تسعة بيئة
الصقر الجوال
بيئة » الطبيعة » الصقر الجوال أو الشاهين وموقفه من الانقراض حاليًا

الصقر الجوال أو الشاهين وموقفه من الانقراض حاليًا

الصقر الجوال يُعتبر أحد أهم أنواع الصقور وأكثرها شهرة بين الفصيلة، وهو مميز بحجمه الكبير بعض الشيء مقارنةً بالبقية، لكن مؤخرًا لاح في الأفق خطر انقراضه.

يُعتبر الصقر الجوال من أهم أفراد فصيلة الصقور وأكثرها انتشار وتسمية في نفس الوقت، فهو يمتلك أكثر من ثلاث أسماء، وربما لم يُخطئ البعض حين أطلقوا عليه لقب ملك الصقور، فقد أثبتت الأيام ذلك الأمر تمامًا مثلما أثبته حجم الصقر الجوال وأعداده، والتي تتوزع في أماكن كثيرة عدا مناطق مُعينة محصورة يندر أن يتواجد فيها ذلك النوع المُكثف من الطيور، لكن المؤسف حقًا أن كل ذلك يُمكن اعتباره بصيغة الماضي وليس الحاضر، فقد نال خطر الانقراض من صقرنا الجوال وأصبح يُهدد مؤخرًا به، وهذا لبعض الأسباب التي سنذكرها بالتأكيد في السطور القليلة المقبلة، لكن الأهم من كل ذلك أن نعرف أولًا المزيد من المعلومات عن الصقر الجوال وحياته وغذائه وتكاثره وموضوع الأسماء المُختلفة التي ينعم بها، فهل أنتم مستعدون لخوض تلك الرحلة الطائرة مع صقر يقضي عمره كله في التحليق؟

معلومات عن الصقر الجوال

في أمريكا الشمالية يُنادون أحد الطيور بهوك البطة، إنه اسم آخر من أسماء الصقر الجوال، والذي يشتهر كذلك باسم الصقر شاهين، وبما أننا نتحدث عن صقر فمن الطبيعي تمامًا أن يكون منضمًا إلى فئة الطيور الجارحة، تمامًا مثلما هو الحال مع فصيلة النسور، فتلك الفصائل في الحقيقة لا ينطبق عليها أبدًا الصورة الذهنية التي نأخذها عن الطيور بشكل عام، فإذا قلنا إن الطيور وديعة وجميلة وصديقة للإنسان فإن الصقر الجوال سوف يُبدي اعتراضه بشدة على هذا الوصف، ببساطة لأنه على النقيض تمامًا من ذلك.

حجم الصقر الجوال يُمكن أن يتضاعف عن أحجام بقية الصقور من الفصائل الأخرى، وبهذا تكون المقارنة بين وبين الطيور العادية شبه محسومة، أما بالنسبة للون فربما هي الشيء الوحيد الذي يُمكن أن يشترك مع طيور أخرى، فهو يأخذ أحيانًا اللون الأصفر الخالص وفي أحيان أخرى تأخذ الأصفر المُختلط بالأزرق الذي يكاد يقترب من اللون السماوي، لكن هذه الأوصاف تنطبق أيضًا على الجسم بأكمله بخلاف الرأس، ذلك الجزء الذي يأخذ اللون الأسود، وأحيانًا يتغير لون الظهر ويميل إلى الحُمرة، إذا نحن ببساطة شديدة أمام تحفة فنية تُسمى الصقر الجوال.

أماكن تواجد الصقر الجوال

لا يُمكننا تحديد أماكن تواجد الصقر الجوال بالبلدان والقارات لأن هذا سوف يأخذ وقتًا طويلًا، وقت كافي ربما لذكر ثلثي دول العالم، لكن يُمكننا أن نقول مثلًا أن صقرنا يتواجد في كل الأماكن التي يُمكن وصفها بالحارة أو الدافئة، وهي أماكن كثيرة على هذه الأرض، أما المناطق الباردة أو المُمطرة فإنه يبتعد عنها قدر الإمكان، ولمزيد من التوضيح فإنه لا يتواجد في القطبين وفي أجزاء كثيرة من أوروبا، أما التواجد الأكبر فيكون في أسيا وأفريقيا وأمريكا الشمالية، وقد قالت أحد الدراسات الحديثة أن الصقر الجوال يُعتبر أكثر أنواع الصقور انتشارًا، وهذا يختلف تمامًا عن الأكثر عددًا، فالانتشار يعني التواجد بأكثر من مكان، لكنه لا يعني بالضرورة التواجد بأكثر من مكان بأعداد كبيرة.

