تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » الصحة النفسية » نوبات الرعب : كيف تتعامل مع طفلك عندما يتعرض لموقف صادم؟

نوبات الرعب : كيف تتعامل مع طفلك عندما يتعرض لموقف صادم؟

كل طفل في هذا العالم يتعرض لأشكال من نوبات الرعب بطريقة مختلفة، حسب المكان والموقف. ولذلك في هذا المقال سنوضح للجميع كيف تستطيع التعامل مع هذا الخوف.

نوبات الرعب

هناك الكثير من المواقف والأشياء التي تسبب نوبات الرعب للأطفال، والأمر شائع بل وعادي جدًا عند جميع الأطفال. لأن الطفل هو عبارة عن جاهل يتعلم بعض الأشياء عن طريق التجربة والخبرة. وهذه هي الطريقة الأفضل له. لأن استيعاب الأطفال في عمرهم الصغير ليس جيدًا في التعلم من خلال طريقة التلقي مثل المدرسة. ولكنه الأفضل له أن يتعلم بطريقة حياتية عن خبرة.

ما هي نوبات الرعب التي تحدث للأشخاص وخاصةً الأطفال؟

أنواع وأسباب نوبات الرعب

لذلك أحيانًا كثيرة نجد الأطفال الصغار تنتابهم نوبات الرعب، لأسباب عادية. أحيانًا مثل سماع الطفل لصوت المكنسة الكهربائية لأول مرة وهي قريبة منه، لتجد الطفل دخل في نوبة من البكاء والرعب والخوف. أو الانقطاع الكهرباء في الليل ومع ظلام المكان بطريقة مفاجأة فيعتقد الطفل أنه فقد بصره. أو سقوطه من على شيء عالي بعض الشيء، ليشعر أنه قارب على الموت. أو أنه لأول مرة يشعر بهذا الألم بطريقة شخصية. كل هذه الأمور عادية وشائعة، ولكن أحيانًا تكون هناك حوادث صعبة تحدث للأطفال مثل محاولات الخطف أو التعرض لحادث أو مهاجمة حيوان لهم. كل هذه الأشياء تسبب نوبات الرعب للأطفال بطريقة هستيرية وصعبة. ولذلك الأمر يتطلب منكم التعامل بطريقة جيدة وحساسة ومثقفة. ولذلك في هذا المقال عزيزي القارئ، سنعرض لك ببساطة وتشويق ما هي أهم الخطوات التي يجب أن تتعامل بها مع طفلك عند خوفه الشديد، وما يجب أن تتجنبه.

لا تصرخ في الطفل

هناك عادة غريبة تحدث عند بعض الأمهات أو الآباء، وهي مثلًا عندما يتوه الطفل عن ناظري أمه أو أبيه في الشارع، ويصل الأمر إلى إن الأب والأم يعتقدان أن الطفل تم اختطافه أو لم يعد موجود في الزحام، أو أنهم فقدوا طفلهم. فيصابون هم بحالة خوف رهيبة على طفلهم، وما لا يعلمونه أن حالة الخوف ونوبات الرعب التي يعاني منها هذا الطفل في نفس هذا الوقت صادمة وصعبة جدًا. ولكن يحدث ويكون القدر خيرًا على الجميع لتجد أن الآباء ركضوا على طفلهم ليضربوه ويعنفوه، ويقولن له بألا يتركهم مرة أخرى بطريقة شديدة وكأنهم ينتقمون من طفلهم، لأنه سبب لهم الخوف الشديد. ولا يميزون أن الطفل في هذا الوقت مرعوب فعلًا بكل الطرق، ولا يفهم ماذا يقولون من الأساس. ولذلك كل ما يفعله الآباء هو أنهم يزيدون عليه رعبه بوجودهم وتتحول نوبات الرعب إلى صدمة يعاني منها الطفل لوقت طويل. وهذا خطأ جدًا ولا يجب أن تفعله مع طفلك تحت أي ظرف من الظروف. فيجب عليك أن تعي أن نفسية الطفل في هذا الوقت تكون مشتتة جدًا، ويجب ألا يكون خوفك عليه في صورة صراخك فيه هو الحل الأمثل.

