تسعة بيئة
البتوّي المقنع
بيئة » الطبيعة » تعرف على طائر البتوّي المقنع الطائر النادر المقترب من الانقراض

تعرف على طائر البتوّي المقنع الطائر النادر المقترب من الانقراض

البتوّي المقنع طائر نادر يعيش في غينيا،وقد حظي بشهرة لكونه الطائر الوحيد في العالم الذي يمتلك ريشًا سامًا قادر على إصابة الأعصاب، ولكنه أوشك على الانقراض.

يُعتبر البتوّي المقنع أحد أهم أنواع الطيور وأكثرها شهرة، والحقيقة أن شهرة ذلك الطائر لم تأتي بسبب كونه مجرد طائر يطير في السماء، وإلا، فهناك الآلاف من أنواع الطير، لكن بالتأكيد جميعهم لا يمتاز بما يتميز به البتوّي المقنع، وهو أن ريشه يحتوي على السم، ولابد أنكم ستندهشون لمعرفة ذلك تمامًا كما حدث مع الباحث الذي اكتشف ذلك لأول مرة عام 1989، لكن ما لا تعرفونه أن حياة البتوّي المقنع تحتوي على المزيد من الإثارة والغرابة، وهذا بالضبط ما سنحاول التعرّف عليه في السطور القادمة، حيث البتوّي المقنع وحياته وحقيقة تعرّضه في الآونة الأخيرة للانقراض.

ما هو البتوّي المقنع؟

البتوّي المقنع كما ذكرنا طائر مُجنح ينتمي لفصيلة الطيور، تلك الفصيلة التي تحتوي على ما يزيد عن ثلاثة آلاف نوع، منها ما عرفه الإنسان أو سمع به، ومنها ما لم يعرف به الإنسان أو يسمع عنه، عمومًا، كان من حظ الإنسان الجيد أنه عرف بطائر مثل البتوّي المقنع، بل وشاهده على الحقيقة، لأنه كما ذكرنا يُعد أندر أنواع الطيور وأكثرها غرابة.

غرابة الطيور بشكل عام قد تكمن في شكلها وألوانها وطريقة طيرانها، لكن البتوّي المقنع لم يلفت الأنظار إليه بكل ذلك، وإنما عن طريق ريشه السام، الذي يُحدث خللًا كبيرًا بالأعصاب، وقد شوهد البتوّي المقنع لأول مرة قبل عشرة آلاف عام، وقد تم تسميته بهذا الاسم بعد أن رُصدت أوصافه.

أوصاف البتوّي المقنع

لن نبالغ إذ نقول إن طائر البتوّي المقنع يمتلك شكل مُخيف بعض الشيء، فهو أسود اللون حتى يكاد يُشبه الغراب، وله منقار ذهبي حاد، وتتواجد أعلى رأسه بعض النقاط البيضاء، ولذلك حمل اسمه وصف المقنع، والبتوّي هو المكان الذي شوهد فيه هذا الطائر لأول مرة، وبذلك يكون الاسم كاملًا هو البتوّي المقنع.

طول البتوّي المقنع يبدأ من ستين سنتيمتر، ولا يتجاوز السبعين بأية حال، بل إن هناك من يقول بأن كل أفراد ذلك النوع من الطيور تأخذ طولًا واحدًا، ذكورًا وإناثًا، أما ما يتعلق بالحجم فهو كذلك لا يزيد عن ثلاثة اثنين كيلو جرام، وهو ما يُعطيه خفة شديدة في الحركة، يحتاجها لتمضية أوقات حياته.

حياة البتوّي المقنع

يعيش البتوّي المقنع في غينيا الاستوائية الجديدة، والحقيقة أنه بالرغم من كونه طائر في الأساس إلا أنه لم يُقدم على الهجرة وترك المكان، ولابد بالتأكيد أنه قد وجد الحياة المناسبة له في هذا المكان، عمومًا، إن أهم ما يشغل أي كائن على وجه الأرض هو كيفية الحصول على الطعام، وفيما يتعلق بهذا الأمر فلا يجد البتوّي المقنع أي صعوبات، حيث أن غينيا الجديدة مليئة بخنافس نانيساني، والتي تُعد الغذاء الرئيسي لهذا الطائر.

حياة البتوّي المقنع غالبًا لا تجد أي صعوبات، فهو طائر مُسالم إلى حدٍ كبير، كما أنه لا يحتوي أي مصدر لطمع باقي الطيور فيه، بل إنه يحتوي على ما يُخيفهم ويجعلهم يُفكرون ألف مرة قبل الاقتراب منه، إنه السم.