الصقر الجوال والصيد

نحن هنا لا نتحدث عن عملية الصيد التي يكون الصقر الجوال ضحية بها، وإنما تلك التي يكون هو المفترس المتربص بالضحية، ففي الغالب يكون غذاء هذا الصقر من الطيور الصغيرة والزواحف، والحقيقة أن عمليات الصيد التي يقوم بها تبدو مدهشة بالنسبة للبعض، حيث أنه يمتلك أسلوب خاص يستخدمه عند القيام بذلك الأمر، ذلك الأسلوب يُسمى دمعة العين، وهو يمتاز بكونه دقيق ولا يُخطئ أبدًا ضحيته، بمعنى أدق، إذا أراد الصقر الجوال اصطياد ضحية ما وقام بتحديدها فإنها تُصبح على الفور في عداد الأموات، هذا ببساطة لأنه لا يُخطئ كما ذكرنا من قبل.

الصقر الجوال والتكاثر

عملية التكاثر بالنسبة للصقر الجوال تُعتبر عملية شديدة السهولة، فهو يبدأ التفكير في هذه العملية ويُصبح جاهزًا للقيام بها منذ إتمامه لعامه الأول، أما التجهيز فهو أمر بسيط كذلك، فكل ما عليه هو بناء عش فوق المكان الذي يراه مناسبًا للقيام بالأمر، بعد ذلك يُحضر زوجه ويُمارس التكاثر، وبالمناسبة، لقد كانت تلك العملية في وقت من الأوقات سببًا لقلة أعداد الصقور الجوالة، حيث أنها كانت تختار أعشاشها فوق أسطح البيوت أو بالأشجار القريبة من البيوت، وهذا ما كان يُعرضها للمبيدات التي يستخدمها الإنسان وتتسبب في إضعاف خصوبته.

موقف الصقر الجوال من الانقراض

ذكرنا أن حياة الصقر الجوال هادئة ومُستقرة فيما يتعلق بالمعيشة والتكاثر، لكن الحياة تقول أن الأمور لا تسير بخير دائمًا، فهما كانت الحالة التي يتواجد بها ذلك الصقر فإنه من الوارد تعرضه لخطر من الأخطار، وقد كان ذلك الخطر هو الانقراض، ذلك الذي بدأ يلوح في الأفق بالقرون الثلاث الأخيرة، فبكل أسف دخل الصقر الجوال القائمة الحمراء التي تدل على تهديده بالانقراض، ولكي نكون واضحين فإن شاهين لم يتصدر القائمة ولم يتعرض لتهديد قوي، لكنه على الأقل دخلها، وهذا بالطبع نذير سوء، لكن الأهم البكاء على اللبن المسكوب هو معرفة السبب خلف انسكابه، وهذا ما يأخذنا للتحدث حول الأسباب التي أدت إلى تهديد الصقر الذي نتحدث عنه بالانقراض.

أسباب التهديد بالانقراض

غالبًا ما تكون الأمور في البداية مشوشة، فنحن نرى الصقر الجوال يقل نشاطه وتتناقص أعداده دون أن نعرف حقيقةً ما الذي أدى إلى ذلك وكيف، لكن بالقليل من البحث والمراقبة فإنه يُمكن من السهل جدًا التعرف على هذه الأسباب، والتي يُمكن إجمالها في ثلاثة، أولها وأهمها الصيد بسبب الإقدام على الصيد.

الصيد بسبب الصيد

ربما يبدو هذا الأمر غريبًا، لكن الصقر الجوال قد تعرض لخطر الانقراض بسبب الصيد، ونحن هنا نعني كونه هو الصياد، والوضع ببساطة أن ذلك الصقر يصطاد الطيور الصغيرة التي تكون في الغالب تابعة للبعض، أو حتى تلك التي تتواجد في المحميات أو الأماكن التي من المفترض ألا يصل إليها أحد، لكن الصقر الجوال يصل ويأكل ما يشاء، ولهذا فإن الصيادون قد قرروا أن إيقاف ذلك الشيء عند حده لن يكون سوى من خلال اصطياده، ومنذ هذا الوقت بدأت أعداده بالفعل في التناقص حتى دخل قائمة التهديد بالانقراض.

مبيد الديديتي

ذكرنا من قبل أن الصقر الجوال قد يبني أعشاشه في أماكن قريبة من البيوت أو فوق أشجار قريبة كذلك من البيوت، والحقيقة أن تلك الفعلة تقود إلى التعرض لمبيد الديديتي الذي يتم رشه في بعض المنازل طردًا للحشرات، إلا أن الصقر الجوال يجد حساسية من ذلك المُبيد بالذات، حساسية شديدة للدرجة التي قد تجعله يلفظ أنفاسه الأخيرة إثر استنشاقه لدفعات كبيرة، وهنا أيضًا تبدأ الأعداد في التناقص ويلوح بالأفق خطر الانقراض.

الظروف الجوية

الظروف المناخية التي يمر بها أي كائن حي يُمكن أن تؤثر عليه، والصقر الجوال في النهاية كائن حي، لذلك فإنه من الطبيعي جدًا أن يتعرض لبعض التأثير عن مروره بطقس شديد ومُغاير في البرودة أو الحرارة.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

ثمانية عشر + 14 =