العقم

التلقيح الصناعي : أين وصل العلم في مساعدة صعوبات الإنجاب؟

لم يعد الباب مسدودا أمام من لم يتمكنوا من الإنجاب بشكل طبيعي؛ فالعلم قد أحدث ثورة ساعدت هؤلاء وأعادت الأمل إليهم. وخلال سطور هذا المقال نذكر أهم الأمور المتعلقة بعملية التلقيح الصناعي التي تعد أحد هذه الطرق التي لجأ الطب إليها.


في السنوات القليلة الماضية بدأ الطب يبحث عن طرق تساعد أولئك الذين حرموا من نعمة الإنجاب بشكل طبيعي؛ وكان من هذه الطرق التلقيح الصناعي والحقن المجهري وغيرها. وحديثنا في هذا المقال عن التلقيح الصناعي؛ الذي يعتبر القشة التي يتعلق بها كل من اشتاقت نفسه لضم طفل صغير إلى صدره؛ وبصيص الأمل لكل من فقد الأمل في حدوث حمل طبيعي. وعلى الرغم من أن الطبيب يتولى المسؤولية كاملة عند إجراء هذه العملية، يجدر بكل مقبل عليها الإلمام بأكبر قدر ممكن من المعلومات عنها؛ فغالبية الأطباء في عالمنا العربي يتكتمون على المعلومة ولا يشرحون للمريض كيف تسير الأمور؛ ولذا، تابعوا القراءة، لتجدوا ما ينفعكم.

ما هو التلقيح الصناعي وكيف يتم؟

التلقيح الصناعي هو وسيلة للإنجاب يستخدمها الطب الحديث عن طريق التدخل في عملية الإخصاب. ويحدث هذا في حال لم يحدث حمل خلال فترة طويلة من الزواج العادي؛ عندها يلجأ الأبوين لهذا الحل. ويتم التلقيح الصناعي بأخذ عينة من الحيوانات المنوية الخاصة بالأب واختيار الجيد منها والتخلص من غير السليم، ومن ثم حقنها في رحم الأم مرتين متتاليتين أثناء فترة التبويض حتى تتجه إلى قناة فالوب الموجود بها البويضة ليتم تلقيحها. وهذه العملية تعد من العمليات البسيطة التي لا تتطلب الكثير من الوقت أو الجهد؛ بحيث لا يتعدى وقت العملية 15 إلى 20 دقيقة؛ وكل ما على الأم فعله هو الاستلقاء على ظهرها لبعض الوقت، ثم معاودة الكشف بالموجات الصوتية بعد العملية بنحو أسبوعين. وإذا ظهر أنه لم يتم الحمل، يمكن إعادة الكرة والمحاولة مرة أخرى بعدها بثلاثة إلى ستة أشهر. وعن نسبة نجاح هذه العملية، فإنها تتراوح ما بين 10% إلى 20%؛ بمعنى أن الحمل الطبيعي الذي يحدث بدون تدخلات طبية يكون نسبة نجاحه 50% ونسبة فشله 50% كذلك؛ والطب يتدخل لرفع احتمالية الحمل من 50% إلى 60% أو 70%.

الفرق بين التلقيح الصناعي والحقن المجهري

التلقيح الصناعي الفرق بين التلقيح الصناعي والحقن المجهري

لأن الكثير من الناس لا يستطيع التمييز بين كلا المصطلحين، نوضح الفرق بين التلقيح الصناعي والحقن المجهري. والتلقيح الصناعي هو عملية حقن الحيوانات المنوية الصحيحة داخل رحم المرأة بواسطة الطبيب لتتجه إلى قناة فالوب وتقوم بتخصيب البويضة. ونفهم من هذا أن هذه العملية تتم داخل الرحم؛ أما بالنسبة للحقن المجهري، فإنه يتم خارج الرحم؛ بمعنى أن الطبيب يقوم بسحب عدد من البويضات من رحم الأم، بعد إعطائها حقنة تفجيرية، وأخذ عينة من السائل المنوي للأب، ومن ثم اختيار الجيد من البويضات والحيوانات المنوية في المعمل، ووضعهما سويا فيما يشبه الحضانة التي تبقي على حياتهما وتساعدهما على إتمام عملية الإخصاب. ويظل الطبيب يتابع كلا من البويضات والحيوانات المنوية؛ فإذا ما تم الإخصاب قام بأخذ البويضات المخصبة وزرعها داخل الرحم. إذن الفرق هو أن التلقيح الصناعي يتم داخل الرحم والحقن المجهري يتم خارجه.

