مضاعفات الولادة الطبيعية : هل تجعل الولادة القيصرية أفضل؟
في الفترات الماضية كانت الولادة القيصرية هي الأكثر شيوعا في مجتمعاتنا، ولكننا الآن ندعو إلى لعودة إلى الطبيعة وتفضيل الولادة الطبيعية؛ فهل قد تتسبب مضاعفات الولادة الطبيعية من النفور منها وتفضيل الولادة القيصرية عليها دون تردد؟
قد تتسبب مضاعفات الولادة الطبيعية في خوف سيدات كثيرات منها والعزوف عنها تماما واللجوء إلى العملية القيصرية بدلا عنها. والحقيقة أنه ما من شيء إلا وله مميزاته وعيوبه وثماره ومضاعفاته. والولادة الطبيعية، شأنها شأن الولادة القيصرية، أو أي طريقة للولادة، لا تخلو من المضاعفات. ولكن هذا لا يمنع من كونها الأفضل. ويمكن للمرأة معرفة أهم مضاعفات الولادة الطبيعية والأسباب التي تؤدي إلى حدوثها، ثم اتخاذ القرار الذي يناسبها واختيار الطريقة الأفضل لولادتها. تابعي معنا قراءة هذا المقال لتتعرفي أكثر على أهم هذه المضاعفات، لتجنبها قدر الإمكان.
جدول المحتويات
ما هي مضاعفات الولادة الطبيعية ؟
هناك العديد من مضاعفات الولادة الطبيعية التي من الممكن أن تظهر أثناء القيام بها أو بعدها. وأهم هذه المضاعفات هي ما يلي:
- تضرر منطقة الحوض: حيث يؤدي الضغط الشديد أثناء الحمل والولادة على عضلات الحوض إلى إصابتها بالضعف، بل قد تحدث تمزقات بها في بعض الحالات. ويسهم هرمون المشيمة في زيادة اتساع منطقة الحوض. وهذا وإن كان يسهل من عملية الولادة، إلا أنه يغير شكل الحوض. وقد لا يتعدى الضرر الواقع على الحوض مجرد الشعور بألم فيه، كما قد يتطور الأمر وتصاب الأم بما يعرف بسقوط الحوض، حيث تسقط المثانة والرحم والمستقيم في اتجاه المهبل، أو حتى يظهروا خارجه. ومن الأسباب التي تزيد من احتمالية إصابة الأم بسقوط عضلات الحوض وتضررها بهذا الشكل هي قوة الدفع الذي تقوم به أثناء الولادة لفترة طويلة، حتى قبل أن ينفتح عنق الرحم، واستخدام الطبيب الملقط لتوليد الطفل. وفي حال إصابة الأم بذلك لابد لها من التواصل مع الطبيب والبدء في علاج المشكلة بدلا من المعاناة لفترة طويلة.
- شق العجان: والعجان هي المنطقة التي تقع بين المهبل والمستقيم، والتي تعمل على حمل الجزء السفلي من البطن وتدعيمه بعضلاتها. ويقوم الكثير من الأطباء في الوقت الحالي بإحداث شق في العجان عند الولادة الطبيعية لتسهيل خروج الجنين وتقليل فترة الولادة والدفع. وعلى الرغم من أن الأطباء يرون أن شق العجان هو أفضل من ترك عضلات المهبل تتمزق أثناء خروج الجنين تمزقات عشوائية، إلا أن هذه العملية قد تتسبب في إصابة الأم بما يعرف بسلس البراز. وحتى تلد الأم طبيعيا دون اللجوء إلى شق العجان، يفضل اتخاذها لوضع القرفصاء أو الجلوس على اليدين والركبتين، فذلك يقلل من ضغط الجنين على منطقة العجان عند خروجه وتفادي التمزقات المهبلية التي تعتبر من أصعب مضاعفات الولادة الطبيعية .
- حدوث تمزقات في الجزء السفلي للجهاز البولي: وقد تحدث هذه التمزقات في المهبل كما قد تحدث في عنق الرحم، بل من الممكن أن تؤدي قوة الطلق إلى حدوث تمزق بالرحم نفسه. ومما يزيد من احتمالية تعرض الأم لهذه التمزقات إعطائها الطلق الصناعي أثناء الولادة وتوليد الطفل وتمريره من عنق الرحم بسرعة كبيرة.
- شعور الأم بالألم الشديد: وهذه تعتبر إحدى مضاعفات الولادة الطبيعية التي لا يمكن تجنبها وتفاديها. وعادة ما يشتد الألم بدرجة كبيرة في المرحلة الأخيرة من الطلق، حيث يكون أشد قوة وتتقلص المدة الفاصلة بين الطلقات كثيرا. وقد يستمر الألم لما بعد الولادة الطبيعية بشهور، سواء في المهبل أو الحوض أو المستقيم. ويحتاج جسم الأم إلى فترة من الوقت لاسترداد عافيته والعودة إلى ما كان عليه.
