سلامة الطفل

نصائح للتعامل مع الطفل الذي يعاني من مرض الصفراء الخطير

لأنه هناك ما لا يقل عن 50% إلى 70% من الأطفال الرضع يعانون من مرض الصفراء ؛ إلى جانب عدد غير ضئيل من الأطفال والبالغين، فإنه لابد من معرفة كيفية التعامل مع هذا المرض والعلاج المناسب له وكيفية اكتشاف الإصابة به دون الحاجة إلى فحوصات.


يختلف مرض الصفراء الذي يصيب الأطفال عن ذلك الذي يصيب الكبار؛ فالصفراء تصيب الكبار إذا كان هناك التهاب بالكبد. وتصنف الصفراء في هذه الحالة على أنها مرض فيروسي؛ وهو ينتقل عن طريق نوع معين من البعوض الذي يحمله بداخله إذا ما قام بلدغ أحد حاملي الفيروس وينقله لغيره بلدغه كذلك. وأما الأطفال الرضع، فإنهم يصابون بالصفراء نتيجة لتكسر نسبة الهيمجلوبين في الدم. والطفل في رحم أمه يحتاج لنسبة معينة من الأكسجين تساعده على التقاط الأكسجين الذي يصله عن طريق الأم. وهذه النسبة تتراوح ما بين 19 إلى 20 جراما. وبعد الولادة لا يكون الطفل في حاجة إلى هذه النسبة من الهيمجلوبين؛ وبالتالي يتكسر هذا الهيمجلوبين الزائد وينتج عنه ظهور مادة صفراء تسمى البليروبين في الدم.

مرض الصفراء عند الأطفال

إن السبب الرئيسي لمعاناة الطفل الرضيع من مرض الصفراء هو تكسير خلايا الدم الحمراء، كما ذكرنا من قبل؛ الأمر الذي ينتج عنه وجود مادة البليروبين في الدم. وفي الطبيعي يقوم الكبد بالتعامل مع هذه المادة وتخليص الجسم منها عن طريق البراز. ولأنك كبد الأطفال الرضع لا يكون قد اكتمل نموه، فإنه لا يملك القدرة على التعامل مع هذه المادة وتخليص الجسم منها؛ الأمر الذي يستلزم علاجا يساعده على التعافي منها. ويشخص مرض الصفراء عند وصول نسبة البليروبين إلى 14 إلى 18 مليجرام في الديسيلتر من الدم.

أعراض مرض الصفراء

تظهر بعض الأعراض التي تشير للأم إصابة طفلها بالصفراء. والحقيقة أن هذه الأعراض قد يكون فيها بعض الاختلاف من طفل لآخر؛ فالطفل الأول يكون مختلفا عن الطفل الثاني، وتختلف فصائل الدم بين كل منهما؛ وبالتالي فإن أحدهم قد يصاب بنوع مختلف من الصفراء عن التي أصيب بها الآخر. وهذه الأعراض تشمل اصفرار لون الجلد، الذي عادة ما يزداد ويظهر أكثر بشكل تدريجي، وظهور ذلك اللون الأصفر في بياض العينين وتحت الأظافر وتغير لون البول وظهوره داكنا عن الطبيعي. وعادة ما ترتفع درجة حرارة الرضيع، حتى أنها تتعدى 38 درجة مئوية. هذا إلى جانب الشحوب الذي يظهر على الوجه. ولا يستطيع الطفل المصاب بالصفراء القيام بعملية المص بشكل جيد. وقد يؤدي قلة الاهتمام بالطفل وتنظيم طعامه على مدار اليوم إلى شعوره بالتعب والخمول الذي يسبب له النوم كثيرا.

كيف تفرقين بين الصفراء الطبيعية والمرضية؟

بالنسبة للأطفال الرضع، هناك نوعين من الصفراء: طبيعية ومرضية. ومن الجيد للغاية معرفة الأم لفصيلة دمها وفصيلة دم الأب؛ حتى إذا ما كان هناك اختلاف بينهما صارت أكثر ترقبا وأشد حذرا منذ اللحظة الأولى من ميلاد الطفل. ويجب عند هذه الحالة مراقبة الطفل لملاحظة أي تغير عليه أو علامة تدل على إصابته بالصفراء. وهناك بعض العلامات التي تبدو للأم غير واضحة، وقد يختلط عليها الأمر فلا تعرف كيفية التصرف. وهناك بعض الفروق بين الصفراء الطبيعية والمرضية، وهي:

  • الصفراء الطبيعية عادة ما تظهر عند الطفل من اليوم الثالث بعد الميلاد إلى اليوم السابع. ولا تزيد نسبتها عن 10 ملجرام. وأما مرض الصفراء فقد يظهر بعد ولادة الطفل مباشرة أو خلال الـ 24 ساعة الأولى بعد الولادة وتستمر لأكثر من 10 أيام. وتتراوح ما بين 14 إلى 18 ملجرام.
  • الصفراء الطبيعية تعتبر حماية لأنسجة الطفل ضد الأكسدة، ولا تحتاج إلى علاج؛ بل إن علاجها من الأخطاء التي قد تسبب مشاكل صحية للمولود. وأما الصفراء المرضية فلابد لها من استشارة الطبيب ومتابعته لحالة الطفل وإعطاء العلاج المناسب.
  • يصاب الطفل الذي تختلف فصيلة دمه عن فصيلة دم أمه بالصفراء المرضية. وغالبا ما يحدث هذا إذا كانت فصيلة دم الأم O أو كان الـ RH الخاص بها سالب. ولذا يوصى الأم التي تكتشف أن الـ RH الخاص بها سالب بأخذ حقنة معينة يصفها لها الطبيب تجنبا لهذه المشكلة.
  • ولابد من استشارة طبيب أطفال متخصص لتحديد ما إذا كان الطفل لديه مرض الصفراء أم لا، ويجب معرفة نوع الصفراء التي تصيب الطفل؛ هل هي صفراء طبيعية أم مرضية؛ وذلك لتحديد كيفية التعامل معها.

علاج مرض الصفراء

  1. في كل الأحوال لابد من العلاج المناسب لمرض الصفراء وعدم الاستهانة به؛ وذلك لأنه يتعلق بعضو بالغ الأهمية في جسم الإنسان، وهو الكبد، الذي يعد المسؤول الأول عن تنقية الجسم من الشوائب والسموم التي تدخل إليه عن طريق الطعام. وعند توقف الكبد عن القيام بمهمته هذه، لابد من مساعدته على التعافي والشفاء. وعند ملاحظة إصابة الطفل الرضيع بالصفراء يجب الإسراع في بدء علاجه. والسبب في ذلك أنها، على الرغم من كونها شائعة بين الأطفال، إلا أن التقصير في علاجها يسبب بعض المضاعفات التي من أهمها التأثير على المخ وإصابة الطفل بالتخلف العقلي وضمور المخ.
  2. والعلاج الأول والأكثر فاعلية لمريض الصفراء من الرضع هو الرضاعة الطبيعية المنتظمة. وفي حال كانت هناك مشكلة ما في الرضاعة الطبيعية، فلابد من الاعتماد على الرضاعة الصناعية لإعطاء الطفل احتياجاته من الغذاء وعدم التقصير معه. ويساعد الانتظام في الرضاعة على تنشيط حركة الأمعاء التي تخرج ما بها من براز يحمل مادة البليروبين من الدم ويخلص الجسم منها. وفي حال كانت الصفراء تسبب كثرة نوم الطفل، فلابد من إيقاظه وإعطائه الحليب الذي يحتاج في مواعيده. وتفي الرضاعة الطبيعية جميع احتياجات الطفل، من غذاء وسوائل وغيرها. أما الرضاعة الصناعية فغالبا ما يحتاج الطفل معها إلى الماء لتعويضه عن نقص السوائل بجسمه. وبالطبع لابد من أن يكون هذا الماء نظيفا معقما؛ وإلا أصاب الطفل بالميكروبات والعدوى.
  3. ويساعد على سرعة الشفاء من مرض الصفراء تعريض الطفل لضوء لمبة معينة يخرج منها أشعة فوق بنفسجية تعمل على تكسير البليروبين تحت الجلد وتساعد على التخلص منها. وهذه النوعية من اللمبات غير موجودة إلا في الحضانات الخاصة بالأطفال. ولا صحة لما يتداوله الناس من أن اللمبة النيون التي تستخدم في المنازل لها نفس التأثير والمفعول؛ فهذا كله وهم. وإلى جانب أن هذه النوعية من اللمبات لا تفيد في شفاء الطفل من مرض الصفراء، فهي قد تسبب له الكثير من المضاعفات، منها تعرضه لنزلات البرد بسبب تركه عاريا تحتها أو إصابته بالحروق التي تنتج عن طول مدة مكوثه تحتها.
  4. ومن طرق علاج مرض الصفراء تعريض أطراف الطفل لأشعة الشمس لمدة عشر دقائق يومية؛ على أن تكون مقسمة إلى مرتين على مدار اليوم. ويمكن تعريضه الخمس دقائق الأولى للشمس في الصباح الباكر عند بداية سطوع الشمس؛ أما الخمس دقائق الثانية فيفضل أن تكون بعد العصر وقبل غروب الشمس. ولا يفضل أبدا تعريض الطفل لشمس الظهيرة التي حتما تضره أكثر مما تنفعه. وإذا كانت طرق العلاج السابقة لا تجدي نفا مع الطفل فليس هناك مفر من تنقية كمية صغيرة من دمه من مادة البليروبين. ويتم ذلك باستخدام جهاز مخصص لذلك يقوم بتنقية كمية الدم وإعادتها إلى جسم الطفل مرة أخرى.

