال، بل إن الوصول إلى سن العشرين يُعد أمرًا إعجازيًا، أما السن الطبيعي فهو خمسة عشر أو سبعة عشر عام، وهو سن كافي جدًا إذا ما نظرنا إلى طبيعة النضوج بالنسبة للوعل الايبيري بنوعيه.

بالنسبة للإناث فإنها تكون مستعدة للتزاوج والإنجاب بعد عامين فقط، أما الذكور فهم يحتاجون وقتًا أكثر، قد يصل لخمسة سنوات، والسر في ذلك هو أنه لابد من اشتداد العود ووصول القوة إلى ذروتها حتى يُمكن محاربة باقي أفراد القطيع والظفر بالعدد الكافي من الإناث، لذلك، ومن خلال دورة العمر هذه، يُمكن أن يرى الوعل الايبيري حفيد حفيده بسهولة.

الوعل الايبيري والانقراض

لم يتمكن الوعل الايبيري من الاستمرار حتى الآن، فقد تعرض للانقراض خلال الثلاثة قرون المنصرمة، والحقيقة أن الطريقة التي تعرّض بها الوعل الايبيري كان غريبة بعض الشيء، غريبة في أسبابها وكيفيتها وتوقيتها، عمومًا، حدث الانقراض في النهاية وأصبح الوعل الايبيري مجرد جزء من التاريخ، فكلما أردنا التحدث عن حيوان جميل الشكل مميز الصفات نذكر الوعل الايبيري، لأنه كان تجسيدًا لكل ذلك، وربما من أجلها انقرض، فربما لو كان أكثر شراسةً وتأثيرًا لاستطاع المقاومة والصمود حتى الآن، لكن ما يعنينا بعد حدوث الانقراض بالفعل ألا نبكي على اللبن المسكوب، بل نعرف أسباب ذلك الانقراض وكيفية حدوثه.

أسباب الانقراض

أسباب انقراض الوعل الايبيري تتنوع، فهناك من يقول إن السبب في انقراض الوعل الايبيري هو نفس السبب الذي أدى إلى انقراض أعداد كبيرة جدًا من الحيوانات على مرّ التاريخ، وهذا السبب يتمثل في الظروف المناخية، لكن هناك من استبعد ذلك السبب نهائيًا بزعم أن الوعل الايبيري ليس فأرًا كي ينقرض بسبب الظروف المناخية، وإنما رجحوا أن يكون انقراضه قد جاء نتيجة لعمليات الصيد عليه الكثيرة في القرون الوسطى، فمهما كان يبقى الوعل الايبيري حيوان يمتلك اللحم، وفي فترات المجاعة لا يُمكن التفريق بين لحم حيوان وآخر، وإنما يكون الانسان مُستعدًا لأكل حيوان آخر لو تطلب الأمر، وربما لهذا انقرض حيوان الوعل الايبيري، أي بسبب صيده.

المرض والضعف

السبب الأخير، والذي رجحه البعض وقال به فيما يتعلق بمسألة انقراض الوعل الايبيري هو المرض والضعف، أما المرض فقد قيل إن ثمة داء ضرب العالم في القرون الوسطى استهدف بعض الحيوانات ومن ضمنها الوعل الايبيري، وقد تسبب ذلك المرض الفتاك في قتل أعداد كبيرة جدًا من الوعل الايبيري تقترب من نصف الأعداد الموجودة وقتها.

الشق الثاني من هذا السبب يكمن في ضعف الوعل الايبيري الفطريّ، والذي يجعله لقمة سائغة في فم أي حيوان آخر، لذلك لم يستطع ذلك الحيوان الضعيف التصدي لسطوة باقي الثدييات، فقانون الغابة هو قانون البشر هو قانون أي زمان ومكان، البقاء للأقوى، والوعل الايبيري لم يكن قويًا أبدًا في يوم من الأيام، عمومًا، في النهاية انقرض ذلك الحيوان، ولم يتبقى لنا سوى مجموعة من الذكريات والمعلومات والصور له، والسؤال الآن، هل لمصلحة البيئة حدوث ذلك الانقراض؟

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

5 + 13 =