الحالات التي تتطلب التلقيح الصناعي

نحتاج لعمل التلقيح الصناعي في حال كانت هناك مشكلة ما في الحيوانات المنوية لدى الأب تمنعها من القيام بعملها وتخصيب البويضة. ومن أكثر مشاكل الحيوانات المنوية شيوعا هو قلتها أو بطء حركتها أو زيادتها عن المعتاد. كذلك، فإن مشكلة عدم الإخصاب قد تكون من الأم نفسها؛ كأن يكون رحمها متحسسا من مادة البروتين الموجودة بالسائل المنوي؛ وعندئذ يتدخل الطبيب لنزع هذه المادة عن الحيوانات المنوية حتى يتم تلقيح البويضة؛ وقد يكون الرحم غير قادر على إفراز المادة السائلة التي يفرزها عند دخول الحيوانات المنوية إليه؛ والتي تعمل على حمايتها.

مميزات عملية التلقيح الصناعي

بالطبع تحمل هذه العملية الكثير من الميزات؛ فهي مبدئيا تعد طريقا يسلكه من يود الإنجاب ولا يستطع ذلك بشكل طبيعي. إضافة إلى ذلك، فإن ما يفضلها على الحمل الطبيعي هو التمكن من اختيار الجيد من البويضات والحيوانات المنوية؛ مما يمنع فرص تكون أجنة مشوهة؛ بل إن التلقيح الصناعي يتيح اختيار جنس المولود؛ وهو الأمر الذي لجأ إليه الكثيرين في وقتنا الحالي. وبالنسبة لمن يودون إنجاب أكثر من طفل، فإن هذه العملية تحقق لهم ذلك؛ حيث يتم إعطاء الأم ما يسمى بحقن التفجير، التي تحفز المبيض على إنتاج عدد من البويضات، ثم اختيار الجيد منها لتخصيبه؛ عند ذلك قد تحمل الأم بتوأم أو أكثر. ومن أهم ما يميز عملية التلقيح الصناعي أن فرصة الحمل من خلالها تفوق فرصة الحمل بشكل طبيعي؛ وقد ذكرنا سلفا أنها تصل إلى 60% إلى 70%.

عيوب عملية التلقيح الصناعي

هناك بعض المضاعفات التي من الممكن أن تتعرض لها المرأة عند إجراء عملية التلقيح الصناعي؛ ومن أهم هذه المضاعفات الشعور بالألم الشديد في منطقة الحوض، ونزول الدم من المهبل بشكل قد يصل إلى النزف؛ وقد يختلط البول ببعض الدم كذلك، وارتفاع درجة حرارة الجسم. وكل هذه الأعراض لا تدعو للقلق على الإطلاق؛ اللهم إلا إذا كانت الأم تعاني من تقلصات عنيفة بمنطقة أسفل البطن؛ عندها لابد من التوجه إلى الطبيب المختص؛ فقد تكون الحيوانات المنوية ملوثة نتيجة عدم تنظيفها جيدا. ومن أهم عيوب التلقيح الصناعي هو الاضطرار في كثير من الأحيان إلى إجراؤه أكثر من مرة؛ وقد يكون الأبوين غير قادرين على إجراء عملية مكلفة كهذه لمرات عديدة. وبالنسبة لمن يريدون إنجاب طفل واحد، قد يكون تخصيب أكثر من بويضة، والذي يحدث غالبا في هذه العملية، قد يكون هذا أمرا مزعجا وغير مرغوب فيه.

عوامل نجاح عملية التلقيح الصناعي

التلقيح الصناعي عوامل نجاح عملية التلقيح الصناعي

بالطبع يكون كلا الأبوين حريصين كل الحرص على نجاح عملية التلقيح الصناعي؛ ويكون لدى كل منهما الاستعداد لفعل أي شيء يقف في طريق فشلها. وإلى كل أم وأب مقبلين على إجراء هذه العملية، نقدم بعض النصائح التي تزيد من فرص نجاحها؛ وهي كالتالي:

  • حرص الأم على النوم على ظهرها ليوم كامل بعد إجراء العملية؛ فعدم الحركة يضمن ثبات الحيوانات المنوية داخل الرحم ووصولها للبويضة بقناة فالوب.
  • بعد مرور اليوم الأول من إجراء العملية، يمكن ممارسة الحياة بشكل طبيعي؛ على أن لا تقوم الأم بأي نشاط يعرضها للإجهاد.
  • الاهتمام بفحص الحيوانات المنوية وفصل الجيد منها عن غير الجيد وحقن النظيف منها فقط؛ حتى لا تتعرض الأم لتلوث في بطانة الرحم أو الشعور بانقباضات عنيفة عقب الحقن.
  • الكشف الكامل على رحم الأم وعنق الرحم والمبيضين وقناتي فالوب للتأكد من أن كل شيء على ما يرام؛ لأنه للأسف الشديد يتسرع بعض الأطباء بعمل التلقيح الصناعي قبل التأكد من أن الجهاز التناسلي للأم جاهز تماما للحمل ولا توجد أي مشكلة.

وعلى كل، يتحتم على كلا الأبوين معرفة أن عملية التلقيح الصناعي تتطلب أول ما تتطلب بعض الصبر؛ فربما لا تنجح من المرة الأولى، فيحتاجان لإعادة التجربة أكثر من مرة.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى