تطور الطفل

كيف تقوي العلاقة مع الطفل منذ مولده وحتى يصبح شابا صالحاً ؟

إن تقوية العلاقة مع الطفل هو أمر يتوقف عليه بناء شخصية الطفل وطبيعته وطريقة تعامله مع جميع المحيطين به. وتحدد طبيعة علاقة الطفل بأبويه جميع العلاقات الأخرى على مدار حياته. لذا وجب على جميع الآباء الانتباه لهذه النقطة.


لكي يقوم كلا من الأم والأب بتقوية العلاقة مع الطفل في جميع مراحله العمرية وحتى يشب، لابد وأن يكون هناك تواصلا ناجحا بينهما وبينه؛ بل لابد من أن يكون هذا النوع من التواصل موجودا بين الطفل وبين جميع أفراد العائلة. ولكن حتى في حال لم تكن علاقة الطفل بمن حوله على ما يرام، فإنه يكفيه والديه من بين جميع الناس. وعادة ما تتحدد طبيعة الطفل بجميع أفراد المجتمع بناء على علاقته بوالديه. ولهذا كلما كانت هذه العلاقة مع الطفل قوية سوية تسير بشكل طبيعي، كلما نشأ الطفل سويا يستطيع التعامل والاحتكاك المباشر مع الناس بشكل يضمن له حقوقه ويساعده على أداء واجباته تجاه غيره.

تقوية العلاقة مع الطفل

إن طبيعة العلاقة مع الطفل هو أمر يتوقف عليه طبيعة شخصيته وطريقة تعامله مع الناس من حوله وتصرفه في المواقف التي يتعرض لها. والحقيقة أن تقوية هذه العلاقة يحتاج إلى أمرين لابد منهما. الأمر الأول هو الحب. وهذه بالطبع كلمة تحمل الكثير والكثير من المعاني. وهي باختصار تعبر عن الفن في التعامل مع الطفل. وإلى جانب الفن يحتاج كلا الأبوين إلى تعلم كيفية التعامل مع الطفل والابتعاد عن العشوائية في تربيته. وحتى يتأتى لنا هذا علينا ترك فكرة التربية بالفطرة. وهي تربية الطفل بنفس الطريقة التي تربى بها أبويه؛ بغض النظر عما إذا كانت صحيحة أو خاطئة.

تقوية العلاقة مع الطفل أثناء الحمل

من المعروف أن الطفل يرتبط بأمه كثيرا أثناء فترة الحمل. والسبب في ذلك هو أنه يسمع دقات قلبها وصوتها ويشعر بحركتها ويتواصل معها عن طريق لمسها لبطنها وإرسال الغذاء له عن طريق المشيمة. يشعر الجنين حين يصل إليه الطعام الذي يحمله الدم المتدفق بالحبل السري أن هذه رسالة حب من والدته ويسعد لها كثيرا. وتستطيع الأم تقوية العلاقة بينها وبين جنينها في هذه المرحلة بالتحدث إليه وملاعبته ولمسه بيديها. وبالطبع يستجيب الطفل للمسة الأم ويفرح لسماع صوتها. وعندما تتطور حاسة السمع وتبدأ عظام الطفل في التطور والنمو تشعر الأم باستجابته لكل ما تقوم به. وعادة ما يبدأ حدوث ذلك من الشهر الخامس من الحمل. ولا يقتصر تفاعل الطفل وتعلقه بأمه فقط؛ بل إنه يسمع جميع المحيطين به في العالم الخارجي. ويستطيع الجنين تمييز الأصوات التي يسمعها بشكل متكرر، كصوت أبيه أو جدته أو أخوته.

تقوية العلاقة مع الطفل بعد الولادة

بناء على ما تم ذكره في الفقرة السابقة، فإن الأم والأب لا يبدؤون تقوية العلاقة مع الطفل بعد الولادة؛ وإنما يحدث ذلك خلال فترة الحمل. وبعد الولادة يكون هناك استمرار لتقوية هذه العلاقة عن طريق الاحتكاك المباشر وطريقة التعامل مع الطفل. وإذا كان الطفل يعرف أصوات المحيطين به، فإن طبيعة علاقته بهم تعتمد على معاملتهم له. وإليك أهم الأمور التي تساعد على تقوية العلاقة مع الطفل من جانب الأم والأب:

  • بالنسبة للأم، فإن أول شيء يستحب القيام به بعد الولادة هو ضمه إلى صدرها؛ فهي بذلك تبعث له رسالة حب تطمئنه وتشعره بالأمان الذي يفقده بمجرد الخروج من رحمها وسماع صخب وضوضاء من البشر لم يعتدها.
  • كذلك تساعد الرضاعة الطبيعية على تقوية علاقة الطفل بأمه. فالطفل الذي يرضع رضاعة طبيعية يكون أقرب لأمه من ذلك الذي يعتمد في غذائه على الحليب الصناعي؛ وذلك لأنه يستكين في حضن أمه ويسمع نبض قلبها ويراها بعينه ويشعر بحنانها عليه وحبها الجم له.
  • وتتحدد طبيعة علاقة الطفل بأمه على أساس الطريقة التي تقوم بها بأداء واجباتها تجاهه. فالأم التي تفعل كل هذا بحب يصل إلى طفلها عن طريق تبسمها في وجهه والحنان الجارف الذي تتعامل به تأسر بذلك قلب طفلها. أما لو كانت الأم شديدة العصبية ولا ترسل رسائل الحب عن طريق الابتسامة والقبلة والحضن فإنها تبذل مجهود بلا أي معنى ولا تجد قلب طفلها يحمل لها الكثير من الحب.
  • وبالطبع تتوطد علاقة الأم بالطفل إذا كانت تقضي معه وقتا طويلا؛ بخلاف الأم التي تترك طفلها مع غيرها لأي سبب كان.
  • ويمكن للأم التحدث كثيرا إلى طفلها وحكاية القصص المحببة له واللعب معه. وكلما كان الوقت الذي يقضيه الطفل مع أمه ممتعا، كلما كانت العلاقة مع الطفل أيسر وأسهل.
  • وبالنسبة للأب، فإن مساعدته للأم في القيام بالأعمال التي تخص الطفل تؤثر كثيرا على علاقته به. ويمكن للأب إطعام الطفل أو مساعدته على ارتداء ملابسه أو قضاء وقت ممتع ملئ باللعب والمرح معه أو الخروج معه إلى مكان يستمتع الطفل بوجوده فيه، وهكذا.
  • وليست الأم وحدها مسؤولة عن تحمل الطفل والصبر على ما يثير الضيق منه؛ فحنان الأب عند بكاء الطفل ومحاولة تهدئته والمعاملة الحسنة تترك طيب الأثر في نفس الطفل. أما الأب الذي يتبرم من طفله فإنه يؤدي به إلى كثرة التعلق بأمه والنفور منه وعدم الاستمتاع بالتواجد معه.

تقوية علاقتكي مع الطفل في مرحلة الطفولة

تنقسم مرحلة الطفولة إلى قسمين؛ مرحلة الطفولة المبكرة ومرحلة الطفولة المتأخرة. والحقيقة أن كل فترة من فترات حياة الطفل لها سماتها الخاصة وتحتاج إلى تعامل من نوع مختلف. وأنا أعتبر أن الخطوة الأولى لتقوية العلاقة مع الطفل بمراحل عمره المختلفة هي معرفة سمات هذه المرحلة وكيفية التعامل مع الطفل. وأعتقد انه بدلا من أن يضيع الكثير من الوقت سدى في لوم وتأنيب الطفل والصراخ عليه والشكوى منه يفضل تخصيص وقت أقل من ذلك للقراءة والاطلاع. ولو خصص كلا من الأم والأب ساعة واحدة يوميا منذ ميلاد الطفل لمعرفة كيفية التعامل معه في فترات عمره المختلفة سيجدان أن الحياة ستكون أكثر سلاسة وبساطة. وإليك أهم النقاط التي لابد من الانتباه لها في هذه الفترة:

  1. لابد من احترام مشاعر الطفل وعدم الاستهانة بها والتعامل على أنه مجرد طفل صغير لا يفهم شيئا ولا يشعر بتهاوننا في حقه وحتما سينسى كل شيء.
  2. أثناء النقاش مع الطفل في أي موضوع لا يصح أبدا استنكار مشاعره. ومثال على هذا أن يقول الطفل بأنه يشعر بالمرض أو أن هناك مشكلة ما يعاني منها، فيرد عليه أحد الأبوين أو كلاهما بأنه لا يعاني من أي مشكلة وما يقوله ليس سوى ادعاء لا صحة له.
  3. على الرغم من أنه معروف تماما أن الأم والأب يعرفان أكثر مما يعرف الطفل في كثير من مجالات الحياة، إلا أنه ليس من الجيد القيام بدور الفلاسفة الذين يعلمون كل شيء أمام أطفالنا. ومن الجيد أن نشعر الطفل بأنه ليس في كل المرات سيتعلم هو منا؛ بل من الممكن أن نتعلم منه هو شيء ما. وهذا يزيد من ثقته بنفسه ويرفع من معنوياته ويساعد في تقوية العلاقة مع الطفل .
  4. من المهم للغاية اختيار الوقت المناسب لإبداء النصيحة للطفل. فلو كان الطفل، على سبيل المثال، جائعا أو يشعر بالبرد أو يحتاج لأي شيء، فليس من الجيد إهمال احتياجات الطفل في هذا الوقت والتحدث معه عن الموقف السيئ الذي صدر منه عندما كنا خارج المنزل وإعطاء النصيحة له عن كيفية التعامل بلباقة والتحدث بأدب. قم بسد احتياجاته أولا، وبعد أ تشعر أنه مستعد نفسيا وجسديا لاستقبال النصيحة منك، افعل.
  5. ومن أخطر الأمور التي تسبب فقدان الطفل ثقته بأبويه هي الشماتة فيه إذا ما حدث له مكروه. فلابد أن يشعر الطفل أن أبويه يحبانه في جميع الأوقات والأحوال؛ فإذا قام بشيء حسن كافئاه؛ وإذا اقترف خطأ ما قاما بتوجيه النصيحة إليه، فيشعر بحبهما له وحرصهما عليه.
  6. ومن أهم الأخطاء التي تتسبب في بناء سد بين الطفل ووالديه وعدم رغبته في التحدث إليهما عما يتحدث معه ويشعر به هو الاستجواب. ولابد وأن يعتاد الأبوين على الاستماع للطفل بهدوء تام عندما يتحدث إليهما أو لأحدهما. أما الاستجواب فيجعل الطفل ينفر من التحدث ويفضل دائما السكوت وكتمان المشاعر. دع الطفل يسترسل في حديثه ويخرج مكنون مشاعره، وعندما تشعر بأنه مستعد للنقاش والنصيحة، افعل فذلك من أهم ممارسات تقوية العلاقة مع الطفل .
  7. وفي كثير من الحالات لا يستحب الوقوف ضد الطفل؛ خاصة إذا كان هناك من يقف ضده وهو قد لجأ إليك لتنصره. إياك والدفاع عن الشخص الذي يشكو الطفل منه ومن أذاه. يمكن أن يكون الطفل على خطأ والشخص الآخر على صواب. وهنا لابد من الاستماع الجيد ثم توجيه النصيحة بهدوء دون أن تنتقد الطفل وتصرفاته أو تمدح تصرفات الآخرين.
  8. وكما أنه ليس من الجيد أن تشعر الطفل بأنه قوي مفتري وأنه يقوم بضرب الأطفال والتعدي على حقوق الغير، ليس جيدا كذلك أن تشعره بالضعف والانكسار. فلو جاء الطفل يشكو ممن ضربه، لا يصح أن يكون الجواب أنه ضعيف مكسور الخاطر ولا يقوى على التعامل مع شر الناس وأنه ضعيف جسمانيا وطيب إلى درجة كبيرة، ولهذا يتعدى الآخرين عليه.
  9. وليس جيدا أن يقوم الأب أو الأم بالقيام بدور المحلل النفسي دائما أمام الطفل؛ فالطفل قد قام بالفعل الفلاني لأن شخصيته كذا وكذا؛ والطفل لا يمكنه التصرف في ذاك الموقف لأن شخصيته كذا وكذا، وهكذا.
  10. تحتاج تقوية العلاقة مع الطفل إلى إظهار اهتمام والديه بجميع أمور حياته وبمشاعره. وإذا كان الطفل يتحدث إلى أحد أبويه في أمر ما، فمن الضروري الاستماع له باهتمام وتركيز أنظاره عليه والتفاعل معه أثناء الحديث؛ لا النظر إلى شاشة التلفاز أو الموبايل وقت حديث الطفل والاكتفاء بهز الرأس علامة على الاستماع.
  11. ولا يصح أن يكون الطفل يتحدث بتأثر عن شيء ما حدث له أو لغيره، وكانت هناك مشاعر معينة تسيطر عليه، كالغضب أو الحزن، ثم تأتي أنت وتضحك ببساطة وكأن مشاعره هذه لا تعنيك، وهو مجرد طفل لا أكثر ولا أقل.
  12. ومن أهم الأشياء التي تساعد الطفل على خلق علاقة جيدة بأبويه والتحدث لهما بانفتاح عما يهمه هو وصف المشاعر التي يشعر بها الطفل في المواقف المختلفة؛ فعلى سبيل المثال، لو جاء الطفل يشكو بغضب من ضرب أحد زملائه له، وقال له أبويه ” يبدو أنك غاضب بشدة”، هنا يفهم الطفل أن والديه لديهما القدرة على فهم مشاعره ومعرفة ما يشعر به؛ وبالتالي يسترسل أكثر في الحديث.
  13. ومن أهم الأشياء التي قد يشكو منها عدد كبير من الآباء والأمهات هي كثرة طلبات الطفل التي لا يستطيعون توفيرها. هنا لابد من الاستماع إلى أمنيات الطفل وما يحب أن يحصل عليه؛ لأن من حق الطفل أن يطلب ما شاء؛ ومن حق الأبوين أن يعبرا عن عدم قدرتهما على إحضار هذا الشيء. ولكن ليكن هذا بفن؛ فمثلا، قل للطفل بأنه يمكن أن يتخيل حصوله على هذا الشيء. وهنا سيستمتع الطفل بهذا الشيء في خياله، أو قل له بأنه من الممكن أن يجتهد حتى يوفر هذا الشيء لنفسه عندما يكبر ويعمل، أو قل له بأنك كنت تتمنى توفير هذا الشيء له، ولكنك في الوقت الحالي ليست لديك قدرة مادية على ذلك، وبمجرد أن تكون قادرا على إحضار هذا الشيء ستفعل.

تقوية العلاقة مع طفلكِ في مرحلة المراهقة

مرحلة المراهقة تعتبر من أهم المراحل في حياة الإنسان. وهي مرحلة لها ما يميزها. ففيها يحدث التغير الذي يفرق بين الطفولة والشباب. وكثيرا ما يرى الآباء والأمهات أن هذه المرحلة معقدة للغاية، وأنه ليس من السهل التعامل مع الطفل فيها. والحقيقة أن فيصل الأمر هو معرفة المزيد من المعلومات عن هذه المرحلة وفهم التغير الذي يحدث للطفل فيها. وبالمناسبة، فإن الطفل في هذه المرحلة ينتقل إلى مرحلة أخرى تختلف تماما عن الطفولة. ولا ينبغي معاملته على أنه لا زال طفلا لابد وأن نملي عليه أوامرنا، وعليه الطاعة المطلقة، ولا مجال لأن يعمل عقله. صحيح أن الطفل من صغره لا يقبل هذا الأسلوب ولا يحب هذه المعاملة، إلا أن بعض الأطفال يرضخون لآبائهم وأمهاتهم في مرحلة الطفولة رغما عنهم، وبمجرد الولوج في مرحلة المراهقة تجدهم يتمردون ويحاولون إثبات وجودهم ويسعون إلى الاستقلالية. وإذا استمر الأبوين على التعامل بنفس الطريقة يزيد هو من حدته ولا يخرج من مرحلة المراهقة دون أن تكون جعبته قد امتلأت بالمشاكل النفسية وتكون علاقته بأبويه ليست على ما يرام. وإليك أهم سمات مرحلة المراهقة التي يساعد معرفتها على تقوية العلاقة مع الطفل خلال هذه الفترة:

  1. تفهم التغيرات الجسدية والنفسية له وتفهم اختلاف احتياجاته في هذه الفترة عن احتياجات فترة الطفولة.
  2. التقرب منه والتحدث إليه عما هو مقبل عليه؛ فالأفضل معرفة الصواب من الأبوين، بدلا من اللجوء إلى أحد بالخارج.
  3. محاولة إيجاد بيئة جيدة وصالحة وأصدقاء صالحين؛ ففي هذه الفترة لا يمكن أن يستغنى المراهق عن الأصدقاء، ويميل دائما إلى تكوين ما يعرف بالشلة، ويتأثر بشكل كبير بسمات أصدقائه الشخصية. ولذا لابد من مساعدته في إيجاد الصالحين منهم.
  4. لابد في هذه المرحلة من الجمع بين الحزم والحب. فليس معنى أنك أب أن تنسى دورك الإنساني في حياة ابنك؛ كما أن القرب من الابن ومصاحبته لا يعني ضياع هيبة الأب واحترامه.
  5. حاول مساعدة ابنك في إيجاد الطرق المناسبة التي يفرغ بها طاقته. وبالطبع تختلف نشاطات مرحلة المراهقة عن غيرها. فقد يميل الطفل إلى ممارسة الرياضة أو القراءة أو المساعدة في المنزل.
  6. اشرك طفلك في جميع الأمور، واجعله يشعر بأن رأيه له أهمية، وأنك تقدر ذلك؛ فذلك يعزز من ثقته بنفسه ويجعله أقرب لك ويقوي العلاقة مع الطفل .
  7. تحلى دائما بالصبر؛ فمفتاح التربية في جميع أطوارها هو الصبر. وإذا كنت في حاجة إلى قيراط من الصبر في المراحل الفائتة، فستتطلب مرحلة المراهقة أربعة وعشرون قيراطا منه.
  8. احترم الطفل دائما، سواء وأنتما وحدكم أم أمام الناس؛ فاحترامك له يجعله يحترمك ويحترم ذاته ويثق بها ويتعامل كإنسان بالغ مسؤول، وليس كطفل لا يفعل سوى الخطأ.
  9. دع لطفلك مساحة من كل شيء؛ مساحة للتفكير ومساحة للتصرف ومساحة لتحمل المسؤولية؛ فهذا يساعده على أن يعمل عقله وأن يحب منك تقديرك له.
  10. ولابد من تقبل فكرة التغيير المستمر التي سيلازم طفلك طوال فترة المراهقة؛ فبداخله صراع رهيب وكل شيء يتغير فيه بسرعة كبيرة؛ فلا داعي للعجب.
  11. لابد وأن يكون هناك تواصل دائم بين المراهق وأبويه. ويترجم هذا التواصل إلى حوارات ونقاشات فيما يهمه وما يحيط به ونشاطات تجمع بينه وبين عائلته.
  12. لابد من احترام خصوصية الطفل المراهق؛ فلا تشعره بأنك خلفه دائما تراقبه أو أنه من الوارد أن تعبث بأشياء تخصه.

العنصرية تضعف العلاقة مع الطفل

لقد تعمدت أن أتطرق لهذه النقطة لأن هناك الكثير من المشاكل الموجودة ببيوتنا ومجتمعاتنا هي ناتجة عن العنصرية وعدم المساواة والعدل. ولا أقصد أنه من الجيد مساواة الأنثى بالذكر؛ فكل منهما له تكوينه النفسي والجسدي الذي يختلف عن غيره، وكل منهما له مزاياه التي يفتقرها غيره، وكل منهما له دوره الذي لا يستطيع غيره القيام به. ولابد أن يعي الوالدين أن الولد والفتاة بالمنزل لا فرق بينهما من حيث بعض الأمور، أهمها الخدمة بالمنزل وتحمل مسؤولية الذات وحق الاحترام. وهناك الكثير من الأهالي يشعرون الفتاة بأنه تنقص الذكر وبأنه واجب عليها خدمته وتحمل مسؤولياته، بل وتحمل أخطاؤه. وقد استوقفني كثيرا ذلك الطفل ذو الأعوام الخمسة الذي يتطاول على شقيقته التي تضعفه في العمر بالضرب، ثم تقول الأم ردا على شكوى ابنتها بأنها هي التي استفزته؛ وبالتالي فهي تستحق ما جرى معها. الذي أراه في مثل هذه المواقف هو أن الأطفال داخل المنزل لابد وأن يشعروا بأنهم متساوون وأن هناك عدل يحكم المنزل وأن هناك كبير للمنزل على المتضرر الرجوع إليه، لا أخذ حقه بيده. وإذا لم يحدث ذلك وترك الأبوين مهمة أخذ الحق على من سلب حقه، فإن المنزل سيتحول إلى مكان للفوضى. لأنهم في جميع الأحوال أطفال يحتاجون لمن يرشدهم للصواب. فوق أن هذا يساعدك في تقوية العلاقة مع الطفل .

إذن لابد من تعويد الذكر والفتاة على خدمة أنفسهما. وإذا كان الذكر في إحدى المرات يحتاج لمساعدة شقيقته لأنه متعب مثلا، فهذا يعني أنه لو احتاجت هي الأخرى للمساعدة فعليه تلبية طلبها. وهنا يكون الأبوين قد وضعا قاعدة خدمة كلا منهما للآخر على أساس رحيم يجعل كلا منهما يشعر بألم الآخر ويهرع إلى مساعدته من باب الحب، وليس من باب الإجبار والقهر. كذلك لابد وأن يتحمل كل طفل في المنزل نتائج جميع أخطاؤه. وإذا شعر بذلك فسيتحرى الصواب ويبتعد عن الخطأ. أما لو كان الطفل الذكر مثلا يعلم بأنه سيفعل ما يحلو له ثم سيلقي باللوم على أخته التي كان لها يد بشكل أو بآخر في المشكلة ويعلم بأن أبويه سيصدقانه، فإن الكثير من المهازل ستحدث في الحاضر والمستقبل لهذا السبب. وقد يعتاد الطفل على معاملة جميع الناس بنفس الأسلوب، فتسوء علاقته بهم جميعا. وهنا نرى تأثير طبيعة البيت على المجتمع ككل. ومن المهم للغاية أن يكون هناك احترام مشترك بين جميع الأبناء. وليس من حق أي منهم معاملة الآخر بشكل غير لائق؛ فكل له احترامه. وأنا أرى أن احترام الأطفال لبعضهم البعض هو جزء من احترامهم لوالديهم داخل المنزل. فمن يحترم شخصا لا يمكن أن يكون سيء الخلق بحضرته.

هذه هي أهم النقاط الواجب الانتباه إليها في تعاملاتنا مع أطفالنا، ولكنها ليست كل شيء. ففكرة أن تكون العلاقة مع الطفل قائمة على أساس متين ليس بالأمر الهين السهل، وإنما يحتاج لمجهود كبير ووقت طويل.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى