تسعة بيئة
التوازن البيئي
بيئة » الطبيعة » ما هو مفهوم التوازن البيئي وماذا يحدث عندما يختل؟

ما هو مفهوم التوازن البيئي وماذا يحدث عندما يختل؟

تتوقف حياة وسلامة الإنسان على التوازن البيئي المحيط به من عناصر طبيعية، مثل الماء والهواء والأرض، أيضا على سلامة الكائنات الحية التي تعيش معه على كوكب الأرض، بحيث تتسع الحياة للجميع، نتعرف عن قرب على مفهوم التوازن البيئي هنا.

لقد خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان، وخلق له الأرض التي يعيش عليها، وأمدها بكل عناصر الحياة التي تكفل له حياة كريمة متكاملة شاملة لجميع احتياجاته، ففي الأرض والبحر غذاء ووسائل تنقل بالفلك في البحر أو الدواب على الأرض، وفي الزرع والحصاد ألوان من الطعام والفاكهة، والجبال والكهوف ليأوي إليها، كل ذلك في تجانس وتناسق محققا أقصى درجات التوازن البيئي الذي لا يطغى فيه عنصر على آخر، حتى إذا اختل هذا التوازن تعرضت الحياة غلى الأرض لأخطار جسمية، وأخلف عليها الإنسان ليعمرها وينميها وينهض بها، فماذا فعل الإنسان بهذه الأمانة الكبيرة؟ وهل تمكن من صيانتها بالفعل؟

التوازن البيئي وأهميته

تتكون البيئة من مجموعة عناصر حية وغير حية، تتفاعل فيما بينها وفق نظام دقيق، ويعتمد البعض على البعض الآخر وفق نظام ثابت هو ما يعرف بالنظام البيئي، حيث تكمل دورة حياة كل عنصر حي دورة حياة العنصر الآخر بما يكفل استمرار الحياة على الأرض دون أن يطغى أي عنصر على الآخر. فالأكسجين الذي تتنفسه الكائنات الحية، يعتمد على ما تنتجه النباتات الخضراء في عملية التمثيل الضوئي من أنتاج الأكسجين واستهلاك ثاني أكسيد الكربون من اجل إعداد غذائها.

بما يعني أن حياة ملايين الكائنات الحية تعيش على ما تنتجه النباتات من غاز الأكسجين، وبالتالي فأي مساس بهذه النباتات وحجمها الذي يجب أن تكون عليه لتمنح الكائنات الحية ما تحتاجه من غاز الأكسجين يعتبر جريمة في حق البقاء وإهدار واضح للتوازن البيئي الذي يجب أن يسود العالم.

مثال على التوازن البيئي

عندما يقوم الإنسان باقتلاع عشرات الهكتارات من الغابات بحجة التوسع العمراني فهو بذلك يهدد التوازن البيئي في مقتل، ويعرض ملايين الكائنات الحية للهلاك بسبب نقص الأكسجين اللازم لحياتها، وعندما يقيم المصانع التي تطلق الأدخنة والغازات السامة التي تلوث الهواء، وتزيد من نسبة العوادم وثاني أكسيد الكربون في الجو، فإن ذلك يعتبر خللا بيئيا حيث ارتفعت نسبة الغازات السامة عن معدلاتها الطبيعية وبالتالي أخلت بالتوازن البيئي.

والحقيقة أن الإنسان سواء بعلم منه أو جهل فإنه يأتي من الأفعال ما يخل بمبدأ التوازن البيئي سواء كان هدفه التطور الصناعي مثلا بإنشاء عشرات ومئات المصانع، وتكون النتيجة لذلك التسبب في هلاك الكثير من الزرع والضرع والتسبب في نشر الأمراض حتى بين البشر.

وسوف يسأل سائل: إن التطور الصناعي من الأمور الهامة للبشرية من اجل التقدم وإيجاد فرص عمل لملايين الأفواه التي تنتظر فرص الحياة الكريمة. لا بأس طبعا بالصناعة ومرحبا بها، ولكن يجب اتخاذ الاحتياطات اللازمة من اجل الحفاظ على البيئة من خلال تركيب الفلاتر، واتخاذ كافة الاحتياطات التي تحمي البيئة المحيطة من نتائج تلك الصناعات التي تحمل في ظاهرها التقدم وتقديم فرص العمل والحياة الكريمة للناس، ولكن بالتهاون وتجاهل الاحتياطات اللازمة تكون قد أخلت بعامل التوازن البيئي، وحملت الخراب والدمار للبيئة المحيطة.

اختلال التوازن البيئي

للأسف الشديد أن الإنسان من خلال سعية لتوسيع في أنشطته المختلفة، وتطوير حياته، قد أساء عن عمد أو جهل بعامل التوازن البيئي أيما إساءة، ونجد ذلك في صور واضحة جلية من خلال اقتلاعه للأشجار، والقضاء على الغابات، وأيضا إلقاء مخلفات المصانع في مجاري المياه مثل الأنهار والبحار، فيتسبب في تلوث مياه الري، مما يسبب ضعف النباتات وإصابتها بالعديد من الأمراض، وبالتالي نقلها للإنسان، وتلوث مياه البحار والمحيطات يؤثر سلبا على الثروة السمكية ويؤدي إلى هلاكها أو فسادها.

أيضا الإسراف في استخدام المبيدات والأسمدة الكيماوية يلحق أضرارا بالغة بالنبات والإنسان والحيوان أيضا، ويسبب خللا مباشرا بعامل التوازن البيئي.

التوازن البيئي وكيفية المحافظة عليه

كل تلك الأمور أساءت للإنسان وللطبيعة إساءة بالغة، مما دعا المجتمع الدولي للتدخل ومحاولة التخفيف من حدة ذلك التجاوز الخطير على التوازن البيئي بإصدار العديد من القوانين الدولية لحماية البيئة، وإلزام الدول باتخاذ الاحتياطات الواجبة من أجل الحفاظ على البيئة خصوصا في المنشئات الصناعية الجديدة، وتوقيع العقوبات الدولية على الدول التي تخالف الاشتراطات والمعايير الدولية من أجل المحافظة على البيئة، حيث أن التخاذل في هذا الموضوع يعرض الأرض كلها للفناء وليس بلدا دون آخر، وتقوم الهيئات الدولية أيضا بالتشجيع على جعل مناطق معينة في العالم ضمن المحميات الطبيعية من أجل الحفاظ على سلالات من الحيوانات معرضة للانقراض، وتسعى أيضا على نشر ثقافة الحفاظ على البيئة بين النشء، وإدراج ذلك ضمن المناهج الدراسية لتلاميذ المدارس في مراحلها المختلفة بداية من مرحلة الروضة.

ولابد من تضافر الجهود من أجل ذلك في كافة مؤسسات الدولة، فالإعلام مثلا عليه مسئولية توعية المواطنين بالحفاظ على البيئة بدءا من العناية بنظافة منازلهم وشارعهم وبلدهم بشكل عام، فلا شك أن أكوام القمامة في كل مكان بيئة صالحة لنمو البكتيريا وانتشار الأمراض وبيئة حاضنة للذباب والحشرات، ولابد أن يعي الجميع الخطر المحدق بهم جراء اختلال التوازن البيئي، ويكفي أن تسببت الأدخنة المتصاعدة سواء من عوادم السيارات أو المصانع في إحداث ثقب في طبقة الأوزون، وهي الطبقة الحامية للغلاف الجوي، واحتفاظ الأرض بدرجات حرارة محسوبة متوافقة مع طبيعته واحتمالها وكذلك النبات والحيوان، واختلال درجات الحرارة الذي تتعرض له الأرض بسبب ثقب الأوزون واحتمالات اتساعه سوف تكون رهيبة مسببة لدمار الجميع.

الحفاظ على التوازن البيئي مسئولية الجميع

بعد أن اتضح لنا حجم الأخطار التي يتعرض لها الإنسان نتيجة الإخلال بالتوازن البيئي أصبح لزاما على الجميع تحمل مسئولياته تجاه هذا الأمر، وأن يكون تطبيق القوانين الرادعة للحفاظ على البيئة وحمايتها لا يحتمل التخاذل أو المجاملة، ولابد لكل من يخالف تلك القوانين أن ينال ما يستحقه من عقاب، كما يجب على الدولة أن تنظر بعين الاعتبار الأخذ بالأساليب الحديثة لأنواع الطاقة، بحيث تتخلى عن أشكال الطاقة الملوثة للبيئة مثل المحروقات المختلفة، وتأخذ بالأساليب الحديثة لوسائل إنتاج الطاقة البديلة النظيفة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية وإنتاج الكهرباء من اندفاع المياه.

أيضا لابد من إعادة النظر في أنواع السماد والحد قدر الإمكان من استخدام السماد الكيماوي واستبداله بالسماد الطبيعي، وكذلك عدم الإفراط في استخدام المبيدات الكيماوية.

لابد أيضا من الامتناع عن رمي مخلفات المصانع في مياه الأنهار والبحار، أو دفن النفايات الخطرة في الأرض، حيث تتحلل وتخرج منها إشعاعات مسببة لأنواع كثيرة من السرطانات.

وهكذا نكون تعرفنا معا على موضوع في غاية الأهمية عن التوازن البيئي وأهمية، وكيفية المحافظة عليه، وتحديد دور المجتمع الدولي على مستوى العالم، وأيضا دور الدولة والمجتمع المدني في الحفاظ على البيئة ومحاولة تدارك الأخطار الكبيرة التي تهدد بقاء الكائن الحي على وجه العموم وتهدد أيضا بفناء الأرض وما عليها، ونكون قد أدركنا أن الله عز وجل قد منحنا الأرض أمانة في أعناقنا، ولابد من الحفاظ على هذه الأمانة من اجل خير الجميع.

الكاتب: شهناز شوقي

ابراهيم جعفر

مبرمج، وكاتب، ومترجم. أعمل في هذه المجالات احترفيًا بشكل مستقل، ولي كتابات كهاوٍ في العديد من المواقع على شبكة الإنترنت، بعضها مازال موجودًا، وبعضها طواه النسيان. قاري نهم وعاشق للسينما، محب للتقنية والبرمجيات، ومستخدم مخضرم لنظام لينكس.

أضف تعليق

1 + 7 =