يجب أن تتماسك أمامه

لو حدث مثلًا حادث لابنك ووقع من أعلى مقعد على رأسه ونزف دمًا، ورأي هذا الطفل هذا الدم أو رأى مثلًا مشهد دمًا عن طريق الصدفة. أو حدث أي حادث أفضى إلى وفاة أحد عزيز عليه. فما يجب على ولي الأمر أن يفعله في ذلك الوقت فورًا هو أن يتماسك أمام الطفل، وألا ينهار حتى لا ينهار الطفل. والمشكلة أن الكبير أو البالغ إذا انهار فهو غالبًا سيعرف يلملم شتات نفسه مع الوقت. ولكن الطفل لن يفعل ذلك، بل هذا الانهيار من الممكن أن يؤثر عليه طوال عمره بطريقة سلبية. ويسبب له نوبات الرعب في الأحلام أو في الذكريات، أو في أي من مناطق عقله التي ستجعله يتذكر هذا الموقف وانهيار الأشخاص الكبار أمامه. ولذلك مثلًا لو الطفل نزف دمًا لا تجعل وجهك منهارًا، عليه بل تعامل معه على أن الأمر عادي وسيعبر. طمأنه وحاول أن تجعله لا يخاف، ولكن لا تتهاون مع ألمه بل فقط حاول أن تتماسك أمامه حتى يطمئن هو، ويشعر أنه بين يدين أمينه، ستجعله يمر من هذا الموقف الصعب.

شتت انتباهه

هذه الخدعة أيضًا جيدة جدًا ونافعة في أوقات كثيرة، أن تشتت انتباه طفلك ببعض الحركات أو الكلمات التي تجعله يفكر في أي شيء غير الذي يجعله يمر بنوبات الرعب. وحاول أن تجعل هذا التشتيت ذكي ويعتمد على فكرة هو يحبها. بمعنى أن تشد انتباهه بأكثر شيء يحبه وتكلم عنه مرارًا وتكرارًا بصورة سريعة، حتى لو شعرت أنه لن يهتم. ولكن عقله لا إراديا سيسمع كلماتك لأنه يهتم بهذا الموضوع من الداخل. فحاول أن تتكلم عن أكثر شيء يحبه وتشتت انتباهه بصوت هادئ ورقيق، ولغة سريعة وذكية وستجده هدئ من خوفه. وقد تستفيد بهذه الطريقة في أي من نوبات الرعب التي قد تحدث لطفلك. ببساطة حاول أن تعرف ما أكثر شيء يحبه طفلك وحاول أن تستخدمه كوسيلة دائمة للفت انتباهه في مثل هذه الأوقات، حتى لا يفكر في الشيء المخيف. وحاول كل وقت أن تغير الموضوع حتى لا يقترن هذا الموضوع بنوبات الرعب، فتجده عندما يتذكر الموضوع يتذكر ما كان يخيفه. ولذلك أقول إن الأمر يحتاج منك ذكاء وتنوع في الكلام والمواضيع، حتى تتحكم في عقلية الطفل في هذا الوقت بطريقة ذكيه وتجعله يمر بسهولة من نوبات الرعب.

احتضنه فورًا

ما يجب أن يفعله الآباء من أفعال بسيطة جدًا قد يكون هو الحل الأمثل لمواجهة نوبات الرعب عند الأطفال الصغار. ومن ضمن هذه الأفعال البسيطة الجميلة التي يحبها الأطفال حتى ولو لم يقولوا هذا بصورة مباشرة، هي عندما يحتضنهم أبوهم أو أمهم في وقت الخوف الذي يعانون منه هم. وقد يوجد بعض الآباء الذين لا يفعلون هذا الفعل الجميل بحجة أنهم يريدون من طفلهم أن يكبر ويصير رجلًا. فالاحتضان يضعفه ويجعله يعتمد على الآخرين. ولكن الحقيقة عزيزي القارئ أن هذا التصرف سيء لأبعد حد ممكن، لأن الطفل ليس مطالب أن يكون رجلًا، فالرجولة تكتسب بنضوج الولد تدريجيًا. وليس من الجيد أن تضع طفلك تحت ضغط وحرمان في فترة يحتاج فيها للشعور بالحنان. أفضل شيء من الممكن أن تقدمه لطفلك أن تجعله يعيش حياته بطريقة طبيعية. بمعنى أن يعيش مرحلة الطفولة والمراهقة والرجولة بوقتهم الطبيعي واحتياجهم الطبيعي. فلا تجور عليه وتحاول أن تصنع منه رجلًا في الصغر. فالنضوج يجب أن يكون تدريجي وليس بالقوة وعدم الحنان. ولذلك لا تحرم طفلك أبدًا وقت شعوره بالخوف من أن تطمئنه وتشعره بالأمان.

لا تستخدم الخوف في تهديده

الكثير من الآباء يستخدمون فلسفة التخويف لأجل السيطرة على تصرفات أبنائهم، وبمجرد أن يعلمون أن هذا الشيء يسبب نوبات الرعب لطفلهم يبدئون في تهديده بأنهم سيفعلون هذا الشيء معه إن لم يسمع الكلام. ومن ضمن هذه الأمثلة المعروفة جدًا هي “الحقنة”، والتي يستخدمها الآباء دومًا كتهديد إن لم يسمع الطفل كلامهم، وسيجعلون الطبيب يعطيه الحقنة. ربما هذا الأمر يمر مرور الكرام في حينها، ولكن عندما يأتي وقت الحقنة الحقيقي لهذا الطفل هنا ستكون المشكلة. كثرة التخويف للطفل تختزن داخل عقله وهذا التهديد الذي يعتبره الآباء عاديًا يختزن داخل عقل الطفل. ولذلك عندما يمرض الطفل ويكون العلاج في حقنة ما، غالبًا الطفل يستحضر كل الخوف وكل الرعب ويصب بنوبات رعب يومية طوال فترات أخذ الدواء من هذه الحقنة. وقد يمتد الأمر مع الطفل إلى أن يصل إلى الثمانون عامًا ويصير جَد لأحفاد. قس على ذلك أي سبب تهديد وترهيب لطفلك. فلا تستخدم هذا الأسلوب أبدًا حتى لا تجعل من طفلك يحصل على عقدة خوف تكونوا أنتم كأهل أسباب لها.

لا تذكر الصدمة أمامه

يجب ألا تذكر أي حادثة حدثت لطفلك أمامه، وتذكره بها فقط كي تجد موضوعًا للحديث عنه. ولا سيما لو كان تعرض لحادث ما أدى إلى ألم جسدي له، لأنك في كل مرة ستسبب له نوبة من نوبات الرعب المتكررة حينما يتذكر الحادث مرة أخرى، ويتخيله ويتخيل الألم. وربما الطفل لا يقل هذا لك لأنه طفل ولا يعلم ماذا يحدث له في عقله من الأساس، ولكن يجب أنت أن تعلم أنك عندما تتكلم أمام الناس عن أي سبب يرعب طفلك فالأمر ليس مسلي له. ويجب أن تفهم أنك يجب أن تكون سبب في أن يتخطى طفلك هذا الحادث، بألا تحاول أن تذكر تفاصيل أي رعب تعرض له أمامه. ولو ذكر الأمر اجعله عابر فقط ولا تجعل خيال الطفل يجتر الألم والخوف والرعب كثيرًا.

تقبل خوف ابنك

يجب على كل أب وأم أن يتقبلوا أن ابنهم قد يخاف أو يصاب بنوبات رعب من شيء عادي كالظلام مثلًا. لا تعيش أنت كوالد لطفلك حالة من النكران أن هذا الأمر غير مخيف، وتحاول أن تقنعه بهذا. فما لا تفهمه أن هذا يخيفه أكثر، لأنه لا يشعر بالأمان معك لأنك تنكر خوفه ولا تعرف ما يعانيه. ولذلك حاول دائمًا أن تتقبل فكرة أن طفلك من الممكن أن يخاف ومن الممكن أن يكون جبان، ويضرب في المدرسة من الأطفال الآخرين، ولا تنعته أبدًا بالجبان أو الخواف. بل حاول أن تتفهم خوفه وتعرف شعوره أنه طفل وأنه لا يعرف بعد كيف يتحكم في الخوف من عدة أشياء.

دعم ثقة الطفل أمام خوفه

يجب أن تدعم طفلك بطريقة كبيرة جدًا أمام خوفه. فمثلًا هناك أطفال كثيرون لأنهم يتعرضون للعنف في المدرسة، سواء من بعض المدرسين أو من بعض الأطفال الأخرين، فإنهم فعلًا يعانون من نوبات رعب يومية عند ذهابهم إلى مدرستهم. وقد يكون الأمر بالنسبة للأب طفولي جدًا وسيجتاز هؤلاء الأطفال هذه المرحلة. ولكن ما لا يعلمه بعض الآباء أن نوبات الرعب والخوف اليومية، والعدم الرغبة في الذهاب إلى المدرسة، ومن ثم إلزام الطفل بالذهاب وغصبه على فعل ذلك، دون أن تحل له مشكلة خوفه. فأنت هنا لا تدعمه بل ترغمه وتقوم بتشويه طفلك نفسيًا. لأنك لا تقدر خوفه، فهو في هذا الوقت يعيش بالكثير من الحمل اليومي. وقد يرجع إلى البيت ويفكر فيما يحدث في اليوم التالي ويعيش الطفل مسلسل رعب واقعي، وأنت كأب لا تقدم له أي دعم أو مساعدة. ولذلك في مثل هذه الحالات يجب أن تتدخل فورًا مع إدارة المدرسة وأن تدعم طفلك، وتقول له أنك معه. لا أن تتركه يذهب إلى المدرسة حتى تتخلص من همه، بل يجب أن تتأكد بصورة يومية ومهتمة أن طفلك لا يخاف من أي مدرس أو طفل أخر في مدرسته. حتى يقضي فترة طفولته بطريقة طبيعية وسوية.

التبول اللاإرادي ونوبات الرعب

هذه الحالة مهمة جدًا. فهناك نوع من الأطفال يعانون في شدة الخوف أو في الصدمات من حالة من التبول اللاإرادي. وكي نكون واقعيين، هذه الحالة تكون محرجة للجميع، للأب والأم والطفل نفسه. ولا سيما لو كان في المرحلة الابتدائية المتأخرة. وفي هذه الحالة يكون الطفل تعرض لصدمة قوية أحدثت خلل في تحكم عقله في الجهاز البولي، مما يؤدي إلى أن يتبول دون أن يريد ذلك أو أسرع من أن يتحكم في نفسه حتى يذهب إلى الحمام، أو أن يتبول أثناء النوم. كل هذه الحالات رجاء أعزاءي الآباء لا تعاملوا أولادكم فيها بالقمع والضرب والإهانة ومحاولة التعليم والصراخ حتى يتحكم في نفسه. لأن لو الأمر بسيط واستطاع هو أن يتحكم في نفسه لكان فعل هذا منعًا لإحراج نفسه. ولذلك في كل مرة يقوم فيها الطفل بالتبول اللاإرادي، فغالبًا هو يعاني من نوبة رعب من الإحراج وعدم الثقة في النفس والشعور بالعجز. وكل هذه المشاعر صعبة جدًا عندما تنتاب طفل صغير، وقد تؤدي إلى الكثير من المشاكل النفسية في المستقبل لهذا الطفل.

لا تسخر من نوبات الرعب

يجب أن يفهم بعض الآباء أن الخوف غير قابل لسخرية الآخرين، ولا سيما أطفالك. فلو كان ابنك قد عانى للتو من موقف مرعب أو مخيف، فلا يجب أن تضحك عليه وتهزأ به، ولا تسخر من كون هذا الموقف أدى إلى خوف طفلك. وقد يكون رد فعلك هذا نيته سليمة لأنك تريد أن تثبت لطفلك أن الحياة سهلة وهذا الموقف ليس مرعب. لكن الحقيقة هي أن هذه الطريقة تجعل طفلك ينفر منك لأنك تستخف بخوفه، وسوف يحرج من هذا الخوف وقد يتسبب هذا الموضوع في صنع عقدة داخله، وأنه شخص قليل الهيبة وجبان. ويجب أن تتجنب من أن تدخل كل هذه الأفكار السلبية داخل رأس طفلك، لأنها ستكبر معه. وربما السبب يكون أنك أردت أن تسخر من أسباب خوفه يومًا. لذلك تعامل مع الأمر بجدية ولا تسخر حتى لو كان السبب بسيط. ولكن بالنسبة للطفل هذا الأمر مرعب ودعه هو يكسر هذا الخوف بنفسه بدعمه في التغلب عليه وليس السخرية منه.

أفلام الرعب

يجب أن تكون مراقبًا جيدًا كولي أمر لطفلك، ولا سيما في سماعه لأفلام الرعب. ويجب أن تفهم أن أفلام الرعب تشوه خيال الأطفال بأبشع الوسائل. فهي تجعل الطفل يرى العالم بمنظور مرعب ومشوه، ولأنه طفل قد لا يعرف كيفية التفرقة بين الواقع والتمثيل مهما شرحت له. وبعض الأفلام تحتوي عن أساطير عن الجن والشياطين، وكل هذه الأمور التي من الممكن أن تخيف الكبير وليس الصغير. فما بالك عندما يرى الطفل مشهد لشخص بشع الملامح وهو يقتل الناس ويأكلهم ويقطع في لحمهم! بالتأكيد الطفل لن ينام بطريقة طبيعية لعدة شهور، لأنه في كل مرة سيعتقد أن هذا الشيطان موجود وقد يظهر في الليل أثناء نومه ويفعل به ذلك. ومن هنا ستجد حالة قصور ورعب لدى الطفل مع الوقت في التعامل مع الظلام ومواجهة خوفه. ولذلك كن رقيبًا على هذا النوع خصوصًا من الأفلام مع الأطفال لأنه نوع سيء جدًا للكبير والصغير. ولن يفيد على قدر أنه سيضر. ولا تعتقد أنك عندما تجعل طفلك يستمع لهذه الأفلام سيصير شجاعًا، بل بالعكس تمامًا خياله سيتشوه وسيصير حساس أكثر للخوف.

أخيرًا عزيزي القارئ، نوبات الرعب ليست عيب في الأطفال. وأنت كمسئول يجب أن تدرك مسئوليتك تجاه أطفالك عن هذه المشكلة التي قد تواجه الكبير والصغير.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

أربعة × 1 =