تسعة بيئة
دولفين نهر بيجي
بيئة » الطبيعة » دولفين نهر بيجي : واحد من أحدث الحيوانات البحرية المنقرضة

دولفين نهر بيجي : واحد من أحدث الحيوانات البحرية المنقرضة

دولفين نهر بيجي هو دولفين يعيش في المياه العذبة وهو من فصيلة الحوت،وقد عانى من الانقراض قبل ربع قرن إلا أن أحدًا ما لم يلتفت إليه حتى انقرض بالفعل عام 2006.

يُعتبر دولفين نهر بيجي أحد أهم الحيوانات التي تقع ضمن قائمة الحيوانات المنقرضة، والحقيقة أن البيئة التي كان يعيش فيها هذا الدولفين كان من المفترض أن تكون أكثر رفقًا به، وأن تُجنبه تمامًا مسألة الانقراض هذه، لكن ما حدث كان خلاف ذلك تمامًا، حيث تعرض الدولفين لهجمة شرسة من عدة قوى جعلته مُهدد بالانقراض منذ عام 1996، ثم استمر الحال على ما هو عليه حتى اختفى دولفين نهر بيجي من الحياة تمامًا عام 2006، ليُصبح مُنقرضًا، عمومًا، في السطور القادمة سوف نتعرف سويًا على دولفين نهر بيجي وحياته وأسباب انقراضه.

دولفين نهر بيجي

دولفين نهر بيجي نوع من أنواع الحيتان، والتي يدعوها العامة بالأسماك الكبيرة، وقد شوهد الدولفين لأول مرة في الأنهار قبل حوالي عشرين مليون سنة، ولا يعرف أحد هل كانت الدلافين موجودة قبل هذا الوقت أم لا.

يتراوح طول دولفين نهر بيجي بين العشر أمتار والعشرين متر، بينما الوزن يتجاوز الثلاثمائة كيلو جرام على الأرجح، وهو يمتلك نفس هيئة السمك لكن بحجم أكبر، والحقيقة أن دولفين نهر بيجي يختلف تمامًا عن الدولفين العادي الذي نراه في حدائق الحيوان وأماكن الترفيه، هذا بالرغم من كونه مُستأنس مثله، لكن الاختلاف الواجب التطرق إليه هو الاختلاف بين دولفين نهر بيجي وسمكة القرش المتوحشة.

الدولفين والقرش

هناك فارق كبير بين دولفين نهر بيجي والقرش، فالدولفين عمومًا حيوان مُسالم للغاية، إذا لم تجده في الأنهار فستجده في حدائق الحيوان وهو يُستخدم كأداة للتسلية، أما القرش، فهو لا يعرف مثل هذه الأمور.

من المعروف عن حيوان القرش أنه حيوان مُفترس، لا يختلف كثيرًا عن الحيوانات البرية المُفترسة مثل الأسود والنمور، والقرش لا يستهدف حيوانات البحر فقط، بل إن البشر أيضًا لا يسلمون منه، والفارق الذي يُمكن تمييز القرش به عن الدولفين أن القرش يمكن أن يعيش في الأنهار والبحار على حدٍ سواء، أما الدلافين فهي لا تعرف غير الأنهار والمياه العذبة، وتتأذى جدًا من المياه المالحة كمياه البحار.

حياة دولفين نهر بيجي

عاش دولفين نهر بيجي طيلة حياته في مكان واحد، وربما لذلك السبب حصل على تلك التسمية، فذلك المكان هو نهر بيجي، ولمن لا يعرف، يقع نهر بيجي في الصين، ويُعتبر من أكبر الأنهار الموجودة بالعالم، ومن المعروف كذلك أن دولفين نهر بيجي يُعرف في الصين باسم دولفين نهر الصين العظيم.

حياة دولفين نهر بيجي كانت تعتمد على الصدى بشكل كبير، وذلك لكونه ضعيف النظر، والحقيقة أن أغلب أنواع الأسماك تُعاني من ضعف النظر وتعتمد في حياتها على الاستشعار أو الصدى، وهو ما كان يفعله هذا الدولفين بالفعل، حيث كان يُقحم خاصية الصدى في كل شيء، حتى الطعام والشراب كان يحصل عليهم بهذه الطريقة، وبمناسبة الطعام، كان دولفين نهر بيجي يجد غايته في الأسماك الصغيرة التي يأخذها استشعارها وحسها السيئ إلى المناطق القريبة من أماكن تواجد دولفين نهر بيجي، فقد كان يمتلك عادة سيئة جدًا، وهو أنه لا يذهب للبحث عن فريسته بنفسه، وإنما ينتظر حتى تأتيه وتلقى حتفها.

دولفين نهر بيجي والتكاثر

التكاثر بالنسبة لدولفين مثل دولفين نهر بيجي لم يكن عادة مُحبذة، وربما هذا ما يتضح بشدة من الأعداد القليلة التي تتواجد دائمًا من هذا الدولفين، فكل زوجين من هذا النوع من الدلافين يلدون فرد واحد فقط كل عام، وتحديدًا يبدأ موسم تزاوجهم وتكاثرهم في فصل الصيف، ثم يفقس البيض ويخرج صغير دولفين نهر بيجي في الشتاء، أي أن المدة كاملة لا تتجاوز الأربعة أشهر، وقد تقل لتصل إلى شهرين فقط.

يبدأ صغير دولفين نهر بيجي حياته بعد شهر واحد من الفقس، وبالرغم من أنه يظل مدة شهر آخر يُعاني من خطر الالتهام إلا أن نجاته تعني كتابة سطر جديد في تاريخ دلافين نهر بيجي بشكل عام، وذلك راجع إلى الأعداد القليلة كما ذكرنا ونسبة الإنجاب المُتدنية كذلك، حيث أنهم لا يُفكرون في الولادة والإنجاب سوى مرة أو مرتين في العمر، وهنا تجدر الإشارة إلى أن حياة دلافين نهر بيجي تُقدر بعشر سنوات على الأكثر، هذا إذا صارت الأمور بشكل طبيعي ولم يتدخل الانسان أو أي عامل آخر لإيقاف نمو هذا النوع من الدلافين، تمامًا مثلما حدث في القرن العشرين.

دولفين نهر بيجي والانقراض

كان دولفين نهر بيجي لا يعرف شيء يُسمى الانقراض ولا يسمع به، واستمر ذلك منذ أن عرف طريقه للحياة قبل عشرين مليون عام وحتى عام 1950، وهو العام الذي لاحظ فيه الجميع أن أعداد ذلك الدولفين تتناقص بشكل مُريب، حتى أنهم بدأوا يُفكرون في أسباب غير منطقية تعبيرًا منهم عن عجزهم الشديد بمعرفة أسباب تناقص الأعداد المفاجئ.

لم يتوقف الأمر عند تناقص الأعداد فقط، ففي عام 1960، أي بعد عشر سنوات فقط من بداية الأمر، بدأ العالم يسمع أخبار عن تهديد دولفين نهر بيجي بالانقراض ودخوله السريع ضمن القائمة الحمراء، لكن التصريحات التي خرجت من الحكومة الصينية وقتها أكدت على أن ذلك الأمر محض إشاعات وأن أعداد دولفين نهر بيجي الموجودة ما زالت مُطمئنة ولا تدعي التهديد بالانقراض، لكن، في عام 2002، أعلنت منظمات وجمعيات الحيوان عدم وجود دولفين نهر بيجي في نهر بيجي، أي أنه قد أصبح منقرضًا بالفعل، هذا على الرغم من أن ذلك لم يتم إعلانه بشكل رسمي حتى الآن، لكن، كي نكون عمليين، دعونا لا نبحث خلف حقيقة إخفاء الانقراض من عدمه، بل نعرف كيف وصل الأمر إلى ذلك الحد.

أسباب الانقراض

في الحقيقة تبدو أسباب انقراض دولفين نهر بيجي مُحيرة بعض الشيء، فهو لم ينقرض لأن الصيادين قد فقدوا عقولهم فجأة وقاموا باصطياد كل الأعداد الموجودة في نهر بيجي حتى فني عن بكرة أبيه، وكذلك لم يستخدموا طرق الصيد بالتفجير أو أي طريقة أخرى، بل كانوا يعتبرون ذلك الدولفين جزء من حضارتهم، فهو على الأقل يُثبت أن تواجد الصين يفوق العشرين مليون سنة، إذًا، ما الذي حدث لذلك الدولفين المسكين؟

تقول الدراسات والأبحاث التي أجريت عقب انقراض دولفين نهر بيجي أن ذلك الانقراض لم يأت بنتيجة مباشرة، وإنما جاء نتيجة لشيء آخر، بمعنى أدق، انقرض ذلك الدولفين نتيجة لانقراض أسباب بقائه، وهو الأسماك، فمنذ الثورة الصناعية التي حدثت في الصين بالنصف الثاني من القرن العشرين وقد تزايد الطلب على كل شيء موجود، بما في ذلك الأسماك، والحقيقة أنهم قد أسرفوا في الصيد بنهر بيجي لدرجة أن دولفين نهر بيجي لم يعد يجد ما يكفي طعامه، وبالتالي، فقد أسباب العيش وبدأ يموت تدريجيا ويُصبح طعامًا لما تبقى من أسماك، هل ترون كيف جرى الأمر؟ ميتة بشعة لا تليق بدولفين مُخضرم مثل دولفين نهر بيجي بكل تأكيد.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

خمسة + ستة عشر =