تسعة بيئة
الماعز البيرينيّ
بيئة » الطبيعة » الماعز البيرينيّ : حيوان الجبال النادر الذي يوشك أن ينقرض

الماعز البيرينيّ : حيوان الجبال النادر الذي يوشك أن ينقرض

الماعز البيرينيّ حيوان يعيش في الجبال البرية ويُهدد بالانقراض، بل ويُقال إنه قد تعرّض للانقراض بالفعل عام 2000 لكن ثبت أنه ثمة وجود لفرد آخر من هذا النوع.

يُعتبر الماعز البيرينيّ أحد أكثر الحيوانات المُعرضة لخطر الانقراض، إذ لم يكن قد انقرض بالفعل كما أُشيع عام2000، هذا قبل أن يثبُت وجود فرد من هذا النوع بأحد الجبال، والتي تُعتبر في الأصل موطنه الأول، والحقيقة أن قرون، وشكل الماعز البيرينيّ عمومًا، هو السبب الرئيسي في كثرة الصيد منه وبالتالي انقراضه، أو على الأقل التهديد بانقراضه عاجلًا أم آجلًا، على كلٍ، في السطور القليلة القادمة سوف نحاول التعرف أكثر على هذا الماعز الغريب ونعرف أهم الأخطار التي تواجهه وحقيقة انقراضه من عدمه.

ما هو الماعز البيرينيّ؟

الماعز البيرينيّ في الحقيقة ما هو إلا نوع من أنواع الماعز الجبلي الكثيرة، فهو يعيش مثله في جبال البيرينيه، لكن الفارق بينه وبين بقية أنواع الماعز الجبلي أن الماعز البيرينيّ يتميز بشكل فريد ومختلف، جعله الآن النوع الأندر.

يتفق الماعز البيرينيّ مع بقية أنواع الماعز عمومًا، فطوله يتراوح بين المتر والنصف إلى المترين، ويمتلك كذلك زيل صغير لا يتعدى العشرين سنتيمتر، أما العرض فهو نصف متر، وما بين الطول والعرض يظهر لنا وزن الماعز البيرينيّ، والذي يتفاوت بين ذكر وأنثى هذا النوع بدرجة كبيرة، حيث أنه يتراوح بين العشرين كيلو إلى التسعين، ولذلك يلاحظ كل من يرى هذا الماعز هذا الاختلاف في الحجم، والحقيقة أنه غالبًا ما يتم اعتباره ضمن أسباب جمال الماعز وجاذبيته.

ذكور وإناث الماعز البيرينيّ

كما أشرنا، هناك فوارق كبيرة بين ذكور وإناث الماعز البيرينيّ، ففي الشتاء يكون فراء ذكر الماعز البيرينيّ أصفر، ثم يتحول إلى الأسود الفضي مع حلول الصيف، أما الأنثى فهي تختلف، حيث يكون لونها أقرب إلى الرمادي المصفر طوال الوقت، أما بالنسبة للقرون، والتي تكون موجودة في كلا النوعين وتُميزهما عن باقي أنواع الماعز البري، فهي تكون عند الذكر قصيرة جدًا، ثلاثين سنتيمتر على الأكثر، لكن في الأنثى تصل إلى متر ويزيد، لكن يُعوض ذلك أن قرون الذكر أقوى بكثير من قرون الأنثى كما أنها محنية جدًا للخلف، أما الأنى فهي فقط مقوسة تقويسًا خفيفًا أشبه بالمنتصبة.

حياة الماعز البيرينيّ

حياة الماعز البيرينيّ تُشبه حياة أي حيوان آخر، والواقع أن حياة أي حيوان آخر غريبة أيضًا، فالماعز البيرينيّ لا يأكل إلا مرة واحدة عند الغسق، أما باقي اليوم فيقضيه في الجري وسط السهول والجبال، وغالبًا ما يُفضل الحياة الجماعية، التي تتفاوت كذلك بين الذكور والإناث، فالإناث اجتماعيين أكثر بطبعهم، لذلك يعيشون في جماعات تبدأ من 25 فرد وقد تصل إلى خمسمائة، أما الذكور فلا تتجاوز أعداد جماعتهم بأية حال الخمسة أفراد.

بالنسبة للذكور فالتزاوج عندهم أشبه بصراعٍ كبير على البقاء، فبعد أن يصل الذكور إلى سن التزاوج يضرمون نيران الحرب من أجل التخلص من أربعة أفراد منهم، والذكر الذي يظل على قيد الحياة يذهب إلى جماعة الإناث ويتزوج منهم، باعتباره المنتصر، ثم تأخذ الأنثى حوالي مئة وسبعين يومًا حتى تلد مولود جديد، وإجمالًا، يُمكن أن يصل عمر حيوان الماعز البيرينيّ إلى اثنين وعشرين عام، هذا إذا لم يتعرض طوال هذه المدة للصيد.