- حدوث تغير في حركة الأمعاء: وذلك نتيجة لقوة الانقباضات أثناء الولادة والضغط الشديد عليها. وقد يستمر الحال كذلك لفترة بعد الولادة، مما يسبب شعور الأم بالألم وصعوبة دخولها الحمام.
- إصابة الأم بالالتهابات: والتي قد تحدث في الرحم أو المهبل بسبب انتقال العدوى إليها أثناء الولادة. وقد يقلل تعقيم حجرة الولادة والأدوات التي تستخدم فيها من احتمالية حدوث ذلك.
- حدوث مشكلات صحية للجنين: وأشهرها إصابته في الرأس إذا تمت ولادته باستخدام الشفاط أو الملقط أو الجفت. ورأس الجنين تكون طرية لتسهل عملية خروجها من قناة الولادة، ولذا فإنها قد لا تتحمل مثل هذه الأدوات الحادة. ومن الممكن كذلك إصابة الطفل بما يعرف بالملخ، وهو إصابة أحد أطراف جسمه وتأثر حركتها مدى الحياة بسبب سحبه من الحوض بطريقة خاطئة.
مضاعفات جرح الولادة الطبيعية
من أهم مضاعفات الولادة الطبيعية حدوث مشكلة ما بجرح الولادة. وعادة ما يكون السبب في هذه المشكلة هو إهمال الأم تعليمات الطبيب في كيفية الحفاظ عليه نظيفا واستخدام الأدوية التي تساعد على التئامه وتقي من حدوث مشكلة فيه. ولا تخرج أدوية العناية بجرح الولادة عن بعض المسكنات ومضادات الالتهاب والتورم والمضادات الحيوية. وقد تجد الأم أن طبيبها أعطاها أكثر من نوع من العلاج للالتهابات والتورم، وذلك لأنهما من أهم المشكلات التي قد تحدث بعد الولادة الطبيعية.
ونلخص مضاعفات جرح الولادة في إصابته بالتورم أو الالتهاب أو تمزق الخيط وانفكاكه. وبالنسبة لتمزق الخيط، فإن الأم تشعر به وتراه بشكل واضح ويمكنها التواصل مع الطبيب فور حدوث ذلك حتى يتمكن من إعادة خياطته قبل أن يمر 42 ساعة على انفكاكه. وأما عن تورم الجرح وإصابته بالالتهابات، فعلامته هو تورمه واحمراره وسخونته ووجود ألم شديد به وخروج إفرازات كريهة الرائحة وصديد منه وارتفاع درجة حرارة جسم الأم ووجود مشاكل في التبول والتبرز والشعور بألم شديد وحرقة عند محاولة ذلك والشعور بآلام في الصدر ووجود نزيف شديد مفاجئ بعد الولادة. ويمكن ظهور جميع هذه الأعراض أو البعض منها. وعلى الأم متابعة جرحها يوميا، حتى إذا رأت عرضا غريبا تواصلت على الفور مع الطبيب لعلاج المشكلة في الوقت المناسب.
مشاكل الولادة الطبيعية
قد تتعرض الأم لبعض مضاعفات الولادة الطبيعية ومشاكلها التي تحدث أثناء القيام بها. ومن هذه المشاكل ما يحدث دون أسباب كما أن البعض منها يحدث بسبب التدخل الطبي غير المطلوب. وإليك نورد أهم المشاكل التي قد تواجهك أثناء الولادة فيما يلي:
- تعسر الولادة: وهذا يحدث في حال كانت هناك انقباضات قوية بالرحم في الوقت الذي لا ينفتح فيه عنق الرحم لخروج الجنين. وهنا تطول مدة الولادة وقد تتسبب في مضاعفات أخرى، أهمها اللجوء إلى الولادة القيصرية.
- استخدام الطلق الصناعي: وهو، على الرغم من كونه يساعد على إتمام عملية الولادة في وقت أقل، إلا أنه يزيد من ألم الولادة لدى الأم، وقد يحدث طلقا قويا يكون جسم الأم والطفل غير مستعدين للتعامل معه، مما قد يؤدي إلى اللجوء إلى القيصرية. وهناك حالات لابد فيها من استخدام الطلق الصناعي، كأن تكون الأم قد أنهت الأسبوع 41 من الحمل ولم يحدث المخاض بعد أو يكون الطلق الطبيعي ليس قويا بما يكفي لتمام الولادة أو ينفجر كيس السائل الأمينوسي المحيط بالطفل قبل موعد الولادة.
- استخدام الجفت: وهو آلة تشبه الملقط يستخدمها الطبيب لسحب الجنين خارجا في حال كانت هناك مشكلة في الولادة كضعف الطلق أو عدم قدرة الأم على الدفع جيدا بسبب إرهاقها الشديد. وهو قد يتسبب في حدوث تمزقات في عنق الرحم، كما أنه قد يؤذي رأس الجنين ويسبب له مشاكل تدوم معه مدى الحياة. ولهذا السبب أصبح قرار الولادة القيصرية أفضل من استخدام الجفت، حفاظا على الجنين والأم.
- نزول المشيمة قبل الطفل: وهنا يكون الطفل في خطر؛ فمن المفترض أنه يستمد الغذاء والأكسجين من المشيمة عبر الحبل السري، وعند انفصال المشيمة عن الرحم قد يتوقف تدفق الأكسجين إليه ويعرضه للخطر.
الآثار السلبية للولادة الطبيعية
بالطبع هناك بعض مضاعفات الولادة الطبيعية وآثارها السلبية التي قد تظهر فيما بعد. ومن أهمها التعرض للسقوط المهبلي بسبب كثرة الولادات دون شق منطقة العجان، الذي يساعد على تقليل مدة الضغط والولادة. كذلك في حال خضعت الأم لأخذ حقنة الإبديورال المخدرة، فإنها تشعر بألم في منتصف الظهر لفترة بعد الولادة، كما أنها تصيبها بالصداع لمدة قد تصل إلى شهر أو يزيد. وعند استخدام المهدئات أثناء المرحلة الأخيرة من الولادة، فقد تؤدي إلى شعور الأم بالنعاس وعدم قدرتها على إرضاع طفلها والعناية به في الساعات الأولى بعد الولادة.
هل تؤثر الولادة الطبيعية على طبيعة أعضاء المرأة؟
هناك الكثير من النساء اللاتي يمتنعن عن الولادة الطبيعية بحجة أنها تتسبب في حدوث تغير في شكل الأعضاء للمرأة وتؤدي إلى اتساعها. وهذا الاعتقاد خاطئ تماما، لأن عنق الرحم الذي يتمدد ويتسع لخروج الجنين محاط بعضلتين قابضتين تعملان على منعه من الاتساع. وهذه العضلات القابضة قد تتأثر بعوامل أخرى غير الولادة؛ بدليل أن هناك سيدات لم يخضن تجربة الولادة الطبيعية ويعانين من سلس البول والبراز ووجود اتساع في المهبل، في حين أن الكثيرات ممن خضعن للولادة الطبيعية لمرات عديدة لم يصبهن شيء من ذلك.
وليس الحل لتجنب اتساع عضلات المهبل وعنق الرحم هو تجنب الولادة الطبيعية، بل يفضل القيام ببعض التمارين التي تعمل على مرونة المنطقة لاتساعها وقت الولادة بشكل طبيعي وإكسابها القوة التي تعمل على انقباضها وإعادتها إلى حالتها الأولى بعد الولادة. وتسمى هذه التمارين بتمارين كيجل. وتقنيتها هي القيام بقبض عضلات عنق الرحم والمهبل لعدة ثوان ثم بسطها وتكرار التمرين لمرات عديدة. ويشبه هذا التمرين القيام بغلق مجرى البول وفتحه. وكلما مارست المرأة هذا النوع من التمارين فإن ذلك يساعد على تقوية المهبل لديها وعدم إصابته بضعف العضلات أو السقوط أو الترهل والاتساع، كما أنها تقي من سلس البول الذي قد يصيب المرأة في المراحل المتقدمة من حياتها.
وليس الهدف من كتابة هذا المقال هو تخويف السيدات من الولادة الطبيعية والتنفير منها، فلا يختلف اثنان على أنها أفضل من الخضوع لعملية جراحية كبيرة كالقيصرية. ولكننا نهدف إلى توعية السيدات بأهم مضاعفات الولادة الطبيعية وأسبابها، حتى يتمكن من تفاديها واختيار المستشفى والطبيب المناسب الذي يمكنه إجراء الولادة دون أي مضاعفات تذكر.
ملحوظة: هذا المقال يحتوي على نصائح طبية، برغم من أن هذه النصائح كتبت بواسطة أخصائيين وهي آمنة ولا ضرر من استخدامها بالنسبة لمعظم الأشخاص العاديين، إلا أنها لا تعتبر بديلاً عن نصائح طبيبك الشخصي. استخدمها على مسئوليتك الخاصة.