كيفية تجنب مرض الصفراء

في الحقيقة أنه ليست هناك طريقة نستطيع بها تجنب مرض الصفراء تماما. ولكن هناك بعض الاحتياطات التي يساعد اتخاذها على تقليل احتمالية إصابة الطفل بها، أو التعامل الصحيح في حال أصيب بها. وهذه الاحتياطات هي:

  1. إجراء تحليل دموي أثناء حمل الأم لكل منها ومن الأب، حتى يتم معرفة فصائل الدم الخاصة بهما ومعرفة ما إذا كان الـ RH الخاص بالأم سالبا أم موجبا. فإن كان هناك اختلاف في فصائل الدم، فإنه من المحتمل أن يصاب الطفل بالصفراء. وعليه تستعد الأم وتراقب الطفل جيدا منذ أول لحظة في ميلاده؛ لتبدأ علاجه والتعامل الصحيح معه في وقت باكر. وإذا كان الـRH سالبا تأخذ الأم حقنة لوقاية الطفل من تكسير الدم عند الولادة.
  2. المحاولة قدر الإمكان عدم الولادة في وقت مبكر؛ فالكبد لا يكون قد اكتمل نموه قبل بلوغ الجنين الأسبوع الثامن والثلاثين من الحمل؛ وبالتالي فلا يكون مستعدا للعمل بشكل طبيعي، فيصاب الطفل بالصفراء.
  3. مواظبة الأم على نظام صحي غذائي طوال فترة الحمل والبعد عن كل ما يمكن أن يؤذي الجنين قبل الولادة أو بعدها.
  4. قبل الولادة يستحسن الاتفاق مع الطبيب على نوع المخدر الذي ستخضع الأم له أثناء الولادة؛ فبعض أنواع التخدير تسبب للطفل الإصابة بـ مرض الصفراء .
  5. لابد من الرضاعة المستمرة فور أن يولد الطفل. ولا يجب أن تمر ساعة على ميلاده قبل أن يكون أخذ أول رضعة. وخلال الأسبوع الأول لابد من الرضاعة 12 إلى 15 مرة على مدار اليوم. وبالنسبة للطفل الذي يرضع رضاعة صناعية، فيأخذ 30 إلى 60 مل كل ساعتين إلى 3 ساعات.
  6. يفضل عرض الطفل على الطبيب المختص خلال الـ 24 ساعة الأولى بعد الولادة؛ حتى إذا كانت هناك مشكلة يتم اكتشافها باكرا والتعامل معها.
  7. بداية من اليوم الثاني بعد الولادة، يمكن تعريض الطفل لأشعة الشمس، إذا كان يعاني من الصفراء المرضية.

هل حليب الأم يسبب مرض الصفراء ؟

كثيرا ما نسمع أن حليب الأم يسبب مرض الصفراء، وأن هناك بعض الحالات التي يطلب فيها الطبيب من الأم التوقف عن الرضاعة الطبيعية لحين شفاء الطفل من الصفراء. وهذا النوع من الصفراء يحدث لحوالي 2% فقط من حديثي الولادة. ويصاب الطفل بها في حال كان حليب الأم غير كاف أو كانت الأم لا تعطيه كفايته من الرضاعة أو كانت هناك مشكلة ما في الحليب. وهنا لا يستفيد الطفل من إنزيم بريجنانديول الذي يقوم بامتصاص الصفار الذي يفرزه الجسم من الأمعاء وتخليصها منه، فترتفع نسبتها في الجسم وتظهر تحت الجلد وفي بياض العين والأظافر. وهذا النوع من الصفراء يظهر تقريبا في اليوم السابع بعد الولادة؛ وقد يستمر مع الطفل لمدة تصل إلى 10 أيام أو يزيد. وعلاج هذه الحالة من مرض الصفراء يتطلب زيادة عدد مرات الرضاعة حتى تتحسن حالة الطفل. وفي حال كان حليب الأم لا يكفي الطفل فلابد من الاعتماد على حليب اصطناعي لتعويض الطفل عن ما ينقصه من عناصر غذائية. وفي بعض حالات مرض الصفراء المتسبب فيها الرضاعة الطبيعية تكون هناك مشكلة في حليب الأم تسبب للطفل التعب. وهنا يطلب الطبيب التوقف عن إرضاع الطفل طبيعيا والاعتماد على الحليب الصناعي بشكل مؤقت حتى يتم شفاء الطفل.