البتوّي المقنع والسم

يحتوي البتوّي المقنع على مادة سامة، تتواجد تلك المادة على الريش بشكل كثيف، وهي تفوق تلك التي تتواجد في حيوان ضفدع السهم، وأقوى من أنواع سموم كثيرة، لكنها لا تؤثر على الإنسان بقدر ما تؤثر على الحيوان، فهي بالنسبة للحيوانات، وخاصةً الضعيفة، سم قاتل في الحال، أما بالنسبة للبشر فهي غاز مُنهك للأعصاب، ولا تصل الخطورة إلى القتل سوى في حالات نادرة.

قد يتعجب البعض من وجود مثل هذه المادة السامة على ريش طائر البتوّي المقنع، خاصةً وأنه مجرد طائر عادي، لا يمتلك أي ميزة عن بقية الطيور، لكن في الحقيقة أن الدراسات أظهرت أن ذلك الطائر هش جدًا، ويُعتبر من أضعف أنواع الطيور، لذلك كان من الممكن جدًا أن يجد صعوبة في الحصول على الغذاء لولا هذه المادة السامة الموجودة على ريشه وكل مكان بجسده، والتي يظهر مفعولها بمجرد لمس البتوّي المقنع لضحيته، حيث يُسقطها في الحال.

اكتشاف سم البتوّي المقنع

بالرغم من أن طبيعة البتوّي المقنع كطائر مُقنع سام منذ آلاف السنين، إلا أن هذا الأمر لم يتمكن أحد، من البشر بالطبع، اكتشافه، فقد كانوا يعتقدون بأن البتوّي المقنع مجرد طائر طبيعي مثل كل الطيور، والحقيقة أن الحقيقة لم تظهر سوى قبل ربع قرن، وتحديدًا عام 1989، وذلك على يد أحد العلماء الأستراليين.

في عام 1989 قامت قافلة من العلماء والباحثين بإجراء فحوصات ودراسات على مجموعة كبيرة من الطيور، وكان من بينها البتوّي المقنع، وعندما شرع العالم الأسترالي مارك شيندر في فحص البتوّي المقنع شعر بفقدان وعيه ورخو شديد في أعصابه، لكن الجميع لم يتصور أن يكون سبب ذلك هو البتوّي المقنع، ومع إعادة الأمر من جديد حدث نفس العرض، وهنا تم تقصي الحالة وفحص البتوّي المقنع جيدًا حتى اكتُشف وجود السم على جلده.

البتوّي المقنع والانقراض

في بداية القرن الحادي والعشرين اكتُشف أن طائر البتوّي المقنع مُهدد بالانقراض، والحقيقة إن أول ما جال بأذهان الجميع وقت ذلك الاكتشاف أن الانقراض جاء نتيجة لقيام البعض بقتل البتوّي المقنع نظرًا لخطورته الشديدة التي يُمثلها وامتلاكه للسم، لكن ذلك الأمر اتضح عدم صحته فيما بعد.

رجح البعض أن يكون سبب انقراض البتّوي المُقنع هو عدم قدرته على التأقلم مع الظروف المناخية المُتغيرة، وقد تمكنوا من إثبات ذلك بتجربة على طير قريب من البتّوي المقنع من حيث الصفات والقدرات، حيث لاحظوا أنه ينعزل بعيدًا ويأخذ في البوار شيئًا فشيئًا حتى الموت، وكما نعرف، عندما يفقد حيوان واحد رغبته في العيش فإن قطيعه بالكامل سوف يشعر بنفس الرغبة، على كلٍ، ومهما كانت الأسباب، فالنتيجة في النهاية واحدة، وهي انقراض طائر البتّوي المقنّع، هذا إذا تغاضينا بالطبع عن بعض الأخبار التي انتشرت مؤخرًا عن احتمالية وجوده على قيد الحياة!

عودة من الانقراض

هناك أمر شبه ثابت في كل حالة انقراض يتم تدوينها، وهو أن يخرج بعد الانقراض بفترة من يدّعي أنه قد شاهد هذا الحيوان الذي من المفترض أنه قد تعرّض للانقراض، وهذا ما حدث بالضبط في غينيا عام 1998.

عام 1998 أُرسلت برقية من الحكومة المسئولة في غينيا إلى جمعية الحيوان، تقول تلك البرقية أن المواطنين في غينيا قد شاهدوا في شهر يوليو طائر يمتلك نفس المواصفات التي يُرجح أنها تعود إلى طائر البتّوي المُقنع، وبالتأكيد لم تنتظر الجمعية كثيرًا حتى أرسلت لجنة من أجل مُعاينة المنطقة والتأكد من صحة الخبر، لكن كالعادة، لم يظهر بيتّوي أو غيره، لكن تلك الأخبار على الأقل أنعشت الذاكرة من جديد فيما يتعلق بهذا الطائر، أو كما يُقال، أعادت إليه الأضواء.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

14 − 14 =