تسعة بيئة
بيئة » الطبيعة » الصغار والبيئة : ما أهمية تعويد الأطفال على احترام البيئة؟

الصغار والبيئة : ما أهمية تعويد الأطفال على احترام البيئة؟

أصبح الصغار والبيئة من الموضوعات الهامة التي يعني بها التربويون وأولياء الأمور، وذلك بعدما اكتشف الجميع الخطر الذي تتعرض له الحياة على الأرض، ومدى الحاجة لتضافر الجهود من أجل حماية الأرض والحفاظ على مقدراتها للأجيال القادمة.

أدرك العالم خصوصا بعد الثورة الصناعية، أن كوكب الأرض أصبح معرضا لخطر داهم بسبب اختلال التوازن البيئي، وأصبح من المحتم الربط بين الصغار والبيئة من أجل تنشئة جيل جديد يعي أهمية المحافظة على البيئة، وتوفير عوامل السلامة لكل الكائنات التي تعيش على سطح الأرض، وذلك من خلال نشر الوعي البيئي بين الصغار، ودفعهم إلى اكتساب السلوكيات الحضارية المحافظة على البيئة منذ الصغر، فالقدوة الحسنة والإرشادات الصحيحة تغرس فيهم الحرص على بيئتهم التي يعيشون فيها سواء كانت المدرسة أو المنزل أو الحي أو المدينة.

تحديد المشاكل البيئية للتصدي لها

حتى تتواءم حياة الصغار والبيئة الصحية المناسبة لهم وللكبار أيضا، كان لزاما تحديد المشكلات البيئية المنتشرة في المجتمع، ومن ثم وضع الحلول المناسبة لها.

وقد اتضح أن هناك نوعين من المشاكل البيئية، النوع الأول مشاكل تخص الدولة ولابد لها من التصدي لحلها، وهذه المشاكل هي:

  • تلوث البحار والأنهار: ويحدث ذلك بسبب تصريف مخلفات الصرف الصحي داخل البحار والأنهار، وهو ما يتسبب في تلوث المياه التي تستخدم في الشرب وري المزروعات، فتنتج زراعات ملوثة تسبب الأمراض للمواطنين، كما أن تلوث البحار يؤدي إلى نفوق الأسماك وفسادها، فتنتقل سمومها للإنسان. ولابد لحل تلك المشكلة من تدخل الدولة بعمل المشروعات المناسبة لحماية الشواطئ والأنهار، ومنع التعدي عليها، ونشر الوعي الصحي بين المواطنين ليقوموا بدورهم في الحفاظ على البيئة المحيطة بهم.
  • تلوث الهواء النتائج عن عوادم السيارات والمصانع من الغازات، والتي لم تتخذ الإجراءات المناسبة لحماية البيئة والهواء من التلوث، فيؤدي تلوث الهواء بالغازات السامة مثل غاز أول أكسيد الكربون إلى إصابة سكان المنطقة بالأمراض الخطيرة مثل السرطان، وبالطبع فإن الأطفال هم الأكثر عرضة للإصابة بالأمراض. وهنا يأتي دور الدولة في تغليظ العقوبات على المصانع التي تخالف قواعد الأمن والسلامة، بشان استخدام المعدات المناسبة لفلترة تلك الغازات وتسمح فقط بالحدود الآمنة التي لا تسبب الأمراض.
  • من الضروري ألا تسمح الدولة باستخدام أراضيها مقبرة للنفايات الضارة والمشعة مهما بلغت الإغراءات المادية، لأن ذلك ذلك يتسبب على المدى البعيد في خروج إشعاعات ضارة تسبب الإصابة بالعديد من الأمراض الخطيرة وخاصة السرطان.
  • على الدولة أن تهتم باتباع القواعد الصحية عند بناء المساكن بحيث تكون جيدة التهوية، تدخلها الشمس والهواء، حتى تكون مناسبة للأطفال فلا يصابون بالأمراض بعدما اتضح العلاقة الوثيقة بين الصغار والبيئة المحيطة بهم.

تنمية العلاقة الوثيقة بين الصغار والبيئة

ولأن صحة الأطفال تتأثر تأثرا مباشرا بالبيئة المحيطة بهم، خصوصا بعدما كشفت منظمة الصحية العالمية العلاقة المباشرة بين الصغار والبيئة، وأن أعدادا كبيرة من الأطفال في سن قبل الخامسة يتعرضون للموت بسبب وجودهم في بيئة ملوثة وغير صحية، وعلى ذلك صدرت التوجيهات بالتصدي لهذا المصير المشؤوم، وذلك بنشر الوعي البيئي سواء داخل الأسرة أو في المدرسة، أو من خلال المجتمع كله.

ومن هذا المنطلق كان لابد من وضع منهج واضح يسير عليه الأطفال دون سن المدرسة، ثم في المراحل التعليمية المختلفة، ليتعرف فيه الصغار على البيئة المحيطة، وتنمية مشاعر الانتماء لها وحثهم على المحافظة عليها، ولابد للوصول لتلك النتائج من المزيد من الدراسات، وتوافق العناصر التعليمية مع الإعلام والصحافة ودور العبادة أيضا، للتركيز على أهمية العناية بالبيئة، وتعويد الصغار على الاهتمام سواء بنظافتهم الشخصية، أو نظافة أماكن معيشتهم، وأن يكون لهم دور فاعل وبارز في نظافة الشارع والحي وغرس الأشجار وتعهدها، وتعريفهم بأهمية أن يعيشوا في بيئة نظيفة، وأن يتم توصيل المعلومات البيئية لهم بطرق حديثة مشوقة، والبعد عن التلقين، والتفنن في استخدام الوسائل السمعية والبصرية في تقريب المعلومة فيصبح الصغار والبيئة المحيطة بهم في تآلف واندماج كامل، وبذلك يصبح الحفاظ عليها جزء من شخصيتهم وأسلوب حياتهم.

المفاهيم البيئية لطفل الروضة

ومن منطلق أن العلم في الصغر كالنقش على الحجر، فإن التصدي لإنشاء علاقة قوية بين الصغار والبيئة لابد وأن يبدأ مبكرا وتحديدا من مرحلة الروضة، حيث يبدأ الطفل في هذه المرحلة التعرف على البيئة من حوله، وملمسها، يشم رائحتها، يتعرف على ألوانها، ويجب أن يحدث كل ذلك سواء عن طريق المجسمات أو الصور، والأفضل الخروج في رحلات لمناطق مختلفة، فتارة تكون الزيارة للشاطئ والتعرف على ملمس الرمال ومياه البحر، والتعرف على أنواع الكائنات البحرية الموجودة فيه من أسماك وقواقع، أو الذهاب إلى الحدائق العامة ومشاهدة الأزهار والتعرف على بعض أنواعها وتمييز روائحها مع شرح ضرورة الحفاظ عليها وعدم قطفها، والتعرف على معلومات بسيطة عن الزراعة وأهمية النباتات، أيضا الذهاب إلى حديقة الحيوان والتعرف على أنواع الحيوانات المختلفة بها والتمييز بين الحيوانات الأليفة والحيوانات المتوحشة، ونوعية غذائها وفكرة عن طبيعة حياتها ونوعية البيئة التي تعيش فيها.

يكون من عوامل البهجة بالنسبة للأطفال أيضا لمس قطرات المطر المنهمرة من السماء، ومراقبة البرق وسماع صوت الرعد، والتعرف على أنواع مختلفة من البيئات، كل ذلك يوسع من مدارك الأطفال، ويوجد العلاقة القوية بين الصغار والبيئة، فيصير راعيا جيدا لها محافظا عليها، مدركا فضلها عليه، وأنه جزء من هذه البيئة، وأن المحافظة عليها تعني المحافظة على نفسه.

وحتى يتم تحقيق كل ما سبق يستلزم إعداد خاص لمعلمي المرحلة وواضعي البرامج والمناهج التعليمية حتى يمكن التعامل مع الصغار بهذا المفهوم الحضاري الهام، وعلى ذلك يتم إعداد برامج تدريبية متميزة للمعلمين والقائمين على تربية الصغار، وحتى الآباء لابد لهم من توعية من نوع خاص حتى ينقلوا تلك الخبرات والأهداف للصغار بشكل مبسط تلقائي، والأهم من كل ذلك أن يلتزم القائمون على رعاية الصغار وتربيتهم بقواعد الحفاظ على البيئة ليكونوا قدوة صالحة أمام الصغار، وبذلك يصبح اكتساب المعلومات والمعارف عنهم نابع من ثقة حقيقية فيما يقولون.

وفي النهاية نكون قد تصدينا لموضوع في غاية الأهمية، وهو العلاقة بين الصغار والبيئة، وكيفية إكسابهم المعلومات عن بيئتهم التي يعيشون فيها، والتعرف على بيئات مختلفة، وتعويدهم على العناية بأنفسهم ونظافتهم الشخصية ونظافة البيت والشارع والمدرسة، وأهمية إعداد المدربين والمربين القادرين على العناية بالصغار وإكسابهم المعلومات البيئية بشكل محبب ومبسط، واستخدام كافة الوسائل التعليمية الحديثة من أجل تحقيق أهدافهم، وأهمية الخروج خارج أسوار المدرسة واكتشاف بيئات مختلفة بأنفسهم كي يلمسوا أنهم بالفعل جزء من هذه البيئة، وأن حمايتها والحفاظ عليها يعني العناية بأنفسهم والحفاظ على صحتهم.

أيضا تم إلقاء الضوء على دور الدولة للحفاظ عل البيئة وحمايتها، ووضع القوانين الرادعة والكفيلة بتوفير الحماية اللازمة لها، كما تعرفنا على دور المجتمع الدولي في بسط حمايته على البيئة، وتقديم خدماته وخبراته للدول التي تحتاج للعون من أجل الوصول إلى بيئة صحية، في كل دول العالم، والانتباه الحقيقي لحجم الخطر المحدق بالأرض خصوصا بعدما تسببت النهضة الصناعية والزحف العمراني في أضرار بالغة بالبيئة.

الكاتب: شهناز شوقي

ابراهيم جعفر

مبرمج، وكاتب، ومترجم. أعمل في هذه المجالات احترفيًا بشكل مستقل، ولي كتابات كهاوٍ في العديد من المواقع على شبكة الإنترنت، بعضها مازال موجودًا، وبعضها طواه النسيان. قاري نهم وعاشق للسينما، محب للتقنية والبرمجيات، ومستخدم مخضرم لنظام لينكس.

أضف تعليق

خمسة × 2 =