هل مرض الصفراء معدي؟

لأن الصفراء تعتبر عرضا لعدة أمراض مختلفة؛ ولأن هناك الكثير من أنواع الصفراء؛ ولأن المسبب للصفراء يختلف من نوع لآخر، فإنه لا يمكننا القول بأنه معدي أم لا. وتعتمد إجابة هذا السؤال على معرفة نوع الصفراء والسبب المؤدي لها. وعلى سبيل المثال، لا تعد صفراء حديثي الولادة الناتجة عن تكسير خلايا الدم الحمراء معدية. وهناك نوع من أنواع الصفار الذي يصيب الكبار عن طريق نوع من البعوض. وهذا النوع ليس معديا من الشخص، وإنما تنتقل العدوى عن طريق البعوضة التي قامت بلدغ الشخص المصاب. وإذا كان الشخص البالغ مصابا بالصفراء، فيفضل من عدم الاختلاط بالمحيطين به واستخدام أدوات خاصة به والتخلص منها بعد تمام شفائه.

ماذا يأكل مريض الصفراء؟

هناك العديد من الأطعمة التي تساعد مريض الصفراء على التعافي من مرضه؛ كما أن هناك أطعمة يحظر عليه تناولها لحين الشفاء التام. ونتكلم هنا عن الشخص الذي يتناول الطعام الصلب العادي، لا عن الطفل الرضيع. وبالنسبة للأطعمة التي يجب تجنبها أثناء الإصابة بمرض الصفراء فأهمها ما يلي:

  1. الأطعمة الحريفة: وهي تعيق عملية الشفاء وتؤخرها؛ وذلك بسبب أنها تتسبب في بعض مشاكل الجهاز الهضمي وتحول دون شفاء الكبد.
  2. المأكولات السريعة والمعلبة غير مضمونة المصدر: ويقصد بها تلك الأطعمة التي تباع خارج المنزل، مثل البرجر والكفتة والكبدة، وذلك لأنها، إلى جانب كونها غير مضمونة المصدر، فإنه يتم طهيها بطريقة تضر بالصحة.
  3. المأكولات الدهنية والنشويات: ويقصد بذلك كميات الدهون الكبيرة التي تبطئ من عملية الهضم وتناول كميات كبيرة من النشويات التي تتحول إلى سكر بالدم.
  4. منتجات الألبان: وذلك لما تحتويه على كميات كبيرة من الدهون والبروتين. وهما عنصرين يصعب على الكبد هضمهما والتعامل معهما أثناء المرض، لأنه يحتاج للراحة التي تمكنه من التعافي من المرض.
  5. البيض: وذلك لاحتوائه على نسبة عالية من البروتين الذي يصعب هضمه على الكبد، كما هو الحال بمنتجات الألبان.
  6. الكافيين: وهي مادة خطرة على الكبد عند الإصابة بالصفراء.
  7. البقوليات: وذلك لأنها تشكل ضغطا كبيرا على الكبد عند هضمها، لاحتوائها على نسبة كبيرة من البروتين الذي قد يؤدي إلى الإصابة بـ مرض الصفراء .
  8. وأما عن النظام الغذائي الصحيح لمريض الصفراء، فإننا نقدمه في السطور الآتية:
  9. شرب ما لا يقل عن ثمانية أكواب من الماء يوميا.
  10. شرب الكثير من المشروبات العشبية، مثل اليانسون والكراوية والشمر والبابونج.
  11. تناول الفواكه الغنية بإنزيمات الهضم، مثل المانجو والبابايا والأناناس.
  12. تناول كميات كافية من الخضار والفاكهة بشكل يومي. ولا يجب أن يقل ذلك عن كوبين ونصف من كل منهما.
  13. الاهتمام بالأطعمة الغنية بالألياف، والتي تسهل عملية الهضم، مثل الحبوب الكاملة والبقوليات والخضروات والمكسرات والفواكه.

وأهم ما في الأمر أن لا يستهان بـ مرض الصفراء ولا يتم التعامل معه بشكل يقلل من ضرره؛ فهي على الرغم من أنها تصيب عددا لا بأس به من الناس، رضع كانوا أو أطفال أو بالغين، إلا أن علاجها أمر ضروري، وتركه يسبب الكثير من المضاعفات التي قد تلازم الإنسان بقية حياته.

ملحوظة: هذا المقال يحتوي على نصائح طبية، برغم من أن هذه النصائح كتبت بواسطة أخصائيين وهي آمنة ولا ضرر من استخدامها بالنسبة لمعظم الأشخاص العاديين، إلا أنها لا تعتبر بديلاً عن نصائح طبيبك الشخصي. استخدمها على مسئوليتك الخاصة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى