تسعة بيئة
التلوث الوراثي
بيئة » التلوث » التلوث الوراثي : ما هو ؟ وكيف يمكننا حماية أنفسنا منه ؟

التلوث الوراثي : ما هو ؟ وكيف يمكننا حماية أنفسنا منه ؟

التلوث الوراثي ، هو تلوث النباتات الطبيعية بلقاحات النباتات المعدلة وراثيًا، وهو نوع خطير جدًا من أنواع التلوث الذي ربما يكون غير قابل للإصلاح.

عندما نتحدث عن التلوث الوراثي أو الجيني فإننا نعني انتقال اللقاح من النباتات المعدلة وراثيًا إلى النباتات الطبيعية، في المقال التالي سنشرح لك معنى المصطلح والخلاف بين العلماء على تأثيره بل وعلى اسم المصطلح نفسه، ستكون قادرًا بعد قراءة المقال على فهم النظرة العلمية والبيئية الخاصة بالتلوث الوراثي ومدى تأثيره علينا وارتباطه بعدد من الصناعات الحديثة.

تعرف على مشكلة التلوث الوراثي

ما هو التلوث الوراثي؟

يعد التلوث الوراثي مصطلح لافت للنظر، حيث ينظر إليه الناس عادةً على أنه شيء غير طبيعي، ولكن الحقيقة أنه مسار طبيعي لتطوير اختلافات بين أبناء الفصيلة الواحدة، ويعد ضرورة لبقاء الأجناس. فمثل كل الكائنات الحية، تحتاج النباتات إلى أن تتكاثر. طريقة تكاثر النباتات تعتبر محدودة نظرًا لعدم قدرتها على الحركة. فالنباتات تقوم بإنتاج حبوب اللقاح والتي تنقلها الحشرات والنحل والطيور والعديد من المخلوقات الأخرى وأحيانًا ينقلها بكل بساطة الهواء إلى النباتات المؤنثة. وهذا ما يحدث خصيصًا مع نباتات زرعها البشر لآلاف السنين وهي القمح والذرة والتمر والشعير.

يتم التلقيح بين نباتات مختلفة من حيث كونها مهندسة وراثيًا لإنتاج فصائل أقوى وبين الفصائل التي تزرع في الطبيعة بدون تعديل وراثي ويحدث بشكل طبيعي. ولكن بعض محبي البيئة في العالم دعوا لضرورة فصل النباتات المعدلة وراثيًا عن النباتات البرية لضمان بقاءها خالية من أية تعديلات بشرية، وذلك تجنبًا لكوارث ربما يكون قد تم الإعلان عنها قبل التحقيق في مدى صحتها.

ماذا يحدث؟

ماذا يحدث عند التزاوج؟ ظل هذا السؤال دائرًا في الأوساط العلمية لعقود، وهو يمثل في أغلب الأحيان نكتة شائعة قد تكون سمعت مثلها من قبل، لأن العديد من الناس ظنوا أن الجينات التي تنتقل من النباتات المعدلة وراثيًا تحوي خطرًا على النباتات الطبيعية أو التي يطلق عليها عضوية في هذا العصر. فهي قد تنقل وتلوث الجينات الأصلية لتلك النباتات.

لا يستطيع القمح التزاوج مع أزهار التبغ، يجب أن تنتقل الجينات بطريقة طبيعية عبر التلقيح من نبات إلى نبات في نفس الفصيلة أو فصيلة قريبة جدًا لنفس النوع. كأزهار عباد الشمس المعدلة وراثيًا وأزهار عباد الشمس الطبيعية.

ما مدى خطورة التلوث الجيني؟

ظل الناس حذرين بشأن التلوث الجيني لدرجة أنه لم يتم السماح بزراعة نباتات عباد الشمس المعدلة جينيًا في الولايات المتحدة، ولكن تلك المزاعم ليس لها أساس من الصحة. فالنباتات المعدلة وراثيًا ليس لديها تلك القدرة الكبيرة على تلويث الأنواع الطبيعية بطريقة أكبر أو أقل من نظيرتها الطبيعية، فهو مسار تلقائي للطبيعة لإنتاج أجيال أفضل. فمن المعروف أنه إذا تنوعت فصيلة واحدة فإن احتمالية إصابتها بالأمراض تقل حيث تكون الأمراض المؤثرة على فصيلة معينة غير مؤثرة في باقي تنوعات الفصيلة وبالتالي تنجو من الانقراض وتساهم في التنوع الحيوي.

ما هي نسبة خطر التلوث الوراثي؟

النباتات المعدلة وراثيًا قد تحوي خطرًا على الفصائل الطبيعية ولكنها لا تهددها بأي حال من الأحوال، فنسبة النباتات التي تتأثر بالنباتات المعدلة وراثيًا عن طريق التلقيح الخاطئ لا تتعدى 1% وفي أبحاث وتجارب أخرى كثيرة لم تظهر أبدًا.

هل يكون التلوث الوراثي أو الجيني خطرًا على المجتمع ككل؟ عمومًا لم يثبت بالأبحاث أن النباتات المعدلة وراثيًا تؤثر على الإنسان بشكل مباشر. لم يثبت أيضًا أن النباتات المعدلة وراثيًا تمثل خطرًا على البيئة بل بالعكس ربما تساعد بعض النباتات البرية على تجاوز بعض الأوبئة والأمراض وتجنب خطر الانقراض.

أهمية التعديل الجيني

تدور الأسئلة عمومًا حول جدوى التعديل الوراثي من عدمه ولكن تظل الإحصائيات الموجودة تثبت أن مجابهة المجاعات والفيضانات التي تدمر المساحات الزراعية في مختلف أنحاء العالم وإنتاج فصائل نباتات تستطيع مقاومة الآفات الزراعية بدون تدخل كيميائي بعد الزراعة.

فالتعديل الوراثي حتى الآن أثبت وبفعالية أنه أقوى من التدخل الكيميائي في الزراعة. فزراعة نباتات معدلة وراثيًا قد يكون الحل لإنتاج محصول وفير في قطع أرض أصغر من القطع التي تزرع بنباتات طبيعية أو برية، مما يساهم في تقليل نسبة الغابات التي يتم اقتلاعها كل سنة لزراعة المنتجات الرائجة، النباتات المعدلة وراثيًا تحتاج لكمية أقل من المبيدات الحشرية لأنها تستطيع مقاومة أغلب الآفات بمفردها دون تدخل بشري.

ما دقة مصطلح التلوث الجيني؟

ما سببته الحملات الإعلامية قد أثر بشكل كبير على المنتجات المعدلة وراثيًا نتيجة كونها منتج جديد لم يعتد الناس عليه وعلى سماع مصطلحات شبيهة بالجينات والتلوث الوراثي وغيرها، مما تسبب في حالة من الهلع غير المسبوق في الولايات المتحدة وبعض دول العالم. فبات الأمر أصعب لإقناع العامة بعدم جدوى تسمية ما يحدث من انتقال جينات أفضل إلى النباتات البرية بالتلوث الجيني. بل يجب استخدام مصطلح خلط الجينات أو انتقال الجينات الأفضل إلى الطبيعة، واقترح بعض العلماء مصطلحات أخرى مثل الغمر الجيني والتدهور الوراثي.

دراسات علمية عن التلوث الوراثي

في دراسة ظهرت في عام 2004 وجد أن التلوث الجيني قد يحدث من حقول مزروعة إلى نطاق 14 كيلومتر حول الحقل ولذلك حدث ما يسمى بالهلع الإعلامي نتيجة احتمالية انتقال تلك الجينات المعدلة وراثيًا إلى النباتات البرية.

في عام 2009 وضحت دراسة أن المزاعم الأصلية التي وجدت في دراسات سابقة عن خطورة التلوث الجيني هي عارية من الصحة. ففي كل 2000 عينة من عينات الذرة البرية وجد 20 عينة بها جينات من ذرة معدلة وراثيًا. أي بنسبة 1% وليس في كل الحقول فقد وجد في بعض الحقول فقط دون غيرها وذلك يشرح لماذا عجزت بعض الدراسات عن إيجاد جينات من نباتات معدلة وراثيًا في النباتات البرية.
في خلال عشر أعوام من الدراسات والأبحاث لم يحدث أن وجد العلماء أن النباتات المعدلة وراثيًا أكثر تأثيرًا في عمليات التلقيح من النباتات الطبيعية ذات نفسها.

الجدل لا زال مستمرًا

إلى الآن لم يحسم الجدل بخصوص كون التلوث الجيني مؤثرًا بحق، واقترح بعض العلماء تسميات بديلة كاختلاط الجينات. فمثلا الجين المسئول عن حماية النبات من مرض ما والذي تم زرعه في تعديلات وراثية لبذور بعض النباتات لم يكن خطيرًا عند انتقاله لبعض النباتات الأخرى ولم ينتقل لكل النباتات بل نسبة بسيطة منهم.

تابع بعض العلماء في تصريحاتهم عن انتقال الجينات بأن الجينات المنتقلة عادة ما تموت بموت النباتات التي تحملها ولا تؤثر على المجموع الكلي للنبات.

الموقف الدولي تجاه القضية

بالرغم من الحظر الذي فرضته الولايات المتحدة على النباتات المعدلة وراثيًا فإنه تم العثور على بقايا نباتات معدلة وراثيًا في بعض الأطعمة التي تباع للمستهلك في الولايات المتحدة في بداية الألفية الجديدة مما أدى إلى خسائر وصلت إلى 288 مليون دولار نتيجة إعادة المنتجات وحظر التصدير الذي فرض عليهم.

كما حدث الأمر عينه مع مزارعي الأرز والذين تقاضوا تعويضات فيما بعد لخسائرهم التي بلغت 750 مليون دولار من التلوث الجيني لمنتجاتهم الزراعية والتي لم تسمح الحكومة بزراعتها.

في عام 2005 تعاونت بعض الدول لوضع مقياس للتلوث الجيني في المنتجات التي تعد طبيعية للدلالة على مدى تأثرها بالنباتات المعدلة وراثيًا في المملكة المتحدة والتي تسجل جميع الحالات المقصودة والعرضية للتلوث الجيني بين النباتات.

علي سعيد

كاتب ومترجم مصري. أحب الكتابة في المواضيع المتعلقة بالسينما، وفروع أخرى من الفنون والآداب.

أضف تعليق

18 + عشرين =