وجود الماعز البيرينيّ

الماعز البيرينيّ يعيش في كل أنحاء العالم تقريبًا، لكن يكثر في أوروبا وأسيا والشرق الأوسط، وقد عرف العالم هذا النوع من الماعز منذ القِدم، وتحديدًا قبل تسعة آلاف عام من الميلاد، وكان ذلك في أسيا، وقد ظهر هذا النوع عقب ظهور الماعز البري، حيث ظهر نتيجة عملية تهجين مجهولة، ثم بدأ يتكاثر ذاتيًا، وهو كما نعلم نوع مُستأنس جدًا، ولا يعرف الصيد أو القتال، هو فقط يعشق الجري في الجبال والصحاري الواسعة، والتي كانت من المفترض أن تكون درعًا له أمام هجمات الصيادين، لكنها جاءت على العكس تمامًا، وجعلت ذلك الحيوان المسكين فريسة سهلة جدًا.

صعوبات الماعز البيرينيّ

بالتأكيد لن تكون الحياة سهلة على الماعز البيرينيّ، فكونه يعيش في جبل لا يعني أبدًا أنه سيبتعد عن مخاطر كثيرة أقلها تعرضه للصيد، والذي للحقيقة يمتلك بعض المُبررات المنطقية له.

بدأ صيد الماعز البيرينيّ منذ بداية القرن العشرين، وقد كانت أعداده وقته تقترب من التسعين ألف، مُتفرقين في شتى أنحاء العالم، لكن، مع إعلان الخاصية الفريدة التي تمتلكها قرون الماعز البيرينيّ، شمرّ الصيادين عن سواعدهم وحملوا أسلحتهم متوجهين إلى كل مكان يُتوقع أن يكون فيه الماعز البيرينيّ، لتبدأ حفلات الصيد.

صيد الماعز البيرينيّ

كما ذكرنا، يمتلك صيادي الماعز البيرينيّ أسباب مُقنعة بعض الشيء، وهي أن قرون ذلك النوع النادر من الماعز البري تُباع بآلاف الدولارات لما تحويه من عاج ونوع نادر من الماس، وبالتأكيد لن يُقدم أحد على تفويت هذه الفرصة الرائعة.

صيد الماعز البيرينيّ مع معرفة قيمته أصبح شبه صناعة، اشتغل بها كل من يُريد أن يحصل على ربح سريع بأسهل طريقة ممكنة، فكل ما يحتاجه ذلك الأمر هو بندقية صيد، ولن تكون هناك أي مقاومة من الحيوان المُستأنس المسكين، لذلك، ومع الجنون الكبير في الصيد، أُعلن منتصف القرن العشرين أن الماعز البيرينيّ أصبح مُهددًا بالانقراض.

الماعز البيرينيّ والانقراض

كما ذكرنا، كانت أعداد الماعز البيرينيّ مطلع القرن العشرين تتجاوز التسعين ألف، لكن مع بداية صيد ذلك النوع من الحيوانات بدأت أعداده تتناقص بشدة، والواقع أن الإفراط في الاستهتار بالأمر من قِبل الحكومات أدى إلى تفاقمه، حتى استفاق الجميع على كارثة حقيقية عام 1990، وهي أن أعداد الماعز البيرينيّ الموجودة في العالم بأكمله لا تتجاوز الخمسة عشر فردًا، إذًا، وببساطة شديدة، لقد أصبح ذلك الحيوان المُستأنس الوديع مُهدد جدًا بالانقراض، وليست هناك طريقة لتلافي هذه المشكلة سوى الحفاظ على العدد المتبقي، وهذا ما حدث بالفعل، حيث تم نقلهم في حديقة إسبانيا.

هل انقرض الماعز البيرينيّ؟

إلى هنا كان الوضع أشبه بتهديد بالانقراض، لكن هناك من يقول إن الحديقة الإسبانية التي وضع أعداد الماعز البيرينيّ المُتبقية فيه لم تقم بالمهمة المطلوبة، ولم تنجح أيًا من أساليبها في زيادة الأعداد أو حتى الحفاظ عليها، فقد تم تجريب الاستنساخ والالاعيب الجينية وكل شيء يمكن تخيله، لكن، في النهاية وقعت الكارثة، ومات آخر كائن يُمكن أن يحافظ على هذه السلالة النادرة، سيليا، أُنثى الماعز البيرينيّ الوحيدة.

طريقة موت سيليا جاءت كذلك كارثية، فهي لم تمت بصور طبيعية، وإنما وصل الإهمال لدرجة أن شجرة كبيرة سقطت عليها بالحديقة لتُسقطها ميتة في الحال، وبذلك ينتهي الأمل الأخير في إحياء هذه السلالة النادرة، وإن كان هناك من يقول بعدم حدوث ذلك، وإنما فقط خرجت هذه الإشاعة من أجل إبعاد أعين الصيادين، عمومًا، في النهاية، يبقى الشيء الوحيد المؤكد أن الماعز البيرينيّ يعتبر من أكثر الحيوانات المهددة بالانقراض.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

18 − 5 =